![]() |
|
خيارات الموضوع |
|
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلِ على محمد وعلى آلهـ وصحبهـ أجمعين والحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا نعمتهـ ورضي لنا الإسلام دينًا وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس، أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، أما بعد: فيقول الله تعالى: { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }الذاريات:55 إذا فشت الرشوة في مجتمع من المجتمعات فلا شكـ أنهـ مجتمع فاسد ، محكوم عليهـ بالعواقب الوخيمة ، وبالهلاكـ المحقق . لقد تحمل الإنسان الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها ، والواجب على هذا الإنسان أن يؤدي الأمانة على الوجه الأكمل المطلوب منهـ لينال بذلكـ رضا الله تعالى وإصلاح المجتمع ، أما إذا ضيعت الأمانة ففي ذلكـ فساد المجتمع واختلال نظامهـ وتفككـ عراهـ وأواصرهـ . وإن من حماية الله تعالى لهذهـ الأمانة أن حرم على عبادهـ كل ما يكون سببًا لضياعها أو نقصها ؛ فحرم الله الرشوة وهي : بذل المال للتوصل بهـ إلى باطل ، إما بإعطاء الباذل ما ليس من حقهـ ، أو بإعفائهـ من حق واجب عليهـ ، يقول الله تعالى : {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} البقرة:188. ويقول الله تعالى في ذم اليهود : { أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} المائدة:42 ولا شكـ أن الرشوة من السحت كما فسر ابن مسعود رضي الله عنهـ الآية بذلكـ . الرشوة من الكبائر : عد بعض العلماء الرشوة من الكبائر خاصة إذا كانت على الحكم ، ومما يدل على أن الرشوة من الكبائر ما رواهـ الترمذي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : ( لعن رسول الله صلى عليهـ وسلم الراشي والمرتشي) . ومعلوم أن اللعن لا يكون إلا على ذنب عظيم ومنكر كبير . مجالات الرشوة: لقد أقتحمت الرشوة الكثير من الجوانب في المجتمعات المختلفة حتى لم يكد يسلم منها مجال من المجالات ، ولا سيما فيما يسمى دول العالم الثالث . فهناكـ الرشوة في الحكم ، فيقضي الحاكم لمن لا يستحق أو يمنع من يستحق أو يقدم مَن ليس من حقه أن يتقدم ويؤخر الجديرين بالتقدير والتقديم ، أو يحابي في حكمه لقرابة أو جاهـ أو رشوة أكلها سُحتًا . كما تكون الرشوة في تنفيذ الحكم أيضًا. والرشوة تكون في الوظائف أيضًا حيث يقوم الشخص بدفع الرشوة للمسؤول عن الوظيفة فيعينهـ رغم استحقاق غيرهـ ، وهذا بالإضافة إلى أنهـ أكلٌ للحرام والسحت ، فإنهـ كذلكـ خيانة للأمانة ؛ حيث ينبغي أن يوظف الأصلح والأكفأ : يقول الله تعالى :{ إن خير من استأجرت القوي الأمين } القصص: 26. وكذلكـ تكون الرشوة في التعليم ، وفي مجالات البناء والتشييد ، وغيرها من المجالات التي يطول المقام بذكرها. من آثار الرشوة وأضرارها : إن لجريمة الرشوة آثارًا خطيرة وعواقب وخيمة على الفرد والمجتمع ، ويمكن أن نجمل بعضها فيما يلي: 1) توسيد الأمر لغير أهلهـ : إن الإنسان حين يدفع رشوة للحصول على وظيفة معينهـ لا تتوافر فيهـ مقوماتها وشروطها فهو ليس أهلاً لهذهـ الوظيفة ، مما يترتب عليهـ قصور في العمل والإنتاج ، وإهدار للموارد . 2) تدمير المبادئ والأخلاق الكريمة : إن انتشار ظاهرة الرشوة في مجتمع من المجتمعات يعني تدمير أخلاق أبناء هذا المجتمع وفقدان الثقة بين أبنائهـ ، وانتشار الأخلاقيات السيئة كالتسيب واللامبالاة ، وفقدان الشعور بالولاء والانتماء ، وسيطرة روح الإحباط . 3) إهدار الأموال وتعريض الأنفس للخطر : فلو تخيلت أن الرشوة قد سادت في مجتمع حتى وصلت إلى قطاع الصحة وإنتاج الدواء، فكيف ستكون أحوال الناس الصحية حين يستعملون أدوية رديئة أُجيز استعمالها عن طريق الرشوة ؟ ثم تخيل أنكـ تسير على جسر من الجسور التي بها عيوب جسيمة تجعل منها خطرًا على أرواح الناس وممتلكاتهم ، وقد حصل المقاول على شهادات إتمام العمل والبناء عن طريق الرشوة ، كم سيترتب على انهيار هذا الجسر من خسائر في الأرواح والأموال ؟ وقس على ذلكـ جميع المجالات ؛ لهذا كانت الرشوة إهدارًا للأموال وتعريضًا للأنفس للخطر . الفرق بين الرشوة والهدية : مما لا شكـ فيهـ أن الرشوة والهدية قد يشتبهان في الصورة لكن الفرق الرئيس بينهما هو في القصد والباعث على كل منهما حيث قصد الْمُهْدِي في الأساس استجلاب المودة والمعرفة والإحسان. هل الهدية للحاكم رشوة ؟ ذهب كثير من أهل العلم إلى أن أخذ الحاكم للهدية هو نوع من الرشوة ؛ لما رواهـ الشيخان عن أبي حميد الساعدي قال: (استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد يقال لهـ ابن اللتيبة على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أُهدي لي. قال : فقام رسول الله صلى الله عليهـ وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال : "ما بال عامل أبعثهـ فيقول: هذا لكم وهذا أُهدي لي ! أفلا قعد في بيت أبيهـ – أوفي بيت أمهـ – حتى ينظر أُيهدى إليهـ أم لا ؟ والذي نفس محمد بيدهـ لا ينال أحد منكم شيئًا إلا جاء بهـ يوم القيامة يحملهـ على عنقهـ ، بعير لهـ رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر" ثم رفع يديهـ حتى رأينا عُفرتي إبطيهـ ، ثم قال : "اللهم هل بلغت ؟ " مرتين). قال النووي رحمه الله: في الحديث بيان أن هدايا العمال حرام وغلول؛ لأنهـ كان في ولايتهـ وأمانتهـ ... وقد بين صلِ الله عليهـ وسلم في نفس الحديث السبب في تحريم الهدية عليه وأنها بسبب الولاية بخلاف الهدية لغير العامل فإنها مستحبة، وأما ما يقبضهـ العامل ونحوهـ باسم الهدية فإنهـ يردهـ إلى مُهْديهـ ، فإن تعذر فإلى بيت المال . وقال ابن بطال : هدايا العمال تُجعل في بيت المال ، وإن العامل لا يملكها إلا إذا طلبها لهـ الإمام . اللهم زدنا علماً ونفعنا بما علمتنا وجعل آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلِ الله وسلم على نبينا محمد
آخر تعديل بواسطة الوآآفي ، 19-12-2013 الساعة 12:36 AM.
|
|
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
التحقيق والادعاء تباشر ----- قضايا الرشوة والتزوير واستغلال السلطات اعتبارا من 25 رجب | عبدالسلام عارف | المنتدى الإعلامــــي | 2 | 04-05-2013 01:39 PM |
شششيلة الهلاكـ كلمات / محمد العرجاني | الزعيم.. | قسم القصائد الصوتية | 2 | 22-11-2012 06:39 AM |
قيادة الأزمات والفساد الإداري وبرد حائل | صويلح الصالح | مــقالات الأعضاء | 1 | 01-12-2011 01:58 AM |
وزارة التربية تعتزم خفض الرسوب إلى 3% والتسرب 1% | عبدالسلام عارف | منتدى التربية والتعليم | 3 | 02-01-2011 04:26 AM |
إسرائيل والفساد بالارض ! والعرب ومسلسل الشجب والاستنكار !! | سند الداموك | المنتدى العــــــــــــــــام | 44 | 14-06-2010 06:09 PM |