|
خيارات الموضوع |
|
خاص: طلال الخليل*
في حوار دار بين الرئيس السوفيتي الأخير "ميخائيل غورباتشوف" والأمير السعودي "بندر بن سلطان" إبان الحرب الأفغانية السوفيتية.. هاجم الأول المملكة متهماً إياها بدعم الأفغان قائلاً: "لا مصلحة لكم في أفغانستان وأنا أعرف كل ما تفعلونه هناك.. إنكم تنفقون سنوياً 200 مليون دولار في أفغانستان" فرد الأمير بندر: "مهلاً.. من الخطير أن تكون لدى زعيم قوة عظمى معلومات خاطئة!", فما كان من غورباتشوف إلا أن قاطعه فوراً بقوله: "لا.. يمكنني أن أثبت ذلك: لدينا الدليل". وبكل هدوء رد الأمير بندر: "اسمعني أرجوك سيدي الرئيس.. نحن لاننفق 200مليون دولار سنوياً، إننا ننفق 500مليون دولار" مضيفاً: "ونحن مستعدون لإنفاق المزيد"!. كان مطمئنا، الاستقبال الكبير، الذي حظي به الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، بعد عودته، سالما، من رحلته العلاجية في الخارج. الاستقبال الكبير، يرد على الشائعات السخيفة، التي دارت حوله مؤخراً, ولذلك فإن عودة الأمير جاءت في وقتها المناسب سياسيا. اسم الأمير بندر، في تاريخ السياسة الخارجية السعودية مرتبط بالمنهج الصارم في التعاطي السياسي مع الأحداث، خصوصا بعد دوره البارز في مواجهة الشيوعية، ودوره في الحرب الأهلية في لبنان عبر اتفاق الطائف، وتأثيره في أزمات الخليج، ومعالجة أزمة لوكربي، وأولا ودائما عملية السلام في الشرق الأوسط. وإزاء غياب الأمير بندر عن مشهد السياسة الخارجية السعودية، بسبب العارض الصحي، تراجع محور الاعتدال (السعودية، مصر، الأردن) في مواجهة محور الممانعة (سوريا، إيران)، وفي مواجهة إسرائيل. لا أقصد أن غياب الأمير وقف خلف الهزائم لكنني أعتقد أن دورا مهما يقع على عاتق مجلس الأمن الوطني لتلافي الهزائم أو تحجيم خسائرها، ثم تحقيق الانتصار. على صعيد محور الممانعة، منذ أحداث أيار 2008 في بيروت يوم احتل حزب الله وحلفاؤه العاصمة اللبنانية، وروعوا الآمنين، وسفكوا دماء الأبرياء، ومحور الاعتدال يسير من هزيمة إلى هزيمة، باستثناء انتصار 14 آذار في الانتخابات النيابية 2009. لقد بدا المشهد، وكأن أغلب مفاتيح المنطقة، أصبحت في يد محور الممانعة. على صعيد إسرائيل، فإن حرب غزة في يناير 2009، ثم المنهج المتعنت الذي اعتمده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين، أضعف منهج التسوية ودول الاعتدال في المنطقة. يبدو بوضوح أن إسرائيل ودول الممانعة يتواطآن موضوعيا على دعم بعضهما البعض بالشرعية المطلوبة. إسرائيل تدعم دول الممانعة حين ترتكب جرائمها في حق الفلسطينيين، وتعزز "سواءا كانت تدري أو لا تدري" خيار الإسلام السياسي المتطرف ثقافيا واجتماعيا وسياسيا في المجتمعات العربية. وفي المقابل، فإن تجمد دول الممانعة، في خانة اللا سلم واللا حرب، دون هدف واضح، باستثناء المشروع النووي الإيراني، يعطي إسرائيل الحجة الجاهزة، لتعطيل مفاوضات السلام، واستكمال مجازرها في الأراضي المحتلة. صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين عام 2005 على النظام الجديد لمجلس الأمن الوطني، وتم تعيين الأمير بندر بن سلطان أمينا للمجلس. ومن مهام المجلس: المحافظة على المصالح السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والاجتماعية، وحمايتها وتنميتها في ضوء تصور استراتيجي شامل، وتقييم واقعي للأوضاع الداخلية والخارجية ذات التأثير والأهمية على أمن المملكة، ووحدة أراضيها، وسلامة شعبها واستمرار مصالحها. ويحق للمجلس التحقيق والتفتيش على كافة الأجهزة الأمنية بتوجيه من رئيس المجلس (الملك), إضافة إلى تحديد هيئات الاستخبارات الأجنبية الصديقة التي يمكن للأجهزة الوطنية المماثلة التعاون معها في مجالات تبادل المعلومات والخبرات, ودراسة المعلومات المتوفرة عن نوايا العدو تجاه المملكة، وتحليلها لتقرير مدى تأثيرها على أمن المملكة، وسلامة شعبها، وصيانة مصالحها ووحدة أراضيها. هذا إلى جانب دراسة وإقرار نوع الاستراتيجية العسكرية المطلوب إتباعها للتعامل مع التهديد العسكري الذي يتوقع أن تتعرض له المملكة, ومراجعة التطورات المهمة المتصلة بالطاقة، وبالوضع الاقتصادي المالي للمملكة لتقدير آثارها على الأمن الوطني بمفهومه الشامل. إن صلاحيات أمين مجلس الأمن الوطني في السياسة الخارجية لا تبدو واضحة لكن نشاط الأمير بندر في السياسة الخارجية بين أعوام 2005 و 2008 شرح أن مجلس الأمن الوطني يكمل دور وزارة الخارجية. على صعيد السياسة الخارجية، فإن الأمير بندر، مطالب بإحياء محور الاعتدال في المنطقة، وإعادة التماسك إلى جسده. دول الاعتدال في المنطقة، تؤمن بأهداف نبيلة، كالتسوية السلمية للصراع العربي الإسرائيلي، ودعم خيارات التنمية، ومكافحة الإرهاب، والعلاقة الحضارية مع الغرب، لكن دول الاعتدال، تفتقر إلى الخطة اللازمة، لتحقيق بعض أهدافها. في المقابل، فإن دول الممانعة، تحمل خطة صريحة، لتحقيق "اللا أهداف", تستطيع دول الممانعة أن تعطل خيار السلام، وتستطيع أن تشعل التوترات الدموية في العراق وفلسطين ولبنان، لكن الأهداف، ظاهريا، تبدو غائبة، باستثناء المكاسب الضيقة، كنفوذ سوري هنا، ونفوذ إيراني هناك. لذلك، فإن المطلوب من أمين مجلس الأمن الوطني، بحكم صلاحياته، أن يضع الخطة اللازمة، لتحقيق الأهداف المطلوبة. لا يكفي أن تتمتع المملكة، بنوايا تحقيق المبادرة العربية للسلام، أو نوايا تحقيق الاستقرار في لبنان والعراق، لا بد أن تتمتع السعودية، كذلك، بالخطة الملائمة، والأدوات المطلوبة، لتحقيق نواياها في المنطقة. في العام الأخير، في المنطقة، لم تتواكب نتائج الأحداث مع الثقل السياسي والاقتصادي الذي تتمتع به المملكة.. لا بد أن تبدأ، في الحال، ورشة عمل جادة في مجلس الأمن الوطني، لدراسة الأسباب ومعالجتها. الخطاب المثالي، الذي يرصع سياستنا الخارجية، كما نقرأ في تحليلات بعض كتابنا السياسيين، "سياستنا واضحة وثابتة"، "إننا لا نتدخل في شؤون الآخرين"، يجب أن نتخلص منه إلى الأبد (من وجهة نظري) فعبارة "سياستنا واضحة وثابتة" في عالم السياسة تعني أي شيء إلا السياسة.. "سياستنا واضحة" ربما.. أما "ثابتة" مستحيل، بسبب توالي الأحداث والتطورات وتقلب المصالح. وأعتقد أن فكرة الثبات امتدت إلى السياسة الخارجية بسبب سيطرة الخطاب الثقافي الماضوي على العقل الجمعي والاجتماعي. فالثبات مرتبط بالماضي، لا يتحرك في الحاضر، ولا يتطلع إلى المستقبل. أما قولنا "إننا لا نتدخل في شؤون الآخرين" فلا أعتقد أنه ناتج عن قراءة دقيقة، في كتاب (الأمير) لويليام سيمبسون (السيرة الرسمية للأمير بندر بن سلطان) نلاحظ بوضوح دورا أساسيا قامت به المملكة في مكافحة الشيوعية في العالم، وبشكل أو آخر، هذا تدخل في شؤون الآخرين. المطلوب، البحث عن صياغة جديدة، توصّف طبيعة السياسة الخارجية لأي دولة: "حماية المصالح، حماية الأمن الوطني والقومي عبر نطاق نفوذ دائري، وتحقيق الأهداف المراد تحقيقها وطنيا وقوميا من خلال ممارسة السياسة الخارجية". على الضفة الإسرائيلية، فإن الأمير بندر مطالب، بحكم إقامته الطويلة في الولايات المتحدة، وعلاقاته النافذة هناك، بدعم جهود وزارة الخارجية، لدفع عملية السلام للأمام، بصورة أقرب إلى الجدة والديناميكية.. من الواضح، أننا أمام فرصة أخيرة لتحقيق التسوية، ولو فشلت هذه الفرصة، فإن المنطقة ستتجه، حتما، إلى المجهول. لا أستطيع أن أتخيل مزيدا من النفوذ للقوى المتطرفة. على صعيد المجلس الأمن الوطني، أعتقد أن الأمير بندر مطالب بالعمل، في الحال، على استكمال بناء المجلس، فمنذ غاب الأمير في رحلته العلاجية، بدا المجلس وكأنه بلا وجود: بدا غريباً صمت المجلس إزاء الاتهامات التي نالت الأمير في بعض وسائل الإعلام العربية والأجنبية إزاء دور مزعوم في اغتيال القيادي في حزب الله عماد مغنية, كما بدا غريبا أن يصمت المجلس، يوم اتهم بندر بتعيين قائد جديد لتنظيم القاعدة في العراق، ولم يتكفل بالرد حينها سوى المكتب التجاري لابن الأمير بصفة خاصة وغير رسمية. هذا بالإضافة إلى صمت المجلس عن الإشاعات التي تداولتها وسائل إعلام مختلفة حول غياب الأمير بندر. يحتاج السعوديون أن يشعروا بوجود المجلس، في غياب أمينه وحضوره، وليس إعلاميا فحسب. إن المهام الموكلة للمجلس، وفق نظامه الجديد، تمس الشأن اليومي في حياة المواطن، وتمس صلب مفهوم الأمن. لذلك، فإن الابتعاد عن شخصنة مجلس الأمن الوطني أو وظيفة أمين مجلس الوطني، هي الإنجاز المنتظر والأهم للأمير بندر. إن المنطقة، تمر بظرف دقيق جدا، وهذا ليس كلاما إنشائيا، والمملكة مطالبة، بحكم مكانتها وثقلها، أن تفعل إمكاناتها وتستثمرها، وتحمي حدودها، وتنقذ جيرانها. لا نريد حمامة السلام أن تواجه صقور الحرب. إن السلام يستحق صقورا هو الآخر. * كاتب سعودي الموضوع الأصلي: هل تبعث عودة الأمير بندر بن سلطان فرص استعادة توازن القوى ... | | الكاتب: البعيد الهادي | | المصدر: شبكة بني عبس
|
|
مقال راائع للأستاذ طلال 00 وأعتقد بأن للأمير بندر وقفات وصمود خصوصا إبآن
عمله سفيرا للمملكه في واشنطن وذلك أثناء تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر وغيرها الكثير حمدا لله على عودة سموه شكرا ابو سامي على نقل المقال
|
|
|
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
الأمير بندر بن سلطان يعتزم استثمار 5 مليارات دولار في السودان | البعيد الهادي | المنتدى الإعلامــــي | 6 | 10-12-2010 11:18 PM |
الأمير بندر بن سلطان يصل الرياض | يتيم الشوق | المنتدى الإعلامــــي | 4 | 16-10-2010 01:56 AM |
الشعب السعودي ينتظر عودة الأمير سلطان بترقب وفرح...، وأنباء تقرنها بمفاجأة سارة للموا | *الشقردي* | المنتدى الإعلامــــي | 1 | 05-04-2009 06:29 PM |
الشعب اينتظر عودة الأمير سلطان بترقب وفرح...، وأنباء تقرنها بمفاجأة سارة للمواطنين | البعيد الهادي | المنتدى الإعلامــــي | 1 | 04-04-2009 11:40 PM |