|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
|
(( المهادي ومفرج السبيعي))
مثل ما للعرب الأوائل من معلقات فإن للعرب الأواخر معلقات أيضا وهذه إحدى معلقات وكنوز موروثنا الشعبي الغالي فموروثنا الشعبي يزخر بالكثير من القصص القيمة والرائعة والعظيمة التي سطر مواقفها وأحداثها رجال من جزيرتنا العربية فحفظها التاريخ الأصيل لتبقى للأجيال درساً وموعظة وضربت بأحداثها الأمثال في المجالس العربية والأشعار العامية وهذه احدى تلك القصص النادرة التي لا يمكن أن يتم التطرق لموضوع الصبر أو الجيرة بدون أن تذكر قصة المهادي ومفرج السبيعي ففي هذه القصة من الطيب والشجاعة والصبر والحكمة والموعظة الشيء الكثير ، وفيها من حقوق الضيف والجار القدر الكبير ، وفيها من النخوة والشهامة الزخم الوفير . محمد المهادي من فخذ عبيدة من قبيلة قحطان ومفرج السبيعي من قبيلة سبيع وقد عاشا في القرن الحادي عشر الهجري وللمهادي والسبيعي حكاية غريبة عجيبة وان اختلفت روايتها إلا أنها تبقى رمزا للتضحية والوفاء والإيثار وتقدير الجار للجار في أروع الصور التي يمكن للعقل تصورها ، وقصتهما بشكل عام هي أن المهادي نزل على قبيلة سبيع وهو في طريقه ومكث عندهم أيام عشق خلالها بنت عم مفرج السبيعي ولم يكن يعرف أنها بنت عم السبيعي ونظرا لتوطد علاقته مع مفرج السبيعي اتجه المهادي لمفرج كي يخطبها له وكان السبيعي يحبها وهي تبادله نفس الحــب وعلى موعد للزواج قريبا ولكن السبيعي اكراماً للمهادي لم يخبره بتلك الحكاية وزوّجها له بغير رضاها وعندما علم المهادي من البنت عن الحكاية كاملة بقي معها اسبوع ثم طلقها لتعود لابن عمها ورحل المهادي إلى دياره، وعندما دارت الدنيا على السبيعي وأصابه ما أصابه من سؤ الأحوال تذكر صديقه المهادي فرحل إليه هو وزوجته واولاده فاستقبله المهادي أحسن استقبال وأنزله في بيته، وفي نفس الليلة التي نزل بها السبيعي على المهادي قام السبيعي عن غير قصد بقتل ولد المهادي فكبرت المصيبة على مفرج ولكن المهادي هوّنها وكأن شيئاً لم يكن وبقي السبيعي في ديار المهادي ضيفاً مكرماً وصديقاً مقربا للمهادي فترة طويلة من الزمن ، وفي ذات ليلة سمع مفرج من جاره المهادي كلمات احتار في تفسيرها فقد كان المهاادي يقول (.. اما ارحلوا والارحلنا ..) فرحل السبيعي مستغربا عدم معارضة المهادي لرحيله ، ولكن السبيعي لم يهدأ فقد اخذ يبحث عن السبب فاكتشف ان السبب هو أن أحد أولاده قد قام بمضايقة بنت المهادي فتره طويلة وصلت إلى ما يقارب الثمان سنوات سنوات وهو يراودها عن نفسها والمهادي صابر لا يتكلم حتى أخبرته ابنته بأن الولد يكبر وقد قويت شكيمته ولم تعد تقوى على صده وبسبب ذالك قال المهادي الكلمات التي حيرت السبيعي ( ارحلو والارحلنا ) .فما كان من السبيعي الا أن قام بقتل ابنه اكراما ً لجاره المهادي ووضع رأسه في كيس وأرسله مع أكبر أبنائه إلى المهادي بعد أن رحل عنه ، وما كان من المهادي إلا أن لحق بالسبيعي وأرجعه إلى دياره وعاشا جيران بقية العمر معاً ، وهناك رواية تقول بل زوّج البنت لابن مفرج الذي أتى حاملا رأس أخيه في الكيس وعاد الابن بزوجته لوالده ثم رحلوا لديارهم ، وقد قال المهادي قصيده يتحسر على فراق مفرج السبيعي عندما رحل عنه : يقول المهادي والمهـادي محمـد == وبه عبرةٍ جمل الملأ مـا درابهـا أنـا وجعـي مـن علـةٍ باطنيـة == بأقصى الضماير ما دري وين بابها تقد الحشا قـد ولا تنثـر الدمـاء == ولا يدري الهلبـاج عمـا لجابهـا إن أبديتها بانـت لرماقـة العـدا == وان أخفيتها ضاق الحشا بالتهابها ثمان سنين وجارنـا مجـرمٍ بنـا == وهو مثل واطي جمرةٍ ما درابهـا وطاها بفرش الرجل لو هي تمكنت == بقى حرها ما يبرد الماء التهابهـا ترى جارنا الماضي على كل طلبة == لو كان ما يلقـى شهـودٍ غدابهـا ياما حضينا جارنـا مـن كرامـة == بليلٍ ولو بني الغبـا مـا درابهـا وياما عطينا جارنـا مـن سبيـة == ليا قادهـا قوادهـا مـا انثنابهـا نرفا خمال الجـار لـو داس زلـة == كما ترفا بيـض العـذارا ثيابهـا ترى عندنا شات القصير بها أربـع == يحلف بها عقارهـا مـا درابهـا تنـال بالمهـادي ثمـانٍ كوامـل == تراقى وتشدي بالعلا من صعابهـا لا قـال مناخيـرّ فــرد كلـمـة == بحضرة خـوف الزرايـا وفابهـا الأجواد وان قاربتهـم مـا تملهـم == والأنذال وان قاربتها عفت مابهـا الأجواد وان قالوا حديـثٍ وفوبـه == والأنذال منطوق الحكايـا كذابهـا الأجواد مثل العد من ورده إرتـوى == والأنذال لا تسقـي ولا ينسقابهـا الأجواد تجعل نيلها دون عرضهـا == والأنذال تجعل نيلها فـي رقابهـا الأجواد مثل الزمل للشيـل ترتكـي == والأنذال مثل الحشو كثير الرغابها الأجواد وان ضعفوا فيهم عراشـة == والأنذال لو سمنوا معايا صلابهـا الأجواد يطرد همهم طول عزمهـم == والأنذال يصبح همها فـي رقابهـا الأجـواد تشبـه قـارةٍ مطلحبـة == لا دارها البـردان يلقـى الذرابهـا الأجواد مثـل الجبـال الـذي بهـا == شـربٍ وظـلٍ والـذي ينهقابهـا الأجواد صندوقين مسـك وعنبـر == لا فتحـت أبوابهـا جـاك مابهـا الأجواد مثل البدر في ليلة الدجـى == والأنذال ظلماً تايهٍ مـن سرابهـا الأجواد مثل الدر في شامخ الـذرا == والأنذال مثل الشري مـرٍ شرابهـا الأجواد وإن حايلتهم مـا تحايلـوا == والأنذال أدنـى حيلـة ثـم جابهـا الأنذال لو غسلوا إيديهـم تنجسـت == نجاسة قلوب مـا يفيـد الدوابهـا يـارب لا تجعـل بالأجـواد نكبـه == حيث لا ضاع الضعيـف التجابهـا أنا أحب نفسي يرخص الزاد عندها == يقطعك يا نفـس جزاهـا هبابهـا لعل نفـسٍ مـا للأجـواد عندهـا == وقار عسى ما تهتني في شبابهـا عليك بعين السيـح لاجيـت وارد == خل الخباري فـان ماهـا هبابهـا ترى ظبى رمـان برمـان راغـب == والأرزاق بالدنيا وهو مـا درابهـا سقى بالحيا ما بين تيمـا وغـرّب == شمال غميق الجوع ملقى هضابها سقاها الولي من مزنـةٍ عقربيـة == تنثر دقاق الماء في مثاني سحابها لمطرت ذي ورعدت ذي بساق ذي == سنا ذي وذي بالماء غارق ربابها نسف الغثا سيبان ماها ليا أصبحت == يجي الحول والماء ناقع في ترابها دارٍ لنـا مـا هيـب دار لغيـرنـا == والأجناب لو حنـا بعيـد تهابهـا يذلون من دهمـا دهـومٍ نجرهـا == نفجي بها غـرات مـن لا درابهـا ترى الدار كالعذرا ليا عـاد مابهـا == حرٍ غيورٍ فكل من جـاء زنابهـا ياما وطن سمحات الأيدي من الوطا == وعدينا عنها من دنا من هضابهـا تهامية الرجليـن نجديـة الحشـا == عذابي من الخـلان وأنـا عذابهـا له بياض عيـون المـاء منـازل == عذب زلال الماء قـراح شرابهـا سقاني بكـأس الحـب در منهلـه == عندل من البيض العـذارا أطنابهـا أريتك ليا مسنـا الجـوع والظمـأ == واحتر من الجوزاء علينا التهابهـا وحما علينا الرمل واستاقد الحصى == وحما على روس المبادي هضابها وطلّن عذارا من ورانـا يشارفـن == عماهيج مطـوي العبايـا ثيابهـا ليا نزل منا في منزل هجر نولهـا == مراغيث تستن لولاك في عقابهـا غرنا على البراق في جال تيمـاء == وأخذنا عليه ابـل طـوال رقابهـا طوينا سقي الهلباج عن شمخ الذرا == جينـاه مـع داويـة مـا درابهـا قطعنابهم الحبـل القصيـر وبيننـا == صفون كما أفواه القوالي ارقابهـا ولحقوا مغاوير على كـور حـزّب == على رمك كن الظـلام انكسابهـا قلت اللهم لا بلّهـم وابـل الحيـا == ولا جاذبوا بيض الترايـب ثيابهـا ليا سرت منا يا سعود بـن راشـد == على حرةٍ نسل الجديعـي ضرابهـا سرها وتلقى مـن سبيـع قبيلـة == كرام اللحا في طوع الأيدي لبابهـا فلابـد مـا نفجـأ سبيـع بغـارة == على جرد الأيدي درعوها زهابهـا عليها من أولاد المهـادي غلمـة == لا طعنوا مـا ثنّـوا فـي عقابهـا وأنـا زبـون الجاذيـات محـمـد == ليا عزبوا ذود المصاليـح جابهـا محالله عجوزٍ من سبيع بن عامـر == ما علمت غرّانهـا فـي شبابهـا لها ولدٍ ما حـاش يـومٍ غنيمـة == سوى كلمةٍ عجفا تمـزا وجابهـا يعنونها عسمان الأيدي عن الخطأ == محالله دنيا مـا خذينـا القضابهـا عيون العدا كم نوخن مـن جديلـة == لا قـام بـذاخ السوالـف يهابهـا أنا أظـن دارٍ شـد عنهـا مفـرج == حقيقٍ يا دار الخنـا فـي خرابهـا وأنا أظن دارٍ نـزل يمهـا مفـرج == لا بـد ينبـت الزعفـران ترابهـا فتى ما يظلـم المـال ألا وداعـة == ولو يملك الدنيا جميـعٍ صخابهـا فتى يذبح الكوم وسديـس وحايـل == لا قيل يبزا زادهـا مـن عذابهـا رحل جارنا ما جـاه منـا رزيّـة == وان جات ما يأتيـه منـا عتابهـا وصلوا على سيد البرايـا محمـد == عدد مالعا القمري بعالي هضابهـا حجرف الذويبي . . . كان حجرف مشهوراً بالكرم , فقد كان ينفق كل ما يملك ولا يهتم إكراماً لضيفه أو لشخص يطلب منه العون . . . وإذا لم يجد شيئاً يذبح شاة أولاده التي يشربون حليبها أو يذبح مطاياه التي يرتحل عليها , وفي كل مرة كان بنو قومه يجمعون له من إبلاً ويعطونه إياها عوضاً لما أتلفه بالكرم . . . وكلما جمعوا له من إبل أو غنم أتلفه بين ذبيح لصاحب حق من الضيفان وعطية لطالب المعروف من العربان ولا يزال هذا من فعله حتى يخرج من جميع ماله , وهكذا . . . وفي أحد الأيام كان حجرف وقبيلته نازلين بالقرب من الماء بالصيف وقد أتلف حجرف حلاله كله بالكرم , وأرادت القبيلة أن تجمع له كالعادة فقال بعضهم: لِمَا لا نعطي حجرف درساً قبل أن نعطيه الإبل لعله أن يمسك على الأقل مطاياه التي يتنقل عليها ؟ . . واتفقت القبيلة كلها على هذا الرأي . . . فقد قرروا أن يرحلوا ويتركوه , حتى يعرف مدى حاجته إلى الرواحل التي تحمله , فإذا مرت مدة صالحة للاعتبار , أرسلوا له من الإبل ما يحمله وأهله . . . حتى إذا ما أحس بحاجته إلى الإبل وبعد مرور أيام يرسلون له الإبل التي يتنقل عليها وبالفعل رحلوا وتركوه وهو ينظر لهم فلم يلتفت إليه أحد حتى بقي في مكانه عند الماء وحيداً . . . وبالمساء أخذت زوجته تكثر عليه الكلام واللوم , وتحاول أن تنصحه بأنه لو كانت لديه مطاياه لعانق قبيلته ولحق بها . . . وهكذا لم ينم حجرف ليلته تلك فهم يريدون منه أن يتخلى عن طبع اشتهر به وعرف نفسه من خلاله وهو لا يستطيع وفي الصباح الباكر خرج حجرف من بيته يملأ قلبه الحزن والهم , وقصد إلى مكان مرتفع كعادة البدو في ضيقهم يبحثون عن المكان العالي ويبثون حزنهم من خلاله حتى تذهب الهموم فيعود وبعد أن وقف في هذا المكان وتلفت فإذا داب أعمى يقف أمام باب جحره فاتحاً فمه ولا يتحرك وإذا بعصفور يقع على فم الداب ظناً منه أنه غصن شجرة فيلتهمه الداب ويدخل جحره . . . و حجرف يراقبه ولم يبارح مكان حتى جاء وقت العصر , فإذا بالداب يخرج ثانية ويفتح فمه كالمرة السابقة ويأتي طير آخر ويقع في فمه فيلتهمه ويعود لجحره . . . أدرك حجرف أن الذي يرزق هذا الداب لن يتركه أبداً . . . فأنشد يقول يقـول ابـن عيـاد وإن بـات ليلـه == مانـي بمسكيـن همومـه تشـايلـه أنـا اليـا ضاقـت عليـه تفرجـت == يرزقنـي اللـي ما تعـدد فضايلـه يرزقنـي رزاق الحيـايـا بحجرهـا == لا خايلـت برقـن ولا هـي بحايلـه ترى رزق غيـري يا ملا ما ينولنـي == ورزقي يجـي لو كل حـي يحايلـه جميـع ما حشنـا نـدور بـه .الثـنا == وما راح منـا عاضنـا الله بدايلـه . نوب نحوش الفود من ديـرة العـدا == ونخـزز اللـي ذاهبـاتـن عدايلـه خزن بالأيدي ما دفعنـا بـه الثمـن == ثمنها الدما بمطـارد الخيـل سايلـه مع لابتن فرسان ننطـح بهـا العـدا == كم طامعـن جانـا غنمنـا زمايلـه نكسـب بهم وننـزل بهـم خطـر== والله مـن قفـرن رعينـا مسايلـه وبالمساء بعد أن فرغ حجرف من قصيدته عاد لبيته وإذا هو محاط برعية إبل كاملة فظن أنهم ضيوف واحتار من أين يأتي سبحانه له . . . عقلها في الصباح ورحل عليها وتبع قبيلته التي تعجبت من حال الذويبي فأين كان وأين أصبح ولما عرفوا القصة لم يعودوا ثانية لمعاتبته على كرمه. ============ ((قصة أبو زيد الهلالي)) هذه الحكاية ينسبها الرواة إلى (( أبو زيد الهلالي سلامه )) الفارس والشاعر المعروف . . . مر على بني هلال حين من الدهر أصابهم فيه الجوع , فقد شحت المراعي وقل الكلأ والمرعى , فمات أكثر حلالهم وأصاب القبيلة كلها الجوع والعطش فاقترحوا إرسال شخص يستكشف لهم الأراضي ويبحث لهم عن الأرض الطيبة فترحل لها كل القبيلة, وبالفعل نال هذا الاقتراح إجماع كل القبيلة إلا أنهم حاروا فيمن يرسلون وكان بالقبيلة شخص مسنّ - وقيل إنها عجوز - هذا الشخص يؤخذ رأيه فاستشاروه فيمن يرسلون فاشترط عليهم شرطاً قبل أن يقترحون من يرسلون وكان شرطه أن ترحل القبيلة كلها مسيرة يوم كامل بدون توقف وبعدها يعلمهم من هو الشخص المناسب , وبالفعل رحلت القبيلة مسيرة يوم كامل بدون توقف وبعد أن نزلوا بالمكان المحدد رجعوا له وسألوه عن الشخص فقال لهم هو أبو زيد الهلالي سلامه . . . فسألوه عن سبب اختياره له فقال أثناء رحيلنا لاحظت كل أبناء القبيلة يراوحون بالركوب بين ورك وورك أثناء الركوب على المطية إلا أبا زيد فقد كان ركوبه على ورك واحد حتى نزل وهذا دليل صبره وجلادته . . . واختاروه فعلا وأرسلوه , وقد طلب أن يرافقه اثنان من أبناء القبيلة ورحل هو ورفاقه يبحثون عن المرعى للقبيلة كلها . . . وطال بهم المسير دون جدوى , وتقطعت مطاياهم , وأصابهم الجوع فكانوا قرب قرية فنزلوا بسوقها ولم يجدوا من يطعمهم , كما لم يوفقوا إلى عمل يرتزقون منه . . . فاحتاروا بأمرهم , وكان أبو زيد واسع الحيلة داهية فاقترح على رفاقه أن يبيعوه في سوق المدينة على أنه عبد لهم , فقد كان أسمر اللون . . . ومع إلحاحه وافقوه على أن يبيعوه ويشتروا بثمنه مطايا وزاد لهم , ويواصلوا البحث . . . أما هو فقد قال لهم أنه سيستطيع تخليص نفسه, على شرط أن يواصلوا هم البحث عن المراعي للقبيلة فاتفق الثلاثة ونزلوا سوق المدينة . . وباعوه . . وقبضوا الثمن كما تم الاتفاق واشتروا بثمنه المطايا والمتاع . . . وقد كان ينوي الهرب من سيده الذي اشتراه , إلا أن هذا السيد كان نبيلاً وطيباً , أولاه ثقته وجعله وكيلاً على أمواله فصعب على أبو زيد أن يخون الأمانة ويهرب . . . ومن هنا كانت معاناته واستمر في خدمته فتره . . . وذات مرة كانوا جالسين بمجلس هذا السيد وأبو زيد بالقرب من الدلال يصنع القهوة . . . فتمنى السيد من يجيد العزف على الربابة ليحلوا لهم السمر فعرف أبو زيد أنها فرصته فنهض مسرعاً وأخذ الربابة وأنشد يقول : يقـول الهـلالي والهـلالي سـلامـه == شـوف الفجـوج الخاليـات تــروع يقـول الهـلالي والهـلالي سـلامـه == يبغـي الطمـع وهـو وراه طمــوع لابد عقـب الوقـت من لايـح الحيـا == مـن بارقـن يوصـي سنـاه لمـوع لابـرقـن إلا فـي حجـا مستهلــه == ولا طـرقـي إلا مـن وراه نجــوع ولا ضحـك إلا البكـا مـردفـن لـه == ولا شبعــة إلا مقتفيهــا جـــوع ولا يــدن إلا يــد الله فـوقهــا == ولا طـايــرات إلا وهـن وقــوع ألا يا حمامتيـن فوق نبنـوب دوحـة == وراكـن فرقـن والحمــام ربــوع حمـامتيـن جعـل تبلــن بنــادر == حـر قطـوع وجـاري لـه جــوع وراكـن مـا تبكـن عليـا مظنتــي == لو كـان مـا يجـري لكـن دمـوع أبكي عليهـا ليـن حفيـت نواظـري == ولانـي بمـن تدبيـر الإلـه جـزوع حشى ما لاق غير الجـازي أم محمـد == عليهـا ثويـب الطيلســان لمــوع تنفـق كمـا نفـق الوغيـد مـع أمـه == وتحـط الهـوى في قلـب كل ولـوع وقد بين للسيد أنه جاء يبغي الطمع فصار الطمع برأسه . . . عرفه السيد وأنَّبه على ما عمل وأطلق سراحه وأغدق عليه الهدايا وعاد أبو زيد لقبيلته. ================ (( دار البجادي)) كان لرجل اسمه البجادي أربع زوجات وكان يملك عبدا مقربا منه لدرجة كبيرة ويثق به ثقة عمياء لدرجة أنه يدخل على نساء عمه ويقضي حوائجهن أثناء غياب عمه ، ووقع المحظور فقد عشق العبد احدى زوجات عمه وهي بادلته العشق والغرام ، وظل سرهما محفوظا فترة طويلة لا يعلم به أحدا إلى أن جاء يوما من الأيام وجاء ضيوفا إلى البجادي فأرسل العبد ليحضر الطعام من داخل البيت ، وحين دخل العبد إلى المحرم وجد عمته تنتظره متبرجة وكانت قد مشطت شعرها بالحناء للتو فضمها لصدره بلهفة العاشق الولهان وذابت العمة بين أحضانه لبرهة من الزمن فبقي أثرا لضفائرها المحناة على العبد الذي لم ينتبه لذلك ، وعندما دخل على عمه حاملا الطعام شاهد عمه ذلك الأثر وعرف بأن العبد قد خانه فسكت حتى يتأكد من الأمر ، وبعد انصراف الضيوف أمر العبد أن يجهز الركايب وأن يرافقه للصيد في الغد ، وخرجا في اليوم التالي إلى مكان بعيد ثم قال البجادي لعبده : أعد لنا القهوة وأنا سوف أغفو قليلا وعندما تجهز القهوة أيقظني ، وتظاهر بالنوم في انتظار ما سيقوله العبد ، فانهمك العبد في اعداد القهوة وتذكر زوجة عمه ومدى اشتياقه لها فأنشد هذه الأبيات معتقدا أن عمه نائما حيث قال : سقوى سقى الله ربع دار البجـادي == من مدلهـمٍ تالـي الليـل هطّـال حيث ان فيها الغرو زين المقـادي == راعي خلاخيـل وشنفيـن وهـلال وقذيلةٍ شقـرا بوسطـه تشـادي == زهر الربيع ليا انجلت عنه الأطلال عصر الخميس اسقيت زهر الفوادي == من مبسمٍ راعيه ماهـوب زعّـال كـلٍ نهـار العيـد بجـح وبـادي == على مظنة خاطـره طيّـب الفـال وأنا تكسر عبرتـي فـي فـوادي == ما كنـي ألا واحـدٍ ربـط بحبـال فسمع البجادي ما قاله العبد وتأكد من خيانته وأن عشيقته هي احدى زوجاته الأربع لقوله (ربع دار البجادي) فقام إليه وقتله ثم تركه هناك وعاد إلى أهله وأخبرهم بأن العبد سيتأخر لعمل يقضيه ثم يأتي ، واحتار في معرفة أي من نسائه هي العشيقة فذهب إلى عجوز حكيمة من أقربائه وأخبرها بسره وطلب مشورتها ، فأشارت عليه بأن يحضر كمية من الحبوب ويوزعها على نسائه ويأمرهن بطحنها على الرحى التي عادة ما تجاوبها النساء بالغناء ويستمع لما يقلنه ، فأخذ بمشورتها وفعل ما اشارت به فسمع الأولى تغني في ولدها الصغير والثانية تغني في والدها والثالثة تغني في زوجها ولما استمع للرابعة فإذا هي تقول : يا شيٍ بصندوق الحشا لـه زفيـري == لو هو على جمر الغضا فاح وأطفـاه يالعبد ويـش مريّضـك بالمسيـري == كنّـه يتلّـه واحـدٍ مــن مقـفـاه عليـك شلّقنـا ثـيـاب الحـريـري == وشوك الهصير بروس الأقدام ناطـاه يفوح مـن جيبـه سـواة الذريـري == عندي وكلٍ له مـع النـاس مشهـاه واد الرمه من موق عينـي يسيـري == وراع الحليفة فجّر الزرع مـن مـاه وأشوف رخةٍ تجتلـد فـي ضميـري == وعصيفـره قامـت ثلـوج المهبـاه خانت ضميري ما صبرت عن عشيري == خانت ضميري خونة الدلـو لرشـاه صبرت صبـرٍ مـا قـواه البعيـري == وأخفيت سدٍ مـا حـدٍ قبلـي أخفـاه ولي قذلةٍ تشـدي جنـاح الغويـري == وأنا أشهد انهـا علـة العبـد ودواه فلما فرغت من قصيدتها عرف البجادي أنها هي عشيقة العبد لذكرها العبد في أبياتها ومدى تولع العبد في ضفائرها وقذلتها فطلقها وأرسلها لأهلها ، وفي رواية أخرى يقال أنه قتلها .
|
|
|
|
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
بعد بلوغي الـ 500 مشاركة واكثر | االبواردي | منتدى المحــــــــــــــاوره | 10 | 27-11-2011 01:21 PM |
واكثر الي قهرني واكبر طعوني..(ابتسام العريس) بداخل القاعه | محمد الراشد | منتدى الشـــعــــر | 76 | 18-09-2011 10:46 AM |
الله واكبر يازمان مضالي | رسام الغروب | منتدى الشـــعــــر | 5 | 30-11-2010 02:55 AM |
الله واكبر كيف عني خذاها | محمد الدغباسي | منتدى الشـــعــــر | 17 | 14-03-2010 03:20 AM |
الله واكبر يالمشاكل مع الناس | مسندالعويمري | منتدى الشـــعــــر | 6 | 02-05-2007 06:28 AM |