|
خيارات الموضوع |
|
وقفات مع كلمات لابن مسعود
رضي الله عنه للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله تعالى- [شريط مفرّغ] بسم الله الرحمن الرحيم ... وأنعم عليهم بقبولها منهم بعد التوفيق، وأنعم عليهم بمجازاتهم عليها يوم العرض عليه، فالحمد لله الذي تفضل وأنعم، وتكرم وأعطى بغير حساب. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا رب لنا سواه، ولا معبود لنا غيره، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله، نشهد أنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد، فلا خير إلا دلها عليه، ولا شر إلا حذرها منه، فتركها بعده ( على طريق واضح نهج بين لا يزيغ عنه بعده ( إلا هالك. اللهم صلي على محمد كفاء ما أرشد وعلم، اللهم صلى على محمد، وعلى آل نبينا محمد، وعلى زوجاته، وعلى صحابة محمد ( تسليما كثيرا. أما بعد: فإن من القصور الذي يعانيه الناس اليوم أنهم يعلمون كلام أهل العصر أو أهل العصور التي يعيشونها ويقصرون في تتبع ومعرفة وتدبر كلام سلفنا الصالح، وكلام السلف قليل كثير الفائدة، وكلام الخلف كثير قليل الفائدة، كما قال ذلك ابن رجب عبد الرحمن بن أحمد الحنبلي –رحمه الله تعالى- في كتابه العظيم ‹فضل علم السلف على علم الخلف›، وأساس ذلك أن السلف كانوا إذا تكلموا اقتفوا في كلامهم أثر النبي (، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يوجز كلامه، وقد أوتي جوامع الكلم، وهي الكلمات القليلة التي تحوي المعاني الكثيرة، فتجد صحابة رسول الله ( لهم من الكلمات ولهم من الوصايا ولهم من الخطط ولهم من الرسائل التي يوصي فيها بعضهم بعضا ما هو قيل الكلمات قليل الحروف، ولكن من تدبره وجد تحت كل جملة العجب العجاب من تفرُّع المعاني وكثرتها وقوتها، وصحابة رسول الله ( طبقات، ومنهم المهاجرون الذين أسلموا قديما وصحبوا رسول الله ( في مكة، ومن هؤلاء خاصة رسول الله ( وصاحب نعليه وصاحب طهوره: عبد الله بن مسعود الهذلي المتوفى سنة اثنتين وثلاثين للهجرة. عبد الله بن مسعود أو ابن أم عبد كما كان عليه الصلاة والسلام يناديه، كان ممن أسلم في مكة، وصحب الرسول ( في مكة، وسمع القرآن أول ما أنزل وحفظ القرآن، حتى إنه كان يقول: لو أني أعلم أن على الأرض أحد يعلم في كتاب الله جل وعلا أكثر مما أعلم، تبلغه المطي لرحلت إليه. وكان يحفظ القرآن وكان أقرأ الصحابة رضوان الله عليهم، وقد قال فيه عليه الصلاة والسلام «من سره أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» يعني عبد الله بن مسعود، قال له عليه الصلاة والسلام مرة «يا عبد الله اقرأ علي القرآن». قال: أأقرأ عليك يا رسول الله وعليك أنزل؟ قال «إني أحب أن أسمعه من غيري». فافتتح عبد الله رضي الله عنه سورة النساء فمر حتى أتى قوله جل وعلا ?فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا(41)يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا?[النساء:41-42]، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام : «حسبك» .يعني يكفي ، قال عبد الله بن مسعود:فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان عليه الصلاة والسلام . ابن مسعود وصى به عليه الصلاة والسلام، وصى الأمة أن تأخذ بعده، وأن تقتفي أثره. فقد صح على النبي ( فيما رواه الإمام أحمد والحاكم وغيرهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال «تمسكوا بعهد ابن أم عبد». يعني إذا عهد إليكم عهدا فتمسكوا به. وصح عنه أيضا عليه الصلاة والسلام أنه قال «رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد». وصح أيضا عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال «قد رضيت لكم ما رضي لكم ابن أم عبد». ولهذا كان ابن مسعود صاحب وصايا، يوصي ووصاياه -كما أسلفت- جمعت بين الكلام القليل والمعاني الكثيرة، وسيأتينا ما يدل على ذلك. كان ورعا خاشعا، كان فلاَّءً للقرآن عاملا به، آمرا به ناهيا. فهو الذي يقول: إذا سمعت ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا? فأرعها سمعك، فإنها خير تؤمر به، أو شر تنهى عنه. وهو الذي يقول في أهل القرآن: ينبغي لصاحب القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفترون. وهو الذي أوصى في القرآن بقوله: لا تنثروه نثر الدقل، ولا تهزوه هز الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب. فكان رضي الله عنه له أصحاب، وكان يوصيهم بوصايا حُفظت لنا، وكان أصحابه على هيئته يترسمون خطاه ويهتدون بهديه، وكان رضي الله عنه أشبه الناس هديا وسمتا ودلا بالنبي (؛ يعني أنه كان حريصا على السنة، ولهذا كان أشبه الناس بالنبي عليه الصلاة والسلام. [الوصية الأولى] كان له أصحاب، وهكذا العالم الداعي لا بد أن يتأثر به الناس، ومع ذلك كان مربيا حتى في إمامته وصُحبته. رآهم مرة يتبعونه، ورأى العدد كثر رضي الله عنه، فقال لهم كلمته التي هي فاتحة الكلمات سنتدبر فيها من كلمات ابن مسعود قال رضي الله عنه لهم قال: لو تعلمون ذنوبي ما وطئ عقبي اثنان، ولحثيتم التراب على رأسي، ولوددت أن الله غفر لي ذنبا من ذنوبي، وأني دعيت عبد الله بن روثة. أخرجه الحاكم وغيره. يقول لأصحابه (لو تعلمون ذنوبي ما وطئ عقبي اثنان) وفي رواية أخرى قال: لو تعلمون -يقسم ويقول- والله الذي لا إله غيره لو علمي لحثيتم التراب على رأسي. وهذه الكلمات مدرسة ولا شك؛ لأن البروز في الناس متوقع، إذا تميز أحد في الناس بشيء، ربما عظموه، وربما مدحوه، وربما تتابعوا خلفه يمشون، والمرء كلما ازداد علمه بالله جل وعلا علم أنَّ ذنوبه كثيرة كثيرة كثيرة، ولا عجب أنْ أوصى النبي ( أبا بكر -وهو أفضل هذه الأمة من صحابة رسول الله (- الصديق الذي قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام: «لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان الأمة لرجح إيمان أبي بكر». علمه النبي ( أن يدعو آخر صلاته بدعاء فيقول فيه: «ربي إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت». القائل الموصِي النبي (، والموصَى أبو بكر الصديق رضي الله عنه «ربي إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك»، كلما ازداد علم المرء بربه خشي الله جل وعلا، وخشي أن يطأ عقبه اثنان، خشي أن يعظم في الخلق، خشي أن يُرفع في الناس؛ لأنه يعلم من الله جل وعلا، ومما يستحقه الله جل وعلا ما يوقن بأنه لن يبلغ أن يوفي الله جل وعلا حقه، فيكون مقصرا في الشكر، وذلك ذنب من الذنوب. قال ابن مسعود: لو تعلمون ذنوبي ما وطئ عقبي اثنان. يشتهر الناس: فمنهم القارئ للقرآن، يشتهر بحسن قراءته، وبحسن صوته، فيجتمع عليه الناس. منهم العالم يشتهر بعلمه، وبفتواه، وبصلاحه، وبورعه، فيجتمع عليه الناس. ومنهم الداعية يشتهر ببذله للناس، ويجتمعون حوله بما هداهم الله جل وعلا به إلى الحق. ويشتهر من يؤدي الأمانة. ويشتهر من يأمر بالمعروف وينهى عن المعروف، وهكذا. ومقام الشهرة مقام مزلة عظمة، ولهذا ابن مسعود أوصى وصية على نفسه يبين فيها حاله، ويبين فيها ما يجب أن يكون عليه كل من كان له تبع، فيقول: لو تعلمون ذنوبي ما وطئ عقبي اثنان ولحثيتم التراب على رأسي. لابد فيمن كان على شهرة، أو كان ممن ينظر إليه الناس أن يحتقر نفسه دائما بينهم، ويظهر ذلك لا ليرتفع بينهم، ولكن ليرتفع عند الله جل وعلا، ومدار ذلك الإخلاص، فإن من الناس من ربما يزدري نفسه أمام الناس ليظهر بينهم، وهذا من الشيطان، ومنهم من يزدري نفسه من الناس والله جل وعلا مطلع على قلبه أنه صادق في ذلك، يخشى لقاء الله جل وعلا، يخشى يوم يوفى ما في الصدور يوم يطلع على ما في القلوب، ولا تخفى على الله خافية، ولا يكتمون الله حديثا. هذه عبرة من العبر يتنبه لها كل تابع وكل متبوع، أما التابع فينتبه إلى أن هذا المتبوع يجب أن لا يعظَّم وإنما يستفاد منه بما يبلغ على الله جل وعلا، أو بما ينفع به الخلق، وأما التعظيم فإنما هو الله جل وعلا، ثم لرسوله (، وأما باقي الخلق فلهم إذا صلحوا فلهم المحبة في النفس، وينبغي على من اشتهر أن يكون دائما خاشعا ذليلا ذاكرا ذنوبه، ذاكرا مقامه بين يدي الله، ذاكرا أنه ليس بأهل أن يطأ عقبه اثنان، وأن يتبعه اثنان. ولهذا لما مدح أبو بكر الصديق رضي الله عنه بين الناس، وخطب بعد ذلك، صح عنه فما رواه أحمد وغيره قال رضي الله عنه: اللهم اجعلني –يقولها علنا- يقول اللهم اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما يعلمون. ينبه الناس أن عنده ذنوب، حتى لا يغلو الناس فيه، فهل يستقيم هذا مع ما نرى من أحوال يزيد فيها المعظَّم تعظيما لنفسه، ويزيد فيها المعظِّم تعظيما لمن عظمه واتبعه، ليس هذا من هدي الصحابة رضي الله عنهم، عمر رضي الله عنه ربما أعجبته نفسه وهو خليفة، وهو بعد أبي بكر رضي الله عنه في التبشير بالجنة فأخذ يحمل الشيء في السوق فيزدري نفسه حتى لا تتعاظم بنفسه. ومن أبواب الخطايا العُجب والتعاظم أن يرى المرء نفسه معظَّما، كان من السلف الصالح من إذا أتى ليلقي شيئا، فرأى الناس اجتمعوا تركهم، لم؟ لأن صلاح نفسه ألزم عليه من صلاح الناس، لما رأى هذا الجمع اجتمعوا، ورأى أن نفسه بدأت تعالجه في أن هؤلاء حضروا، وهؤلاء أنصتوا، وهؤلاء فعلوا، وأقبلوا عليه، عالج نفسه بتركهم، فيقولون عنه ما يقولون، لكن أهم الأمر أن يكون صالحا قلبه فيما بينه وبين ربه، وصلاح قلبك أهم من صلاح قلب غيرك، فينبغي عند ذاك مجاهدة النفس في هذا المقام. إذا فهذه الوصية من ابن مسعود حيث يقول: والله الذي لا إله إلا هو لو تعلمون علمي لحثيتم التراب على رأسي. وهذه نرجوا أن يتذكرها كل من كان له بعض شهرة بين الخلق، معلم، أو عالم، أو قارئ، أو آمر ناهي، أو مسؤول في جهة، أو أمير، أو ملك، إلى آخره من أصناف الناس، ينبغي أن يكون مزدريا لنفسه حتى لا يتعاظم قلبه عليه، فيخسر الدنيا والآخرة. هذه وصية، وهي وصية بليغة تحتها معان كثيرة، وفيما ذكرنا إشارات، وتحت الإشارات عبارات، وتدبر تجد ذلك. [الوصية الثانية] الوصية الثانية والكلمة الثانية عن ابن مسعود ما رواه البخاري في صحيحه عنه رضي الله عنه، ورواه مسلم أيضا ولم يخرج لفظ كلام بن مسعود قال رضي الله عنه قال: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه, وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا فذبه عنه. إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه, وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا-أي بيده- فذبه عنه. مقام الناس في الذنوب مقامان: * مقام المؤمن يذنب. * ومقام الفاجر يذنب المؤمن يعمل الطاعات وهو وَجِلْ قال جل وعلا ?وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ?[المؤمنون:60]، ما معناها؟ يعني الذين يصلون ويتصدقون ويزكون ويصومون ويخافون أن لا يُتقبل الله منهم، هذا في الطاعات فكيف إذا أذنب ذنبا ماذا يكون حاله قال ابن مسعود: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه. وهذه الحال التي ينبغي أن نكون أن نتعاظم أن نذنب في حق الله جل وعلا، نذنب في التفريط في الفرائض، التفريط في الصلوات، التفريط فيما يجب في الصيام، التفريط في أداء الزكاة، التفريط في أداء حقوق الخلق؛ في المعاملات، في الكسب، في الغش، في أداء الأمانة، في معاملة الأهل، في معاملة الوالدين، في عدم العقوق، في الإتيان بالخيرات، إذا ازداد علمك فسترى أن الله عز وجل عليك في كل لحظة تتحركَها أمر ونهي، إما أن يكون في عمل الجوارح، وإما أن يكون في عمل اللسان، وإما أن يكون في عمل القلب، في كل لحظة في حياتك فلله جل وعلا عليك أمر ونهي، حتى لو جلست ساكنا، فالقلب إما أن يتحرك في معاص معاصي القلوب من الكبر والظن ظن السوء، أو أن يدبر مثلا، أو يعمل عملا يرتب له من الذي لا يجوز، أو يفكر كيف يأخذ ما ليس له بحق، أو إلى آخره، فإن هذه ذنوب إذا عمل بها بعد خاطر القلب، ومنها ذنوب قلبية ولو لم يعمل مثل ترك التوكل، مثل ترك الصبر مثل العجب مثل الرياء ، إلى آخره، فلله جل وعلا عليك في كل لحظة تحريكة لك وكل تسكينة له عليك أمر نهي، ولابد أن يقع منك الغفلة والغفلة والغفلة، فالمؤمن يكون خائفا وجلا يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، ولهذا يحذِّر الناس من ذنوبه ومن أن يغتروا به، وأيضا يحذر هو أن يختم له قبل أن يستغفر، يحذر أن يكون من الموسوسين الثرى قبل أن يحدث توبة واستغفارا، فلهذا يكون المؤمن مع هذا القول على حذر شديد يتبع ذلك الحذر كثرة الاستغفار، ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام كان يستغفر الله جل وعلا في اليوم والليلة أكثر من مئة مرة، وفي المجلس الواحد سبعين أو مئة مرة عليه الصلاة والسلام، وهكذا كان حال الصحابة، هذه حال المؤمن حال الخوف، فهو يخاف من الذنوب يرجو رحمة الله جل وعلا. أما الفاجر الذي يعمل بالمعاصي بلا حساب، فيقع في الذنوب الكبيرة كبائر الذنوب وفي الموبقات والبدع، وفي ترك السنن، وفي الأخذ بالرأي وترك الأثر، وغير ذلك من الذنوب، وهو لا يشعر بها؛ بل كأنهما ذباب مر على أنفه فقال به هكذا، المؤمن رحمه الله بأن الصلاة إلى الصلاة مكفرات إلى ما بينهما، ورمضان إلى رمضان مكفرات إلى ما بينهما، والعمرة إلى العمرة مكفرات لما بينهما؛ لكن بشرط تجتنب الكبائر، كما قال جل وعلا?إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا?[النساء:31]، فشرط لتكفير السيئات إن تجتنب الكبائر، فالصلاة إلى الصلاة مكفرات؛ لكن هل كل صلاة مكفرة؟ ليس كذلك؛ بل من الصلاة ما يعلها العبد ولا تكفر عنه ذنوبه، كذلك من الصيام ما يصومه العبد -يعني رمضان- ولا يكفر عنه ذنوبه، ومن العمرة ما لا يكفر به الذنوب، فلكل عبادة من هذه العبادات شرط أن تكفر السيئات، فمثلا في الصلاة ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه «من صلى الصلاة فأتم ركوعها وسجودها وخشوعها كانت له كفارة فيما بينها وبين الصلاة والأخرى ما اجتنبت الكبائر» الوضوء تتقاطر مع الماء الذنوب، لكن كما قال عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه «من توضأ ما أمره الله»، العمرة كذلك. ولهذا من رحمة الله أن نوّع؛ جعل الصلاة إلى الصلاة مكفرات، من الناس من يبقى عليه شيء فلا تكفرها صلاته فيكفره رمضان، من الناس من لا يقوم له رمضان بالتكفير فتكفرها الجمعة إلى الجمعة، منهم من لا تقوم له الجمعة فتأتي العمرة فتكفر ما بينهما مــن الكبائر، فيكون المرء على وجل من فعل المعاصي، فكيف إذا كان ما يفعل الكبيرة من الكبائر -الزنا وشرب الخمر والربا والسحر- وهذه يتنكب عنها الصالحون؛ لكن ثم كبيرة يغشاها الصالحون، ومنهم من لا يشعر بها، أو لا يكون كما قال ابن مسعود في خصلة الفاجر:كذباب مر على أنفه فقال هكذا. وهذه الخصلة وقع فيها الأكثرون في هذا الزمن الغيبة، والغيبة من الكبائر لأن الله جل وعلا قال ?وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ?[الحجرات:12]، قال العلماء جعل الغيبة كأكل الميتة وأمل الميتة كبيرة فدل على أن الغيبة من الكبائر. والنميمة والبهتان هذه من الكبائر، فالغيبة أن تذكر أخاك بما يكره، الصلاة إلى الصلاة مكفرات ما اجتنب الكبائر فهل نخاف أو نطمئن، الله المستعان، إذا لم تجتنب هذه الكبيرة فالصلاة إلى الصلاة ليست بمكفرة، فكيف إذا ازداد على الغيبة أن تكون بهتانا، الغيبة ذكرك أخاك بما يكره، قالوا: يا رسول الله أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فقد بهته»، والبهتان أعظم إثما من الغيبة، وهذه من الناس من يغتاب ويتكلم بلسانه ولا يخاف، كذباب مر على أنفه فقال به هكذا، وهي أكثر ما تكون في الصالحين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الصالحين يجتنبون كبائر الذنوب مثل الزنا أو شرب الخمر والسرقة؛ ولكنهم يقعون في ذنوب اللسان والقلب. يتعاظم بقلبه يتجبر يتكبر، يمرّ به أحد فيستصغر ذاك ويعظّم نفسه، ولو علم الحقيقة لربما كان ذلك الذي ازدراه أعظم عند الله جل وعلا منه، فالمرء ينبغي أن يكون حسيبا على نفسه، يجلس الناس مجالس طويلة يغتابون فيها. والغيبة درجات، وأعظمها أن يغتاب من له الحق عليه من أهل العلم ومن الوالدين ونحو ذلك، فإن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته، والله المستعان. هذه ذنوب فتأمل هذه الكلمة، ولا تغتر بأنك صاحب طاعة، وتنظر إلى نفسك وأنك وأنك لا تحس بالذنوب التي تغشاها وأنت لا تشعر، لقصور علمك، أما الرجل إذا علم، أما المسلم أو المسلمة إذا علمت أمر الله فإنه سيكون في القلب الخشية ?إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ?[فاطر:28]، فإذا أذنب ذنبا كان القلب وجلا خائفا، لا يدري ما الله جل وعلا يصنع فيما فعل من الذنب، الذي قد يكون ذنبا لسانيا، وقد يكون ذنبا قلبيا، وقد يكون أذنب ذنبا من ذنوب الجوارح. إذا هذه الوصية مدارها أن تعظِّم أمر ذنبك، ولا تخفف أمر الذنب، فإذا عظمته، وكأنك قاعد تحت جبل تخشى أن يقع عليك، فإنك ستسعى إلى طلب المغفرة، ستسعى إلى التوبة، ستسعى إلى مفارقة الذنوب وان تُلِظَّ باله جل وعلا إن يعفو عنك ويتسامح، وهذه عبادات تلو العبادات. منقول للفائدة ....... ويتبع الموضوع الأصلي: وقفات ذهبية لابن مسعود رضي الله عنه " | | الكاتب: هتاف قلب الرشيدي | | المصدر: شبكة بني عبس
|
|
الله يجزاك خير اختي هتاف على هذا الطرح المفيد
الله لايحرمك الاجر
|
|
|
|
|
شكرا لك مليون ولايسدون
|
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
انتقل الى رحمة الله عايض بن مسعود البراك رحمة الله عليه | وليد البراك | منتدى اخــبار القبيلــة | 8 | 07-05-2012 12:35 AM |
الصوتيه لابن باز رحمه الله | احساس الشمال | المنتدى الإسلامـــي | 9 | 08-07-2011 06:06 AM |
"معوق" لوزير الصحة: "الله لا يسامحك".. والربيعة يرد: "جزاك الله خيراً" | الرساله | المنتدى الإعلامــــي | 9 | 27-02-2011 11:24 PM |
الأمير عبد الله بن متعب يحرز ذهبية الفروسية بالدورة العربية | هلا وغلا | منتدى الرياضه والشباب | 2 | 19-11-2007 04:11 AM |
ميسي مرشح قوي لإحراز ذهبية مجلة "فرانس فوتبول" | هلا وغلا | منتدى الرياضه والشباب | 2 | 30-09-2007 05:35 PM |