|
خيارات الموضوع |
|
باب حق الوالدين (قال الفقيه) أبو الليث السمرقندي رحمه اللَّه تعالى: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن ابن محمد الشمذي. أنبأنا فارس بن مردويه. حدثنا محمد بن الفضل العابد. حدثنا يزيد ابن هرون قال: حدثنا سليمان التيمي عن سعيد بن مسعود عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما قال: ما من مؤمن له أبوان فيصبح وهو محسن إليهما إلاّ فتح اللَّه له بابين من الجنة ولا يسخط عليه واحد منهما فيرضى اللَّه تعالى عنه حتى يرضى. قيل: وإن كان ظالما؟ قال وإن كان ظالماً. وروى هذا الخبر مرفوعاً فيه زيادة: قال ولا يصبح وهو مسيء إليهما إلاّ فتح اللَّه له بابين من النار وإن كان واحداً فواحد. قال رضي اللَّه تعالى عنه: حدثنا أبو القاسم حدثنا فارس حدثنا محمد بن الفضل حدثنا عبيد اللَّه بن موسى عنسفيان عن ابن جريج عن عطاء قال: قال موسى عليه الصلاة والسلام: يارب أوصني؟ قال أوصيك بي. قال أوصني؟ قال أوصيك بأمك. قال أوصني. قال: أوصيك بأمك. قال: أوصني. قال أوصيك بأبيك. وروي عن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما قل: "جاء رجل إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال إني أريد الجهاد قال أحيّ أبواك؟ قال نعم قال ففيهما جاهد". (قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: في هذا الخبر دليل على أن برّ الوالدين أفضل من الجهاد في سبيل اللَّه تعالى لأن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أمره أن يترك الجهاد ويشتغل ببر الوالدين، وهكذا نقول إنه لا يجوز للرجل أن يخرج إلى الجهاد في سبيل اللَّه إذا لم يأذن له أبواه ما لم يقع النفير عاماً، وتكون طاعة الوالدين أفضل من الخروج إلى الغزو. وروى بهز بن حكين عن أبيه عن جده قال "قلت يا رسول اللَّه من أبرّ قال أمك. قال قلت ثم من؟ قال أمك. قال قلت ثم من؟ قال أمك. قال قلت ثم من؟ قال أباك ثم الأقرب فالأقرب". (قال رحمه اللَّه تعالى) حدثنا أبو القاسم حدثنا فارس بن مردويه قال: حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا أصرم بن حوشب قال: حدثنا عيسى بن عبد اللَّه عن زيد بن علي عن أبيه عن جده قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "لو علم اللَّه شيئاً من العقوق أدنى من أُفٍ لنهى عن ذلك فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة، وليعمل البارّ ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار". (قال الفقيه) رضي اللَّه تعالى عنه لو لم يذكر اللَّه تعالى في كتابه حرمة الوالدين ولم يوص بهما لكان يعرف بالعقل أن حرمتهما واجبة، وكان الواجب على العاقل أن يعرف حرمتهما ويقضي حقهما، فكيف وقد ذكر اللَّه تعالى في جميع كتبه في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وقد أمر في جميع كتبه وأوحى إلى جميع الأنبياء وأوصاهم بحرمة الوالدين ومعرفة حقهما، وجعل رضاه في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما. ويقال ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث لا يقبل اللَّه واحدة منهن بغير قرينتها. أوّلها: قوله تعالى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} فمن صلى ولم يؤد الزكاة لم تقبل منه الصلاة والثاني قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} فمن أطاع اللَّه ولم يطع الرسول لم يقبل منه. والثالث قوله تعالى: {أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ المَصِيرُ} فمن شكر اللَّه ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه. والدليل على ذلك ما روي عن رسول اللَّه قال "إن لعنة الوالدين تبتر: أي تقطع. أصل ولدهما إذا عقهما فمن أرضى والديه فقد أرضى خالقه ومن أسخط والديه فقد أسخط خالقه ومن أدرك والديه أو أحدهما فلم يبرهما فدخل النار فأبعده الله" وسئل النبي صلى اللَّه عليه وسلم "أي الأعمال أفضل؟ قال الصلاة لوقتها ثم برّ الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله". وعن فرقدالسيخي قال: قرأت في بعض الكتب: إنه لا ينبغي للولد أن يتكلم إذا شهد والديه إلاّ بإذنهما، لا يمشي ببين يديهما ولا عن يمينهما ولا عن شمالهما إلاّ أن يدعواه فيجيبهما، ولكن يمشي خلفهما كما يمشي العبد خلف مولاه. وذكر أن رجلاً جاء إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال يا رسول اللَّه إن أمي خرفت عندي وأنا أطعمها بيدي وأسقيها وأوضئها وأحملها على عاتقي فهل جازيتها؟ قال لا ولا واحدة من مائة ولكنك قد أحسنت والله يثيبك على القليل كثيراً" وروى هشام ابن عروة عن أبيه قال: مكتوب في الحكمة ملعون من لعن أباه ملعون من لعن أمه ملعون من صدّ عن السبيل أو أضل الأعمى عن الطريق، ملعون من ذبح بغير اسم اللَّه ملعون من غير تخوم الأرض يعني الحد الذي بين أرضه وأرض غيره، ويقال يعني علامات الحرم، ومعنى قوله لعن أباه ولعن أمه يعني عمل عملاً يلعن به أبواه فيصير كأنه هو الذي لعنهما. وروي عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "إن من أكبر الذنب أن يسب الرجل والديه قيل وكيف يسب والديه؟ قال يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه" وروى أبان عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه قال "كان شاب على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يسمى عَلْقمة وكان شديد الاجتهاد عظيم الصدقة فمرض فاشتد مرضه، فبعثت امرأته إلى رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم أن زوجي في النزع فأردت أن أعلمك بحاله، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لبلال وعليّ وسلمان وعمار اذهبوا إلى علقمة فانظروا ما حاله، فانطلقوا حتى دخلوا عليه فقالوا له قل لا إله إلاّ اللَّه فلم ينطق لسانه فلما أيقنوا أنه هالك بعثوا بلالاً إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ليخبره بحاله، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم هل له أبوان؟ فقيل له أما أبوه فقد مات وله أم كبيرة السن، فقال يا بلال انطلق إلى أم علقمة فأقرئها مني السلام وقل لها إن قدرت على المسير إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وإلا فقري حتى يأتيك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فأخبرها فقالت نفسي لنفسه الفداء أنا أحق بإتيانه فأخذت العصا فمشت حتى دخلت على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فلما أن سلمت عليه ردّ عليها السلام فجلست بين يدي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال اصدقيني فإن كذبتيني جاءني الوحي من اللَّه تعالى كيف كان حال لعلقمة؟ قالت يا رسول اللَّه كان يصلي كذا يوم ويصوم كذا يوم وكان يتصدق بجملة من الدراهم ما يدري كم وزنها وما عددها قال فما حالك وحاله؟ قالت يا رسول اللَّه إني عليه ساخطة واجدة قال لها ولم ذلك؟ قالت كان يؤثر امرأته علي يطيعها في الأشياء ويعصيني، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سخط أمه. حجب لسانه عن شهادة أن لا إله إلاّ الله، ثم قال لبلال انطلق واجمع حطباً كثيراً حتى أحرقه بالنار فقالت يا رسول اللَّه ابني وثمرة فؤادي تحرقه بالنار بين يديّ فكيف يحتمل قلبي، فقال لها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يا أم علقمة فعذاب اللَّه أشد وأبقى فإن سرك أن يغفر اللَّه له فارضي عنه، فوالذي نفسي بيده لا تنفعه الصلاة ولا الصدقة ما دمت عليه ساخطة فرفعت يديها وقالت يا رسول اللهأشهد اللَّه في سمائه وأنت يا رسول اللَّه ومن حضرني أني قد رضيت عن علقمة، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم انطلق يا بلال فانظر هل يستطيع علقمة أن يقول لا إله إلاّ اللَّه فلعل أم علقمة تكلمت بما ليس في قلبها حياء من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فانطلق بلال فلما انتهى إلى الباب سمع علقمة يقول لا إله إلاّ الله، فلما دخل قال يا هؤلاء إن سخط أمّ علقمة حجب لسانه عن الشهادة وإن رضاها أطلق لسانه فمات من يومه، فأتاه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فأمر بغسله وتكفينه وصلى عليه، ثم قام على شفير القبر وقال: يا معشر المهاجرين والأنصار من فضّل زوجته على أمه فعليه لعنة اللَّه ولا يقبل منه صرف ولا عدل يعني الفرائض والنوافل". وروي عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما في قوله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} يعني أمر ربك أن لا توحدوا غير اللَّه تعالى ويقال أن لا تعبدوا إلاّ إياه يعني لا تطيعوا أحداً في المعصية لكن أطيعوا اللَّه فيما يأمركم به وبالوالدين إحسانا يعني برّاً بهما وعطفاً عليهما {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ} يعني الهرم {أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا} يعني أحد الأبوين أو كلا الأبوين {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} يعني لا تقذرهما ولا تقل لهما قولاً رديئاً، ويقال معناه إذا كبر الأبوان واحتاجا إلى رفع بولهما وغائطهما فلا تأخذ بأنفك عند ذلك ولا تعبس بوجهك فإنهما قد رفعا ذلك منك في حالة صغرك ورأيا ذلك منك كثيرا، ثم قال {وَلا تَنْهَرْهُمَا} يعني لا تغلظ لهما القول {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} يعني ليناً حسنا {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ} يعني كن ذليلاً رحيماً عليهما {وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا} يعني إذا ماتا فادع لهما بالمغفرة. يعني يجب على الولد أن يعرف حق الوالدين في حياتهما ويعرف حقهما بعد موتهما فيدعو لهما بالمغفرة على أثَر كل صلاة، ويقال وقل {وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا} يعني يدعو لهما بالمغفرة في حال حياتهما وبعد موتهما {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} كما قاما عليّ في حال صغري حتى كبرت فاجزهما عني بالمغفرة لهما. وروي عن بعض التابعين رضي اللَّه عنهم أنه قال: من دعا لأبويه في كل يوم خمس مرات فقد أدّى حقهما لأن اللَّه تعالى قال {أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ المَصِيرُ} فشكر اللَّه تعالى أن يصلي في كل يوم خمس مرات وكذلك شكر الوالدين أن يدعو لهما في كل يوم خمس مرات، ثم قال {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ} يعني عالم بما في قلوبكم من اللين والبرّ للأبوين {إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ} يعني إن تكونوا بارين بالوالدين فتستوجبوا على اللَّه بذلك الأجر {فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً} يعني إن تركتم حق الوالدين فتوبوا إلى اللَّه تعالى {فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ} يعني الرجاعين عن الذنوب {غَفُوراً}. ويقال للوالدين على الولد عشرة حقوق. أحدها: أنه إذا احتاج إلى الطعام أطعمه. والثاني إذا احتاج إلى الكسوة كساه إن قدر عليه، وهكذا روى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في تفسيرقوله تعالى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} فقال المصاحبة بالمعروف أن يطعمهما إذا جاعا ويكسوهما إذا عريا. والثالث إذا احتاج أحدهما إلى خدمته خدمه. والرابع إذا دعاه أجابه وحضره. والخامس إذا أمره بأمر أطاعه ما لم يأمر بالمعصية والغيبة. والسادس أن يتكلم معه باللين ولا يتكلم معه بالكلام الغليظ. والسابع أن لا يدعوه باسمه. والثامن أن يمشي خلفه. والتاسع أن يرضى له ما يرضى لنفسه ويكره له ما يكره لنفسه. والعاشر أن يدعو له بالمغفرة كلما يدعو لنفسه قال اللَّه تعالى حكاية نوح عليه الصلاة والسلام {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} وهكذا عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام {رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ، رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابُ} يعني يوم القيامة. وروى عن بعض الصحابة رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: ترك الدعاء للوالدين يضيق العيش عن الولد، وهل يمكنه أن يرضيهما بعد وفاتهما؟ قيل له بلى يرضيهما بثلاثة أشياء. أولهما أن يكون الولد صالحاً في نفسه لأنه لا يكون شيء أحب إليهما من صلاحه. والثاني أن يصل قرابتهما وأصدقائهما. والثالث أن يستغفر لهما ويدعو لهما ويتصدق عنهما. وروى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ عن ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له بالمغفرة" وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "لا تقطع من كان يصل أباك فتطفئ بذلك نورك فإن ودّك ودّ أبيك". وذكر أن رجلاً من بني سلمة جاء إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال "إن أبويّ قد ماتا فهل بقي من برهما عليّ شيء قال نعم: الاستغفار لهما وإنقاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلاّ بهما". والله سبحانه وتعالى أعلم. باب حق الوالد على الولد (قال الفقيه) أبو الليث رحمه اللَّه تعالى: حدثنا محمد بن الفضل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف قال حدثنا أبو معاوية عن حسن بن عمارة عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "من حق الوالد على الولد ثلاثة أشياء: أن يحسن اسمه إذا ولد، ويعلمه الكتاب إذا عقل، ويزوجه إذا أدرك". وروى عن عمر رضي اللَّه تعالى عنه أن رجلاً جاء إليه بابنه فقال: إن ابني هذا يقضي، فقال عمر رضي اللَّه تعالى عنه للابن أما تخاف اللَّه في عقوق والدك فإن من حق الوالد كذا ومن حق الوالد كذا. فقال الابن يا أمير المؤمنين: أما للابن على والده حق؟ قال نعم حقه أن يستنجب أمه يعني لا يتزوج امرأة دنيئة لكيلا يكون للابن تعيير بها. قال، ويحسن اسمه ويعلمه الكتاب، فقال الابنفوالله ما استنجب أمي وما هي إلاّ سندية اشتراها بأربعمائة درهم ولا حسن اسمي سماني جعلاً ذكر الخفاش، ولا علمني من كتاب اللَّه أية واحدة، فالتفت عمر رضي اللَّه تعالى عنه إلى الأب وقال تقول ابني يعقني فقد عققته قبل أن يعقك قم عني.
(قال الفقيه) رحمه اللَّه تعالى: سمعت أبي يحكي عن أبي حفص اليسكندي وكان من علماء سمرقند أنه أتاه رجل فقال: إن ابني ضربني وأوجعني قال سبحان اللَّه الابن يضرب أباه؟ قال نعم ضربني وأوجعني فقال هل علمته الأدب والعلم؟ قال لا، فهل علمته القرآن؟ قال لا قال فأي عمل يعمل؟ قال الزراعة، قال هل علمت لأي شيء ضربك؟ قال لا، قال فلعله حين أصبح وتوجه إلى الزرع وهو راكب على الحمار والثيران بين يديه والكلب من خلفه وهو لا يحسن القرآن فتغنى وتعرضت له في ذلك الوقت فظن أنك بقرة فاحمد اللَّه حيث لم يكسر رأسك. وعن ثابت البناني رحمه اللَّه تعالى أنه قال: روي أن رجلاً كان يضرب أباه في موضع فقيل له ما هذا. فقال الأب خلوا عنه فإني كنت أضرب أبي في هذا الموضع فابتليت بابني يضربني في هذا الموضع هذا بذاك ولا لوم عليه. قال بعض الحكماء: من عصى والديه لم يره السرور من ولده: ومن لم يستشر في الأمور لم يصل إلى حاجته، ومن لم يدار أهله ذهبت لذة عيشه. وروى الشعبي عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "رحم اللَّه والداً أعان ولده على برّه" يعني لا يأمره بأمر يخاف منه أن يعصيه فيه. وروي عن بعض الصالحين أنه كان لا يأمر ابنه بأمر، وكان إذا احتاج إلى شيء يأمر غيره فسئل عن ذلك؟ فقال إني أخاف أني لو أمرت ابني بذلك يعصيني في ذلك فيستوجب النار وأنا لا أحرق ابني بالنار. وروي عن خلف ابن أيوب نحو هذا، وقال الفضيل بن عياض رحمه اللَّه تعالى: تمام المروءة من برّ والديه ووصل رحمه وأكرم إخوانه، وحسن خلقه مع أهله وولده وخدمه، وأحرز دينه وأصلح ماله وأنفق من فضله، وحفظ لسانه ولزم بيته: يعني يكون مقبلاً على عمله ولا يجلس مع أهل الفضول. وروي عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "أربع من سعادة المرء: أن تكون زوجته صالحة، وأولاده أبراراً إن وخلطاؤه صالحين، وأن يكون رزقه في بلده". وروى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالىعنه قال: سبع يؤجر فيهن من بعده: من بنى مسجداً فله أجره مادام أحد يصلي فيه، ومن أجرى نهراً فمادام يجري فيه الماء ويشرب منه الناس كان له أجره، ومن كتب مصحفاً وأحسنه كان له أجره مادام يقرأ فيه أحد، ومن استخرج عيناً ينتفع بمائها كان له أجرها ما بقيت، ومن غرس غرساً كان له أجره فيما أكل الناس منه والطير، ومن علم علماً كذلك، ومن ترك ولداً يستغفر له ويدعو له من بعده: يعني إذا كان الولد صالحاً. وقد علمه الأب القرآن والعلم فيكون أجره لوالده من غير أن ينقص من أجر ولده شيء،فإذا كان الوالد لا يعلمه القرآن ويعلمه طريق الفسق يكون وزره على أبيه من غير أن ينقص من وزر ولده شيء. وروي عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "إذا مات العبد انقطع عمله إلاّ من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له بخير".
|
|
|
|
|
|
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
برا الوالدين | رفيق الدرب | المنتدى الإسلامـــي | 6 | 15-05-2012 05:34 PM |
من صور بر الوالدين | عبداللطيف الرشيدي | المنتدى الإسلامـــي | 15 | 01-02-2011 07:55 PM |
قصة ببر الوالدين | نبيل العرعري | المنتدى الأدبــــــــــــي | 6 | 18-01-2011 09:35 PM |
بر الوالدين | بحار عبس | المنتدى الإسلامـــي | 6 | 01-12-2010 02:00 PM |
بر الوالدين | المستانس | المنتدى الإسلامـــي | 5 | 24-05-2010 09:36 AM |