|
خيارات الموضوع |
|
بلال بن رباح إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، { يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذين تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } { يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما } أمـا بعـد : فإن أصدق الحديث كتاب الله ، واحسن الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشرَّ الأمورِ محدثاتها ، وكل محدثةٍ بدعةٌ ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار . صدح الرسول عليه الصلاة والسلام بالحق هناك من على الصفا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وذهب عليه الصلاة والسلام إلى سادات مكة، يدعوهم إلى الحق، فكفروا به، وكذبوه وآذوه وشتموه، فأنزل الله عليه واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً [الكهف:28]. وبدأ الرسول يبحث عن هؤلاء، فوجدهم في عالم الضعف، وعالم الذل، وعالم المسكنة، وكان بلال أحد هؤلاء. رأى بلال محمداً عليه الصلاة والسلام فأحبه ، أحب بلالٌ محمداً عليه الصلاة والسلام حباً استولى على سمعه وبصره وقلبه، فأصبح يتحرك بحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، يأكل وشخص الرسول عليه الصلاة والسلام أمام عينيه، ويشرب والرسول ماثلٌ أمامه، فلما أسلم بلال ، اجتمع عليه الجبابرة، وأذاقوه أليم العذاب؛ ليترك لا إله إلا الله فأبى، سجنوه، ضربوه، قيدوه بالحبال، جروه من قدميه، يأكل الحصى من لحمه وعظمه، ألقوه في الصحراء في حر الظهيرة والشمس ملتهبة؛ ليعود إلى الكفر فأبى، وقالها كلمة خالدة أبدية: أحدٌ أحد. من هو الواحد الأحد؟ هو الذي أرسل هذا الرسول، وأوجد هذا الإنسان، وفرض هذا الدين. لطموه على وجهه، فارتفع صوته متأثراً ثائراً مجروحاً: أحدٌ أحد، ضربوه بالسياط حتى أكلت السياط من لحمه ودمه وهو ينشد: أحد أحد إنها إرادةٌ ينثني لها الحديد، إنها المعجزة الكبرى التي أتى بها رسولنا ، كيف حول هؤلاء الأعراب والموالي والرقيق، من أناس فقراء مستضعفين، إلى كتائب تزلزل الدنيا بلا إله إلا الله. ومر أبو بكر أمام بلال وهو يعذب، فشتراه من أمية بن خلف و أعتقه وهو لا يريد منه جزاءً ولا شكوراً، ثم ذهب به إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ممزق الثياب، يتساقط دمه ولحمه من شدة التعذيب، فأخذه عليه الصلاة والسلام واحتضنه، كما تحتضن الأم طفلها، ودعا له، وعيّنه مؤذّنه الأول، أول مؤذن في التاريخ. فكان كلما حان وقت الصلاة قام بلال يهتف: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. فتنتفض أجساد المؤمنين عند صوته، كما ينتفض الجسد إذا صدمه تيار الكهرباء!!. وكان كلما أهمّ الرسول، ، أمرٌ، أو أصابه كرب، نادى بلالاً: ((أرحنا بها يا بلال))[1][1]، فيؤذن بلال للصلاة. كان عليه الصلاة والسلام يحبه ويدنيه منه، وسرى هذا الحب في قلب بلال، فعوضه عن كل شيء، عن أهله في الحبشة، وعن أقربائه وجيرانه وتاريخه هناك، ولكن كفى بحب محمدٍ عليه الصلاة والسلام. وفي ذات يوم قال عليه الصلاة والسلام لبلال: ((حدثني بأرجى عملٍ عملته في الإسلام، فإني سمعت دفّ نعليك بين يدي في الجنة)). الله أكبر، أي جائزة أعظم من أن يعرف إنسان أنه من أهل الجنة، وهو لا زال يعيش في هذه الدنيا. فيجيب بلال رسول الله، ، قال: ((ما عملت عملاً أرجى عندي من أني لم أتطهّر طهوراً في ساعة من ليل أو نهار، إلا صليت بذلك الطهور ما كُتب لي أن أصلي))[2][2]. بلال من أهل الجنة، شهد أهل السنة بذلك، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام، شهد له بذلك. كان خفيف الجسم، ممشوق القامة، لونه أسود، وهذه قضية لا قيمة لها ولا وجود لها في الإسلام. بينما كان الصحابة رضوان الله عليهم، يجلسون في مجلس، فإذا أحد الصحابه يعير بلالاً بأمه، قال له: يا ابن السوداء!! وهل في دستور الإسلام حمراء وسوداء وبيضاء، من هو الكريم عندنا، من هو المعظّم في هذه الملة إن أكرمكم عند الله أتقاكم[الحجرات:13]. إننا لا نعرف بالألوان، ولا بالأجناس، ولا باللغات، ولا بالبلدان، إنما نعرف بلا إله إلا الله، وبمقدار عبوديتنا لله عز وجل. فغضب بلال ، وقال له: والله لأرفعنك إلى خليلي عليه الصلاة والسلام، ورفع أمره إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فغضب غضباً شديداً وقال له: ((أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية))[3][4]. فلماذا نعير الناس بأجناسهم، أو ألوانهم، أو قبائلهم، إن هذه خطيئة كبرى في الإسلام، بل هي هدم للقواعد التي بني عليها هذا الدين. ومضى بلال ولم يزدد مع الأيام إلا رفعة، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يحبه. يصلي الرسول عليه الصلاة والسلام العيد، ثم يتكئ على بلال، ويذهب فيخطب في النساء وهو متكئ على بلال لأنه يحبه[4][5]. وفجأة يموت الإمام، ولك أن تتصور رجلين متحابين، معلم وتلميذ، إمام ومؤذن، عاشا الحياة معاً، حلوها ومرها، سهلها وصعبها، ليلها ونهارها، وفجأة يموت الإمام، مات عليه الصلاة والسلام إنك ميت وإنهم ميتون[الزمر:30]. لقد أظلمت الدنيا في عين بلال أمات النبي عليه الصلاة والسلام؟ نعم، إلا أن دينه لم يمت ، أين الإمام؟ مات الإمام، وبقي المؤذن. وامتنع بلال عن الأذان، وذهب إلى بيته، وتبقى بقيةٌ أكملها في الخطبة الثانية إن شاء الله تعالى. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم. الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين. أما بعد: فلازال الحديث مع بلال ولازال الحب لبلال ولا زال الذكر لبلال. انتهى الفصل الأول، وقد أعفى خليفة المسلمين أبو بكر الصديق بلالاً من الأذان، تركه الصديق ليرتاح، لأن الإمام قد مات. وتمر الأيام، ويفتح الله على المسلمين الفتوح، ويذهب بلال يشارك بروحه وجسمه ونفسه في إعلاء كلمة لا إله إلا الله، يصل إلى الشام فاتحاً مقاتلاً، يجاهد المشركين، ويعلم الناس دينهم، وينتظر المنية حتى يلحق بحبيبه في الجنة. وهنا مواقف مؤثرة، سجلها التاريخ، ووقف أمامها، وأنصت لها. جاء عمر من المدينة بدابته ومعه مولاه، ليدخل بيت المقدس، يذهب إلى هناك بثوبه الممزق المرقع، ولكنه يحمل الدنيا في يديه. ويجتمع المؤمنون لهذا الفتح العظيم، الصحابة، وكبار الصحابة، وأهل العهد المكي، وأهل بدر، وأهل بيعة العقبة، أساتذة الدنيا كلّها، جاءوا لحضور هذا اليوم المشهود وتحين صلاة الظهر، فيتذكر عمر تلك الأيام الخوالي، التي عاشوها مع رسول الله، عليه الصلاة والسلام، فيقول عمر لبلال رضي الله عنهما: أسألك بالله يا بلال أن تؤذن لنا. فقال: اعفني يا أمير المؤمنين. قال: أسألك أن تذكرنا أيامنا الأولى. فقام بلال، يتحامل على جسمه، فقد أصبح شيخاً كبيراً، وارتفع صوته بالأذان، فإذا بصوت عمر يسابقه بالبكاء، ثم بكى كبار الصحابة، وبكى الجيش كله، وارتج المسجد الأقصى بالبكاء. إن بلالاً ذكرهم شيئاً، ذكرهم تاريخاً، ذكرهم معلماً وقائداً أحبهم وأحبوه، فلا إله إلا الله ما أعظم الذكريات، ولا إله إلا الله ما أجمل تلك الأيام عاشها أولئك المؤمنون، يتمتعون برؤية نبيهم عليه الصلاة والسلام، ويتلقون عنه الوحي من السماء. أيها المسلمون في قصة المؤذن الأول دروس: أولاً: إن أكرمكم عند الله أتقاكم[الحجرات:13]. فالقرشي الذي عارض الرسالة في النار، والحبشي الذي آمن بالرسالة في مقعد صدق عن مليك مقتدر. ثانياً: إن هذا الدين لا ينتصر بكثرة العدد، ولا يعتمد على أصحاب المناصب والهيئات والأموال، ولكنه يبقى مكانه، ويأتي إليه من يحبه، يقول أبو جهل: كيف يهتدي بلال وأنا سيد بني مخزوم، وهو عبد حبشي لو كان خيراً ما سبقونا إليه[الأحقاف:11]. والجواب: الله أعلم حيث يجعل رسالته[الأنعام:124]. أليس الله بأعلم بالشاكرين [الأنعام:53]. بلى. ثالثاً: تظهر من قصة بلال وغيرها من قصص الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، حنكة الرسول عليه الصلاة والسلام، ومعرفته بالفروق الذاتية لكل إنسان، واختلاف المواهب الشخصية والاستعدادات النفسية بين صحابي وآخر. فقد أعطى الأذان لبلال لأنه الأصلح لذلك، وأعطى الراية لخالد في المعركة لأنه سيف الله المسلول، والخلافة لأبي بكر، والقافية والأدب لحسان، ومدرسة الفرائض وتوزيع المواريث لزيد بن ثابت، والقضاء وهيئة الاستشارة لعلي بن أبي طالب: قد علم كلّ أناسٍ مشربهم[البقرة:60]. وهذا الأمر يفوت على كثير من المربين والدعاة والمعلمين. رابعاً: من أراد أن يهدي الناس، فليزرع في قلوبهم الحب أولاً، فإذا استطاع ذلك ملك زمام القلوب، فليفعل بها ما يشاء. وإن من يتصور أنه سوف يهدي الناس بالعصا، وسوف يسوقهم بالضرب والشتم، فقد أخطأ سواء السبيل، وقد أفلت الناس من يديه فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعفُ عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر[آل عمران:159]. عباد الله: صلوا على الإمام، وترحموا على المؤذن، اللهم صلّ وسلم على نبيك وحبيبك محمد، واعرض عليه صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة يا رب العالمين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك ومنك يا أرحم الراحمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين ،وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء ك أعداء الدين .واجعل هذا البلد أمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين اللهم أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا . اللهم انصر من نصر الدين ، واخذل من خذل عبادك المؤمنين . اللهم أنصر أخواننا المجاهدين في كل مكان اللهم انصرهم في فلسطين وكشمير والشيشان وأفغانستان اللهم عليك باليهود والنصارى ، اللهم عليك بهم فأنهم لا يعجزونك اللهم منزل الكتاب وجري السحاب هازم الأحزام أهزمهم اللهم إنا نسألك العفو والعافية في ديننا ، ودنيانا ، وأهلنا ومالنا . اللهم استر عوراتنا ، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا ، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين ، واحفظنا بالإسلام قاعدين ، واحفظنا بالإسلام راقدين ، ولا تطمع فينا عدواً ولا حاسدا ، واغفر الله لنا ولوالدينا برحمتك يا أرحم الراحمين ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النـار . عبــاد الله .. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعضكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون
|
|
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع
|
|
شكرا على هذا المرور
|
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
لا تنخدع بالناس | رشيد | منتدى الشـــعــــر | 3 | 23-07-2014 07:49 AM |
شاب راح يخطب بنت عمه ’’قصيده’’ | سلووم | منتدى الشـــعــــر | 12 | 14-05-2010 07:21 PM |
لمن اراد ان يخطب بالناس | abc1122 | المنتدى الإسلامـــي | 8 | 16-01-2009 07:25 PM |
ولد ما يعرف يخطب | الولهان | المنتدى الأدبــــــــــــي | 8 | 27-02-2007 07:41 AM |