|
خيارات الموضوع |
|
نحن قوم لاعلاقة لهم بمسألة التصويت فهو سلوك لم نعهده منذ الصغر، لذلك فإن الإنسان العربي لايهتم بنتائج الاستفتاءات واستطلاعات الرأي إلا إذا جاءت لصالحه، ولكن بعد أن ظهرت تقنية التصويت عبر الانترنت أو الجوال أصبح بإمكاننا تغيير النتائج لصالحنا وحشد الحشود وتجييش الجيوش وتكرار التصويت للحصول على النتيجة التي نتمناها دون أن نعتبر ذلك غشا صريحا، بل إننا نرى في سلوكنا هذا موقفا وطنيا أصيلا و(فزعة) محمودة، وبفضل هذه المشاعر الغريبة أصبح أبو تريكة أكثر اللاعبين شعبية في العالم متقدما على زميله العربي ياسر القحطاني، ولا عزاء لكل نجوم البرازيل والأرجنتين وألمانيا وايطاليا.
ولن تكون ثمة مفاجأة كبيرة لو انحصرت نتائج استفتاء عجائب الدنيا في مواقع داخل الوطن العربي مثل واحة الأحساء في المملكة أو مغارة جعيتا في لبنان أو موقع ثالث في الأردن أو غير ذلك من المعالم الشهيرة في مصر والجزائر والمغرب والبحرين، فما دامت المسألة بهذه السهولة فنحن لها!, خصوصاً أن (الخواجات) الذين ينظمون هذه الاستفتاءات لايعلمون بأن الواحد منا يصوت ألف مرة للحصول على النتيجة التي يتمناها، وإذا أردنا الصدق فإن هؤلاء (الخواجات) ليسوا جهلة ولكنهم لايتوقعون أن يقوم أحد بهذا السلوك الغريب لمجرد المفاخرة. لو كان مثل هذا المنطق موجودا في الصين لأصبح جميع لاعبي المنتخب الصيني الأكثر شعبية على مستوى العالم ولأضحت كل صخرة في الصين من عجائب الدنيا ولأمسى كل شاعر شعبي في الصين هو شاعر القرن أما الشخصيات الأكثر أهمية في التاريخ فهي لن تتعدى شوارع بكين وشنغهاي. أنا أتمنى صادقا أن تكون واحة الأحساء ومغارة جعيتا وغيرها من المعالم العربية ضمن عجائب الدنيا، ويسرني بالطبع وجود أبو تريكة وياسر القحطاني على رأس قائمة اللاعبين الأكثر شعبية في العالم، ولكن حين تكون هذه النتائج (حقيقية) وبناء على تصويت أشخاص من مختلف دول العالم، أما حين تدار اللعبة بهذا الأسلوب السطحي المكشوف فإن مثل هذا الانتصار العالمي يفقد قيمته حتى في ديارنا (فكلنا عيال قرية وكل يعرف أخيه). ومما يزيد من مرارة هذا المشهد أننا لا نمارس الغش على (الخواجات) فقط بل نغش أيضا على أنفسنا!، فلو تم إجراء استفتاء حول رأي المجتمع بقيادة المرأة للسيارة على سبيل المثال فإن المعارضين لهذا الأمر سوف يسهرون أمام شبكة الإنترنت وهم يصوتون في خانة (لا) لأنهم يعتقدون أنهم يقومون بواجب لا مجال للتقاعس فيه، أما المؤيدون لهذا الأمر فإنهم لن يتوقفوا عن التصويت في خانة (نعم) لأنهم يعتقدون بأن هذه هي الفرصة المثالية للتعبير عن رأيهم، ولذلك تنحصر نتائج التصويت بين الخانتين (نعم) و (لا) فلا تجد أية مساحة لخانة (لاأدري) وهكذا لايمكننا معرفة رأي المجتمع في هذا الموضوع فكل ما يمكننا معرفته هو الطرف المنتصر في معركة التصويت التي كانت في الأساس استطلاع رأي!. ما لايمكن أن نتعلمه هو أن الرأي الصحيح شيء والرأي السائد شيء آخر تماما، وأن الاستفتاءات ليست أسئلة علمية تبحث عن إجابة محددة بل هي وسيلة لقياس آراء الناس، وفي أغلب نتائج الاستفتاءات لاتأخذ الآراء المنطقية نصيبا كبيرا وهذا ليس عيبا بل هو أمر طبيعي جدا لأن الحكماء أقلية في كل زمان ومكان، والغوغاء هم الأغلبية الساحقة!. بقلم// خلف الحربي
|
|
نقل مميز والكاتب أجاد الخطاب في هذا الخصوص
أشكرك أضرغام وتقبل خالص الود
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
أتينا حتى نصبر أبنائهم ولكن لم نتمالكـ أنفسنا | الوآآفي | المنتدى العــــــــــــــــام | 0 | 12-03-2014 12:51 AM |
حروف ننثرها...لنعبر عن أنفسنا | أنفاس الفجر | منتدى الحوار الهادف | 4 | 26-12-2011 05:22 AM |
لماذا لا نضحك عندما ندغدغ أنفسنا؟؟؟!!!! | عطر الاوركيد | منتدى الصحه والتغذيه | 8 | 22-12-2008 06:16 PM |