|
خيارات الموضوع |
مـوتـ قـاعـــد .... بين الإخلاص والجزاء !!!
-------------------------------------------------------------------------------- بسم الله الرحمن الرحيم في البداية لا أشك أن موضوعي واضح من عنوانه ولكن قبل الدخول في طرح الموضوع بودي أن أسرد قصة لأحد أشهر المحاكمات عبر التاريخ وأظرفها في نفس الوقت وقد إنتصر فيها الذكاء والحيلة على القضاء يحكى أن محام فرنسي يدعى ( لويس برنار ) كان يترافع عن موكله الجنرال ( جان ترافو ) في سنة 1816 بتهمة الخيانة، وقد حكمت عليه المحكمة العسكرية بالإعدام، فقدم المحامي التماساً بتأجيل التنفيذ ريثما يتاح لملك فرنسا فرصة دراسة طلب الرأفة، وفي هذه الأثناء كان المحامي قد أرسل زوجة الجنرال بخطاب للملك بطلب العفو، وكانت المسافة بين مكان المحكمة وقصر فرساي تبعد في مسيرتها خمسة أيام في الذهاب والإياب، غير أن المحكمة رفضت التماسه، فلم ييأس المحامي فطلب السماح له إذن بأن يعرض حججه للمرة الأخيرة، على ألا يقاطعه أحد ولا يسكته أحد حتى ينتهي من كلامه، وحسب التقاليد في المحكمة وافق القضاة على طلبه، على أن ينفذ الحكم حالما ينتهي من كلامه. فأخذ يتكلم ويتكلم، وكلما انقضت ساعة أعقبتها أخرى، والقضاة والحضور والسعاة يتململون ويتثاءبون ويتعاقبون على دورات المياه، والمحامي الهمام لا زال يتكلم ويتكلم. بالطبع كان خلال هذه المدة يستطيع أن يقتطع من وقته دقائق ليأكل، ومثلها يذهب إلى دورة المياه، ثم يعود ليستأنف الكلام، غير انه لو غفت عينه ولو لدقائق ونام تكون ( راحت عليه ) وينفذ الحكم، لهذا استمر في كفاحه يتكلم ويتكلم، والقضاة يتعاقبون على النوم واحداً تلو الآخر. واستمر على ذلك المنوال المرهق ( 120 ساعة ) متواصلة إلى أن رجعت زوجة الجنرال ومعها العفو الملكي. غير أن القضاة صفوا حسابهم فيما بعد مع المحامي برنار، على أساس انه خدع المحكمة ومنعها من القيام بواجبها، فحكموا عليه بالسجن عدّة أيام، ويقال انه قضاها كلها نائماً بالسجن..!! في الوقت الذي خرج فيه الجنرال إلى حياة الحرية. والمفارقة السخيفة أن الجنرال ماطل المحامي فيما بعد ولم يسدد له كامل أتعابه التي وعده بها !!! بذمتكم يستاهل ولا لا ؟؟ هذه القصة تجرنا إلى التساؤل لماذا لايكون فعلياً الجزاء من جنس العمل ؟ ولماذا الإصرار على جزاء سنمار بحق من ضحى بوقته وبجهده ونفسه وشبابه وغاب عن أهله وإسرته في سبيل خدمة هذا الوطن ؟ يلحتق في العمل وهو في ريعان شبابه ثم تبدأ رحلة العذاب من السن التقريبي للعمل 23 سنة حتى تتم إحالته في سن 60 سنة متنقلاً من منطقة إلى أخرى مؤدياً كل مايوكل إلى من مهام على أكمل وجه بدعوى الإنتماء والإخلاص !! وفي أغلب الحالات سواءً أكانت الخدمة في القطاع المدني أو العسكري فإن مايتقاضاه من مرتب وحوافز وبدلات لاتساوي شيئاً مع مايقدمه من أعمال ولا تساوي شيئاً مما يحتاجه هذا الموظف لإعانته على حياته وتسيير أموره المعيشية خصوصاً إذا كان ذا أسرة كبيرة ثم يترك ليصارع ظروفه المعيشية وحيداً دون نجده أو معونة معتمداً على الله ثم على هذه الريالات التي ترمى إليه شهرياً وكما يقال بالبلدي ( على سن الجزمة ) !! وفي النهاية المحتومه ينخ ويتعب وتتقطع به السبل ويلجأ إلى متعهدي إفقار الشعب السعودي أو بالأحرى إعدام الطبقة الكادحه وهم مايسمون بالبنوك وهنا يتم التفنن في نهش جسد هذا الموظف المسكين الفقير إلى الله بحجة أنه في حاجة ماسة لهم مستغلين بذلك جهل عامة الشعب بما يتم التوقيع عليه من جزاءات وغرامات وفوائد لا عد ولا حصر لها !! متملصين من أي نوع من أنواع الرحمة والرأفة لايربطهم دين ولا يردعهم خوف من الله، مدعومين برجالات في الدولة وأمراء وأغنياء إستثمروا أموالهم في هذا الطريق متسابقين على من يفوز بأكبر عدد من الضحايا المساكين !! بعد هذه الرحلة المريرة تبدأ في حياته رحلةٌ أدهى وأمر من سابقتها فعند بلوغه السن القانوني للتقاعد يصدر في حقه قرار يحال بموجبه إلى التقاعد يسلب معه جميع الحوافز والبدلات التي يتقضاها سابقاً ويتم صرف مرتب شهري بمايعادل 75% من راتبه الأساسي !! وأول مايسلب منه ( خصوصاً للعسكريين الذين يسكنون بيوت حكومية ) هو بيته الذي عاش فيه مع أسرته فترةٌ من الزمن وبعد أن عانى الأمرين وإنتظر طويلاً للحصول على هذا المسكن !! يتم تجريده من أي وسيله للعيش بكرامه ويرمى مع عائلته في الشارع ويتركون إلى رحمة الله وتحت وطأة القدر !! لا مرتب مجزي ولا سكن كريم ولا رعاية معيشية ولا رعاية طبية ولا أي نوع من الرعاية ولاجهة يشتكي إليها أو يلجأ إليها أو تتبناه !! فكل الجهات تنفر منه وتنبذه ولا يوجد له حقوق ليطالب بها أو جهة متخصصة تشرف على رعاية المقاعدين وتقوم على حل مشاكلهم وتكون سند لهم في أي وقت !! بعد أن كبر سنه وضعفت قوته وزادت عائلته وكثرت إلتزاماته يرمى شر رميه في وجه الريح تعصف به كما تشاء، وهو الذي سخر نفسه طوال هذه السنوات لخدمة هذا البلد !! وفي الحالات التي تتم إحالتها بقرار طبي يكون هناك تحدي من قبل مشرع الأنظمة والقوانين مع قدر رب العالمين بإصابة هذا الشخص بالمرض ولسان حالهم يقول ( لماذا تمرض أو تصاب بعاهه وأنت لم تكمل السن القانوني للتقاعد ) والعياذ بالله ، فيصرف له جزء ضئيل من مرتبه الأساسي شهرياً دون أي إلتزامات أخرى أو نفقات حتى بما يخص علاجه !! من الأشياء المضحكة المبكية بأن جميع المتقاعدين من السلك الحكومي تتم إحالتة رواتبهم إلى بنك واحد فقط ألا وهو ( البنك العربي الوطني ) وغصبٍ عن خشم إللي خلفوك تتعامل مع هذا البنك بكل سيئاته وكأنه لايوجد هناك بنوك أخرى على الأقل لجعلهم يتنافسون في تقليل الفوائد على العميل في حالة رغبته بأخذ تمويل مالي أو ماشابه ذلك منهم !! والمحزن في ذلك بأنه يتم إحتساب مامقداره 7% سنوياً من الفوائد على المتقاعد و 4% على الشخص الذي على رأس عمله !!! يعني الشخص اللي في حاجة ماسة لتقليل الفوائد والأرباح نظراً لقلة دخله الشهري يتم التعامل معه بالعكس وبشرط أن لايتعدى سنه 64 سنة وكأنهم علموا الغيب وحكموا عليك بالموت بعد ذلك السن !! وفي معمعة هذه الأحداث الموجعة وهذا الشخص يرى هذا الدخل الهائل لدولته من النفط ومن القطاعات الأخرى ، دون أن تسعى لإعطاءه ولو جزء بسيط من حقوقه وليردون له شيء مما يستحقه جزاء لما قدمه خلال هذه السنين فهو لايتعدى كونه خادم وما يعطى إليه ليس إلا مجرد إكرامية أو هبه من سيـّده !! أستغفر الله العظيم حتى لو يعاملونهم كمعاملة الزوجات لكان مرضي لهم من ناحية الحقوق إن كانوا على الأقل سيطبقون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ) وكل هذا ولا نجد من يتكلم ولا ينطق بكلمة حق حتى أن أصحاب الحق بأنفسهم يعجزون عن الكلام ويخافون من عواقبه حتى أن أصحاب الدين والعلماء يحجمون عن الكلام وهم أولى الناس بقول الحق والمناصحة والحرص على حقوق الناس بل أننا نجدهم يشاركون في ذبح هذه الشريحة !! أشياء كثيره في الموضوع تحتاج لنقاش طويل وواقعي نبحث معها عن حلول منطقية وسريعة لحل مشكلة هذه الشريحة الواسعة من مجتمعنا السعودي وأثناء كتابتي لهذا الموضوع خطرت لي فكرة إنشاء نقابة للمتقاعدين تختص بجميع مايخصهم وترعى شؤونهم وتهتم لمصالهم وتحل مشاكلهم وتدافع عن حقوقهم حقيقة نحتاج في هذا البلد للكثير والكثير ومنها إنشاء نقابات لكل مجال تهتم به وترعاه أترك لكم المجال في طرح آرائكم ونقاشكم وآسف جداً للإطالة عليكم ويعلم الله أني لم أكتب إلا الجزء القليل مما يدور بداخلي حيال مثل هذه المواضيع خصوصاً أنني منقطع منذ فترة طويلة عن الكتابة وعن كتابة مثل هذه المواضيع وفي الختام أترككم مع قصيدة للشاعر المصري الكبير / بيرم التونسي وهي من أجمل قصائده خصوصاً في الجانب السياسي قد أوقع القلب فـى الأشجـان والكمـدهوى حبيب يسمـى المجلـس البلـدى ما شرد النـوم عـن جفنـى القريـحسوى طيف الخيال خيال المجلس البلدى إذا الرغيـف أتـى فالنصـف آكـلـهوالنصـف أتركـه للمجلـس البلـدى وإن جلسـت فجيبـى لسـت أتـركـهخوف اللصوص وخوف المجلس البلدى وما كسوت عيالـى فـى الشتـاء ولافى الصيف إلا كسوت المجلس البلـدى كــأن أمــى بــلَّ الله تربتـهـاأوصت فقالت أخوك المجلـس البلـدى أخشى الزواج فإن يوم الـزواج أتـىيبقى عروسى صديقى المجلس البلـدى وربمـا وهـب الرحمـن لـى ولــداًفى بطنهـا يدعيـه المجلـس البلـدى يـا بائـع الفجـل بالمليـم واحــدةكـم للعيـال وكـم للمجلـس البلـدى تقبلوا أعطر التحايا الموضوع الأصلي: مـوتـ قـاعـــد .... بين الإخلاص والجزاء !!! | | الكاتب: سيف الجزيرة | | المصدر: شبكة بني عبس
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
الخلاص أو الإخلاص /بقلمي | حمامة عربية | المنتدى الأدبــــــــــــي | 12 | 10-11-2014 11:26 PM |
سورة الإخلاص و المعوذتين..... | ذيب الهجاد | منتدى التصاميم والجرافكس | 9 | 29-12-2010 02:52 AM |
الإخلاص .. نماذج ومواقف من السلف | ابوخالد الجلادي | المنتدى الإسلامـــي | 3 | 05-02-2009 06:43 PM |
محاضره دينيه للرشيدي بعنوان (الإخلاص) | مبارك الشويلع | منتدى اخــبار القبيلــة | 7 | 05-11-2008 11:27 PM |
تفسير سورة الإخلاص و الفلق و الناس | خالدالرشيدي | المنتدى الإسلامـــي | 7 | 11-01-2007 03:20 AM |