[سلطان العايضي]

الصحفي الخفي

مظاريف وهمية لاصطياد الضحايا

هل بات النصب سهلا..
وباتت «اساليب» الاحتيال.. صعبة الفهم الى درجة «الابتلاع»
لو حدثني احدهم عن «تمرير» اسهل تلك الاساليب على الناس. ما صدقت.
ولو لم أعش التجربة.. ما صدقت.
بالله عليكم.. لو تقدم نحوك شخص يحمل مجموعة «أظرف» وقال لك:
هذه مسابقة للربح السريع ليس هدفي سوى أن «أكسبك» وأجعلك بين لحظة واخرى مليونيرا، أو نصف مليونير..
كل ما عليك فقط أن تختار أحد هذه الظروف فأحدها يحمل في داخله ورقة تحمل الرقم مليون بينما الظرف الآخر به رقم «النصف مليون» وهناك آخر به 250 الفا وظرف به مائة ريال وظرف لا شيء به نهائيا.


«انت وحظك» عليك الاختيار واسحب احدها.. ولكن..
«وآه من لكن هذه.. هنا «النصب الفاضح».
والذي يمكن أن يفطن له حتى الأعمى..
لكن يا سيدي عليك أن تدفع قبل عملية الاختيار مبلغا.. ريالا أو خمسة ريالات وأحيانا عشرة..
المبلغ الذي تجد رقمه داخل المظروف بعد ذلك يتم تحويله الى رقم حسابك البنكي لذلك لابد وان تزودني برقم حسابك الخاص.
والله يا جماعة لا يتبقى الا أن أطلب الرقم السري ايضا مع رقم الحساب وأظنني سأجد من يقول لي:
تفضل.. هذا رقم الحساب وهذا الرقم السري.. اعذروني تماما اكتب لكم هذه المرة «بحرقتي والمي وفاجعتي..» تخيلوا هناك من لم يرفض.. ولم يتردد عن دفع ما طلبته منه وبلا مواربة.
تخيلوا..!
ريال.. لا مشكلة انه ريال لا يقدم ولا يؤخر هكذا فكر البعض ولكنه تجاهل أن نصب ريال فوقه ريال آخر وآخر سوف يأتي بالملايين.
أنا لم أقل لكم خمسة أو عشرة أنا أقل لكم ريال يقدم لي هكذا وبدون «ذرة» تفكير او تأن..
هناك من رفض.. وهناك من لم يجرؤ على ذكر أن هذه العملية ليست الا احتيال.. لكن في المقابل وهذا الذي «يقتلني» هناك من وافق وبادر مبتسما.. فرحا بظرف رافضا فتحه فسوف يجد ورقة صفراء مكتوب فيها رقم وبالحبر..
ورقة لا تحمل اي بيانات عدا ذلك الرقم «مليون.. خمسمائة الف.. 100 ريال» والذي كتب على عجالة..
لا تواقيع ولا ما يؤكد أن ما تحمله هذه الورقة يعتبر صحيحا..
هذا خلافا عن أن هيئة شخصي لا يمكن أن «تزف مسابقة من ذلك الصنف الثقيل.. مليون.. وحسبي الله..»
ما رأيكم.. دعوني اجعلكم تحترقون معي مثلما احترقت ببعض هذه المواقف اذ ما اردتم..
بعدها وحتما سوف تدركون لماذا نجح بعض النصابين غير المحترفين في «لهف» فلوس الناس.. مع الأسف..
خمسة بدلا من ريال
قدمت له عرضي،
-جرب يا رجل يمكن أن تصبح مليونيرا.. أنا أحمل لك الخير مجرد محاولة مقابل «خمسة ريال». -رد:
لا يوجد معي خمسة. -قلت:
لا بأس. سوف نخفضها.. لريال واحد.
-لكن اقسم لك بالله لا يوجد معي ريالا واحدا اذا اردت ان تنتظرني ريثما احضر لك المبلغ من البيت فلا مانع. قلت:
-واين البيت؟
-قريب.. تعال معي..
عندما دخل البيت عاد بسرعة يحمل خمسة ريالات وليس ريالا واحدا.. لقد كان فرحا لدرجة كان يتوق فيها لسحب الظرف.. «تخيلوا»
وبالفعل سحب الظرف الذي مكتوب فيه «مئتان وخمسون الفا»..
ابتسامة عريضة «امطرت وجهه» فقلت:
هات رقم الحساب.. سيتم تحويل المبلغ.. لم يتردد والله «يا عباد الله» اخرج ورقة من محفظته الممتلئة بكل اوراق الدنيا ما عدا الاوراق النقدية واخذ يملي علي رقم حسابه رقما رقما.. ليس هذا بل واراد أن يعيده علي.. عندما قاطعته:
-بالله عليك انت كريم الى هذا الحد.. اطلب منك ريالا وتعطيني خمسة.. ألم تفكر أنني ربما انصب عليك بهذه الطريقة..
بهذه البساطة «يا عم» تعطيني ايضا رقم الحساب ما رأيك.. تتكرم ايضا وتعطيني الرقم السري..
-لم يرد.. كان في حالة تفكير الا انه قال:
-اذا هذه مزحة يعني ليست «بجد» قلت:
-يا ابن الحلال.. انتبه.. لا أحد يعطيك قرشا بهذه البساطة التي تتوقعها.. ورقم الحساب مما ينبغي الا يطلع عليه احد.. قاطعني:
-يعني لا توجد 250 الفا..
-ألم تفهم بعد.. يا رجل.. واضطررت للشرح مجددا له بتلك التفاصيل المملة.. ومع ذلك لم يقتنع فقد قال:
-احلف بالله.. انك لا تريد ان تلهف مني الـ 250الف ريال هذه.. قل والله انك لا تريد أن تنصب علي بعدما كسبتها..
- يا رجل.. اين هي.. بتصميم قال:
-المهم.. قل والله أنا أشعر أنني كسبت هذا المبلغ بصراحة.. يا جماعة غادر الرجل ولازال يظنني بذلك الوهم «سارق» لمبلغ لم يكن الا في رأسه قبلما يكن في تلك الورقة..
تفضل العشرة
في زقاق ضيق، كان يمشي.. لم يتردد حينما عرضت عليه الدخول في المسابقة والاختيار.
وكالسابق، اخرج المحفظة واخرج عشرة ريالات.. واختار الظرف الخالي من أي رقم..
قلت: هذا حظك.. خلاص انتهينا..
ابتسم وهم بالابتعاد.. دونما يقول كلمة واحدة
«استسلم بهذه البساطة ايضا».
لماذا لم تحاول الاعتراض، ولماذا لم تفكر حتى في استعادة العشرة ريالات.. ولماذا.. ولماذا؟
كل ذلك قلته له..
هذه عشرة ريالات.. تؤخد منك «بدم بارد»
رد:
-هذا نصيبي.. اصلا كنت أعلم انني لن أفوز هذا حظي دائما..
الرجل كان بسيطا جدا جدا لدرجة «العطف عليه» اعدت له «العشرة ريالات» مع الكثير من التنبيه والتحذير.. فهل عساه يعتبر..
حارس الملايين.. مفلس
حلف بالله مرات انه لا يملك «ريالا واحدا» يسمح له بأخذ ظرف واحد..
لدرجة انه سمح لي بالتنقيب في جيوبه الثلاثة..
-لقد قلت لك والله لا أملك هذا الريال لكن اذا كنت تنتظرني الى الغد ربما استطيع الحصول على «سلفة» من ابن اختي.
- يا رجل معقول «طويل وعريض انت» ولا تحمل ريالا واحدا في جيبك.
رد:
-هو فقط اليوم.. اغلب الوقت أنا بهذه الصورة رغم انني اعمل حارسا في بنك!!
الرجل المحترم والوقور الذي كان يقف امام محل لبيع الدجاج.. قدم لي ابتسامة جميلة، ورفض بأدب الاشتراك في هذا مبررا قوله:
-والله عمليات النصب كثيرة قاطعته:
-هل يعني هذا أنني «نصاب» رد:
-لا والله لم أقصد لكن كثرة اعمال النصب جعلت الواحد لا يثق بأحد.. قلت:
-الآن أكلمك عن ريال واحد وانت جعلتها قضية نصب.. رد باستحياء:
-لا.. لا تظن شيئا.. أنا سوف أعطيك الريال ولا أريد أن اختار أي ظرف قلت:
-لا أريد ريالا صدقة.. تختار والا لا داعي للريال.
-بصراحة ليتك تعفيني ثم ألست انت ذاك «.....» لقد تذكرتك الآن..!
قديمة يا عم!
كان بالفعل حذرا، ومرتابا، وظل يتفحصني بعمق ودقة عجيبة..
كان يضع يده على جيبه الايمن.. يحاول أن يبتعد كلما حاولت الاقتراب منه..
هددني في لحظة بالاتصال بالشرطة قائلا:
«اسمع.. أنا عارفك.. وأعلم انك كنت تراقبني منذ أن خرجت من البنك»..
أنا فاهم هذه الحيلة.. وقديمة يا عم.. اقسم لك بالله ان «الفلوس» تخص يتامى..قالها بما يشبه الرجاء.. وقد لان حديثه كثيرا بعدما شعر انه وحيد في ذلك «الزقاق» المسكين كما فهمت منه بعدما اوضحت له الموقف انه سحب مبلغ مائة وعشرين الف ريال من البنك وذاهب بها الى البيت.. وانه قد شك فيّ حينما وجدني اتحدث معه عن الفلوس، فظن الموضوع لا يتعدى مجرد محاولة لنهبه تلك النقود التي كان يحملها.. في الوقت الذي لم يكن واضحا انه كان يحمل تلك النقود.

الموضوع الأصلي: ادفع ريالا واكسب «مـليـــــــونــا» | | الكاتب: سلطان العايضي | | المصدر: شبكة بني عبس