|
خيارات الموضوع |
|
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن أتبع هداه ... وبعد لقد أنعم الله علينا بنعم كثيرة ، وما تقتضيه حكمته ورحمته بأنْ جعل الليل سكنًا ، والنهار معاشًا ، وقد خالف الكثير من الناس لهذه الفطرة ، حيث صاروا يسهرون الليل فيما لا تحمد عقباه غالبًا من الملاهي والملاعب ، ثم ينامون عن أداء صلاة الفجر في وقتها حتى يخرج وقتُها بطلوع الشمس ، وهذه خسارة عظمى ، ومصيبة كبرى ، تجب التوبة منها ، والرجوع عنها ، ثم قد ينامون غالب النهار ويكسلون عن الأعمال المنوطة بهم ، وقد يضر ذلك بصحتهم وبدينهم ، ودنياهم وآخرتهم . قال تعالى : {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}. وقال سبحانه : {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} . وقال جل شأنه : {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} . أما هديه صلى الله عليه وسلم ، من تدبَّر نومه ويقظته وجده أعدل نوم ، وأنفعَه للبدن والأعضاء والقوى ، فإنه كان ينام أول الليل ، ويستيقظ في أول النصف الثاني ، فيقوم ويستاك ، ويتوضأ ويصلي ما كَتَبَ الله له ، فيأخذ البدنُ والأعضاء والقوى حظَّها من النوم والراحة ، وحظها من الرياضة ، مع وفور الأجر ، وهذا غاية صلاح القلب والبدن ، والدنيا والآخرة . من أضرار السهر : 1- مخالفة السُّنة ؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النومَ قبل العشاء والحديثَ بعدها ؛ كما في الحديث الصحيح المتفق عليه . 2- أن السهر من أسباب النوم عن صلاة الفجر في وقتها مع الجماعة، التي تعدل قيامَ الليل كله مع صلاة العشاء مع الجماعة؛ كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم: «من صلَّى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى العشاء والفجر مع الجماعة، فكأنما قام الليل كله». وقيام الليل يطفئ الخطيئة كما يطفئ الماءُ النار 3- أن الله تعالى بحكمته ورحمته جعل الليل سكنًا ، يستريح فيه الإنسان من التعب في النهار ، والسهرُ في الليل مخالفٌ لهذه الحكمة . 4- أن السهر في الليل يؤدي إلى النوم في النهار ، فيعطل الإنسان مصالحه من صناعةٍ ، أو تجارة ، أو زراعة ، أو دراسة ، أو وظيفة ، وذلك مخالفٌ للفطرة التي فطر الله الناس عليها ، ومخالف للمصالح الخاصة والعامة . 5- أن السهر مرضٌ للقلب والجسم ، اللهم إلا من كان يسهر على صلاة التهجد والعبادة ، والذكر والدعاء وتلاوة القرآن ، يتقرَّب إلى الله بذلك ، ويبادر حياته القصيرة فيما يقربه إلى ربه ، ويكون سببًا في فوزه . وكل ما تقدم من أضرار السهر فيما إذا كان السهر على أمرٍ مباح، أما إذا كان السهر على محرَّم كالملاعب والملاهي والمسلسلات الهابطة ، فإن الأمر أشدُّ وأعظم ؛ لأن الإنسان مخلوق للعبادة ، وسوف يُسأل عن أوقاته ، ويحاسَب عليها ، ويجزى على ما عمل فيها من خيرٍ أو شر . من فوائد النوم وأسرارها : من تدبير الله للبشر أنْ جعل النوم سباتًا ، يدركهم فيقطعهم عن الإدراك والنشاط ، ويجعلهم في حالةٍ لا هي موت ، ولا هي حياة ، تتكفل بإراحة أجسادهم وأعصابهم ، وتعويضها عن الجهد الذي بذلتْه في حالة الصحو والإجهاد والانشغال بأمور الحياة ، وكلُّ هذا يتم بطريقة عجيبة لا يدرك الإنسان كنهها ، ولا نصيب لإرادته فيها ، ولا يمكن أن يعرف كيف تتم في كيانه ؛ فهو في حالة الصحو لا يعرف كيف يكون ، وهو في حالة النوم لا يدرك هذه الحالة ، ولا يقدر على ملاحظتها، وهي سر من أسرار تكوين الحي ، لا يعلمه إلا مَن خَلَقَ هذا الحيَّ، وأودعه ذلك السرَّ، وجعل حياته متوقفةً عليه، فما من حيٍّ يطيق أن يظل من غير نوم إلا فترة محدودة، فإذا أجبر إجبارًا بوسائلَ خارجةٍ عن ذاته كي يظل مستيقظًا، فإنه يَهلِكُ قطعًا . وتتلخص في فائدتيّن : إحداهما: سكون الجوارح وراحتها مما يعرض لها من التعب ، فيريح الحواسَّ من نصب اليقظة ، ويزيل الإعياءَ والكلال . والثانية: هضم الغذاء ، ونضج الأخلاط ؛ لأن الحرارة الغريزية في وقت النوم تغور إلى باطن البدن ، فتعِين على ذلك ؛ ولهذا يبرد ظاهره ، ويحتاج النائم إلى فضلِ دثارٍ . وفي النوم أسرارٌ غير تلبية حاجة الجسد والأعصاب ، إنه هدنة الروح من صراع الحياة العنيف ، هدنة تلم بالفرد فيلقي سلاحه وجُنَّتَه - طائعًا أو غير طائع - ويستسلم لفترة من السلام الآمن ، السلام الذي يحتاجه الفردُ حاجتَه إلى الطعام والشراب ، ويقع ما يشبه المعجزات في بعض الحالات ، حيث يلم النعاس بالأجفان ، والروحُ مثقل ، والأعصابُ مكدودة ، والنفسُ منزعجة ، والقلبُ مروع ، وكأنما هذا النعاس -وأحيانًا لا يزيد على لحظات- انقلابٌ تام في كيان هذا الفرد ، وتجديد كامل لا لقواه ؛ بل له هو ذاته ، وكأنما هو كائن حي يصحو من جديد، ولقد وقعت هذه المعجزة بشكل واضح للمسلمين المجهودين في غزوة بدر وفي غزوة أُحد، وامتنَّ الله عليهم بها . من آفات نوم النهار ، خصوصًا بعد الفجر وبعد العصر : ونوم النهار رديء ، يورث الأمراضَ الرطوبية والنوازل ، ويفسد اللون ، ويورث الطحال ، ويرخي العصب ، ويكسل، ويضعف الشهوة ، إلا في الصيف وقت الهاجرة ، وأردؤه نومُ أول النهار ، وأردأ منه النومُ آخره بعد العصر ، ورأى عبد الله بن عباس ابنًا له نائمًا نومة الصبحة، فقال له : "قم، أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق؟!" وقيل: نوم النهار ثلاثة : خُلق ، وحرق ، وحمق . فالخلق : نومة الهاجرة، وهي خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم . والحرق : نومة الضحى ، تشغل عن أمر الدنيا والآخرة . والحمق : نومة العصر ، قال بعض السلف: "من نام بعد العصر، فاختُلس عقلُه ، فلا يلومنَّ إلا نفسه " ، وقال الشاعر : أَلاَ إِنَّ نَوْمَاتِ الضُّحَى تُورِثُ الفَتَى ... خَبَـــالاً وَنَوْمَـــاتُ العُصَيْـــرِ جُنُـــونُ ويستثنى من هذا "القيلولة" وهي استراحة قصيرة وخفيفة في وسط النهار (بعد الظهيرة) ، وقد أثبتت الدراسات الحديثة فوائد كثيرة للقيلولة ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله (( قيلوا ، فإن الشيطان لا يقيل )) . ( في أن مدافعة النوم تورث الآفات ) وأن اليقظة أفضل من النوم لمن يقظته طاعة : لا ينبغي مدافعةُ النوم كثيرًا وإدمان السهر ؛ فإن مدافعة النوم وهجْره مورثٌ لآفاتٍ أُخَرَ من سوء المزاج ، ويبسه ، وانحرافِ النفس ، وجفافِ الرطوبات المعِينة على الفهم والعمل ، وتورث أمراضًا متلفة ، وما قام الوجود إلا بالعدل ، فمن اعتصم به ، فقد أخذ بحظِّه من مجامع الخير . قال بعض الحكماء: النعاس يُذهِب العقل ، والنوم يزيد فيه . واليقظة أفضل من النوم، لا مطلقًا ؛ بل لمن تكون يقظتُه طاعة . ختاماً : في النوم فوائد كثيرة ولكن ليس على إطلاقه فلا يذهب أحدنا فينام يوم وليلة ، يضيّع الصلوات الخمس ومصالحه ويبقى نائم كما يفعله الكثير في الإجازات ، ثم يقول تعويض لما فاتني في أيام الدوام ! . اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب هذا وصلى الله على خير خلق الله وعلى آله وصحبه وسلم الموضوع مختصر من بحث للشيخ /عبد الله جار الله ، بعنوان "تذكير البشر بفوائد النوم المبكر وأضرار السهر" (منقول)
|
|
|
|
يعطيك العافيه ع الطرح والفائده
|
|
جزاكـ الله خير ..
|
|
يعطيك العافيه ع الطرح والفائده
|
|
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
النوم المبكر | الرساله | منتدى الصحه والتغذيه | 2 | 16-02-2014 02:52 PM |
النوم القهري ( أو النوم الذي لا يقاوم | الرساله | منتدى الصحه والتغذيه | 4 | 05-05-2012 01:43 AM |
عيني الي مطاولها كثير السهر ..................كل ليلا يطاولها السهر لصباح | نوماس5 | منتدى الشـــعــــر | 2 | 23-09-2010 01:46 AM |
النوم المبكر وفوائده | فيصل الجولان | منتدى الصحه والتغذيه | 4 | 17-03-2009 08:05 PM |
فوائد النوم ليلا | منصور غنيمان | منتدى الصحه والتغذيه | 3 | 23-12-2008 02:31 PM |