|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
|
إذا كان التذوّق حقاًّ لكل إنسان ، فالنقد ذاته يفتح أفق المتذوق ، ويزيد من قدرته على التقييم والتقويم ،
ومن هنا يأتي دور الأديب إذا تمكن من الإلمام بتقاليد الفن الأدبي الذي يكتب به ، وبمصطلحاته وأشكاله ، وتفريعاته ، فإنه يُصبح الأقدر من أي ناقد على قراءة النصوص قراءة نقدية ، وهل أفضل من المبدع الذي يُمارس الإبداع وَلدَية مَلكة النقد؟. وقد تتعدّد اتجاهات النقد ، ومناهجه ومدارسه ، وحتى تختلف النظريات والتعاريف والمصطلحات ، وقد يتم تناول النصوص بأكثر من منهج نقدي أو اتجاه قديماً كان أو حديثاً ، وقد تختلف الأشكال الفنية للعمل الأدبي ، والتي يتم فيها صياغة المضامين وصهْرها ، وبلْورة العلاقات ، و قد .. ، و قد.. ، ولكن يظلُّ الأدب هو الوسيط بين العلم و الإنسان ، و أساس إسعاد البشرية. وإذا كان "منهج النقد الإبداعي" لا يُنكر المناهج القديمة بروعة التحليل ، والتركيز على دلالات المعاني وايحاءات اللفظ ، وعلاقات التشابك فى القصيدة باعتبار أن اللغة لها معان متعددة قد تصل إلى حد التناقص ، وأن الألفاظ لها تأثير فى النفس ، فإنه –أي النقد الإبداعي- لم يغفل أن تكون قراءة الأدب برؤية مستقبلية بصفته فن يتعامل مع جوهر الإنسان ، ويمنح أفكاره جسداً حياًّ متجدّداً يخرج بها عن نطاق العصر إلى الخلود الإنساني ، وقد تتغير القراءات -و هذا مطلوب جداًّ للنصوص الكبيرة- وربما تتغير الأحاسيس ، ولكن تظل القدرة على استيعاب وتفسير ما يدور دون تجاهل وجدان الإنسان وروحه من أهم القيم التي لا تنفصل عن الأشكال والمضامين حتى بعد توصيلها لجمهور القراء. وإذا كان الأدب يرتبط بالنقد والحياة ، فإن حياة الأدب العربي تكون أفضل كلّما ابتعد عنها أدعياء النقد ، ورجالات الدعاية الزائفة ، وأؤكّد أنه بالنقد الإبداعي تكتمل الرسالة الأدبية والفكرية للتواصل مع التيارات المختلفة من خلال خلفية خصبة ورمزية دقيقة تكمن في عمق المعاني والاتساق الفكري والجمال المتجدّد بإيقاعات اللغة وصوتياتها والحماس الإنساني للوحدة العضوية التي تتجاوز حدود الزمان والمكان. ومن ناحيةٍ أخرى لايُمكن فصل النص عن صاحبه ، وخصوصاً إذا تناولناه بمنهج لا يجهل دور الذائقة الأدبية ، ويعرض ما يكفي لإشباع هذه الذائقة من خلال عرض ما له صلة بالنص وصاحبه مثل ظروف الولادة والأبعاد والمرامي والأساليب ، و .. الى الآخر ، وعندئذٍ ستكون القراءة لهذا النص تحليلية تفسيرية علمية ، ومن هنا يمكن للقراءة النقدية أن تنطلق ، و تُبنى عليها كذلك عدة قراءات نقدية أُخرى ، ورغم تعدِّد الرؤى/القراءت ، فإنها ستلتقى جميعاً في نقطة التماس مع جوهر النص , وبعيداً عن التحدّب والتقعر. وللنقد الإبداعي أثره الذي لا نُنْكره في تفسير الحديث الشريف "إن من البيان لَسِحْرا" وبدخول النصوص الكبيرة في دائرة "النقد الإبداعي" تصل ردود الأفعال إلى توحيد مسارَها في اتجاهٍ يستنطقُ الصمتَ القابع الجاثم والمتمدّد في مساحة الفكر .. لترسم كلّ دوائر الصراع ، ومتاهاته ، وميكانيزماته في إطار دائرة وحيدة ، وبتشكيلة جديدة تمدُّ جسور الصلح في بحر متناقضات الحياة. وبقدْر مجموعة الجماليات في القصيدة العربية، و بكل العلاقات التشكيلية في النص يستطيع الناقد تمكين أكبر عدد من المثقفين من أن يحسنوا العلم بأصول الحضارة الإنسانية. وإذا كانت قراءة النص تبدأُ من العنوان ، فإن مدخل الناقد للنص برهانٌ على شمولية المعرفة والثقافة ، أو العكس ، وكذلك فإن زوايا رؤيته تؤكد إدراك البناء الحقيقي لتطور العملية الإبداعية من عدمه. وسوف يدفعنا الحديث عن الناقد إلى محاولة الوعي الفاعل من خلال دراسات تحليلية متأنية لجماليات النصوص ، ومِراس ، و دُربة على مناهج نقدية شتى .. مع الأخذ في الاعتبار أنّ الناقد ليس فردَ أمن سلطوي ، إنما يكون رأيه المتعمق في النصّ ناجماً عن مُحاولة الإضافة لجماليات النص ، وفتح بعض مغاليقه ، وكاشفاً لرموزه ، وبلورتها في ضوء تطور العصور والدراية بعالمية الأحداث ، وماهية الثوابت العقدية والتاريخية. وبعيداً عن الأهواء و التصيد يعمل الناقد على إظهار الأسباب التي أسّس عليها رأيه/قراءته النقدية فالناقد الأدبي يستطيع رسم الخط الفاصل بين موضوعية المضمون التقليدية والإضافة التي أضافها الأديب من خلال عمله الأدبي ، وتجديداته ، وما ابتكره الأديب أو تفرد به ، على أن يكون برهان الناقد هنا هو تحديد الشائع وملامح الاتصال/الانفصال مع الأصالة ، وذلك بتفسير الجانب الجمالي للأفكار/التراكيب/ الأساليب/الصو/الأشكال/العلاقات التشابكية والإشكاليات/الوحدة الناتجة عن التأثيرات المختلفة ، وبشرط تنحية كلّ آراء الناقد وأفكاره السابقة لقراءته نص من النصوص. وبالتالي فإن الناقد الأدبي الحقيقي يستطيع –بتلمذته على أيدي نقاد سابقين ، ومِراسة وحفظه لكثير من النصوص وقراءاتها المتنوعة ، ومرونته التي تجعله يتقبل الأنماط الجديدة عليه ، وقبوله النصح وانفتاحه على الثقافات العالمية وحوار الآخر- يستطيع التعرف على طاقات الأدوات الفنية ، واتجاهات تفوقها أو قصورها ، وتحديد ما إذا كان العمل الأدبي الذي يقرؤه مستوحياً من عمل آخر أم لا ، وله أن يُقارن مُقارنة تخصّصية تحليلية كذلك بين كاتبين/نصين أو أكثر بنفس اللغة أو بلغات مختلفة. ولا يقتصر دور الناقد على فهم أفكار ومضامين العمل الأدبي ، وقياس مدى حرفنة كاتب العمل في التزامه بمعايير الفن الكتابي الذي كتب من خلاله نصّه ، ونسبة الإخفاقات أو الشطحات ، وإنما لابدّ قبل كل ذلك من تذوق الناقد كمتلقي للعمل الأدبي كوحدة متكاملة ، وقدْرته على استيعاب أكبر مساحة مُمكنة من هذا العمل كقاسم مشترك بينه وبين مؤلف النص حتى يتسنى للناقد إعادة إرسالها لمخاطبة القارئ ، ومساعدة الأديب في وضع يده على ما يحتاجه جمهور الأدب الأصيل ، وأماَّ أدعياء النقد الذين لا يعرفون عن النقد سوى عدة مصطلحات ، ويستخدمونها في غير محلّها ، وقد لا يعرفون من أين تبدأ الجملة ، وكيف تنتهي ، فضلاً عن عدم تفريقهم بين ألف الوصل وهمزة القطع ، وإنما قاموا على الزيف كأي دخيلٍ ، فهم أخطر على الأدب من مُدّعي الأدب لأنهم يتيحون الفرصة لزيادة المدعين من الأدباء ، ومِن ثمّ التخبّط وعدم فرز الغثِّ من الثمين ، واختلاط الحابل بالنابل مِماَّ يجعل المبدع الحقيقي –في ظل مَنْ يسمّون أنفسهم نقاداً- يحس بالغربة والضياع ، إذنْ . فلقد أصبح على كلّ مبدع الإلمام قدْر المستطاع بمعايير النقد وتفريعاته باستمرارية القراءة وزيادة موسوعية المعرفة ، وشمولية الثقافة ، والاستعانة بالمراجع وأمهات الكتب ، ومواكبة مستجدات الأحداث والكتابات ، ولا يغفل أبداً أنه من المُمكن جداًّ أن يتحول المتذوق إلى ناقد بمعنى الكلمة ، كما يُمكن أن يكون للأديب علامة فارقة في عالم النقد الأدبي إذا تمكّن من مواجهة الأدعياء في زمن الأحاسيس القصديرية ، فهلْ من مُدّكر؟. الموضوع الأصلي: إذا كان التذوّق حقاًّ لكل إنسان ، فالنقد ذاته يفتح أفق | | الكاتب: بندرأبن طريف المظيبري | | المصدر: شبكة بني عبس
|
|
|
|
|
|
|
مشرفنا المتميز بندر كل الشكر لك ولقلمك الرااائع تقبل تحياتي وتقديري |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
أسعد إنسان | خالد بن الوليد | المنتدى الإسلامـــي | 5 | 29-12-2011 03:03 AM |
فراشة على شكل إنسان ق\ش | لسعهـ شقآوة | منتدى الصوروالفيديو والسفر والسياحه | 14 | 20-12-2011 10:56 AM |
بقايا إنسان ..!! | أنجيد | المنتدى الأدبــــــــــــي | 5 | 17-12-2011 12:20 AM |
هل المرأة إنسان؟؟؟؟؟؟؟ | ولد الجزيرة | منتدى الحوار الهادف | 6 | 13-10-2009 11:41 PM |
يا أجمل إنسان ....... | راحله | المنتدى العــــــــــــــــام | 13 | 02-02-2009 08:25 PM |