|
خيارات الموضوع |
|
فتحي مجدي
تساقطت كافة الذرائع والمبررات الواهية التي ساقتها الإدارة الأمريكية في سبيل "شرعنة" غزوها العراق قبل أكثر من أربع سنوات ـ بشهادة الأمريكيين أنفسهم ـ ولم يبق منها سوى الدوافع الخفية التي لم تجرؤ إلى الإعلان عنها؛ وهي: أنها كانت "حربًا بالوكالة" خاضتها بالإنابة عن حليفتها "إسرائيل" بغرض حمايتها وتفتيت قوة هذا البلد، الذي كان يمتلك فيما مضى أحد أقوى الجيوش العربية وأكثره امتلاكًا للعتاد والأسلحة. من هنا يمكن القول: إن احتلال العراق، كان مخططًا "إسرائيليًا" نُفّذ بأيد أمريكية؛ تلك النتيجة التي انتهت إليها آراء كثير من المراقبين والمحللين وحتى بعض القادة السياسيين والعسكريين الأمريكيين السابقين الذين أكدوا أن "إسرائيل" كانت هي المحرك الرئيس لغزو العراق، متوجة بذلك مساع بذلتها على مدار سنوات طويلة عبر حلفائها من "المحافظين الجدد" داخل الإدارة الأمريكية الذين لعبوا الدور الأبرز في رسم خطة الغزو وفي التمهيد لها عبر حملة تضليل إعلامية واسعة النطاق. السر الكبير لم تكن مجموعة "المحافظين الجدد" بقيادة "بول ولفوفيتز" نائب وزير الدفاع آنذاك، و"دوجلاس فيث" وكيل وزارة الدفاع السابق، و"ريتشارد بيرل" رئيس لجنة السياسات السابق بـ "البنتاجون"، سوى "مفجري بارود" استطاعت "إسرائيل" توظيفهم لصالحها في سبيل الوصول إلى مبتغاها، وتعزيز الأمن الذي كانت تستشعر به مع وجود نظام "صدام حسين" بانعدامه. وهو الأمر الذي سبق وأن اعترف به الجنرال الأمريكي المتقاعد "أنطونى زينى" صاحب خطة الحرب ضد العراق في حرب الخليج الثانية، عندما أكد أن "إسرائيل" وأنصارها داخل إدارة "بوش" مسئولون عن الإخفاقات الأمريكية بالعراق، وأنّ "السر الكبير الذي يرفض الجميع في واشنطن الحديث عنه هو أن المحافظين الجدد كانوا يفعلون ذلك لحساب إسرائيل". وترجع خطط "إسرائيل" للتخلص من "صدام حسين" ونظامه إلى بداية التسعينات، وتحديدًا عقب تعرضها لقصف بصواريخ "سكود" أثناء حرب الخليج الثانية (1991م)، حينما أقرت حكومة "إسحاق شامير" وقتها، خطة وضعها رئيس هيئة أركان الجيش آنذاك "إيهود باراك" لاغتيال الرئيس العراقي، لكنها ألغيت بعد قتل خمسة من الجنود بقذيفة مدفعية، أُطلقت عليهم عن طريق الخطأ أثناء التدريب على الخطة في صحراء النقب. وبعد 12 عامًا من خطتها تلك؛ عادت "إسرائيل" لتخرج خطتها من الأدراج وتقوم بالتنسيق مع مخططي الحرب الأمريكيين، عندما أوفد "آرييل شارون" رئيس الوزراء آنذاك، رئيس "الموساد" "إبراهام هليفي" إلى واشنطن حيث أمضى هناك الأشهر الثلاثة التي سبقت الحرب للتنسيق مع الأمريكيين في مخططاتهم تجاه العراق. ووجدت خطة محاولة اغتيال "صدام" سبيلها إلى الحياة مجددًا، بعدما أقنعت "إسرائيل" قادة وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية بجدواها، إلا أن القوات الأمريكية لم تفلح في محاولتها لقتل الرئيس العراقي، رغم ضراوة القصف الذي استهدف قصوره الرئاسية بحي "المنصور" قبيل سقوط بغداد في التاسع من أبريل 2003م. مسرح للموساد كان سقوط بغداد هو الخطوة الأولى في إطار مخطط "إسرائيل" الذي ضمنت من خلاله موطأ قدم لكي تعيث في أرض العراق فسادًا كما خططت لذلك، مستغلة حالة الفوضى التي نشأت وقتئذ، وانعدام الرقابة على حدود العراق مع البلدان المجاورة لتسريب أعداد كبيرة من "الإسرائيليين" إلى داخل أراضيه تحت ستار رجال أعمال يديرون ويعملون في شركات لإعمار العراق. وقد تردد آنذاك أن "إسرائيل" استخدمت بناية كبيرة تقع بالقرب من القصر الجمهوري ببغداد كمقر لها، بلغ عدد العاملين فيها ما يربو على 750 شخصًا يقومون بمهام متنوعة بالعاصمة العراقية ويتوزعون على وسائل الإعلام والمستشارين، وضباط "الموساد" وضباط ما يسمى بمكافحة "الإرهاب". كما تحوّل إقليم كردستان إلى مسرح لتحركات وأنشطة عملاء "الموساد"، حيث قاموا بعمليات تسلل من هناك إلى داخل العراق وسوريا وإيران، ودربوا فرق "كوماندوز" كردية على أعمال قتالية ـ وفق ما كشف الصحافي الأمريكي "سيمور هيرش" ـ وذلك في إطار سعي "إسرائيل" لهز أساس التوازنات القائمة بالمنطقة وتأمين المجال الأمني لكيانها، حيث كانت على هذا الأساس تتحرك منذ التسعينات لإقامة تحالف ثلاثي مع تركيا والولايات المتحدة، يدعمه تشكيل حكومة عراقية موالية بعد شن الحرب وإسقاط نظام "صدام حسين". وامتد نشاط "الموساد" ليشمل البحث عن كل ما له صلة بتاريخ اليهود في الآثار العراقية من خلال أعمال تنقيب في موقع بابل الأثري بمدينة الحلة ـ تحت إشراف أربعة حاخامات يهود ـ للكشف عن آثار يهودية تعود لأيام مملكة بابل بحماية من القوات البولندية التي كانت تسيطر على المنطقة، حيث فرضت طوقًا أمنيًا مشددًا، ولم تسمح لأحد بالدخول إلى المنطقة الأثرية سوى للعمال. كما قامت مجموعة متخصصة من "الموساد" بالاستيلاء على المكتبة اليهودية القديمة في جهاز المخابرات العراقي؛ وهذه المكتبة كانت تضم كتب التوراة والتلمود والقبالة والزوهار المكتوبة على لفائف البردي وجلد الغزال، والتي يعود تاريخها إلى أكثر من 2500 سنة. كما قدمت "إسرائيل" خبراتها الإجرامية في قمع الناشطين الفلسطينيين إلى الجيش الأمريكي لتطبيقها ضد المقاومة العراقية، وشاركت عناصر من "الموساد" في عمليات تعذيب المعتقلين العراقيين في سجن "أبو غريب"، وهو ما تكشفه صورة تداولتها نشرات أمريكية لأحد حراس السجن وقد وشم العلم "الإسرائيلي" على ذراعه؛ ما يوحي بأنه مزدوج الجنسية، أي أمريكي و"إسرائيلي" في الوقت ذاته. لم يقتصر الأمر عند هذا الحد؛ فقد كشف الكاتب الصحافي البريطاني البارز "روبرت فيسك" أنّ رئيس الشركة التي تعاقدت معها وزارة الدفاع الأمريكية "للتحقيق مع المعتقلين العراقيين في سجن "أبو غريب" سيء السمعة، تلقى دروسًا في فنون التحقيق والتعذيب بالسجون "الإسرائيلية"، وحصل على شهادة تقدير في فنون التحقيق والتعذيب من وزير الدفاع "الإسرائيلي" شاؤول موفاز. وأكد "فيسك" في هذا الإطار، نقلاً عن مصادر موثوقة، أنّ التعاقد مع تلك الشركة تم بطلب من جماعات الضغط اليهودية في واشنطن بمن فيهم بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي وتجار الأسلحة بهدف تعزيز فرص شراكة إستراتيجية ومشاريع مشتركة بين وكالات الاستخبارات الأمريكية و"الإسرائيلية". نفط العراق من المعروف أنّ للنفط أهميةً خاصةً لدى الولايات المتحدة، وهو الأمر نفسه بالنسبة لحليفتها "إسرائيل" التي تسعى دائمًا إلى تأمين احتياجاتها البترولية عبر استيرادها من الخارج بأرخص الأسعار، وتعتمد على روسيا في تأمين 80 % من احتياجاتها إلى جانب جزء ضئيل تحصل عليه من مصر بموجب اتفاقية "كامب ديفيد". وحاولت "إسرائيل" الاستفادة من سيطرة الاحتلال الأمريكي على نفط العراق، وسعت إلى إحياء الخط النفطي العراقي الموصل ـ حيفا، البالغ طوله 600 كيلومتر، والذي كان تم إنشاؤه على يد شركة نفط العراق "ipc" التابعة للانتداب البريطاني سنة 1934، وافتتح في العام التالي ليمتد من الموصل إلى كل من حيفا وطرابلس لبنان على شواطئ البحر المتوسط مرورًا بالأردن، حيث يتم تكريره في مصفاة بحيفا لصالح الشركة المذكورة. لكن هذا الخط توقف عقب حرب عام 1948، حيث جرى منذ ذلك الحين ضخ النفط العراقي إلى البحر الأبيض عن طريق سوريا، وجرت منذ ذلك الوقت محاولات عدة لاستئناف عمله، كانت آخرها في فترة الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988)، عقب إغلاق الخليج العربي في وجه حاويات نقل النفط العراقية، واستجابة سوريا لطلب إيران بإقفال الأنبوب البري الذي ينقل فيه النفط العراقي عبر أراضيها إلى أوروبا. وقد سعت "إسرائيل" بعد غزو العراق لاستغلال العلاقات السيئة بين الولايات المتحدة وسوريا لاحتلال مكانتها كمخرج بحري للعراق الذي يفتقد لسواحل على البحر الأبيض المتوسط تطل على أوروبا، وتصدير نفطه عبر خط الموصل - حيفا. لكن تركيا الجارة الشمالية للعراق، حذّرت "إسرائيل" من إقدامها على خطوات لتنفيذ اقتراح بتشغيل هذا الخط، وقالت إنه سيكون بمثابة ضربة قوية للعلاقات معها؛ نظرًا لأن هذا الطرح "الإسرائيلي" من شأنه أن يكون بديلاً لخط أنابيب بين العراق وميناء جيهان التركي الذي يتعرض من وقت لآخر لهجمات المقاومة العراقية.
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
ارجو من الاداره والعمده ترجيع لقبي على شاعر العراق الكبير | البرمكي | منتدى المحــــــــــــــاوره | 34 | 26-03-2012 08:23 PM |
البرمكي شاعر العراق الكبير هجاء كم ياشواعير | البرمكي | منتدى المحــــــــــــــاوره | 101 | 16-10-2010 01:49 PM |
تعال ياشاعر العراق الكبير | ابو صووط | منتدى المحــــــــــــــاوره | 5 | 24-09-2010 02:40 PM |
مبروك فوزك ياشاعر العراق الكبير | أبــو نــاصــر | منتدى المحــــــــــــــاوره | 4 | 04-05-2010 09:25 PM |
هب يا الشر ...هب يا الشر ....بس تستاهلون !!!! | ادري طيبتي غلطه | منتدى التصاميم والجرافكس | 24 | 05-07-2009 09:12 PM |