![]() |
|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
|
عمرو بن معد كرب الزبيدي المذحجي ، صاحب الصمصامة والشهامة والزعامة ، فارس وشاعر وشهيد بإذن الله ، هو من سادات اليمن ومن أصحاب المروءات العربية العظيمة وفد على عمر بن الخطاب فأحبه وقربه ، وشارك في الفتوحات الإسلامية مع الصحابة رضوان الله عليهم ، وهو متقدم في السن فأبلى بلاءً حسناً إلى أن استشهد في فتح نهاوند .
له قطعة فريدة رائعة تُعد مثالاً لشهامة وشجاعة ونخوة الرجل العربي ، حفظتها لنا ذاكرة التاريخ عبر الأزمنة المتطاولة ، وأبت ألا تسقطها مع ما أسقطته السنون ، قصيدة جميلة جزلة حفظتها وأحببتها ورددتها مراراً ولم أمللها قط ، هي على بحر مجزوء الكامل وما أدراك ما يفعل بي مجزوء الكامل ؟ بحرٌ يمتاز بجرسه الشيَّق الرشيق الذي يتساقط في السمع كحبات المطر العارض ، قد طرقه جل الشعراء وأذكر منهم على سبيل المثال مما يحضرني الآن بشار بن برد في قوله : وخُذي ملابس زينةٍ .. ومُصبغاتٍ فهو أفخرْ وإذا دخلتِ تقنعي .. بالحُمرِ إنَّ الحُسنَ أَحمَرْ وكذلك الكميت الأسدي في قصيدته عندما دخل بصحبة مسلمة بن عبد الملك على الخليفة هشام بن عبدالملك بعدما فرَّ منه مدة طويلة : قف بالديار وقوف زائرْ .. وتأنَّ إنك غير صاغرْ ماذا عليك من الوقوف .. بهامد الطلليْن دائـــــرْ درجت عليها الغاديات .. الرائحات من الأعاصرْ وهنا يتناول عمرو بن معد كرب هذا البحر فيعطيه فخامة وحلاوة وبُعداً جمالياً آخراً ، ولي مع هذه القصيدة وقفات أذكر بعضاً منها . لَيْسَ الجَمالُ بِمِئْزَرٍ، ... فاعْلَمْ، وإِنْ رُدِّيتَ بُرْدَا إِنَّ الجَمالَ مَعادِنٌ ... ومَناقِبٌ أَوْرَثْنَ مَجْدَا "هذا بإختصار تعريف الجمال في نظر هذا الهزبر الكبير فليس الجمال مناصباً ولا مراتباً ، بل مناقباً أورثن مجدا " أَعْدَدْتُ لِلحَدَثَانِ سا ... بِغَةً وعَدَّاءً عَلَنْدْى نَهْداً، وذا شُطَبٍ يَقُـ .. دُّ البَيْضَ والأَبْدَان قَدَّا " فقط هما السيف والجواد ما أعده للأيام المعتمة المخوفة " وَعِلْمِتُ أَنِّي يومَ ذا ... كَ مُنازِلٌ كَعْباً ونَهْدَا قَوْمٌ إِذا لَبِسُوا الحَدِيـ ... دَ تَنَمَّرُوا حَلَقاً وقِدَّا "البطل لايُنازل إلا من هو كفواً له ، فلا يحفل بالنصر على الضعيف لأنها في وجهة نظره هزيمة كذلك البطل لا يبخس حق خصمه أبداً بل يمدح ما به من الصفات الحسنة" كُلُّ امْرِىءٍ يَجْرِي إلى ... يَوْمِ الهِياجِ بِما اسْتَعَدَّا لَمَّا رَأَيْتُ نِساءَنا ... يَفْحَصْنَ بالمَعْزاءِ شَدَّا وبَدَتْ لَمِيسُ كأَنَّها ... قَمَرُ السَّماءِ إِذا تَبَدّى وبَدَتْ مَحاسِنُها التي ... تَخْفَى، وكانَ الأَمْرُ جِدّا "هنا تتجسد نخوة وغيرة هذا الشجاع الشريف ، عندما رأى نساء قومه يركضن وآثار أقدامهنّ على الأرض هرباً من غارة الأعداء فرأى خلال ذلك منظراً لم يسبق له أن رآه من ربَّة الخدر والدلال ، الكريمة المصونة لميس والتي هي فتاة من فتيات قومه الجميلات ، فرأى محاسن وجهها بادية غير مقنعة على غير ما اعتاده ، عند ذلك طلب رأس القوم للنزال ولم يجد من ذلك بدا ! " نازَلْتُ كَبْشَهُمُ ولَمْ ... أَرَ مِن نِزالِ الكَبْشِ بُدّا هُمْ يَنْذِرُونَ دَمِي، وأَنْـ ... ذِرُ إِنْ لَقِيتُ بأَنْ أَشُدّا "لن يُرهبني تهديدكم بسفك دمي ، فإنّ لي أجلاً إن أتى فأكرمه القتل ، فلست ممن يموت كمن مات حتف أنفه ، بل لا يسيل دمي إلا على حد السيوف في ساحات المعارك " كَمْ مِن أَخٍ لِيَ صالِحٍ ... بَوَّأْتُهُ بِيَدَيَّ لَحْدا ما إِنْ جَزِعْتُ ولا هَلِعْـ ... تُ ولا يَرُدُّ بُكايَ زَنْدا أَلْبَسْتُهُ أَثْوابَهُ ... وخُلِقْتُ، يومَ خُلِقْتُ، جَلْدا " وداع الأحرار أحر في القلب من لظى النار ، ولكنها الدنيا ونهايتها الحتمية التي لا تقبل الإستثناء ، لهذا لن أقف عند فقدان حبيب أو قريب بل أمضي في شأني الذي جُبلت عليه من قوة الصبر واليقين " أُغْنِي غَناء الذَّاهِبيـ ... نَ، أُعَدُّ لِلأَعْداءِ عَدّا ذَهَبَ الذينَ أُحِبُّهُمْ ... وبَقِيتُ مَثْلَ السَّيْفِ فَرْدا " حزينة هي نهاية القصيدة ، قصيدة نقلت لنا ما كان عليه أجدادنا الأبطال من حميد الخصال وكريم الخِلال ، نعم هكذا انتهت القصيدة بغصة أجدها في حلقي وربما تجدها أنت ( ذهب الذين أُحبهم .. وبقيتُ مثل السيف فردا ) !! إنتهت بعد أن أخذنا ذلك الفارس الاسطوري برحلة تصف لنا أجواء الإغارة والثبات والفروسية والشهامة ، فرحم الله أبا ثور وسقى جدثاً ضمَّ جسداً طاهراً يرقد اليوم في قرية روذة من قرى نهاوند ، فليت روذة قد علمت كم من بقعة غيرها اشتهت أنها قبراً لذلك الفارس صاحب الصمصامة ، وهو اسم لسيفه الذي شاع ذكره في الجاهلية والإسلام حتى طلب رؤيته الفاروق عمر ، ولم يسقط من يد فارسنا إلا بعد أنَّ تردى ثياب الشهداء الأخيار ، في تلك البلاد البعيدة بمنأى عن الأهل والدار ! كتبه / طلال
|
|
طلال المنآور , عمرو بن معد
ماذا حل بنا بعدما اجتمعا ؟ قراءة رائعه ومجهر رائع أستاذ : طلال المناور ويستحق هذا العلم الشعري أن يقف الأنسان ليستدرك ما بنبضه من حكايا ونور
|
|
|
أ/ طلالَ المناورَ
ابدعتَ في الكتابهَ والتنقيه عن عمرو بن معد كرب الزبيدي شكرا لكَ
|
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
كفاك فرحا بلذة عقابها جهنم والعياذ بالله منها | الرساله | المنتدى العــــــــــــــــام | 5 | 23-05-2010 01:36 AM |
تعديل مواعيد إجازة الوكلاء ووكيلات المدارس وبقية الهيئة الإدارية | ولدعبس | المنتدى الإعلامــــي | 3 | 18-06-2009 01:34 PM |
رحلت هي.. وبقيت أنا....... | غزلآن | المنتدى الأدبــــــــــــي | 3 | 11-08-2008 12:15 PM |
رحل الــورد وبقيت وحدي | الراسى | المنتدى الأدبــــــــــــي | 18 | 01-03-2008 08:15 PM |