![]() |
|
خيارات الموضوع |
|
![]() ![]() الخطبة الأولى ( الإجازة الصيفية ) جامع المغيرة بن شعبة 23 / 6 / 1429هـ أمّا بعد: فيَا أيّها الناسُ، اتّقوا الله، فمن اتَّقاه وَقاه وأسعَدَه ولا أشقَاه. أخِي المسلم، وقتُك هو مزرعَتُك التي تَجني منها الثمارَ، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، قال تعالى :(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ النبي قال: ((نعمتان مغبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)). قال ابن القيم رحمه الله: "العبد من حين استقرت قدمه في هذه الدار فهو مسافر فيها إلى ربه، ومدة سفره هي عمره الذي كتب له، فالعمر هو مدة سفر الإنسان في هذه الدار إلى ربه، ثم قد جعلت الأيام والليالي مراحل لسفره، فكل يوم وليلة مرحلة من المراحل، فلا يزال يطويها مرحلة بعد مرحلة حتى ينتهي السفر، فالكيّس الفطِن هو الذي يجعل كل مرحلة نصب عينيه، فيهتم بقطعها سالمًا غانما". قال تعالى :(وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) أيها المسلمون، حياتُكم عزيزةٌ وأعمارُكم غاليَة ثمينَة، فَالحَذرَ الحذرَ مِن تَضييعِها سُدًى أو تَفوِيتِها في غيرِ هُدى. صَحَّ عن رسولِنا أنه قَالَ: ((لاَ تزول قدَمَا عَبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسأَل عن أربَع: عن عمرِه فيم أَفناه؟ وعن جِسمِه فيم أَبلاه؟ وعن مالِه مِن أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفَقه؟ وعن عِلمه ماذا عمِل به؟)). يقول الحسنُ البصريّ رحمه الله: "لقد أَدركتُ أقوامًا كانوا أشدَّ حِرصًا على أَوقاتهم من حِرصِكم على دَراهمكم ودنانيركم". عباد الله: ونحنُ على مَشارفِ إجازةٍ دِراسيّة فإنّه يحسُنُ أن نُذكِّر أنفسَنا بنعمةِ الله ومنَّته علينا وأبناؤُنا وبَناتُنا يعيشون فرحةَ النَّجاح بحَمدِ الله وفضلِه، فلنَكُن حاملين لرسَالتِنا الخالِدَة بتحقِيقِ العبوديّة لله عزّ شأنه، وتطويع النفوس والرَّغبات والشَّهوات للرّزّاق سبحانه، وغَرس القِيَم العالِيَة والأخلاقِ الطَّاهرة في نفوسِنا وواقعِ حَياتنا، ولْنحذَر من حياةِ اللّهو الباطل ومِن حياةِ الذين هم في الرَّذائل غارِقون وللفضائل تاركون. أيُّها الشبابُ، أَنتم عُنصرُ الأمّة ودليل حيَويَّتها وسبيل نهضَتِها، فمِن الخذلانِ أن تُستَغَلَّ هذه الإجازة في تضييع الأوقاتِ سُدى وإهدارِ اللَّيالي والأيّام في الأمور التّافِهَة والأفعالِ السَّاقطة، فسيِّدُنا ونبيُّنا محَمّد يقول: ((نِعمَتانِ مَغبونٌ فيهما كَثيرٌ من النَّاس: الصّحّةُ والفَراغ)) رواه البخاري، وابن مَسعود رضي الله عنه يقول: (مَا نَدِمتُ على شيءٍ نَدَمي على يومٍ غَربَت شمسُه نَقَص فيه أجلي ولم يزدَد فيه عملي). المسلمُ يغتَنِم وَقتَه في الخَيراتِ ويَعمُرُه بالقُرُبات، فَرَسولنا يَقول: ((اغتَنِم خمسًا قبلَ خمسٍ: حَيَاتَك قبل موتِك، وصحَّتك قبل سقَمِك، وفراغَك قبلَ شُغلِك، وشَبابَك قبل هَرمِك، وغِناك قبلَ فَقرِك)) صحَّحه الحاكم ووافقَه الذهبيّ. ونقول للطلاب هنا في الإجازةِ فرصةٌ عظيمة لتَحقيقِ الأهداف النبِيلة والغاياتِ الطيِّبة دُنيا وأخرى، فاللهَ الله في القرناءِ الصالحين الذين إذا رَأوكَ في قبيحٍ صَدّوك، وإن أبصَروك على جميلٍ أيّدوك وأمدّوك، وليحذرِ الآباءُ والأمّهات أن يجِدوا من هذه الإجازةِ فرصَةً لفتحِ الباب على مِصرَاعَيه لأبنائِهم في تَركِ الواجِبَات وفِعل المحرَّمات، وليَحذَر كلُّ مَن استَرعاه الله جلّ وعلا مِن إعانةِ مَن تحتَ رِعَايَتِه في تمهيدِ أسبابِ الانغماس في أوحالِ الضَّلالةِ والأخلاقِ المنحطَّة والسّلوكيّات المعَوِجَة والتردّي في أوكارِ السّفالة والوقوعِ في مكامِن الإثمِ والبَوار ومَواقِع الفِسق والخَسَار؛ لما ثَبَت في الوَاقعِ خَطرُها وثبَتَ لدَى كلّ غيورٍ شرُّها وضرَرُها بما يدعُو للرّذائل ويُزيِّن الجرائِمَ، فربُّنا جلّ وعلا يخاطِبنا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم: 6]، قال أهل التفسير: "أي : علِّموهم ورَبّوهم وأدّبوهم بما يكون وقايةً لهم من عذابِ الله"، ورسولُنا يقول: ((كلُّكم راعٍ، وكلّكم مسؤول عن رعيّته)) رواه البخاري. أيُّها الآباء، احذَروا من الخيانةِ في الأمانةِ بالانسياقِ وراءَ طلباتِ الأبناء دونَ سُؤالٍ عن حلالٍ أو حرام ودونَ رقيب أو حَسيب، وانهَجوا نهجَ نبيِّكم محمّد حينما رسَمَ مَنهجًا واضحًا في عنايتِه بِشبابِ الأمّة حينَما قال لابنِ عمِّه الغُلامِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما: ((يَا غُلام، إني أعلِّمك كلمات: احفَظِ الله يحفَظْك، احفَظِ الله تجدْه تجاهَك)). وما أجملَ منهجَ السّلَفِ إذ يقول إبراهيم بن أدهَم رحمه الله: قال لي أبي: يا بنيَّ، اطلب الحديث، فكلما سمعتَ حديثا وحفظتَه فلك دِرهم، قال: فطلبتُ الحديث على هذا. إخوةَ الإيمان، ولا بأسَ في ديننا من راحةٍ للبدن واستجمامٍ للنفوس في أمورٍ مباحة وسياحَةٍ بريئَة، تدفَع الكلَلَ والملل وتزيل الهمَّ وينفَرِج معها الغمُّ، ولكن حسبَ مَنهجٍ عدلٍ ومسلك وسَط ولعلنا نشير هنا إلى بعض الضوابط الشرعية التي يجب أن يراعيها المسلم حتى لا يكون متشبّهًا بأعداء الإسلام من اليهود والنصارى، فيسير في ركابهم وفي فلكهم: فمن ذلك اختيار جماعة الترويح إذا أراد الإنسان أن يروّح عن نفسه، فلا بد أن يختار من يعينونه على الطاعة، فالمرء على دين جليسه، و((مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير)) رواه البيهقي وصححه الألباني في الصحيحة. ومن ذلك ـ يا عباد الله ـ أن لا يكون هناك اختلاط بين الرجال والنساء في أثناء الترويح، فإن الاختلاط من أكبر الآفات، سيما في الترويح؛ لأن فيه هزلا وضحكا وإسقاطا للتكلف، وقد قال النبي: ((ما تركت بعدي فتنة أشدّ على الرجال من النساء)) رواه أحمد والترمذي والنسائي وصححه الألباني. ومن ذلك ـ يا عباد الله ـ مراعاة مكان الترويح، إذا أراد الإنسان أن يروح عن نفسه فلا يعتدي على الناس في الطرقات والأماكن العامة، فقد قال النبي : ((من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم)) رواه الطبراني وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير ومن ذلك عدم التبعية والتقليد لأعداء الإسلام في صوَر ترويحهم المستورَد من العري والتبرج وأفلام العبث والفوضوية، الذي ينبغي أن يترفّع عنها المسلمون الذين رضوا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيًا ورسولاً ومن الضوابط الشرعية ـ يا عباد الله ـ مراعاة اللباس عند الترويح، مراعاة الزي الذي يلبس عند الترويح، فينبغي أن يكون ساترًا، لا ينبغي أن يكون المؤمن عند الترويح متعريًا متشبها بأعداء الإسلام، ومن ذلك سلوك الترويح من المحافظة على ذكر الله، المحافظة على الصلاة، المحافظة على غض البصر، عدم الاعتداء على الآخرين، فمن ذلك ـ يا عباد الله ـ أن يبتعد عن كل ما ورد النصّ بتحريمه من أنواع الملاهي المحرمة كالقمار والميسر الذي قرِن بالخمر، ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) فاحفظوا لحظاتِ العمر، واستغلّوا الوقتَ بما ينفَع في العاجِل والآجل، فالنّفسُ ـ كما قال الشّافعيّ رحمه الله ـ إن لم تَشغَلها بالحقِّ أشغَلَتك بالبَاطِل. أقول هذا القولَ، وأستغفِر الله لي ولَكم ولِسائرِ المسلِمين مِن كلّ ذنبٍ، فاستَغفِروه إنّه هوَ الغفور الرّحيم. الخطبة الثانية الحمدُ لله ربِّ العالمين، وأشهد أن لاَ إلهَ إلا الله وَحدَه لا شَريكَ لَه إلهُ الأولين والآخِرين، وأشهَد أنَّ سَيِّدَنا ونَبِيَّنا محَمّدًا عَبده ورسولُه أفضل الأنبياء والمرسَلين، اللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعَلَى آلِه وأصحابِه أجمعين. أمّا بعد: فيَا أيّها الناس، أوصيكم ونفسِي بتقوى الله جلّ وعلا، فهي وصيّةُ الله للأوَّلين والآخِرين. يجب أن نوعي أبناء بأن هذه البلاد أنعم الله عليهم بنعمٍ لا تُحصى، ومنها بلادٌ ومجتمع يعظِّم الإسلامَ ويحكِّمه، عقيدتُه التّوحيد الخالص، ومنهجُه في النّظُم والحكم والقضاء هديُ الوحيَين على منهج السّلف، فيجب الفهم العميقُ لذلك، وأن يستشعِر المجتمع ككلّ هذه الحقيقة، فيتعاونون على نبذ الجذور العصبيّة مهما ظهرت، ويجِب أن يحرصَ الجميع على سلخِ العصبيّات الجاهلية ومحاربة أسبابِ الفتن والبعدِ عن مواطن الشّغب وبواعثِ الإحَن ونوازع الفُرقة والاختلاف، (وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ) لا بدّ من محاصرةِ كلّ دخيلٍ ومعالجة كلّ عليل، وفقَ رباطٍ متين من ترسيخ علاقة متينةٍ بين أفرادِ المجتمع من جِهة، وبين الحاكم والمحكوم من جهة أخرى، في إطار قول الله جل وعلا: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ) ولا يخفى عليكم ما تمّ إعلانه مؤخَّرًا من إبطال بعض المخطاطات التي تهدف إلى التخريب وزعزعة أمن هذه البلاد ، وهذه التحدّيات والمخاطر، لا بد أن تواجه بتحمّل للمسؤولية وتمسّك كاملٍ بالوحيَين وتفعيلٍ تامّ لثوابت الإسلام ومقرّرات العقيدة الصّحيحة التي تستمدّ منها هذه الدّولة نظامَها، ويسيِّر به المجتمع حياته ونشاطَه. نِعمُ الله التي يتمتَّع بها الصالحون ويدعو إلى شكرها العلماء المخلِصون ويضيق بها ذَرعًا الحاقدون الكارهون، هؤلاء تغيظهم تلك النّعم، يريدون للأمّة أن تعيشَ في فوضى وبلاء، ويأبى الله والمؤمنون ذلك. إن هناك من يريد بالأمة ضررًا وفسادًا. إذًا فالواجب على الجميع تقوى الله وتضافر الجهود في سبيل الحيلولة بين أولئك وما يريدونه بالأمّة من بلاءٍ وفساد. على شبابِ المسلمين التبصُّر في أمورِهم والتزوُّد من العلم النافع، ومن زلَّت به القدَم أن يعودَ إلى الله ويرجع، فإنّ التائبَ من الذنب كمن لا ذنبَ له. ![]() الموضوع الأصلي: خطبة اليوم بمناسبة الإجازة والإشارة إلى أمن البلاد .... | | الكاتب: الداعية | | المصدر: شبكة بني عبس
|
|
شيخنا الفاضل.... الداعيه.. جعلنا الله وإياك دعاةً ومفاتيحاً للخير.. مغاليقاً للشر... اثابك الله على هذا الجهد وجعله في ميزان حسناتك...
أخي الكريم ارفق لك هذا الرابط المتعلق بنفس الموضوع.... http://www.bani-3abs.net/aa/showthread.php?t=35784
|
|
جـــزأك الله خيــرٍاً...بارٍك الله فيك...نسئل الله ان يعطينأ خيرٍ هذإ الاجأزهـ ويكفينأ شرٍهأ...
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ان لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب اليك
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
خطبة صلاة الاستسقاء من المسجد الحرام اليوم الاثنين 7-1-1432هـ | مبارك الشويلع | السمعيات والمرئيات الإسلاميه | 3 | 17-12-2010 04:12 AM |
احتساب أيام الغياب التي تسبق أو تلي الإجازة (اليوم بيومين) وحسمها من درجات السلوك | ياسمين | المنتدى الإعلامــــي | 2 | 23-04-2009 01:16 AM |
خطبة الجمعة اليوم ((( وصايا للمسافرين ))) | الداعية | المنتدى الإسلامـــي | 4 | 10-07-2008 10:03 PM |
((الاختبارات )) خطبت الجمعة لهذا اليوم 9/7/1429هـ | الداعية | المنتدى الإسلامـــي | 4 | 20-06-2008 07:27 PM |
بمناسبة الإجازة ( كن واعياً) | الداعية | المنتدى الإسلامـــي | 9 | 19-08-2007 03:30 AM |