العادات والتقاليد عند قبيلة الرشايدة
كُتب يوم 10/04/2011
العادات والتقاليد عند قبيلة الرشايدة
أثناء جولتي الميدانية في أراضي الجزيرة العربية (المملكة العربية السعودية) سمعت وشاهدت العديد من مفاخر العرب القديمة والحديثة ، ومما يزخر به أدب بني رشيد العبسية الغطفانية العريقة أذكر منها التالي :
الشجاعة ، الكرم ، الجيرة ، الدخيل ، المنيع ، الحلف ، الأخذ بالثأر ، المركي ، الجنب ، المنقية ، العطفة ، المرج أو المارج ، القلاعة ، المصاب ، الحسنة .
1- الشجاعة :
لهم في الشجاعة والجيش والقيادة رجالٌ ، ولهم شرفُ ممدود وحسب ، حيث يقول الشاعر خالد معيض العصيمي العتيبي حينما كان مجاوراً لبني رشيد :
يارحة جتنا سواليف الأخيار
وقصايد كثرت علينا عبرها
بني رشيد اللي لهم بالوفا كار
جيراننا اللي نفتخر من فخرها
جيران والجيرة لها اليوم تذكار
ولا خير باللي جيرته ماذكرها
قبيلة تعط الوفا الضيف والجار
وترد كيدات العدا في نحرها
رجال الشجاعة هم طويلين الأشعار
مثل القبايل لا تعدد خطرها
رجالهم يضرب على حامي النار
وينسى غلا روحه لو أنه خسرها
يوم واحد من فعلهم طاح ماثار
يوم الحروب الطاحنات وكدرها
قلت : وقد انصف الشاعر فالرشايدة هم أهل لذلك حقاً ، ومن خالطهم في ديارهم أو في الوقت الحاضر سيسمع وسيرى كل صفات النبل والشهامة والرجولة وهذا ليس بغريب على سلائل عبس وغطفان ، فهم أهل البيت وفي قيس عيلان وأهل البت أي فيهم الشرف والزعامة والرياسة على قيس كلها .
2- الجوار :
للجوار أو للجار حقوق وواجبات لا تحصى ولا تعد ، وقد وصى الدين الإسلامي على حق الجار ، حيث قال صلى الله عليه وسلم والله لا يؤمن (ثلاثاً) قالوا : خاب وخسر يا رسول الله ، قال : (من لايأمن جاره بواثقه) . ومما تشتهر به الأعراب داخل الجزيرة العربية حيث يقول العامة (اشترهت بنو رشيد (الرشايدة) بحسن الجيرة ومهارة الرماية .ويقول الشاعر :
قصيرنا محشوم بلوم أهلنا
مكرم عن كل زلة ومحشوم
نرفي خماله ما نبين زعلنا
ونودع زعلنا بين الأضلاع مكتوم
وضيف نقوم بواجبه من عملنا
حنا عرب وإلنا قوانين وسلوم
وحنا إليا جانا الدخيل ووصلنا
مانطيع به عاذل ولا نقبل السوم
ندخل وعن جار جرى ما سألنا
لو هو من الأدنين وإلا من القوم
وياما بصولات المعادي فعلنا
تاريخنا يشهد إلى وقتنا اليوم
3- الكرم :
من شيم العرب هذه الصفة الحميدة ، وفيهم يقول الشاعر محمد بن سالم العطوي من قبيلة بني عطية بنواحي تبوك ، عندما كان مجاوراً لني رشيد نذكر بعض قصيدته :
جينا من الديره عطاشا محليلين
والبدو ما تلحق جابر ظعنها
ساعة نزلنا في ديار الشريفين
عزاز النفوس اللي يذري كننها
صاروا لنا أطيب من بنيخي قريبين
جيران والجيرة عطونا ضمنها
عاشوا على الشدات والعسر واللين
بني رشيد رجال تحمي وطنها
للجار حلوين وللضد مرين
وقبيلة ياسعد من كان منها
ويقول أيضاً غنام أبو عيد البلوي عندما كان مجاوراً لبني رشيد :
يا راكباً من فوق زين التفاديد
مأمون مع دور الخلا ما يبيدي
مأمون يدني نازحات الجراهيد
يطوي مهاميه الخلا بالفديدي
يلقى ديار اللي بهلون ياعيد
نطاحة الماجوب بني رشيدي
إليا جت نجومه في مغيبه مواريد
وأجحر نبيح الكلب برد الجليدي
تلقى الدلال بحاميات المواقيد
نار سناها بجذب اللي بعيد
بأوي قوم يكسبون التماجيد
سلمن لهم ما هو عليهم جديد
4- الدخيل :
من عادات العرب إدخال الدخيل والحفاظ عليه ، وتقوم قبيلة بني رشيد في إدخال الدخيل على أكمل وجه مهما تعقدت الأمور وتعددت الأسباب عندما ينادي رجال القبيلة بأنسهم دون دخيلهم ، وفيهم يقول الشاعر :
دخيلنا في وسطنا ما يضامي
مكرمن في وسطنا ومحشوم
عندما غزا المقوعي الرشيدي على أحد رجال عنزة وأخذ نياقه ، أقتصر العنزي على أثر نياقه ، وعندما وصل الحويط دخل على الشيخ راشد بن علي العويمري حيث قال العنزي :
جانا المقوعي فوق حيل سمانٍ
وأخذ بكارٍ مترفاتن مشاع
لحقتهن دون الحويط لحالي
مستيسر مالي بروحي تصاريف
وأخلتهين رشاد كريم السبالي
شيخ حداهم دونهن بأرخم السيف
قال أرجعوا هذا دخيل الدلالي
كني بعيطاً عن لهوب الشفاشف
5- الأخذ بالثأر :
في حالة وقوع موقعة ويقتل فيها فارس من الفرسان ولم يُقتل من الطرف الثاني عنصر مشابه له في المكانة يقال لمن يأخذ ثأره (فلان ياثاير) ويدعى هكذا حتى يأخذوا بالثأر ، وكذلك إذا قتل غدراً أيضاً يقال : فلان ياثاير حتى يؤخذ بالثأثر ز ويقول الشاعر :
رشايدة وان جا نهار المثارا
يحمون ساقتهن نهار الطرادي
يا ما ارخصوا من غاليات العمارا
وياما حموا وضحن بروس المنادي
وياما خذوا من مبهلات الصرارا
واقفوا عليهن من بعيد لمعادي
6- المركي :
وهي عبارة عن فرسان تبقى بعيدة عن ساحة القتال ، ومهمتهم إذا انهزم جنبهم فعليهم بملاقاة الخصم ، ويعتبر المركي من أشهر الفرسان ومعهم العقيد .
ويقول عايض الأبيتر من قصيدة طويلة :
ربعي هل الردات يوم الانتقام
يشهد لنا التاريخ باليوم الكبير
وحنا هل المركي إلى صار الزحام
ومنزحين الضد بالسيف الشطير
1- السبر :
ويتكون من عدد قليل من الفرسان من واحد إلى خمسة ومهمتهم التحديد والترصد إلى مكان الأعداء ومعرفة قوتهم ، والسير دائماً يكونون من الرجال الذين يتميزون بالصدق ورباطة الجأش ، حيث يتوقف عليهم الربح والخسارة .
ويقول شاعر من بني رشيد :
إن كان تنشدنا ترانا المراسيل
إن سيروهن مبعدين المعادي
إن صار قدم نحورهن ذبح ودخيل
مسئل الحرار اللي تقض القنادي
وإن كان تنشد من ضلع الرجاجا
ناسا نطحنا فيه جمعي المعادي
2- الجنب :
يتكون من فرسان أقلية من واحد إلى أربعة ومهمتهم مراقبة الإبل وحراستها من أي طامع يعتدي عليها ويراقبونها في ذهابها وإيابها ، ويقومون بحمايتها إذا اعتديى عليها أحد .
3- المنقية :
عبارة عن إبل من خيار الإبل معزول عنها صغارها وضعافها وغالباً ما يكون لونها واحد ويملكها العقيد ، وتساق أمام فرسان القبيلة في حالة اشتداد المعركة مع إحدى القبائل الأخرى لإقحام الرجال على القتال .
ونذكر على سبيل المثال إبل الشيخ جاسم بن براك ، ومن ثم دليم بن جاسم ابن براك وتسمى البويضا نسبة إلى لونها وهي من خيار الإبل .
ويقول جعيثن بن جاسر :
دليم يكظم بالخفا نقل مضروس
شوق الهنوف اللي تخضب يديها
ما شفت يوم الخيل والجيش دلقوس
حمراء باللقوات دارك عليها
عند البويضا كم تنازت من الروس
كم سابق طاحت وأهلها عليها
وياكم حصانٍ عقب ما صيب مفروس
وكم مهرةٍ تلقى الذيابه عليها
4- العطفة :
والعطفة هي فتاة تركب على جمل مدشن بالزينة تتقدم رجال القبيلة بأمر الأمير ومهمتها دعوة الرجال للقتال بعزوتهم ، ويجب أن تكون هذه الفتاة من بيت أمارة وعندها رباطة جأش لانها تقع بين أسنان السيوف إذا اشتد القتال وراد الحقل بين الطرفين ، وذلك لإظهار الحماس والحمية والنخوة في نفوس المقاتلين وقال حميد الذبياني :
يامن به الوضحا وترعى به العذا
يوم إن خطوا العفن والنذل هاي
أيا سيقت العطفة يفكون زملها
ليا صار شوب الملح مثل اللهابي
ويقول أيضاً :
واد الرمة فيه القصايد تعاقبت
ترعى به الوضحا بغير عقال
من دور ابن شداد حامين درانا
غصباً على الطماع والعيال
ابن نحيت حجاب جانا طامع
يريد ديرتنا عريب الخال
قدم لنا عطفة وبيت من الشعر
غازي وصار رأيه عليه وبال
5- المارج أو المرج :
هي الفرس التي قتل راكبها أثناء المعركة ولم يعرف من الذي قتله ، وأصبحت دون راكب وكسبها العقيد وجماعته ، وتعتبر من نصيب العقيد وهو بدوره يعطيها من يشاء ، ويقول الشيخ محمد بن بداي الرشيدي :
يوم سرد الخيل راحن مرج
هذا ذبيح وذا يجض صويب
كم سابقٍ تسحب رسنها ممرج
عنها جدعنا واحدٍ ما يهيب
عنها جدعنا واحد يذهب السرب
ذيب لزيزوم السبايا ذيب
تخلي عشى للطير وسباع الخلا
والبيض عقبه شققن الجيب
6- القلاعة :
وهي الفرس التي قتل راكبها ومعروف من قتله ، وكسبها العقيد وجماعته وتعبر من نصيب الفارس الذي قتل راكبها ، ويقول هادي بن شمهليل الرشيدي :
كم فارسٍ بالمعركة طايح عطيب
واخلت ظهور الخيل من فرسانها
عقب المشوط الصفر حايد يا حريب
راحت طلايعهم تجر أرسانها
من القلايع كل كسبان يجيب
تخيرت من خيلهم رعيانها
جبنا المهار الصفر جذلات السبيب
أصايلن متعمقين حصانها
ويقول شاعر آخر :
راحت قلايع عقب حايف وتحويف
خلا عجايزهن عليهن يصيحن
7- المصاب :
إذا تصوب شخص في أحد المعرك ، وبعد هذه الإصابة وقع في أيد أحد رجال القبيلة يهيأ له ما يلزم من علاج وراحة وطعام وملبس حتى يشفى من إصابته ويعود إلى ذويه وهو في أمان ، حتى ولو كان هذا المصاب من أعداء القبيلة أو في الموقعة التي أصيب فيها بين قبيلته وهذه القبيلة . وقال أحد الشعراء في موقعة سطيح الخيل :
جونا جموعن ما حينا لها أعداد
كل يبي منا يحصل رعيه
واقفوا معيفين عقب ضرب الاهناد
وعقيدهم خلوه بالمهميه
كنوا وحطوا للمظاعين ميعاد
وطاح العقيد اللي عليه الوصيه
8- الحلف :
وله عدة أنواع هي : د
1- حلف قبلي : وهو اتفاق قبيلتين أو أكثر حول المرابع والموارد بمدة متفق عليها غالباً ما تتراوح من ثلاثة شهور إلى ستة أشهر ، فتعطي كل قبيلة الأمان لعدم الاعتداء خلال هذه المدة .
2- النوع الثاني من الحلف : هو إعطاء الأمان لمن يواطنون في مواطن كل الهجر وغيرهم .
3- النوع الثالث من الحلف : هو إذا أتي شخص من قبيلته إلى قبيلة أخرى يرغب في أن يكون مع هذه القبيلة وبصفة دائمة ، يذبح شاة الحلف ويعدها يكون واحد من هذه القبيلة .
4- العاني : ويعتبر من فصيلة الحلف إلا أنه يختلف اختلاف بسيط حيث يدخل في مجالات أخرى ، ويقول المثل : (خوي الجنب ، وقصير الطنب ، والضيف سراح) ويعتبر من العاني أي الخوي الأجنبي ، والجار والضيف . وقال محمد بن قبيل التميمي :
عتيق بن عدوان طلق اليميني
قرمن على العاني يحوض النواميس
وبداي باللقوات يرو السنين
ويلبس من البيضا هدومه تلابيس
ربع على سلم العواني تبيني
ماهم من اللي صار وجهه تقاليس
لا وهني من حطهم لي عويني
ولتاذ بكحيلان عن غايط السيس
يقول الشاعر مساعد بن ربيع الرشيدي العبسي هذه القصيدة :
إهداء للجزيرة العربية ليعرفهم عن معدن قبيلته العريقة وإلى المغفور له (بإذن الله تعالى ) مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز آل سعود (طيب الله ثراه) موحد هذه الجزيرة :
أدخل على الله وأسلم الأمر تسليم
واستغفره واستذكره واستميحه
وضح النوايا والمساري مجاهيم
والحلم غالي والليالي شحيحه
سادت مفاهيم وبادت مفاهيم
ويح الزمن يابنت الأجواد ويحه
خلي علوم ممين المرازيم
وخذي علوم مصمصمين القريحه
حنا طنايا عبس يا مذير الريم
حنا مقاييس الوغى يا مليحه
حنا سلايل جاسم الخيل ودليم
فزعاتنا يوم المكايد رجيحه
لوحدنا ما أنصفتنا المقاسيم
ويصدونا عز نطارخ فحيحه
وهي رفيق البرق في ساقة القيم
ومن يستبيح حدودها ما تييحه
يا ترع في هرجته دفش ويهيم
خطو الهيود التي تكاثر خطيحه
من ساقط الهرجه نطق الملاطيم
ومن طاح فيها ما رحمنا مطيحه
تكبر عن الطقه ونجزع من الضيم
ونموت ماناط شليل الفضيحه
الزوم زومات الرجال المحاشيم
ونهد هدات النمور الجريحه
ريع علي در المنايا مفاطيم
من هازنا زاغت عجوزه نصيحه
أليا تغشلينا عسير الشغاميم
لومك على اللي ما يبرهن مديحه
وإن لولشن محشمات الملاثيم
والموت حشرب بالحناجر ضبيحه
جينا من أقصانا سحاب مراديم
كل يذكي حروته عن نطيحته
يا زبن دح قفوشنا له ترانيم
والعج واقف والفعايل صريحه
كان المنايا سوقها ما بعد سيم
والخوف برك بالقلوب الكسيحه
منا زباينها على الملازيم
علم يقربه النصيح لنصيحه
واللي بني بيته نبيه إبراهيم
إنا طريق المستميت لضريحه
بني رشيد أن عتم الجو تعتيم
ما للردى فينا ملامح وليحه
أجسر من الرعاة وأكرم من الديم
سمر الجباه أهل الوجيه الفيحيه
خوينا نقربه عزه وتحثيم
دخيلنا دونه عن الموت الفسيحه
يا بنت حنا فقارا معاديم
لو ما سكنا بالقصور الفسيحه
تجار لو حاشت يدينا ملاليم
من الغناه نفوسنا مستريحه
ما نستضيف اليا لفونا معازيم
للضيف لو نذبح حدينا ذبيحه
دايم يدينا للعطايا مواليم
لا خانت الفزعة وجيه كليحه
طال القريض ومقبل الود ومقيم
والبال عينا طارقه لا يزيحه
أقولها وأبصم على القول تبصيم
والعلم بين زايفه من صحيحه
ما هو قصور بالحرار الصماصيم
كل بدرب العز قد هب ريحه
مدحي لربعي ما يذم الأكاريم
ولا يستشك إلا خبيث الشؤيه
الحق واضح للرجال المفاهيم
والحقد يخرث بالنفوس القبيله
والشر من جيت معزي وهو نيم
واليوم وحده والشريعه سميحه
********************