[الاجهر]

سجن حائل يودع الصورة النمطية بخمسة برامج تدريبية وتربوية
قلوب مفتوحة خلف أسوار موصدة الأبواب


مفرح الرشيدي (حائل)
أسلاك شائكة وأسوار عالية وحراسات مشددة، الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود.
هذه هي الصورة النمطية السائدة والمعتادة عن السجن ولكن الصورة الكلاسيكية تختلف وتتبدل بصورة واضحة عند زيارة سجن حائل.. فالشعار هنا «اصلاح وتهذيب.. وتدريب».
صحيح ان الدراما وأفلام السينما اعطت للعامة والبسطاء انماطا مختلفة عن صورة السجن ولكن ما يجري في حائل يقلب هذه الصورة النمطية والكلاسيكية رأسا على عقب.
أبواب موصدة وقلوب مفتوحة
يقع مبنى سجن حائل شمال حي الوسيطا.. وان كانت أبوابه محكمة الاغلاق فإن قلوب القائمين على أمره مشرعة الأبواب والنوافذ على هموم النزلاء وقضاياهم.. فالنزلاء يعيشون حياتهم الاعتيادية ويؤدون ما عليهم من واجبات ويصقلون مواهبهم بحرية متناهية.
يوم السجين في حائل يبدأ مبكرا قبل شروق الشمس بكثير.. اذ يستيقظ الجميع قبيل الفجر لأداء الصلاة جماعة في المسجد الذي يقع في محيط السجن.. وبعد ذلك يتناول النزلاء إفطارهم ويتجه الجميع الى قطاعات العمل والتدريب المختلفة.


مركز التدريب المهني يتولى تقديم دورات مهنية متوسطة تمتد فترتها الى أكثر من أربعة أشهر للدورة الواحدة ويقوم مشرفون متخصصون بتدريب النزلاء على مختلف المهن والحرف مثل السباكة والخياطة الرجالية والنجارة وتطبيقات الحاسب الآلي وبرامجها المختلفة من حماية وأمن المعلومات والتحرير والجداول الالكترونية ومقدمة الشبكات وفي نهاية الدورة يحصل المتدربون على شهادة اجتياز للدورة ولا يكتب في الشهادة مصدرها.
وطوال فترة انخراط النزلاء في الدورات المهنية يحصل الواحد منهم على مكافآت شهرية.. وجدير بالذكر ان الالتحاق بدورات السجن لا يستلزم الحصول على شهادة معينة.. وبالتالي فهي متاحة لكل السجناء بلا استثناء.
تنافس رياضي
الحركة التدريبية الواسعة والنشاط العملي المتدفق خلف قضبان السجن لا يعني ان ادارة السجن تغفل الجانب الترفيهي.. بل العكس من ذلك فهناك برامج رياضية وأنشطة توعوية مختلفة.. اذ تم تخصيص فترة محددة لكل عنبر لممارسة الأنشطة الرياضية المختلفة مثل كرة القدم والسلة والطائرة والالعاب المختلفة كالبلياردو.. وتبدأ الأنشطة صباحا وتنتهي قبيل الظهر بقليل.. وفي الفترة المسائية التي تبدأ من صلاة العصر حلقات لحفظ القرآن الكريم ويقوم عليها علماء مختصون من جمعيات التحفيظ ويتفاوت عدد الملتحقين بهذه الحلقات كما تختلف المستويات من حافظ الى قارئ فهناك من يتفرغ لحفظ كامل كتاب الله تعالى وآخرون يحفظونه على اجزاء،
مدارس ليلية
وفي الجانب الآخر تتحول عنابر السجن الى مدارس ليلية متكاملة اذ توفر وزارة التربية والتعليم معلمين من مختلف المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية ويقوم هؤلاء بأداء الرسالة التربوية على أكمل وجه ولاحظت «عكاظ» اقبالا واسعا وكبيرا من النزلاء على هذه المدارس.. منهم من يستكمل دراسته المنقطعة ومنهم من يبدأ في التعلم من الصفوف الأولى.
عدد من النزلاء امتدحوا أنشطة السجن وقالوا انهم دخلوا العنابر وفي أذهانهم صورة كلاسيكية عنها الا انهم اكتشفوا ان الحياة في السجن لا تختلف عن خارجها.. وبرغم مرارة التجربة لاسيما ان البعض منهم يدخلها لأول مرة الا انهم حريصون على الاستفادة من كل ما يقدم لهم من علوم وتدريبات في داخل الأسوار ليكونوا أعضاء فاعلين متفاعلين مع المجتمع خارج الاسوار.
الحياة لا تنتهي
وقال احدهم: نعم، السجن عقوبة ولكن الحياة لا تنتهي به.. بل هي بداية جديدة لحياة مستقيمة بعيدة عن الآثام والمشاكل.. ففي السجن مجال فسيح لاستثمار الوقت واكتساب مهارة جديدة ومعلومة ومعرفة.
(م.ت)، (ن.ح)، (ف.ع) قالوا انهم دخلوا السجن ولم ينقطعوا عن دراستهم كما تخوفوا بل ان السجن شكل لهم حافزا اضافيا للاستمرار والتواصل واكمال حياتهم التعليمية وتحقيق التفوق، (م.ف) مثلا قال انه كان يتهيب التعامل مع الحاسب الآلي.. ولم يكن يعرف كيف يتعامل معه وبعد دخوله السجن تبددت هيبته واستطاع ان يمحو أميته في الكمبيوتر وبدأ في اعادة حساباته وصار ماهرا في هذا الشأن بعد ان انخرط في دورة تخصصية بالحاسب الآلي.. ويقول انه اكتسب تجربة مفيدة تؤهله في التنافس على الوظائف العامة بعد خروجه.
أسباب اجتماعية
نزلاء آخرون فضلوا عدم كشف اسمائهم لأسباب اجتماعية أكدوا تفاعلهم التام والمستمر مع برامج السجن مثل المسابقات الثقافية والرياضية والبرامج التوعوية وأنشطة الجمعيات الخيرية.. ووصف النزلاء هذه الأنشطة بانها محركة للركود وكسر لرتابة اليوم في العنابر.
مركز صيفي
المهندس عبدالعزيز بن فهد الفايز رئيس مجلس التعليم الفني والتدريب المهني في منطقة حائل قال ان انشاء مركز للتدريب المهني داخل السجن جزء من المساهمة في اصلاح نزلاء السجن ومنحهم فرصة لاكتساب مهارات مفيدة لإبعادهم عن مواطن الشبهة.
أما العقيد عايض القحطاني مدير سجون منطقة حائل فقال ان ادارة السجن انهت الاستعدادات لتشغيل مركز صيفي اثناء الاجازة الصيفية بالتنسيق مع ادارة التربية والتعليم مؤكدا ان ما يقدم في المركز لن يختلف عن الفعاليات التي تقام في المراكز الصيفية خارج السجن ملمحا ان وجود مكتبة في السجن منحت النزلاء فرصة لإثراء المعلومات والتنوع على الاطلاع.
عكاظ 7/5/1428هـ

الموضوع الأصلي: سجن حائل يودع الصورة النمطية | | الكاتب: الاجهر | | المصدر: شبكة بني عبس