|
خيارات الموضوع |
|
ها هو ذا رمضان يمضي ، وقد شهدت لياليهـ أنين المذنبين، وقصص التائبين، وعبرات الخاشعين، وأخبار المنقطعين. وشهدت أسحارهـ استغفار المستغفرين، وشهد نهارهـ صوم الصائمين وتلاوة القارئين، وكرم المنفقين. إنهم يرجون عفو الله، علموا أنهـ عفو كريم يحب العفو فسألوهـ أن يعفو عنهم. لما عرف العارفون جلالهـ خضعوا، و لما سمع المذنبون بعفوهـ طمعوا، وما ثمَّ إلا عفو الله أو النار. لولا طمع المذنبين في العفو لاحترقت قلوبهم باليأس من الرحمة؛ ولكن إذا ذكرت عفو الله استروحت إلى برد عفوهـ. كان أحد الصالحين يدعو قائلاً: ( جرمي عظيم، وعفوك كبير، فاجمع بين جرمي وعفوك يا كريم ) هذا دعاء الصالحين، وهكذا قضوا رمضان، فلهم الحق أن يبكوا في ختامهـ ؛ لما لهـ من لذة في قلوبهم ، ومع ذلكـ فهم وجلون من ربهم ، خائفون من الرد وعدم القبول، يعلمون أن المعوَّل عليهـ القبول لا الاجتهاد ، وأن الاعتبار بصلاح القلوب لا بعمل الأبدان. كم من قائم محروم ! ومن نائم مرحوم ! هذا نام وقلبه ذاكر، وذاكـ قام وقلبه فاجر ؛ لكن العبد مأمور بالسعي في اكتساب الخيرات ، والاجتهاد في الصالحات ، مع سؤال الله القبول ، والاشتغال بما يصلح القلوب ، وهذا دأب الصالحين . يا من ضاعت منهـ ليال من رمضان !! وفاتتهم الفرصة ؛ فأضاعوهـ في اللهو والباطل ؟ توبوا إلى ربكم فما يزال ربكم يبسط يدهـ بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يدهـ بالنهار ليتوب مسيء الليل . ما زال باب التوبة مفتوحاً، فإلى ربكم أنيبوا. فإن كانت الرحمة للمحسنين فالمسئ لا ييأس منها، وإن تكن المغفرة مكتوبة للمتقين فالظالم لنفسهـ غير محجوب عنها، وقد قال الله سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:35]. يا من ضاعت منهـ ليال من رمضان !! لا يضع منكـ عمركـ ، اختمهـ بتوبة عسى أن يختم أجلكـ بالحسنى يا أيها العاصي - وكلنا ذلك - لا تقنط من رحمة الله لسوء عملكـ ؛ فكم يُعتقُ من النار في ختام الشهر من أمثالكـ . اصدق مع الله يصدقك، وأحسن الظن بربكـ ، وتب إليهـ ؛ فإنهـ لا يهلك على الله إلا هالكـ . ..وها هي العشر الأواخر فيها ليلة القدر .. " مَنْ قَام لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِـ " .. لنجتهد بالقيام فيها .. فإنما هي أيام قلائل .. ثم تنقضي وتزول .. ويبقى الفوز بأعظم الأجور .. " العتق من النيران , وغفران ما تقدم من الذنوب " ولنردد في نهار العشر ولياليهـ بقولنا : " اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي "
|
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|