|
خيارات الموضوع |
|
{ بسم الله الرحمن الرحيم}
الحمدلله والصلاة والسلام على رسولالله وعلى آله وصحبه أجمعين إخواني أخواتي أعضاء وزوار منتديات قبائل بيني رشيد بشبكة بني عبس0 السلام عليكم ورحمة الله وبركاتـه0 ينتابني ألم لمّا أقرأ قوله تعالى)ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (لأنفال:53) ، فأعود بالذاكرة إلى ما كانت تتمتع به بلادي من خيرات وافرة، بعضها متاح لكل إنسان فقير أو غني، ثم أنظر من حولي يمنة ويسرة فلا أجد منها إلاّ بقايا أطلال، فأتساءل ما الذي تغير منا حتى غيرَّ الله علينا؟ أبناء الجيل الجديد يشربون المياه المقطرة، ويسبحون في البرك الاصطناعية، يأكلون من السوبر ماركت، فلا يعلمون البحرين إلاّ هكذا، أما من أدرك البحرين أرضاً مفجّرة عيوناً، مزروعة نخيلاً، مفتوحة الشواطئ، يسير على تلك الشواطئ عاشق التجوال، لا يقطع مسيره جدار ولا قرار بمنع المرور: أملاك خاصة، يمر بالقرى من خلف السواحل قرية قرية، ينظر على ضفافها قواربهم الصغيرة تتهادى على صفحات الماء، ومن خلفها رمال الشاطئ ثم (حضران) المزارع، فالنخيل الباسقة، مياه صافية ورمال نظيفة إلاّ من أعشاب البحر ومخلفاته الطبيعية، تسير لا يمنعك مانع، حيث كانت الأملاك يومها تحدد وفقاً للأعراف الشرعية، فلا يحق لأحدٍ تملك حمى البحر ومنع الناس من ارتياده، ثم تغيرت الأنفس طمعا فتغير الحال. أين بساتين النخيل المتصلة، تغذيها جداول العيون السيح ؟ فتعطي أكلها في كل حين للقانع والمعترّ، يمر بها العابر فيأكل منها ما أباحه الشرع، فيما كان منها على طريق الناس، أو ما تدلى منها عليه، فقرر بإنسانيته أن " كل ولا تحمل "، فقد كانت نعمة جليلة كُفر بها، فلم يخرج منها حق الفقراء في ثمارها، ولم يوقّر مقامها، ولم يشكر ماؤها، فأما الماء فقد جعله الله أجاجاً، وأما النخيل فقد ماتت وأميتت لإقامة السرايا مكانها، واستحسن المُلاك مردود العقار، واستقلوا مردود النخيل، حيث قيمة كل شيء عندهم في مردوده، فقطعوها وقالوا نصنع مكانها ما هو أجمل، من هياكل الحديد والخرسانة الصماء العقيم، كأنه لم يكن هناك أراضٍ بور إلاّ العامرة بالزرع ليقتلوها ويبنون عليها، فلما كفروا بها زالت، وأبدلنا الله بها مياه البحر، نعالجها بالسموم لنزيل أملاحها، فنشرب ماءً صنعته الكيمياء، ماءً يسدُّ الكُلى ويسمم البدن، وفقدنا طعام المسافر (التمر) الذي كان يوما قوتا مانعا لنا من الموت، حين حاصرتنا مجاعة الحرب العالمية الثانية. أين زهد الناس في تملك الأراضي، حينما كانت بالمجان، فلا يأخذون منها إلاّ ما يقدرون على عمارته ببناء أو زرع، يأنسون بالقرب من بعضهم فيتجاورون، والبر أمامهم واسع، مفضلين الجيرة على البعاد، فكانت الأرض على صغرها تسع من المحبين ألفاً، فقد ذهبت تلك النفوس القنوعة، واجتاحت الناس المطامع، فعمد أهل القدرة إلى تحجير كل ما وقعت عليه أعينهم من عمار وقفار، حيازة وحياشة له عن غيرهم، حتى لتعجز وأنت تنظر إلى هذا السور، فتقول متى يا ترى ينقطع؟ كل حيازة منها تسع قرى بأكملها، حتى ضاقت على الناس الأرض بما رحبت، وصاروا يحسدون الجيران من البلدان على سعة أرضهم، ظانين أن الضيق ناتج من قلة الأرض، وما هو كذلك، وإنما هو من طمع النفوس وأثرتها، وحيازتها ما هي غير قادرة على إعماره، في خلاف لما حدده شرع الله من أن الإنسان يملك من رقبة الأرض ما هو قادر على تعميرها، وأن له أن يحجزها ثلاث سنين لا غير، فإن عجز عن العمارة أخرجه منها الوالي، ولكن من سيخرج الوالي إذا كان التحجير تحجيره؟! كانت الناس تأخذ الرمل من البر أو البحر لحاجاتها، لا تدفع فيه سوى إكرة الناقل، فلا يذهب أحدهم ليأخذ منه فوق حاجته، ولا ترى أبداً رجلاً قال استخرِجُ الرمل كله واحتكره، أو أنشئ له شركة لا ستخراجه، فيكون ملكاً حكراً لي، أتصرف في تسعيرته على الناس، فالنفوس كانت قليلة الطمع، تعيش بساطتها، وتقضي من الطبيعة حدود حاجتها، فلما تغيرت النفوس نفذت الرمال في البر والبحر وصرنا نستورده من هناك (بحب الخشوم) وبأعلى الأسعار. كانت الناس تتدين على حسب مذهبها ولا تحقد على مخالفها، وإن لم تره صحيحاً، فكان المختلفان يتواكلان ويتسامران ويتصاحبان، والكل بما عنده راضٍ، والخلاف بينهم قد تتداوله النكات والطرائف، فالشيعة يعزون والسنة يأكلون من موائد عزائهم، والسنة يتغنون في الأعراس والشيعة يأكلون من موائد أعراسهم، ويتكلم ذوي الأصول الفارسية بملحون الكلمات التي لا تكون في القلوب إلاّ باعثاً على الضحك والتعليق، ثم هبت رياح الكراهية المذهبية علينا من الغرب والشمال، ورياح العصبية القومية العربية والفارسية ، فإذا طعامنا ليس حلاً لهم، وسلامهم ليس أمناً عندنا، وصدقنا تقية، وتدينهم هباءً منثوراً، ونصبنا حساب الآخرة في أزقة الدنيا، فلما تغيرت أنفسنا غير الله ما بنا من أمن إلى خوف، ومن صفاء إلى ريبة، ومن حب إلى كراهية، وغداً – لا قدر الله- يغري الله بيننا العداوة، ويذيق بعضنا بأس بعض. لم يكن لدينا تمايز مناطقي في السكن بحسب المستوى المادي، فليس هناك أحياء شعبية وأخرى راقية، الأولى يقطنها الفقراء والثانية للأغنياء، فقد كان بيت الثري مميزاً في كبره ورقي بنائه النسبي عن بيوت الجيران، ولكنه ظل في وسطهم وعاش من بينهم، يطبخ فيُطعم، ويمرض فيزار، يتمتع ببعض ما عنده أهل الحي كلهم، من مشاهدة الصبية التلفاز، أو الاتصال بخط هاتفي لأمر هام، فهو مع الناس يعرفهم ويعرفونه،لا يحسدونه على ما أوتي، ويأملون منه العون والمساعدة، أما الآن فما أكثر( جبلة بن الهيثم) بين أغنيائنا، فقد فرَّ الأغنياء لأحياء جديدة تتناسب مع ثرائهم، وفاخر سياراتهم، وما تغرًّب من عاداتهم، فصارت أحياؤهم هي الراقية، لا يساكنون إلاّ من كان منظره لا ينغص عليهم هنيَّ عيشهم، وطيّب ملاذِّهم، لهم حديث غير حديث الناس، ولهم همّ غير همّ الناس، فالمال والأعمال عمل بالنهار وسمر بالليل، وما للفقراء وأحاديث المال؟؟ وتغيرت نفوس الفقراء على الأغنياء، فهم ما بين حاسدٍ ومحسود، وغاصب ومغصوب، ومتوجس ومتربص، وسُلّم الفارق كل يوم في ازدياد، ولا نأمن – لا قدَّر الله – أن يثور بالفقراء غضب يحرق أخضر الأغنياء، كما طغى بالأغنياء غناهم فطحنوا الفقراء، ولقد ظننت أنهم يفيقون من غفلتهم أو بعضها، لمّا استهدفت أموالهم الأحداث بالحرق، ومزقت أعراضهم الألسن بالشتم، ولكن المال عديل الروح كما يقولون، والغنى قرين الطغيان إلا من رحم ربي، اللهم ارحم أغنياءنا وأشعرهم الرحمة، وبصّرهم في راحة الزهد على النفوس. لم يكن عندنا مدارس خاصة ومدارس عامة، الأولى لأبناء الأغنياء وكبار الموظفين، والأخرى للعامة من أبناء الشعب، في الأولى ينشأ الجيل الذي تناط به مراكز القيادة المستقبلية، فمنهم الحكام والوزراء والمدراء، جيل لا يتحدث العربيّة إلاّ كلغة ثانية، ولا يعرف أسرار كلام أمته، له ثقافة هجينة لا شرقية ولا غربية، تفخر أسرته بنضرة النعيم على وجهه، ورطانة العجمة في لسانه، إذا جمعته الأقدار يوماً مع أطفال الناس، تراه كقطة الأغنياء وقد خرجت بين سنانير الفريق ( الحي )، منكمش مستوحش، كأنما ألقي في كوكب آخر، تزدرى عيناه لباسهم، وينعطف عرنينه لكريه رائحتهم، يظنهم همجا، ثم بعد ما يكمل تربيته في جامعات الغرب، يأتي ليكون طاووساً بين دجاج، وأما مدارس الحكومة فالأبناء الناس، دون أن يحرج مثل هذا ضمير حاكم، ولا عقل مفكر عاقل، لقد كان أولاد الشيوخ والوزراء والأعيان، يزاملون أبناء ناسهم وأهلهم على مقاعد الدراسة، فلا يتخرج الواحد منهم إلاّ واله من الأصدقاء والمعارف من هو موظف أو عامل أو طبيب أو بائع، أو شرطي أو فلاح، قد عرفهم ونافسهم فتفوق أو تُفُوق عليه، فتظل في ذكرى الجميع بعضٌ من خيوط إنسانية يفهم بها كلُّ طرف إنسانية الآخر، ويرى فيه جانباً منها، ومع أنها لم تكن لتقوى على كسر حواجز المال والعائلة، إلاّ أنها تظل كعبق طيب في عقول أبناء الجيل، أما الآن فلا يعرف الأعيان إلاّ أبناء الأعيان، ولا يعرف أبناء الناس إلاّ بعضهم، ثم يتخاطب الطرفان من وراء حواجز سميكة. اليوم كل بلادي تنفصل عن بعضها، الأغنياء عن الفقراء في المدارس والمستشفيات، والعادات والتقاليد ومع اندماج الثراء بأسماء العوائل يزداد الشرخ ويتوارث الفقراء فقرهم والأغنياء عناهم، كأننا على سلم طبقات الهندوسية أو الارستقراطية. الطوائف الدينية تنفصل: سكناً وسياسة وهموماً، فتتقوقع كل طائفة على همومها ومذهبيتها ورجالها وقادتها دون تداخلات، وإن تجاوروا فكفقاقيع، كل فقاعة تجاور الأخرى دون أن تخالطها، فهي معزولة بذاتها وإن بدت لك شفافة لا شيء فيها سوى الفراغ، ولكن الأنا كامنة فيه. المجنسون الجدد، والذين لم ينضجوا في قدر المجتمع، ولم يتجانسوا مع بقية مكونات الحساء، هم منفصلون نفسيّاً وجسديّاً، وأبناؤهم من خلفهم سيعيشون حياة قاسية من الازدراء وعدم القبول والتأقلم، إننا بفساد نفوسنا نجني على جيل جديد ليس له من ذنب إلاّ أن آباءهم قد أرضاهم الفقر والطمع بقبول الاغتراب، وإن كان بالدخول في دوامة عصبية لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ولكنهم إن كانوا كذلك اليوم فلن يظلوا كذلك غداً، وغدا– لا قدر الله – يثور الغرباء أو يثار بهم. كانت بلادنا قليلة المطر، قصيرة الشتاء، ولكن مناخها كان منتظماً بحيث يمكن الاعتماد على حساب النجوم القديم، وحساب الطوالع وتأثيرها في تقلبات المناخ، وكان الجو قائظا في شهور الصيف الثلاثة ولكنه كان معقولاً في شهور السنة الأخرى، فيعتدل الجو بعدها، ويمكن رصد ذلك رصداً دقيقاً. ولكن مناخنا قد تغير بدرجة كبيرة، فقد طال أمد الحر حتى استغرق غالب شهور السنة، وتقلص الاعتدال حتى لم يعد هناك موسم لثياب الشتاء، والتي يمكن أن يمر بها الموسم والمواسم دون حاجة لارتدائها، وشحت الأمطار واغبَرَّت السماء لطول جفاف الأرض، وكلحت الأشجار القليلة وجدران البيوت، لطول ما ترسب عليها من الغبار، وهجرتنا الطيور، فالطبيعة عندنا ماتت وتموت كل يوم، ولم يبق لنا إلاّ وحوش الخرسانة وأفاعي الشوارع السوداء، المختنقة بالهواء الملوَّث، كلُّ هذا ونحن لا نرى لأنفسنا سبباً فيما حدث ظنناً منا إننا لم نرتكب جناية، وأمناً منا بأن الطبيعة ليس من سنتها العقاب، بينما نحن جسد قد خرَّقته سهام العقوبات وهو لا يتألم. كانت بلادنا أول من أُكتشف فيها النفط فأين ذهب نفطنا وغازنا؟ أمن المعقول جيولوجيّاً أن تكون الأرض التي تحتنا نحن فقط دون سائر جيراننا بلا نفط ولا غاز؟ هل تكون مساحتنا الصغيرة هذه هي الحاجز الفقير بين بحور النفط عن يميننا وشمالنا؟ حتى بتنا كأننا على قمة جدباء بين سهول خضراء؟ فلماذا النفط والغاز غزير من حوالينا ناضب عندنا؟ مع أن أرض البحرين صغيرة ومحدودة من الغريب أن تكون هي حاجز بين بحرين من النقط . قد كان لنا ماء ونخل ونفط وغاز فأصبحنا بلا ماء ولا غاز ولا نفط، ولا نخل ولا رمل ولا حجر ولا شاطئ، بل ولا ألفة ولا تواصل، إن البحرين تخسر نفسها في متوالية من العقوبات القدرية ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30) لم نكن ملائكة ثم أصبحنا شياطين، ولكننا كنا بشراً أقل طمعاً وتكبراً وانكباباً على المال والمتع، وأقل تعصباً للعرق والدين والمذهب، وأقَلَّ أثرة واستئثاراً، ثم زاد فينا من ذلك كله زيادة غيرت أنفسنا عن طيبتها وبساطتها الأولى. إنها الطبيعة التي رسم الله أقدراها عبر السنن الجارية التي لا تحابي أحداً، فقد تغيرنا فغير الله ما بنا، وقانا الله من سيئات أعمالنا. __________________ اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم تحياتي لكم اخوكم ابوهاني,.
|
ابو هاني كلام منطقي وراقي وذو شجون تشكر عليه
ولكن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( تفائلوا بالخير تجدوه ) ومازال لدينا الخير الكثير ولله الحمد قد لا يراه الا من يتوقعه ويضن لقياه فقد قال عزوجل في حديث قدسي ( انا عند ظن عبدي بي ...) يوجد في المجتمع من الاغنياء الذين تتمنى لو كان اخا لك او قريب ليس لكثرة ماله بل لدماثة اخلاقة وحسن تعاملة وتجده يعيش في بيته الجميل وسط احياء قد تكون شعبية جداً ولم يغير ذلك من اسلوبه شيء ويوجد لدينا فقراء مال فقط ولكنهم اغنياء نفوس فعزتهم وعزمهم لا يقوى عليه الا خالقهم بل وتجدهم اكرم من بعض الاغنياء ويقول لسان حالك حين تراه في بعض الاحيان هذا ليس بفقير بل غني وذلك لما تراه فيه من بشاشة محياه ودماثة خلقه فالخير موجود كما وجود الشر وللننظر للخير وللنتفائل فالله ورسوله صلى الله عليه وسلم امرنا بذلك . هناك مقوله اعجبتني للامام الشافعي إن الفقيه هو الفقيه بفعله ليس الفقيه بنطقه ومقاله وكذا الرئيس هو الرئيس بخلقه ليس الرئيس بقومه ورجاله وكذا الغني هو الغني بحاله ليس الغني بملكه وبماله شكرا لك على الموضوع الجميل |
|
|
|
شكراْاخى الكريم وموضوع فى غاية الاهميه وبارك الله فيك
|
|
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
نادوا سميك , وارتبكت وتغيرت | الـريـم | منتدى الشـــعــــر | 9 | 04-07-2012 11:16 PM |
محامي الفقراء | ام الاشبال | المنتدى الإسلامـــي | 4 | 10-10-2011 11:26 PM |
أغنى الأغنياء في العالم خمســــــة تعال وشوف كم الفلوس ههه | نادر الذيابي | المنتدى العــــــــــــــــام | 8 | 25-05-2010 12:39 AM |
بضاعة لايمكن أن يشتريها الأغنياء | فهد العايضي | المنتدى العــــــــــــــــام | 4 | 27-08-2008 01:39 AM |
بضاعه لا يستطيع أحد ان يشتريها حتى الأغنياء !! | ماجد الذيابي | المنتدى العــــــــــــــــام | 1 | 05-02-2008 12:34 AM |