[The monsoon]

تأتي العطلة الصيفية وما يصاحبها من تغير برامج الأسرة والأبناء، والأصل عند غالبية الأُسَر أن الأبناء أحرار في قضاء أوقات فراغهم، وهذه الأوقات غالبًا ما تُقضى في اللعب والفسح والزيارات والاصطياف، وقليل منها يُقضى في النافع؛ حيث القراءة الحرة، ومساعدة الأب والأم في أعمال وقضايا خاصة بالأسرة.


وأكبر السلبيات هي أن يستسلم الأبناء للتلفاز والقنوات الفضائية وما تُلقيه في عقولهم، دون وعي أو تمحيص، فالملاحظ أن غالبية هؤلاء الأبناء يستسلمون وهم يستقبلون كل ما يُلقى أمام أعينهم وما يدخل عقولهم، دون السؤال والتمحيص في محتوى ما يشاهدونه، حيث إرسال يتنافس بالمزيد من برامج الإثارة والسطحية، والكارثة أن هناك قطاعًا من أبنائنا ـ في غياب دور الأسرة التربوي ـ يضبط طبق الاستقبال على القنوات الغربية والشرقية التي تعرض الأفلام المشبوهة.


وإذا كانت مشكلة الفتيات أقل، فإن مشكلة المراهقين والشباب أكبر، فكثير منهم يقضي وقت الفراغ في الشارع، وهؤلاء هم حزب السائرين بدون هدف، وحزب الجالسين، وهم يجلسون على المقاهي يُدَخِّنون النرجيلة "الشيشة" التي انتشرت كالوباء في مجتمعاتنا، أو يصحبون بعضهم ويشجعون بعضهم على معاكسة الفتيات، ... إلخ.


وإذا كان جهاز الكمبيوتر قد حل جزءًا من المشكلة، حيث يستهوي هذا الجهاز معظم الأبناء في قضاء ساعات ممتدة أمامه، وفي هذا الجهاز العجيب خير كثير؛ في البحث عن المعرفة وتنمية الثقافة، والمساعدة في البحث العلمي، وتسهيل الأعمال الدراسية، وإعداد الجداول والبحث في القواميس، لكن فيه أيضًا السم القاتل؛ إذا اتجه المستخدم الصغير الذي لم يُحَصَّن دينيًّا بما فيه الكفاية للبحث والتصفح في المواقع الإباحية التي تيسر الرذيلة وتزينها للناس.


إن أضرار الفراغ على النشء والمجتمع، وما قد يسببه من جنوح وانحراف لهؤلاء الفتية ـ واضحة غير خفية، فالفراغ ينعكس على صورة الفرد عن ذاته، حيث يرى نفسه وقد أصبح بلا جدوى ولا منفعة، أصبح إنسانًا بلا هدف، وحياة بلا روح، ولا معنى لوجوده؛ مما يجعله يبحث عن الهروب والميل إلى الحيل النفسية، بعيدًا عن المواجهة وتحمل المسئولية، فنجده قد يستخدم المسكرات والمخدرات والبحث عن الرذيلة، عله يجد متعة أو لذة.


كثير من الأُسر ليس لديها أعمال تستوعب جهد ووقت الأبناء في الصيف؛ وبالتالي فإن الأجازة كلها أمامهم تكون وقت فراغ مفتوح يجب ملؤه، لكن تُضاف مشكلة أخرى في هذا الصدد؛ وهي أن الأسرة في هذه الحالة ستنفق الكثير على خيارات الأبناء من أجل قضاء وقت الفراغ، أي أن أيام العطلة ستكون أكثر تكلفة من أيام الدراسة، وفي هذا عبء كبير على ميزانية الأسرة.


إلا أن هناك كثير من الأسر التي لديها أعمالها الخاصة، كمحل تجاري أو ورشة أو أرض زراعية أو شركة ... إلخ، ومن المفيد جدًّا أن يشارك الابن أو الابنة بجزء كبير أو قليل من الوقت في عمل الأسرة، للاستفادة وتطوير الذات من ناحية، ولملء وقت الفراغ بشكل مفيد وبعمل نافع من ناحية ثانية، وبالتخفيف عن كاهل الأسرة من ناحية ثالثة.


ورغم الكثير من السلبيات التي نراها، إلا أنه من النقاط الإيجابية أن قطاعًا محدودًا من أبنائنا الطلبة الذين تربوا على الصلاح أصبحت قلوبهم معلقة بالمساجد، لكنهم حينما يتوجهون إليها وما أن تنتهي الصلاة حتى تغلق أبوابها في وجوههم، فقليلة هي المساجد التي لا تغلق أبوابها، وتقدم البرامج الثقافية، ودروس تحفيظ القرآن الكريم، وتنظم المسابقات.


ولقد بيَّنت الأبحاث والدراسات التي أُجريت على مرتكبي الجرائم والمخالفات أن الفراغ هو المحرك لكل النوازع المكبوتة والرغبات الشهوانية.


كيفية قضاء الأجازة الصيفية بشكل مفيد يملأ الفراغ ويحرك الطاقات، فيجب ألا يُشغل الطلاب وأسرهم فقط، بل يجب أن تتنافس المؤسسات المعنية على وضع برامج لهذا الغرض، وأن تحرص على ألَّا تخلو البرامج من الترفيه بعد عام دراسي طويل، كما يجب أن يكون الترفيه ممزوجًا بالمتعة والفائدة.


ويجب أن يكون تخطيط برامج العطلة الصيفية لأبنائنا من الصغار والكبار مؤهلًا لبناء طفل ومراهق وشاب قادر على خدمة مجتمعه، من خلال الدورات التدريبية والاجتماعية والثقافية والصحية والفنية والاستشارات الأسرية، واستخدام أفضل أساليب توصيل المعلومات، والتركيز على القيم والتميز في خدمة الوطن، والسعي إلى استغلال وقت أبنائنا خلال العطلة الصيفية وإخراجهم من جو المدرسة إلى جو المرح والرفاهية، والمعرفة وتنمية روح التعاون بين الجميع.


ولاسيما لو تم تفعيل دور المدرسة والمعلم من خلال دورات للتواصل ما بين المدرسة والمدرس، وعن طريق معارض للرسم والزخرفة، واستعراض المهارات الفنية المختلفة، وكذلك عن طريق دورات لمعرفة السيرة النبوية وحفظ القرآن الكريم يكون لها جوائز جيدة.


وينبغي تصميم برنامج ترفيهي يحتوي على برنامج رياضي كامل، بجانب المرسم الحر، والزيارات الميدانية لبعض المؤسسات الخاصة والعامة والمتاحف.


كما يجب إقامة معسكرات عمل للشباب للتدريب العسكري في فترات أجازاتهم؛ لتنمي فيهم روح البطولة، ولتكون بمثابة متنفس نظيف لطاقاتهم المخزونة في كيانهم.


وبالنسبة للطفل الذي حصل على الأجازة، فهناك أنشطة تؤدي إلى تنمية ذكائه، وتساعده على التفكير العلمي المنظم، وسرعة الفطنة والقدرة على الابتكار.


من هذه الأنشطة؛ مجموعة من الألعاب الذكية المنتقاة، التي لها دور تعليمي، فهي تنمي القدرات الإبداعية لأطفالنا؛ فمثلًا ألعاب تنمية الخيال، وتركيز الانتباه، والاستنباط والاستدلال، والحذر، والمباغتة، وإيجاد البدائل لحالات افتراضية متعددة، تساعد الأطفال على تنمية ذكائهم.


ويجب الاهتمام أيضًا بالقصص وكتب الخيال العلمي، فتنمية التفكير العلمي لدى الطفل يُعد مؤشرًا هامًّا للذكاء وتنميته، والكتاب العلمي يساعد على تنمية هذا الذكاء، فهو يؤدي إلى تقديم التفكير العلمي المنظم في عقل الطفل؛ وبالتالي يساعده على تنمية الذكاء والابتكار، ويؤدي إلى تطوير القدرة العقلية للطفل، ومطلوب أيضًا في برامج العطلة والترفيه الاهتمام بالتربية البدنية السليمة والنشاط الرياضي؛ من أجل صحة أطفالنا ومراهقينا وشبابنا، وصحة عقولهم وتفكيرهم وذكائهم.


ومن أجل ذلك؛ فإن الاشتراك في الأنشطة الرياضية بمختلف ألعابها، يساعد حتمًا في تنمية حب ممارسة الرياضة في نفوس الأبناء، فالرياضة لها دور كبير في زرع الثقة بالنفس وقوة الشخصية، وتكوين علاقات اجتماعية جيدة، وإشغال أوقات الفراغ بما يفيد، فللرياضة أثر بالغ في البعد عن أصدقاء السوء، ولما لها من أثر واضح في زيادة الثقة بالنفس، وأيضًا تقيهم من الانحرافات السلوكية ومن تعاطي المخدرات، فممارسة الرياضة تجعل الإنسان مهتمًّا بصحته، وتدعو إلى زرع الثقة بالنفس، وقوة الشخصية مما يعزز من قوته في محاربة هذه الآفة.

الموضوع الأصلي: العطلة الصيفية ... كابوس أسري | | الكاتب: The monsoon | | المصدر: شبكة بني عبس

[زهو الايام]

العطله الصيفيه اجازه للراحه..واعادة ترتيب الامور والبعض يستخدمها لهدم رووحه ..
جزاك الله خير اخوووي على هذا الطرح
واحب اعبر عن اعجابي بتوقيعك المميز
دمت بحفظ الرحمن

[البااارونه]

مشكوووور اخوي

ويعطيك العافيه على الطرح القيم

[حنان الرشيدي]

وقت الفراغ بشكل عام إذا أستثمر
الإستثمار الجيد فإن له آثار إجابية
على الجسد و الروح ...
أخي الكريم :
موضوع رائع فـ ألف شكر لك على
جمال الإنتقاء ...
و دمتَ متألقاً ...

[عيون مؤمنة]

مشكور اخوى على طرحك الرائع