|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
|
كسلا: صديق رمضان : قطعنا المسافة بين مدينة خشم القربة ومعسكر الشجراب للاجيئن بمحلية ود الحليو بولاية كسلا مستغرقين في التفكير عن أسباب عودة البلاد القهقرى الى عهود مضى عليها أكثر من قرن عندما كان هناك من يتخذ الاتجار في الإنسان الذي كرمه الله في الأرض والسماء مهنة تدر عليه دخلا، وازدحمت في رؤوسنا الكثير من الأسئلة والاستفاهامات الحائرة، وتمنينا لو تطوي بنا العربة الأرض لنحط رحالنا في الوجهة التي نقصدها ليس للوقوف على الحقائق على ارض الواقع ، وليس هروبا من رداءة الطريق الترابي ومطباته وتعرجاته، بل حتى لا نرى المساحات الشاسعة?من الأراضي غير المستغلة رغم قربها من خزان خشم القربة، فتزداد حسرتنا على فشلنا، وحتى لا تتضاعف مخاوفنا وأحزاننا بمشاهدة الماشية في هزالها البائن وهي تبحث عن كلاء وماء غير متوفرين بداعي جفاف ضرب المنطقة وينذر بحدوث كارثة تلوح في الأفق. علي عكس صورته التي رسمناها في مخيلتنا تفاجأنا بحقيقة معسكر الشجراب للاجئين الذي لا يختلف عن في شكله عن ملامح القرى السودانية الموجودة بشرق السودان، وعند دخوله تكشفت لنا حقيقية أنها ارض سودانية بملامح أجنبية كاملة، ووقفنا على هذا الواقع عندما أنزلتنا العربة بالقرب من ملعب لكرة القدم يقع غرب المعسكر، وتوقفنا لمشاهدة المران، ووجدنا ان كل اللاعبين أجانب وليسوا محترفين استقدمهم ناد سوداني، بل هم الشباب من اللاجئين الذين وفدوا الى السودان بحثا عن تحسين أوضاعهم او سعيا وراء هجرة الى دول أفضل حالا من البلد الذي يس?ضيفهم او ذلك الذي هربوا منه، ورغم حلول الظلام تجولت «الصحافة» في المعسكر المترامي الأطراف الذي من ابرز مشاهده كثافة الوجود الإريتري خاصة الشباب من الجنسين ومعظمهم دون الخامسة والعشرين، وكذلك للإثيوبين وجود مقدر، وهناك جنسيات أخرى مثل الصوماليين واليوغنديين والتشاديين والكنغوليين، ويتجولون بحرية داخل المعسكر الذي يختلف عن معسكرات اللاجئين بالدول الاخرى في الكثير من التفاصيل، أبرزها عدم وجود سور يسهم في إحكام ضبط عمليتي الدخول والخروج، عطفا على شكل المساكن المشيد معظمها من المواد المحلية «قش وحطب»، ورغم ان ا?أمم المتحدة توفر الغذاء «يوزع شهريا» للاجئين خاصة القاطنين في معسكر الانتظار ومساكن الحالات الخاصة «قطاطي» إلا ان أكثرهم يجأر بالشكوى من عدم كفاية الغذاءات، علاوة على شكواهم من قلة المرافق الصحية حيث يقضي معظمهم حاجته في العراء. وفوق ذلك وبحسب شاب إريتري هناك معاناة كبيرة يواجهها اللاجئون القاطنون في معسكر الانتظار، وتتمثل في الازدحام الكبير في الغرف التي تتسع الواحدة منها لخمسة أفراد فقط حسب طريقة سعتها المقررة، غير إن تدفق اللاجئين اليومي جعل الغرفة سكنا لعشرين فرداً يختار بعضهم افتراش الأرض والتحاف السم?ء خارجها هروبا من ضيق مساحتها، علما بأن معسكر الانتظار صمم لسكن ألف لاجئ فقط، ويضم حاليا سبع آلاف لاجئ، ويقع في الجزء الشمالي الغربي من المعسكر، وتقع جنوبه مساكن أصحاب الحالات الخاصة واغلبهم من جرحي الحرب الإريترية الإثيوبية، ومعسكر الانتظار معظم قاطنيه من الشباب من الجنسين الذين لا حواجز بينهم وشاهدناهم يتجاذبون أطراف الحديث فرادي وجماعات، وهو الأمر الذي جعل المنظمات توزع عليهم الواقي تحاشيا للأمراض، وظل بعضهم لسنوات دون عمل في انتظار فرصة الهجرة الرسمية الى أوربا، وتنعدم في الغرف الكهرباء وذلك لعدم وجود ?هرباء في المعسكر الذي يعتمد على المولدات التي تعمل مساءً فقط، وتوجد أعمدة إضاءة خارج الغرف. وفي صباح اليوم ثاني تجولت «الصحافة» في المعسكر الذي تتوسطه مكاتب الأمم المتحدة والجهات الأمنية والمنظمات التطوعية، واكبر مفاجأة كشف عنها الصباح تمثلت في وجود قرية كاملة تقع في شمال وشرق المعسكر حسبناها لسودانيين، بيد ان موظفاً في إحدى المنظمات أشار الى انها امتداد للمعسكر، وانها تضم قدامى اللاجئين الذين قضوا أكثر من ثلاثة عقود ونال بعضهم الجنسية السودانية، واتخذوا المعسكر وطناً ومستقراً، وتبدت هذه الحقيقة في أبنائهم وهم يتجهون صباحاً للمدارس، وفي منازلهم التي جعلوا لها أسوارا وشيدوا فيها غرفا، بل هناك من ي?تلك أعداداً كبيرة من الماشية وخاصة الإبل، وتقدر أعدادها بأكثر من الف رأس، اما السوق فيضم بين جنباته متاجر متنوعة ومقاهي وأندية مشاهدة وصوالين حلاقة وموقف مواصلات الى القربة وود الحليو، وابرز مظاهر السوق لافتات المحال التجارية التي تكتب بلغة التقراي وليس العربية، ويقتصر وجود السودانيين على الموظفين وافراد القوات النظامية واللاجئين الذين نالوا الجنسية السودانية، وهؤلاء شاركوا في الانتخابات الأخيرة. ويضم معسكر الشجراب الذي تشرف عليه الأمم المتحدة أكثر من 22 ألف لاجئ ، وهناك معسكرات بمحليتي ود الحليو والقربة، فمعسكر ام علي الذي يضم 3 آلاف لاجئ تحول الى قرية سودانية بعد ان رفعت الأمم المتحدة دعمها عنه، وذات الأمر حدث لمعسكري القربة و «26» اللذين استقر قاطنوهما وبات بعضهم يتمتع بالجنسية السودانية، اما معسكر عبودة فيضم بين جنباته ألفي لاجئ ومازال تحت أشراف الأمم المتحدة، ويقول مصدر ان هذه المعسكرات التي تحولت الى قرى سودانية لا تختلف عن منطقتي حمدايت والقرقرف الحدوديتين اللتين يشكل السودانيين 20% فقط من م?موع سكانهما، مقدرا أعداد الاريتريين فقط بشرق السودان بأكثر من 300 الف نسمة، وأضاف قائلاً: هم على قناعة بأن الأراضي السودانية امتداد طبيعي لإريتريا، وان المستعمر هو من قام بتقسيمها. وأمر هؤلاء اللاجئين مغاير عما هو سائد في الدول الاخرى، وذلك لأن اللاجئ قانونيا عندما يعود الي دولته تنتفي عنه صفة اللاجئ، ولكن الاريتريين الذين يحملون بطاقات الأمم المتحدة يعودون بصفة مستمرة الى وطنهم، والغريب ان معسكرات اللجوء والمدن الحدودية كثيرا ما تتحرك منها «سيرة» عرس الي إريتريا ثم تعود أدراجها ومعهم العروس «كمان»، وشكك ا?مصدر في حقيقة مقاصد الكثير من اللاجئين، مشيرا الى ان معظمهم يفضل البقاء في الحدود السودانية حتي بعد تسلمه بطاقة لاجئ، ولا يتحمس لفكرة الهجرة الى اوربا، مشيرا الى ان هناك من هاجر الى إسرائيل وعاد مجددا للوجود في المدن السودانية الحدودية. وقال موظف سوداني بإحدى المنظمات «طلب عدم ذكر اسمه» ان إجراءات فحص طلب اللجوء في كل دول العالم تتم في الحدود، ويضيف: ولكن في السودان تتم داخل عمقه وهذا خطأ كبير، كما ان قيام المعسكرات بالقرب من حدود الدول التي يأتي منها اللاجئون خطأ آخر، وهو من ناحية أمنية يعتبر مهدداً حقيقي?ً للسودان، يذكر ان معسكرات اللاجئين بكسلا تستقبل في العام الواحد أكثر من 25 ألف لاجئ يدخلون البلاد من منافذ متعددة أبرزها حمدايت، قرقرف، ريفي كسلا، ريفي همشكوريب، قرورة، الفشقة والقلابات. ومن يصل الى معسكرات اللاجئين يكون هدفه الحصول على بطاقة الأمم المتحدة في المقام الأول، وهناك من لا يهتم لأمرها ولا يتوجه الى المعسكرات بعد ان يتسلل الى البلاد ويغادر الى الخرطوم او مصر او يستقر بمدن الشرق المختلفة، علماً بأن الذين يحالفهم حظ السفر من سكان معسكرات اللجوء الي اوربا واستراليا لا يتجاوزعددهم في العام الـ 500?فرد. والتقت «الصحافة» بشباب قضوا سنوات في انتظار فرصة قبول طلبهم للهجرة الى الدول الأوربية، فيما يفضل بعضهم الهروب من المعسكر والبحث عن طرق غير شرعية للهجرة الى إسرائيل وغيرها من الدول. ويري مواطنون التقت بهم «الصحافة» بمحليتي ود الحليو والقربة، ان هناك الكثير من السلبيات التي أفرزتها معسكرات اللاجئين، ويشير الى بعضها المواطن الفاضل حسن قائلا: ماذا استفدنا بصفتنا مواطنين سودانيين من هذه المعسكرات؟ فحسب علمي كان من المفترض ان تقدم منظمة الأمم المتحدة خدمات للقرى المحيطة بالمعسكرات، ولكنها لم تفعل، وكل القرى التي تقع بالقرب من المعسكرات لا توجد بها كهرباء ولا مياه نقيه للشرب، وأيضا اعتقد أن البرنامج الذي أطلقته الأمم المتحدة قبل أعوام الهادف لإدماج اللاجئ في المجتمع المحلي يمثل مهدداً حقيقي?ً، ومن شأنه طمس الهوية السودانية التي تأثرت كثيراً في الشرق بالتدفق الكبير للاجئين الذين باتت ثقافتهم هي الاعلي صوتا، والمنظمة الدولية حسب رأي الكثيرين تريد ان ترفع يدها تدريجيا عن مسؤولية اللاجئين، بل أنها تساعد بطريقة غير مقصودة في تفشي ظاهرة الاتجار بالبشر، وذلك لأن المعسكرات طاردة للاجئين، والأوضاع المتردية تدفعهم للهروب والوقوع في براثن التجار والمهربين، وأتمنى ألا يكون ما يتردد من أنباء حول إلحاق وتبعية مدارس اللاجئين بوزارة التربية بولايتي القضارف وكسلا صحيحا، فنحن لسنا ضد اللاجئين، ولكن أبناءنا أحق?بدعم الدولة الشحيح للتعليم ، واخشى ان يصبح الأمر حقيقية إذا قدمت الأمم المتحدة مغريات للولايات، وساعتها ودون ان ينتبه القائمون على أمر هذه الولايات يصبح هؤلاء اللاجئون سودانيين دون الحاجة لاعتراف الدولة بهم، وهنا لا بد من الإشارة الى ان هناك بعض اللاجئين منحوا الجنسية السودانية رغم أنهم غير مسلمين، وهؤلاء بعد سنوات محدودة سيشكلون رقماً كبيراً بالشرق الذي يمثل فيه الإسلام الديانة الوحيدة بنسبة 100%. ويقول رئيس المؤتمر الوطني بالإنابة بمحلية ود الحليو محمود محمد علي باعو في حديث لـ «الصحافة» إن تسلل اللاجئين أضحى يمضي بوتيرة متصاعدة، مشيرا إلى أنهم باتوا يمثلون 45% من مجموع سكان المحلية، وهو الأمر الذي اعتبره قد افرز الكثير من السلبيات. ويضيف: معسكرات اللاجئين وخاصة الشجراب تحولت لمعسكرات وقرى استيطان، بل أن بعضها تسودن وبات سكانها مواطنين يمارسون كافة الأنشطة الاقتصادية والزراعية، بل في نيتهم السياسية. واعتقد ان أسوأ افرازات هذه المعسكرات التدهور المريع الذي تعرضت له البيئة جراء القطع الجائر للغابات م? قبل اللاجئين، ولهذا السبب لم يعد هطول الأمطار في المحلية مثلما كان في الماضي، ولم يتوقف قطع الأشجار من جانبهم، وذلك لأنه يمثل لهم مصدر دخل. ولأن سكان المنطقة رعاة ومزارعون فقد باتوا يتعرضون لمضايقات كبيرة من اللاجئين خاصة في المراعي، وذلك لأنهم يمتلكون أعداداً كبيرة من الماشية تقاسم ماشيتنا الكلأ رغم محدوديته، والعام الماضي حدث خلاف كبير بين الرعاة من الطرفين كاد يتطور لولا تدخل الجهات الأمنية، وبكل صدق ورغم احترامنا بصفتنا سودانيين لضيوف البلاد، الا ان اللاجئين أصبحوا يمثلون لنا في المحلية والمنطقة المحي?ة مصدر قلق، وأصبحنا أجانب في وطننا، ونحن لا نرفض وجودهم ولكن لا يعقل ان تزداد أعدادهم بصورة متصاعدة وغريبة، وفوق ذلك ليس من المنطق ان يقاسمونا حتى المراعي ومصادر المياه، بل أن بعضهم بات يمارس السياسة ويحاولون الانتماء لعدد من الأحزاب السودانية، ويضيف: الظاهرة الخطيرة التي أفرزتها هذه المعسكرات هي قضية الاتجار بالبشر التي باتت مهنة لأجانب وسودانيين، وبصفة عامة على الدولة الانتباه لخطورة التسلل المكثف للاجئين، وهنا لا بد أن أشيد بالقوات النظامية وخاصة الإخوة في جهاز الأمن الوطني بمحلية ود الحليو الذين يبذلون?جهوداً فوق طاقتهم لضبط الوجود الأجنبي ومكافحة عمليات التهريب والاتجار في البشر. ___________ المصدر : http://www.alsahafa.sd/details.php?articleid=38302 الموضوع الأصلي: معسكر الشجراب للاجئين.. من هنا تبدأ الحكاية | | الكاتب: محقق تاريخي | | المصدر: شبكة بني عبس
آخر تعديل بواسطة محقق تاريخي ، 19-12-2011 الساعة 09:40 PM.
|
|
كسلا: صديق رمضان : ندى فتاة إريترية تبلغ من العمر «19» عاماً مثل غيرها من بني جلدتها حزمت أمرها منتصف الشهر الماضي مقررة الهجرة إلى السودان، وتحركت من اسمرا برفقة «دلاَّل» وهو لقب يطلق علي من يقومون بعمليات التهريب الى السودان، وذلك نظير ثمانية آلاف جنيه سوداني، قطعت يومين من رحلتها سيرا على الأقدام حتى وصلت الى معسكر الشجراب بمحلية ود الحليو بولاية كسلا. وبعد ان لاح لها المعسكر تهللت أساريرها وتنفست الصعداء بعد أن عانت الأمرين من السير في دروب وعرة نهارا وليلا، وظنت انها ودعت المعاناة الى غير رجعه، ولم تكن تدري ان الأقدار تخبئ لها ما لم تضعه في الحسبان، ولمعرفة ما حدث لها نتركها تكمل قصتها التي نبدأ بها رحلتنا مع عالم الاتجار بالبشر: دخلت المعسكر برفقة الدلاَّل الذي اتفقت معه على إيصالي الى المعسكر نظير المبلغ المحدد، وبعد وصولي الى الشجراب ظننت انني مقبلة على خطوة جديدة في حياتي تمهد لي الانتقال الى الخرطوم للحاق بزوجي، ولكن الدلاًّل لم يأخذني الى مكاتب ا?سلطات السودانية والأمم المتحدة لتسجيل اسمي حتي أتمكن من نيل بطاقة اللاجئين. بل اصطحبني الى منزل داخل المعسكر، وحينما سألته عن السبب قال لي اذا لم يستلم المبلغ فلن يطلق سراحي، وطالبني بإجراء اتصالات بأسرتي في اسمرا حتي يتمكنوا من توفير المبلغ الذي كان فوق طاقتهم وجمعه يحتاج لوقت، فطلبت منه ان يتركني أسجل اسمي وأعود الى المنزل الذي كان يحتجزني فيه، غير انه وافق بعد أربع أيام ظللت خلالها حبيسة جدران «قطية»، وكان في المنزل عدد من الفتيات المحتجزات، وذهبت برفقة شاب كلفه بحراستي حتي لا اهرب، وسجلت اسمي ثم قفلت راجعه الي المنزل، ولم أتمكن من إخبار احد، وذلك لأنه هدد بقتلي ان بحت بالسر، ?خلال هذه الفترة التي امتدت لعشرة أيام مارس علي إرهاباً نفسياً كبيراً، وعندما تأخرت «القروش» أعطي والدتي عبر الهاتف فرصة يوم واحد اذا لم ندفع خلاله المبلغ قال بأنه سيبيعني للرشايدة، ونقل هذا التهديد لعمي المقيم بالسودان الذي أحسن التصرف باتصاله بقوات الأمن الموجودة بالمعسكر التي نصبت كمينا للمتهم بعد ان أوهمه عمي بأن القروش عند احدهم بسوق المعسكر، وكانت قوات جهاز الأمن هي التي رسمت الخطة وتابعت تنفيذها حتى تمكنت من دهم المنزل وتحريري ومعي فتاة أخرى، وتم القبض علي المجرمين. قد تبدو «ندى» محظوظة مقارنة مع حالات الكثير من اللاجئين الذين تعرضوا لمواقف مشابهة، وهذا ما أكده لـ «الصحافة» شاب سوداني يعمل بالمعسكر الذي كشف عن ارتفاع وتيرة الاتجار في البشر، وقال متحسراً «للأسف هناك سودانيون ضالعون في هذه الجريمة النكراء» مشيرا الى ان تجارة البشر لم تعد ظاهرة بل تحولت الى عمل منظم يدر دخلا جيدا لممتهنيه، وقال إن هناك تجاراً كباراً مشهورين يعرفهم الجميع ويقومون بادارة هذه التجارة بعيدا عن الأنظار، ويعتبرون بمثابة العقول المدبرة، ولا يعرف لهم مكان وجود واحد، وكشف عنهم بالاسم وهم: عبده ال?شيدي، زمرد، وانقسوم الاريتري الذي اعتبره الشاب السوداني احد اخطر تجار البشر في القرن الافريقي، معتبره القائد الحقيقي لشبكة الاتجار، وقال انه يتنقل بصورة راتبة بين الحدود السودانية الإريترية والإثيوبية، وذلك للحيلولة دون القبض عليه، ويشير رجل خمسيني التقينا به في سوق معسكر الشجراب بعد ان وجدنا صعوبة في استنطاقه، الى ان الاتجار في البشر تطور كثيرا في شرق السودان، ولم يعد بتلك الصورة التقليدية التي كان عليها في الماضي وأكمل في ما مضي كان عبارة عن عمليات تهريب تتم للاجئين عبر الحدود لداخل السودان، ولكن أخيراً?تغير الواقع تماماً، حيث بات العمل أكثر تنظيماً وتقوم به شبكة موجودة في ست دول، وتبدأ عملها من إثيوبيا وإريتريا مروراً بالسودان ومصر وليبيا وانتهاءً بإسرائيل وتركيا وبعض الدول الأوربية، وأعضاء هذه الشبكة على اتصال وتنسيق محكم يصعب اختراقة بسهولة، واللاجئ يتم تهريبه في كثير من الأحيان من المعسكرات وازداد الأمر خلال هذا العام، وفي الفترة الماضية تم تهريب اعداد كبيرة من اللاجئين حسب رغبتهم من معسكر الشجراب الى الخرطوم وسيناء وإسرائيل عبر عربات مجهزة وسريعة، وتتم العملية بتنسيق عبر قدامى اللاجئين الذين يلعبون د?ر الوسطاء والمرشدين بين اللاجئين الجدد وتجار البشر، حيث يهرب اللاجئون من معسكرات الانتظار الى منازل بعض اللاجئين القدامى الذي استوطنوا ونالوا الجنسية السودانية، ويتم الاتفاق على كافة التفاصيل، ثم تأتي عربات التجار في ساعات متأخرة من الليل لأخذ الراغبين في الهجرة من مواقع خارج المعسكر. وخلال الأيام الماضية حدث تبادل نيران بين قوات الأمن والمهربين، وذلك بعد ان تم تضييق الخناق من قبل جهاز الأمن على المهربين الذين وفي سبيل ممارسة تجارتهم لا يتورعون عن الاشتباك وإطلاق النار تجاه قوات الأمن التي في تقديري ورغم ا?جهد الضخم الذي تقوم به في مكافحة التهريب من المعسكر، إلا أنها تحتاج لدعم كبير، وذلك لأن المهمة خطيرة وكبيرة، وتكافحها الدول الاخرى بتوفير اعداد كبيرة من القوات وأجهزة وأسلحة حديثة، وبعض الدول تستعمل طائرات وأعداداً كبيرة من العربات المجهزة. ولم يشأ الرجل الخمسيني وهو سوداني أن يواصل في حديثه، بعد ان اقترب شاب من مجلسنا واعتذر وغادرنا، ولم نفهم سبب ابتعاده، وفضلنا نحن أيضا الابتعاد لنبعد عنا الشبهات والخطر، ولحسن حظنا وجدنا عدداً من الشباب يتحدثون بالقرب من احد محال الحلاقة عن موقف مواصلات إسرائيل، وبسؤالنا احد موظفي المنظمات التطوعية عنه قال: هناك ثلاثة مواقف، وهذه حقيقية، وتقع جنوب شرق المعسكر في شبه غابة تتحرك منها العربات مباشرة الي إسرائيل وسيناء والخرطوم، وقال إن تذكرة إسرائيل تبلغ 8 ملايين و7 ملايين لسيناء ومليون للخرطوم، وأشار الى ان ا?سفريات تتم بسرية في جنح الليل، ويتم من خلالها تهريب اللاجئين الى هذه الجهات الثلاث، وسألته عن طريقة دفع «القروش» فقال: لا يتم دفع المال مباشرة، وفي كثير من الأحيان يدفع عبر تحويلات بنكية من أهل اللاجئ الى بنوك داخل وخارج السودان تحددها الشبكة، وغالباً تأتي الأموال من دول أوروبية، وذلك لأن معظم الاريتريين والاثيوبيين يقيمون في أوروبا واستراليا، وزاد: من لا يدفع او تتأخر أمواله لفترة طويلة من الزمن يتعرض لعمليات اخذ أعضاء تجرى في أماكن متنقلة ومجهزة داخل مصر، وهناك الكثير من اللاجئين يتعرضون للموت في الطريق ?و بعد إجراء عمليات نقل الأعضاء، وهناك لاجئون يتفقون مع المهربين على أن يكون الثمن بيع «كليته»، وذلك لأنهم لا يمتلكون المال الكافي. وقال الموظف إن خطورة هذه الشبكات الإجرامية تكمن في أنها تضم جنوداً وضباطاً سابقين في القوات النظامية الإريترية، وقال ان هؤلاء يمتلكون حساً أمنياً رفيعاً يجعلهم يجيدون رسم وتنفيذ خطط الشبكات، وقدر عدد أفراد هذه الشبكات داخل السودان بـ 300 فرد، ويشير الي ان هناك الكثير من المآسي التي يتعرض لها اللاجئون من قبل تجار البشر، كاشفا عن تعرض أكثر من 15 لاجئاً للموت اختناقا في الطريق الى?مصر بعد الزج بهم في عربة أشبه بالحاوية. وقد تبدو عمليات التهريب من المعسكرات والحدود ومدن الشرق المختلفة الى الخرطوم وإسرائيل ومصر ممارسة عادية لدى البعض، ولكن مثل هذا الاعتقاد والاستسهال هو الذي قاد لبروز ظاهرة أكثر خطورة، وهي خطف اللاجئين المتسللين من الحدود وقبل بلوغهم معسكرات اللاجئين او دخول المدن السودانية، واحتجازهم داخل مخابئ في قرى متعددة تقع في طريق خشم القربة كسلا، وذلك من اجل ابتزاز أهلهم ومساومتهم لدفع فدية لا تقل، كما أشار مصدر، عن العشرة ملايين حتى يتم إطلاق سراحهم، وهذه الممارسة هي الأكثر انتشاراً هذه الأيام وتتم بعيداً عن عيون ا?أجهزة الأمنية، ويقول مصدر إن هذه الظاهرة انتقلت أخيراً من خطف اللاجئين إلى خطف السودانيين، مستدلاً بالأطفال الذين تعرضوا للاختطاف بمدينة كسلا خلال الأيام الماضية، وأنقذتهم عناية السماء من مواجهة ذات المصير الذي يقع فيه اللاجئون. وقال ان حوادث الاختطاف الأخيرة جعلت كل الأسر في كسلا تشعر بالخوف على فلذات أكبادها، متوقعاً حدوث كارثة قبلية اذا استمرت هذه الممارسات، متهما بعض المليشيات بالضلوع في هذا الأمر. وكل أصابع الاتهام تشير الى ضلوع قبيلة الرشايدة في عمليات اتجار البشر من تهريب وخطف وابتزاز، ولكن مصدراً أمنياً أكد ان هناك أفراداً من قبائل أخرى كثيرة ضالعون في هذه الجرائم، وقال إنهم القوا القبض على أكثر من 19 مهرباً خلال الفترة الماضية ينتمون لمعظم اثنيات السودان. واتهام قبيلة الرشايدة الذي يتداوله البعض سرا جعلني أجهر به عندما سألت «الصحافة» القيادي بالقبيلة حامد الرشيدي الذي كشف قبل الإجابة علي تساؤلنا الأسباب الحقيقية لتفشي ظاهرة تجارة البشر بالشرق، وقال: مجتمع الشرق عامة ترتفع فيه نسبة الامية، وهذا ا?امر كان يحتم على الجهات الرسمية رفع الوعي وتبصير المواطنين بخطورة وحرمة الاتجار بالبشر، ولكن حكومات الولايات وخاصة في كسلا لم تفعل، وأيضاً ليست هناك نظرة مستقبلية لخطورة مثل هذه الجرائم التي تبدو مقتصرة حالياً على اللاجئين، ولكن في المستقبل من الممكن أن تتطور وتشمل خطف سودانيين. ومعلوم أن الجريمة اذا لم تجد المكافحة والبرامج الإرشادية ستتفشى. ويلعب ضعف الواعز الديني دوراً أيضا في تنامي هذه التجارة، واعتقد ان ابرز أسباب هذه الجريمة التساهل في تطبيق القانون وتنفيذه، وكثير من الذين يلقى القبض عليهم سرعان ما ي?رج عنهم ويقولون إنهم يدفعون «قروش»، وهو أمر خطير حسب تقديري، ويضيف: الجريمة أصبحت أكثر تنظيماً ولا يمكن إنكارها، وعلي الدولة ان تلتفت إليها قبل ان تستفحل، وللأسف بات المهربون والتجار يعاملون البشر كالحيوانات، ويقول احدهم انه اشترى 15 رأساً من اللاجئين، وهذه أيضا مرحلة خطيرة تستوجب من الدولة الانتباه وعدم التعامل باستسهال، وذلك لأن هذا الأمر يسيء لسمعة السودان في المقام الأول، وعن الاتهام الذي يوجه لقبيلة الرشايدة أكد حامد أنه لا يبرئ أحداً من هذه الجريمة، بيد أنه أشار إلى أن الاتهام الذي يوجه لكل أهل القبي?ة ظالم وليس من العدل، وذلك لأن من يقومون بهذه الممارسات أفراد موجودون في كل مجتمع، ومعلوم أن لكل قاعدة شواذاً، مشيرا إلى ان هناك الكثير من أفراد القبائل يمارسون ذات المهنة، مضيفاً: لماذا الرشايدة فقط، فهناك من يوجد بالخرطوم وينتمي لقبائل مختلفة ويقوم بإرسال عربات الى الشرق تشارك في جريمة الاتجار بالبشر، ويختم: نحن مع القانون وضد تجارة البشر وكل الممارسات السالبة، ولكننا ضد تجريم قبيلة كاملة تضم مثقفين ومتعلمين وسياسيين وحفظة قرآن، وبدلا من اتهام كل القبيلة على السلطات إلقاء القبض على كافة المجرمين. ويرجع خبير اقتصادي «فضل حجب اسمه»، تطور تجارة البشر الى تفشي الفقر بولايات الشرق عامة وكسلا خاصة، ويقول إن البطالة والحاجة دفعت الكثيرين لامتهان هذه المهنة المحرمة شرعاً وقانوناً، مؤكداً خطورتها على سمعة السودان، وقال: إذا كانت الدولة تنتظر دخول مستثمرين أجانب في شرق السودان أو سياح فعليها أن تحارب بجدية ظواهر الاختطاف والابتزاز والاتجار في البشر، وذلك لأن هذه المخاطر من شأنها إبعاد وهروب المستثمرين والسياح الذين يقوم نشاطهم على توفر الأمن بصورة كاملة، وفي تقديري أن القضية أكبر بكثير، ولكن الدولة لا توليها?الاهتمام المطلوب، وهنا تكمن الخطورة في تشجيع هذه التجارة وضرب الاقتصاد الوطني. ويؤكد القيادي بالحزب الحاكم ورئيس اللجنة الاقتصادية بتشريعي ولاية كسلا المهندس محمد سعيد جدية الولاية في محاربة ظاهرة الاتجار بالبشر، ويشير في حديث لـ «الصحافة» إلى أن تشريعي الولاية هو المجلس الأول في السودان الذي يمكن يسن ويجيز ويصدر قانوناً رادعاً في حق من يمارس الاتجار وتهريب البشر، معتبرا ظاهرة اختطاف المتسللين وممارسة أسلوب المساومة على أسرهم سلوكاً خطيراً لا يشبه المجتمع السوداني وضد تعاليم الدين الإسلامي، ويعود رئيس اللجنة الاقتصادية ببرلمان ولاية كسلا للإشارة الى أن القانون الذي تم إصداره أسهم في ?راجع عمليات الاتجار وتهريب البشر. من خلال تجوالنا في معسكرات اللاجئين وداخل مدينة كسلا، وجدنا أن قضية تجارة البشر تتصدر المجالس وتستحوذ على الاهتمام، وبشهادة عدد من الجهات تمضي هذه التجارة في وتيرة متصاعدة، ولكن انطبقت علينا القاعدة الصحفية الشهيرة وهي «ليس كل ما يعرف يكتب»، وعلى الدولة الانتباه لحركة مسلحة جديدة لا تقاتلها مباشرة بل تخرب اقتصاد الوطن وتسيء لسمعته.. تُسمَّى تجار البشر. ___________
المصدر : http://www.alsahafa.sd/details.php?articleid=38358
آخر تعديل بواسطة محقق تاريخي ، 19-12-2011 الساعة 09:54 PM.
|
|
نشكر القيادي بالقبيله الأستاذ | حامد علي سليمان قليل ؛ على دفاعه عن القبيله , و لا نستغرب هذا الدفاع من هذا الشخص القيادي البارز (عضو مفاوضات سلام شرق السودان عن تنظيم : الأسود الحره) , نسأل الله له التوفيق .
|
|
مشكور ايه المحقق التاريخي
وشكر للاخ حامد الرشيدي وبالتوفيق لقبائل الرشايده بالسودان والتقدم والازدهار وتقبل تحيات ابنكم |
|
مشكوور على الطرح ولاهنت
|
مشكوور على الطرح ولاهنت
|
|
مشكوور على الطرح ولاهنت
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
تفضل الشيخ / محمد بن راشد الهاشمي بتكريم 35 محاميا و ناشطا في اليوم العالمي للاجئين | غرام الورد | المنتدى العــــــــــــــــام | 0 | 04-07-2013 07:20 PM |
خالد عبد الرحمن >>الحكاية>2013 | ((همس المشاعر ) | قسم القصائد الصوتية | 4 | 06-04-2013 08:44 PM |
انتهت الحكاية وما انتهت البطل شباب أو اهلي في جدة من بوابة الانصار والرائد والهلال .. | عايد2001 | منتدى الرياضه والشباب | 6 | 10-04-2012 05:10 PM |
ابن رشيد و معسكر الرشايده بالكويت . | محقق تاريخي | منتدى قبيلة بني رشيد | 2 | 11-11-2011 06:11 PM |
مخيمات جُهزت للاجئين وخادم الحرمين يأمر بتوفير المساعدات عاجلاً | سالم المظيبري | المنتدى الإعلامــــي | 4 | 15-05-2009 03:10 PM |