|
خيارات الموضوع |
|
تمهيد : الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى ، وبعد : فنحن في موسم فاضل من مواسم الله (تعالى) ، ألا وهو (عشر ذي الحجة) ، فيه من الأعمال والنوافل ما يتقرب بها العبد إلى الله (تعالى) لعله أن تصيبه نفحة من نفحاته (تعالى) ، فيسعد به في الدارين ، سعادة يأمن بها من الموت وشدته ، والقبر وظلمته ، والصراط وزلته . و (عشر ذي الحجة) موسم فيه كثير من العبادات المتنوعة التي يمتاز بها عن غيره ، قال الحافظ في الفتح : (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه ، وهي : الصلاة ، والصيام ، والصدقة ، والحج ، ولايتأتى ذلك في غيره) [1] . لهذا رأيت تنبيه إخواني القراء إلى الأخطاء التي قد تقع من بعضهم في هذا الموسم ؛ رغبة في معرفتها وتجنبها .. والله الموفق . أولاً : أخطاء عامة : 1- مرور عشر ذي الحجة عند بعض العامة دون أن يعيرها أي اهتمام ، وهذا خطأ بيِّن ؛ لما لها من الفضل العظيم عند الله (سبحانه وتعالى) عن غيرها من الأيام ، فقد صح عنه أنه قال : (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر) . 2- عدم الاكتراث بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد فيها : وهذا الخطأ يقع فيه العامة والخاصة إلا من رحم الله (تعالى) ، فالواجب على المسلم أن يبدأ بالتكبير حال دخول عشر ذي الحجة ، وينتهي بنهاية أيام التشريق ، لقوله (تعالى) : ]وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ .... [[الحج : 28] . والأيام المعلومات : العشر ، والمعدودات : أيام التشريق ، قاله ابن عباس (رضي الله عنهما) [2] . قال الإمام البخاري : (وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ، ويكبر الناس بتكبيرهما) [3] ، وذلك بشرط ألا يكون التكبير جماعيّاً ، ولا تمايل فيه ولا رقص ، ولا مصحوباً بموسيقى أو بزيادة أذكار لم ترد في السنة أو بها شركيات ، أو يكون به صفات لم ترد عن الرسول . 3- جهر النساء بالتكبير والتهليل ، لأنه لم يرد عن أمهات المؤمنين أنهن كبّرن بأصوات ظاهرة ومسموعة للجميع ، فالواجب الحذر من مثل هذا الخطأ وغيره . 4- أنه أحدث في هذا الزمن زيادات في صيغ التكبير ، وهذا خطأ ؛ وأصح ما ورد فيه : ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان : قال : كبروا الله : الله أكبر ، الله أكبر كبيراً ، ونقل عن سعيد بن جبير ومجاهد وغيرهما [اخرجه جعفر الفريابي في كتاب العيدين ] وهو قول الشافعي وزاد : (ولله الحمد) ، وقيل : يكبر ثلاثاً ويزيد : (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) ، وقيل : يكبر ثنتين ، بعدهما : لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد) ، جاء ذلك عن عمر ، وعن ابن مسعود بنحوه ، وبه قال أحمد وإسحاق [4] . وبهذا نخلص إلى أن هناك صيغتين صحيحتين للتكبير ، هما : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ولله الحمد . الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر كبيراً . وما ورد في بعض كتب المذاهب مثل المجموع على جلالة قدر مصنفه من زيادات على تلك الصيغة فهي غير صحيحة ، أو لعلها وردت في غير العشر الأواخر . 5- صيام أيام التشريق ، وهذا منهي عنه ، كما ورد عن الرسول ؛ لأنها أيام عيد ، وهي أيام أكل وشرب ، لقوله [5] : (يوم عرفة ، ويوم النحر ، وأيام التشريق : عيدنا أهل الإسلام ، وهي أيام أكل وشرب) [6] . 6- صيام يوم أو يومين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك في عشر ذي الحجة وعليه قضاء رمضان ، وهذا خطأ يجب التنبه إليه ؛ لأن القضاء فرض والصيام في العشر سنّة ، ولا يجوز أن تقدم السنة على الفرض . فمن بقي عليه من أيام رمضان وجب صيام ما عليه ، ثم يَشْرع بصيام ما أراد من التطوع . وأما الذين يجمعون القضاء في العشر مع يومي الاثنين والخميس لينالوا الأجور كما يقولون فإن هذا قول لا دليل عليه يركن إليه ، ولم يقل به أحد من الصحابة فيما نعلم ، ولو صح فيه نص من الآثار لنقل إلينا ، والخلط بين العبادات أمره ليس بالهين الذي استهان به أكثر العامة[*] . ثانياً : أخطاء في يوم عرفة : 1- من الأخطاء : عدم صيامه ، علماً بأنه من أفضل الأيام في هذه العشر ، وهذا خطأ يقع فيه كثير ممن لم يوفق لعمل الخير ، فقد ورد عن أبي قتادة الأنصاري (رضي الله عنه) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن صوم يوم عرفة فقال : (يكفر السنة الماضية والسنة القابلة) [7] ، وهذا لمن لم يحج ؛ لنهيه عن صوم يوم عرفة بعرفات . 2- قلة الدعاء في يوم عرفة عند أغلب الناس والغفلة عنه عند بعضهم ، وهذا خطأ عظيم ؛ حيث يُفوِّتُ الشخص على نفسه مزية الدعاء يوم عرفة ، فإن الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : (خَيْرُ الدّعَاء دعاء يَوْم عَرَفَةَ ، وَخَيْرُ مَا قُلتُ أنا والنّبِيّونَ مِنْ قَبْلي : لا إلَه إلا الله وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، لَهُ الملْكُ ، وَلَهُ الحَمدُ ، وَهُوَ عَلَى كلِّ شَيْءٍ قَديرٌ) [8] . قال ابن عبد البر : (وفيه من الفقه : أن دعاء يوم عرفة أفضل من غيره ، وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره ، وفي فضل يوم عرفة دليل على أن للأيام بعضها فضلاً على بعض ؛ إلا أن ذلك لا يُدْرَكُ إلا بالتوفيق ، والذي أدركنا من ذلك التوفيق الصحيح : فضل يوم الجمعة ، ويوم عاشوراء ، ويوم عرفة ؛ وجاء في يوم الاثنين ويوم الخميس ما جاء ؛ وليس شيء من هذا يدرك بقياس ، ولا فيه للنظر مدخل ، وفي الحديث أيضاً : دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب كله في الأغلب ، وفيه أيضاً أن أفضل الذكر : لا إله إلا الله ... ) [9] . ثالثاً : أخطاء في يوم النحر : 1- عدم الخروج إلى مصلى العيد ، بل تجد بعض الناس لا يخرج إلى المصلى ، خاصة منهم الشباب ، وهذا خطأ ؛ لأن هذا اليوم هو من أعظم الأيام ، لحديث عبد الله بن قرط (رضي الله عنه) عن النبير قال : (إن أعظم الأيام عند الله (تعالى) يوم النحر ، ثم يوم القر) [10] ، يعني : اليوم الذي بعده . 2- وإذا ما خرج بعضهم خرج بثياب رثة ، بحجة أنه سيحلق ويقص أظافره ويتطيب ويستحم بعد ذبح أضحيته ، وهذا خطأ ، فينبغي للمسلم أن يتأسى بالرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهيئة حسنة وبألبسة جديدة ذات رائحة زكية ، لما ورد عن ابن عمر أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين ، وقد صح الاغتسال قبل العيد عند بعض السلف من الصحابة والتابعين [11] . 3- الأكل قبل صلاة العيد ، وهذا مخالف للمشروع ، حيث يسن في عيد الأضحى ألا يأكل إلا من أضحيته ، لما ورد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه ، قال : كان الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي . قال ابن قيم الجوزية : (وأما في عيد الأضحى ، فكان لا يَطْعَمُ حتى يَرجِعَ من المصلى فيأكل من أضحيته) [12] . 4- عدم تأدية صلاة العيد في المصلى ، بحجة أنها سنة ، وهذا حق ، لكن لا ينبغي لمسلم تركها وهو قادر عليها ، بل هي من شعائر الإسلام فلزم إظهارها من الجميع كباراً وصغاراً ، رجالاً ونساءً ، ومن تركها بدون عذر فقد أخطأ خطأً عظيماً . 5- التساهل في عدم سماع الخطبة ، فينبغي للمسلم أن يستمع للخطبة لما في هذا من الفضل العظيم . 6- التساهل في الذهاب والإياب ، وهذا خطأ ؛ فكان من سنته أن يذهب من طريق ويرجع من طريق آخر . 7- التساهل بترك تهنئة الناس في العيد ، وهذا خطأ ؛ فالزيارات وتجمع العوائل مع بعضها ، والتهنئة فيما بينهم .. من الأمور المستحبة شرعاً ، كأن يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منّا ومنكم ، ونحو ذلك من العبارات التي لا محذور فيها . 8 - اعتقاد بعض الناس زيارة المقبرة للسلام على والد أو قريب متوفى ، وهذا خطأ عظيم ، فزيارة المقابر في هذا اليوم الفاضل بزعمهم أنهم يعايدون الموتى من البدع المحدثة في الإسلام ؛ فإن هذا الصنيع لم يكن يفعله أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، وهم أسبق الناس إلى كل خير ، وقد قال الرسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) [13] ، أي : مردود عليه . قال شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) : قوله : (لا تتخذوا قبري عيداً) [14] قال : (العيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائداً ، إما لعود السنة أو لعودة الأسبوع أو الشهر ونحو ذلك) ، وعلى هذا : إذا اعتاد الإنسان أن يزور المقبرة في يوم العيد من كل سنة بعد صلاة العيد وقع في الأمر المنهي عنه [15] حيث جعل المقبرة عيداً يعود إليه كل سنة ، فيكون فعله هذا مبتدعاً محدثاً ؛ لأن الرسول لم يشرعه لنا ولا أمرنا بفعله ، فاتخاذه قربة مخالفة له) . و نسأل الله للجميع التوفيق والسداد ________________________ (1) فتح الباري ، م4 ، ج5 ، ص 137 . (2) صحيح البخاري ؛ في كتاب العيدين ؛ باب فضل العمل في أيام التشريق ، وانظر : فتح الباري ، ج5 ، ص133 وما بعدها . (3) صحيح البخاري ، ج 1 ، ص 329 . (4) انظر : فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، م4 ، ج5 ، ص 139 . (5) انظر : صحيح سنن أبي داود ، ح/2113 . (6) المرجع السابق ، ح/2114 . (*) ذكر الكاتب في أصل المقال تنبيهات على أخطاء تقع من المضحي لم نذكرها ؛ لأنه سبق للمجلة أن نشرت مقالاً عن أحكام الأضحية في العدد 100 ؛ وذلك رغبة في الاختصار -البيان- . (7) أخرجه مسلم في كتاب الصيام ، ح/1162 . (8) أخرجه مالك في الموطأ ، ج1 ، ص 422 ، ح/246 ، والترمذي : انظر : صحيح سنن الترمذي، ح/2837 . (9) التمهيد ، ج6 ، ص 41 42 . (10) أخرجه أبو داود بإسناد جيد ، قاله الألباني في المشكاة ، ح/2643 . (11) انظر : فتح الباري ، م4 ، ج5 ، ص 112 ، والمغني لابن قدامة ، ج 2 ، ص 370 . (12) زاد المعاد ، ج1 ، ص 441 فصل : في هديه في العيدين . (13) أخرجه مسلم ، ح/1718 في كتاب الأقضية . (14) رواه أبو داود بلفظ : (لا تجعلوا) ، انظر سنن أبي داود ، ح/1796 . (15) انظر : الدرر السنية في الأجوبة النجدية ، 3/289 ، والمدخل لابن الحاج ، 1/286 ، وانظر : أحكام الجنائز وبدعها ، للألباني ، ص 258 الموضوع الأصلي: الأخطاء التي نقع فيهآ عند حلول العشر من ذي الحجه..!× | | الكاتب: راسبه بالحب | | المصدر: شبكة بني عبس
|
|
جزاكـ الله خير الجزاء
وفقك الله لما فيه الخير يارب
|
|
جزيتي خيراً
|
|
|
|
|
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
فضل العشر الأوائل من ذي الحجه ::>> | خابت هقاويك | المنتدى الإسلامـــي | 23 | 03-11-2011 07:28 PM |
من هي المرآة التي تجذب الرجل في هذا العصر | بندرأبن طريف المظيبري | منتدى الأسره والمجتمع | 5 | 02-02-2011 05:26 PM |
العشر من ذي الحجه | رواية | المنتدى الإسلامـــي | 15 | 12-12-2007 09:57 PM |
آفة العصر العصر وبعض الحلول | الاجهر | منتدى الأسره والمجتمع | 9 | 15-10-2007 06:37 AM |
ملف الأخطاء الطبية.. من المسؤول؟ | ابوهلا | منتدى الحوار الهادف | 5 | 21-02-2007 12:55 AM |