|
خيارات الموضوع |
|
في كل مشكلة وإن شئت قل في كل مصيبة تواجهنا جانب مضيء قلَّ أو كثُر ، لن يخطئ طريقه من جـدَّ وطلبه ، وأكثر الناس إنما يتعللون بمكاره الدنيا ومعوقات الأقدار وأنها السبب في صدهم وحجزهم عن السير بخطى ثابتة واثقة في طريق الطـمــوح والإبــداع ! والصحيح أنَّه تعليل لا يستند إلى أي أدلة عقلية ولا نقلية إذا ما نظرنا إلى الحقائق والتجارب ، ولنأخذ عذر أصحاب الأمراض عفانا الله وإياهم وجميع المسلمين منها كمثال ، فإنهم علاوة على الأجر المترتب على هذا المرض إنْ هم احتسبوه عند الله - وهذا جانب مشرق بالطبع - ، يستطيعون أيضاً بجهد وتخطيط سليم أن يتغلبوا على جميع العقبات التي تحول بينهم وبين تفجير طاقاتهم الإبداعية بلا استثناء . ولكل من ادعى أنَّ المرض أقعده عن طموحه وقيَّد قوة الإبداع فيه ، أُهدي هذه النماذج المشرقة لأشخاص بحثوا عن الجانب المضيء في مصيبتهم واستثمروه الإستثمار المناسب : أولاً : محمد أسعد اليساري ؟ هل سمعت بهذا الاسم من قبل ؟ إنــه نابغة الخط الشهير في عصر الخلافة العثمانيــة ؟ إنْ كنتَ لا تعرفه فأرعني جميع حواسك لأخذ العبر من سيرته باختصار . وُلد محمد في استانبول ، مشلول الجانب الأيمن وجانبه الأيسر مصاب بالرعشــة ، ضعيف الجثة ضئيل الحجم لا يستطيع النهوض من مكانه ، وصفوه بأنه (( عبرة القدر )) ! وَجَـدَ أنه لابد أن يقوم بعملٍ يناسب طبيعته فذهب الى الإستاذ المعروف ولي الدين أفندي أستاذ فن الخط ليتعلم فن الخط منه ، وعندما نظر الإستاذ الى حاله لم يتوسم به خيراً فرفض طلبه ، فلم ييأس محمد بل توجه الى أستاذ آخر وبدأ يحضر الدروس ويتعلم بجد ومثابرة عجيبة وبعد أسبوع واحد فقط ؟ كان قد نال الإجازة من الإستاذ و قد أَوْقع الإستاذ والطلبة في حيرة بليغة جداً ، من مستوى النجاح الذي حققه رغم مرضه ، فأُقيم حفل كبير بهذه المناسبة وكان من ضمن الحضور الإستاذ ولي الدين أفندي ، الذي قال عندما رأى خطه : كنتُ سأحظى بهذا الشرف لو كنتُ معلمه ولكن وا أسفاه لقد ضاع من يدي ! وقال في مناسبة أخرى : لقد أرسل الله هذا الرجل ليحطم به أنوفنا ! المهم أنَّ اليساري ذلك المشلول الذي كان يكتب بيده اليسرى والذي كان يُحمل بدنه في سلة إذا انتقل من مكان الى آخر ، أصبح فيما بعد مُعلم الخط في البلاط العثماني وصاحب قلم الخليفة والتعليق على كتبه ، بعد أن فتح طريقاً جديداً في خط التعليق الفارسي . وإذا كانت النفوسُ كباراً .. تَـعِـبَـتْ في مرادها الأجسامُ ثانياً : جان دومينيك بوبي ؟ هل سمعت به من قبل ؟ هذا الرجل فعل شيئاً لا أظن أنَّ هناك من فعله قبله في التاريخ !! فقط عليك أنْ تُكمل ماتبقى من السطور وسترى العجب ؟ هو رجلٌ متزوج وله أبناء يعيش في باريس ويعمل رئيساً لتحرير مجلة إيل وكان إنساناً نشطاً وكثير المشاغل ، وفي عام 1995 م تعرض لسكتة دماغية حادة وهو يقود سيارته في موسم ثلوج ، ومن حسن الحظ استطاع أنْ يوقف السيارة قبل أن يدخل في غيبوبةٍ دامت ثلاثة أسابيع وبعد إفاقته في المستشفى وجد نفسه كائناً مختلفاً تماماً ! لقد أصبح إنساناً عاجزاً عن الحركة كلياً وعن الكلام أيضاً ، من جرَّاء شلل كلي أصابه ، إلاّ أنْ عقله لم يزل سليماً كما كان ، وبعد مدة من اطراحه في المستشفى بلا تحسن يذكر اكتشف أنه يستطيع أنْ يحرك جفن عينه الأيسر ، مما جعله يصمم على إيجاد طريقة للتواصل فقرر أنْ يخترع شفرة لها أبجدية معينة للتعبير عما في نفسه بتحريك جفنه حركات مختلفة ! ومن أجل هذا الطموح النادر أصبح يلتقي بأحد أصدقاءه لمدة ثلاث ساعات يومياً في المستشفى ليتوصلا إلى هذه الشفرة التاريخية ، وبعد مدة نجحا بالوصول الى شفرة خاصة للتعبير عما في نفسه ، ثم بعد مدة قام بتأليف كتابه الذي يحمل عنوان : ( The Diving Suit The Butterfly ) فمن حاولَ الأمرَ المُحالَ بِعَزْمهِ .. يَنَلْهُ ومن يَعْجَزْ عنِ الحزمِ يُحْرَمِ وقد جاء الكتاب المؤلف من 137 صفحة ، نتاج : 200.000 إغماضة عين !! وكتب في أحد سطور الكتاب : يتحرر العقل ليصبحَ كالفراشة ! فهل لأحد بعدهم عذر يُستساغ وحجج تُـقبل ؟ لا أظن ذلك . فاليساري اكتشف أنَّ يدهُ اليسرى بمقدورهِ أنْ يتحكم فيها الى حدٍ ما بالرغم من ارتعاش نصفه الأيسر ، والفرنسي اكتشف أنه يستطيع أنْ يُحرك جفن عينه الأيسر فاستثمرا هذه الجوانب المضيئة وكان ماكان مما سلف ذكره . فيا من ادعى أنَّ المرض أعاقه فتخلَّفَ عن ركب النجاح والإبداع ، لستَ والله وحدك المصاب فقبلك وبعدك وحيثما يممت وجهك في أرض الله وجدت مصاباً ولكن العبرة في مَن احتسب الثواب عند الله وتغلب على هذه العقبة ونجح في التوصل للجانب المضيء ، ولك أيضاً أنْ تنظر إلى سِيَرِ بعض أولئك ، فهذا الشيخ ابن باز أعمى ، والشيخ المجاهد أحمد ياسين مقعد ، والأديب الكبير مصطفى الرافعي أصم ، والقائد العام لفتح الأندلس ، مَن كان طارق بن زياد أحد قواده ألا وهو موسى بن نصير أعرج ، وغيرهم الكثير ولكل واحدٍ منهم قصة نجاح مؤثرة تطرب لها القلوب ، ورحلة بحثٍ مشوّقة عن ذلك الكنز المدفون في الجانب المضيء . إذن فالنبحث عن هذا الجانب في كل مشكلة نواجهها ، ونلتمس مكامن الإبداع والتفوق المتبقية فينا ، وبلا ريب مع القليل من الإصرار ومواجهة التحدي بعزم صادق سنجد المستحيل أصبح بإذن الله طَوْعَ أيدينا . كتبه/ طلال
|
|
|
|
جميل ما كتب هنا أكثر من رائع
قصتان أثرتا بي كثيراً وكما ذكرت أخي فان المصيبه ان وقعت بالمؤمن فيجب أن يشكرا الله كثيرا ويصبر فسبحان الله العظيم يختبرنا ويعطينا وتأكد أخي أن المصيبه مهما طالت فلا بد من شعاع نور في نهاية الطريق ألم يقل سبحانه" فان مع العسر يسرى" ومهما حصل للانسان المؤمن لابد أن يكون عالي الهمه متطلع واثق الخطوه متفائل ومحتسب ويغلف ذلك كله بالرضى الكامل بالله سبحانه شكرا لك وبارك الله فيك بانتظار جديدك
|
|
جزاك الله كل خير
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
إطلاق أضخم وقف للفقراء في قطر | ذرا عبس | المنتدى الإعلامــــي | 2 | 22-06-2011 03:46 PM |
المشاركة الأولى ...... مثال؟ | كاتب الرشيدي | منتدى الشـــعــــر | 26 | 26-10-2010 04:49 PM |
صور أضخم تمثال في دبي ...قيد الانشاء | غزلآن | منتدى الصوروالفيديو والسفر والسياحه | 5 | 09-07-2009 07:27 PM |
% خليجي 19 :: الجولة الأولى :: المجموعة الأولى :: [ تقرير + أهداف المباريات ] % | %القناص% | منتدى الرياضه والشباب | 2 | 06-01-2009 12:34 PM |
أضخم المشاريع التجاريه القادمة $$ | نجودي | منتدى الصوروالفيديو والسفر والسياحه | 2 | 14-12-2007 10:09 AM |