|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
|
تتنوع الامراض التي تدعى بامراض العصر وتتعقد باستمرار وبالتوازي مع تقدم البشرية في مجالات التطور العلمي والاجتماعي ومختلف مجالات الحياة الاخرى. فبالاضافة الى الامراض الفايروسية والعضوية والنفسية، هناك مرض تعاطي وادمان المخدرات.
وهو مرض مثير للذعر والرهبة الى حد كبير لدى كل مجتمعات العالم المدركة لخطره. حيث يعد الادمان على المخدرات احد امراض العصر المستعصية. وما برحت الجهات الطبية والعلمية والمنظمات الانسانية والنقابية والمهنية والجهات الدولية والحكومية الرسمية والاهلية تبرز اهتماما كبيرا لهذا الموضوع باعتبار ان للتداول او تعاطي او الادمان على المخدرات اخطارا مفزعة وشنيعة تهدد متداوليها او متعاطيها خاصة والمجتمعات البشرية عامة. ففي ايران مثلا تفاقمت الازمة رغم الجهو المبذولة من قبل الحكومة، حيث " لا حظ مسؤولون ايرانيون رسميون واهليون ارتفاع ما سموه – الفحشاء والمنكر- في الجمهورية الاسلامية بنسب تزيد عن 63 %، وانخفض عمر الانحراف من 27 عاما الى 20 عاما، خلال السنوات القليلة الفائتة، فيما تشير الاحصاءات الى ادمان نحو مليون ايراني تعاطي المخدرات وان نحو 700 ألف يتعاطونها لم يبلغوا بعد مرحلة الادمان. ومن الارقام المخيفة ايضا اكتشاف نحو 780 ألفا من المتعاطين والمدمنين في المدارس والجامعات. ويستخدم عدد من هؤلاء من جانب المافيا في عمليات التوزيع والبيع". (1) وفي المغرب "نجد أن 20٪ من الطلبة في الوسط الجامعي سبق لهم أن استعملوا المخدرات، 3الى 5٪ منهم بصفة دائمة، وفي الوسط الاعدادي والثانوي 10٪ من التلاميذ استعملواالمخدرات 2٪ من بينهم بصفة دائمة. وحسب بحث علمي قامت به جمعية نسيم للوقاية من المخدرات بالمركزالجامعي للطب النفسي ابن رشد بالدارالبيضاء فإن مجموع السكان بالدارالبيضاء الذين يتعاطون الحشيش يصل الى 2.3٪ و 4٪ طلبة جامعيين يتعاطون للمخدرات".(2) هذا علما ان 80 % من عمليات ضبط المخدرات على المستوى العالمي كانت في ايران حسب مكتب مكافحة المخدرات التابع للامم المتحدة في تقريره لعام 1999. وبالتاكيد فان السبب الاكبر لوضع الايراني هو ناتج عن وقوعها على حدود واحدة من اكبر بلدان الزراعة في العالم وهي افغانستان "ان انتاج افغانستان من المواد المخدرة قد تضاعف عن العام الماضي (1999) وبلغ 2600 طن، وان 90 % من افيون العالم ينتج في هذا البلد، ويتخذ من ايران وآسيا الوسطى معابر للوصول الى السوق الاوربي". (2) وفي مصر اكد المؤتمر العاشر لرؤساء اقسام مكافحة المخدرات ان " في عام 1998 بلغت الكميات المضبوطة من مخدر البانجو 31 طن، في عدد 20 ألف قضية، كما بلغت المساحة التي كانت مزروعة ودمرت 239 فدانا. اما في عام 1999 فقد بلغت الكمية المضبوطة منه 22 طنا بانخفاض قدره 9 % عن عام 1998. بينما كان عدد القضايا التي تم ضبطها 28 ألف و 700 قضية اي بزيادة حواليس 30 % في عدد القضايا عن عام 1998. كما بلغت المساحة التي تم تدميرها 756 فدانا اي بزيادة 216 % عن عام 1998". (3) وهناك امثلة كثيرة لبلدان اخرى لا يزامل مأزقها الرئيسي وشاغلها هو القضاء او مكافحة المخدرات، واول امثلة ذلك هي كولومبيا. ونتيجة لاخطار المخدرات المعلومة وهذا الاهتمام المتزايد شرعت اسلحة كثيرة لمكافحتها باعتبارها آفة تهدد المجتمعات البشرية كما توصف هكذا. ولعل افضل وانجع السبل لتوخي وتوقي خطرها هو التوعية بهذه الاخطار، ويتخذ هذا العمل اشكالا عدة تنهض باعبائها المنظمات الانسانية والمهنية والشبابية والاعلامية والصحية وغيرها. ولعل عملنا هذا يدخل فى عداد هذا الامر. تتناول هذه الورقة الفقرات التالية: اولا: تعريف بمفهوم المخدرات علميا، قانونيا واجتماعيا. ثانيا: لمحة تاريخية عن المخدرات. ثالثا: انواع وتصنيفات المخدرات. رابعا: مراحل الادمان على المخدرات. خامسا: اسباب انتشار المخدرات. سادسا: الاسباب المؤدية لتعاطيها. سابعا الاضرار التي تسببها المخدرات. ثامنا: طرق الوقاية. تاسعا: سبل العلاج. تعريف المخدرات (drugs): هناك عدة تعريفات لمفهوم المخدرات، وبالامكان تصنيفها الى طبقا الى مضامينها وجهات تحديدها، وذلك الى مايلي: المفهوم العلمي للمخدرات: هي مادة كيميائية تسبب النوم والنعاس وغياب الوعي المصحوب بتسكين الالم. لذلك لا تعتبر المنشطات ولا العقاقير المهلوسة وفق التعريف العلمي من المخدرات. بينما يعتبر الخمر من المخدرات (4). المفهوم القانوني: هي مجموعة من المواد التي تسبب الادمان وترهق الجهاز العصبي، ويحضر تداولها او زراعتها او صنعها الا لاغراض يحددها القانون، ولا تستعمل الا بواسطة من يرخص له بذلك. (5) اما في التعريف الطبي، فهي كل مادة سواء كانت نباتية او كيميائية او مركبة ذات خواص معينة تؤثر على متعاطيها، وتجعله مدمنا لا اراديا عليها، باستثناء تعاطيها لغرض العلاج من بعض الامراض (وحسب اشراف طبي)، وتشكل ضررا على المتعاطي سواء كان نفسيا او صحيا او اجتماعيا. (6) وعرفتها لجنة الخبراء التابعة لمنظمة الصحة العالمية عام 1969، على انها مكل مادة تدخل جسم الكائن الحي وتعمل على تعطيل واحدة او اكثر من وظائفه. (7) المفهوم الاجتماعي: يعرفها بانها تلك المواد التي تؤدي بمتعاطيها ومتداولها الى السلوك الجانح، وهي ايضا حسب الاختصاصيين الاجتماعيين، تلك المواد المذهبة للعقل فياتي مستعملها سلوكا منحرفا. (8) المخدر في اللغة: هي كل مادة تحدث خدرا في الجسم الذي يتناولها. والمخدر يشمل القلق والحيرة والفتور والكسل والثقل والاضطراب والتسيب. (9) اما الادمان (addiction): فهو حالة تسمم دورية او مزمنة تلحق الضرر بالفرد والمجتمع تنتج من تكرار تعاطي عقار طبيعي. (10) وقد حددت لجنة الخبراء في البحوث التابعة للامم المتحدة المتفرعة عن هيئة الصحة العالمية عام 1957 الادمان بانه: (11) 1- رغبة عالية، او حاجة قهرية الى الاستمرار في تعاطي العقار والحصول عليه باي وسيلة. 2- ميل الى زيادة الجرعة المعطاة. 3- اعتماد نفسي وعضوي على آثار العقار. 4- تأثير ضار بالفرد والمجتمع. لمحة تاريخية: عرفت المخدرات منذ القدم واستعملها بعض الناس في جلب المنفعة وفي تسكين الآلام والاوجاع. ولكن كان استعمالها محدودا وخطرها مجهولا، حتى الطب لم يدرك خطرها خارج النطاق الطبي الا منذ عهد قريب. (12) ولا شك ان اكتشاف هذه المواد جاء بصورة عفوية او بطريق الصدفة، او ربما بالتجربة نتيجة البحث عن علاج جراء تعامل الانسان مع الطبيعة بصورة مباشرة لغرض العيش وايجاد حلول مناسبة تساهم في حل مشاكله ومنها الصحية لاشك. عرفت المجتمعات الانسانية منذ فجر التاريخ نبات القنب الهندي والذي استخرج من اليافه وانسجته عدة اغراض استخدمها الانسان ومنها التخدير... تشير الدراسات الى ان الصينيين عرفوا ذلك قبل ميلاد السيد المسيح بثمان وعشرين قرنا، ولم يستعملوه كمخدر مثل جيرانهم الهنود الذين استعملوه في طقوسهم الدينية.. كما ان الكهنة المسيحيين استعملوا بدورهم القنب الهندي كمادة مخدرة في الطقوس والمراسم الدينية. (13) وفي البلاد العربية عرفت المخدرات ايضا منذ فترة طويلة وعلى المنوال السابق في بعض بلاد العالم الاخرى، فالحشيش كما يقول ابن البيطار، كان يزرع في مصر، وكان الفقراء يتعاطون هذا العقار. (14) اما القات فقد انتقل الى اليمن حينما غزتها الحبشة عام 925 م، وانتقل من اليمن الى بعض المناطق في فلسطين مع هجرة اليهود من اليمن. وعرفت بلاد الرافدين وحضارة النيل سابقا الافيون، وتكلمت اوراق البردي المصري عنه منذ 1500 قبل الميلاد، كما سبق، الا انه لم يتحول الى موضوع للتعاطي كما تحول الحشيش والقات. (15) انواع المخدرات: بالامكان ادراج عدة انواع للمخدرات وعلى الوجه التالي: اولا: المخدرات الطبيعية: وهي عبارة عن نباتات واعشاب يتناولها الناس بشكلها الطبيعي الخام، واهمها (16) 1- الافيون: ويستخرج من ثمرة نبات الخشخاش (مادة سمراء اللون). (17) 2- الحشيش: ويحصل عليه من نبات القنب الهندي وخاصة من ازهاره، ويستخدم عن طريق اللف مع السكائر، او مع الجوزة (الناركيلة) او يذاب في مشروب ساخن. وهو شائع باسمه العربي (hasj) في الغرب وخاصة هولندا التي تسمح بتعاطيه قانونا. وهناك مقاه خاصة لذلك. 3- القات: نبات تمضغ اوراقه وتمص خلال عدة ساعات من التخزين. وهو شائع في اليمن ومنطقة القرن الافريقي خاصة الصومال والحبشة. 4- الكوكا: نبات تمضغ اوراقه وتمص بطريقة مشابهة لاستعمال القات. 5- البانجو: وهو مخدر نباتي شائع الاستعمال والزراعة في مصر. ثانيا: مخدرات كيمياوية وهي عبارة عن مواد تستخلص من المخدرات الطبيعية الخام، ويتم اعدادها بطريقة كيمياوية ومنها: 1- الكوكايين: ويستخرج من اشجار الكوكا، ومفعوله اقوى من اشجار الكوكا بخمسين مرة، وهو مسحوق ابيض عديم الرائحة وخفيف الملمس في النتيجة يشبه الثلج. 2- الهيرويين: مسحوق ابيض، وهو احد مشتقات المورفين قابل للذوبان في الماء ويستخدم بواسطة التدخين بخلطه مع التبغ او حرقه على رأس سيكارة متوهجة لغرض استنشاقه. 3- العقاقير الطبية التي يساء استعمالها مثل المورفين والفاليوم " باركينول وهو احدث عقار دخل عالم المخدرات، فالمدمنون والتجار يطلقون عليه مخدر –الصراصير- لانهم بعد تناوله يخيل لهم ان كل من امامهم عبارة عن صراصير". (18) انواع عقاقير الادمان: (19) هناك عدة انواع لعقاقير الادمان وهي: 1- الافيون الخام 2- الهيرويين 3- الافيونات الثانوية 4- الكوكا والكوكايين 5- القنب الهندي (الحشيش) 6- عقاقير الهلوسة 7- الافيتامينات 8- القات 9- البارابيتورات والمهدئات 10- نوع آخر يسمى المطمئنات 11- مواد طيارة استنشاقية مثل البنزين، الصمغ، مزيلات الطلاء. مراحل الادمان: توجد مرحلتان رئيسيتان للادمان وهما: اولا: الادمان العقلي والنفسي: ويمتاز بعدم القدرة النفسية على الاستغناء عن المخدر والميل الشديد للتعاطي، صعوبة الانقياد والشرود الذهني وعدم التركيز. ويوصف الادمان بانه عبودية الجسد والعق للمخدر. (20) ثانيا: ادمان عضوي: وهي مرحلة خطيرة، حيث يجد الشخص نفسه مضطرا لتعاطي المخدرات نتيجة حاجة عضوية ماسة. وتتميز هذه المرحلة بشيئين (21): 1- التعود نتيجة تكرار تعاطي المخدر، ويؤدي الى تغيرات عضوية في الجسم يصاحبه حاجة ماسة لزيادة الجرعة. 2- اعراض انسحابية: وهي رد فعل فسيولوجي نتيجة مشروطة تطرأ بتوقف المتعاطي للمخدر فجأة، وهذه الاعراض تتمثل في فقدان الشهية، عدم الهدوء، الخذلان، ضعف العضلات، الانفعال، التنفس السريع. ومع التقدم في التعاطي تشتد هذه الاعراض لتصل الى درجة حرجة: كالتقيوء، انقباض المعدة، القشعريرة، تصبب العرق، الاسهال الشديد، وفي بعض الحالات تسبب الموت المفاجئ. وقد ارجعت دراسات المجالس القومية المتخصصة اسباب انتشار المخدرات الى مايلي22) 1- تطور التكنولوجيا: حيث ييسر تحضير مقادير من المورفين ومشتقاته الى جانب عدد متزايد من القلويات. 2- التزايد المضطرد في المواد الطبية عامة: وقد ساعد هذا على انتشار العقاقير الاصطناعية ذات التأثير النفسي المعروفة بتاثيرها على نشاط الجهاز العصبي، وبالتالي على المزاج والسلوك. 3- ان البحوث التطبيقية التي قامت بها الصناعات الصيدلية في مجال تطوير الوسائل العلاجية، تمخضت عن آثار جانبية سلبية تمثلت في سوء استخدام مواد أعدت اصلا للوقاية من الامراض وعلاجها. 4- ان تطور وسائل النقل والاتصال والتجارة الدولية، كان من آثاره السلبية انتشار هذه المواد الاصطناعية الى جانب المخدرات الاخرى مع استفحال اساءة استعمالها. العوامل المؤدية الى تعاطي المخدرات: ويمكن ادراجها في عداد العوامل التالية: اولا: عوامل اقتصادية: 1- ارتفاع مستوى المعيشة، مما يلقي اعباءا كثيرة على كاهل الفرد، تجعله عاجزا تجاهها، مما يدفعه الى التعاطي محاولة منه للهروب من واقعه الاجتماعي. 2- البطالة، وذلك نتيجة لما تتركه من ضغوط كبيرة في مواجهة الحياة، ونتيجة لما يعانوه من قلة فرص الحياة، وتوفر وقت الفراغ لديهم. 3- ازدياد متطلبات الحياة بصورة عامة، حيث لم يعد هناك ما يسمى بالحاجات الكمالية، كما كانت بل اصبحت ضرورية، يأتي ذلك مقارنة بعدم ارتفاع دخل الأفراد بصورة متوازية مع التحول في هذه الحاجات اي مع ارتفاع الاسعار عامة كما جاء في النقطة 1 اعلاه. 4- النزعة الاستهلاكية التي بدأت تسود العالم الغربي خاصة وما نقلته لنا من تأثير ايضا، او انها متأصلة فينا نتيجة لبعض قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا التي تلقي بأعبائها على الافراد، ويقف عاجزا اماها فيتحول الى الفعل الانحرافي (تعاطي المخدرات). 5- تأثير وسائل الاعلام: وذلك لما تطرحه من اعلانات ودعايات تجعل اللعاب يسيل لها بالنسبة للكثيرين وخاصة ضعاف النفوس الذين لا يقدرون قابلياتهم وحدود امكانياتهم المادية والاجتماعية فيقعون تحت تاثير تلك النزعة لنيل معظم ما يطرح. ثانيا: العوامل النفسية: هناك مجموعة عوامل نفسية تمارس تأثيرا كبيرا على الشخص فيضطر معظم من يتعرض لها الى الاستسلام، فتكون نتيجة ذلك ممارسته للهروب من الواقع فيقع فريسة لتعاطي المخدرات او الخمور او كليهما. ومن هذه العوامل : 1- الضغوط النفسية الكبيرة نتيجة للإحباط في عمل او مسعى معين او تلبية حاجة معينة. 2- الشعور بمركب النقص نتيجة عاهة معينة او عوق او عدم مجاراة الاخرين في مستويات معيينة طبقية او ثقافية او غيرها. 3- الشعور بالفشل وعدم القدرة والكفاءة. 4- رغبة شخصية في التجريب او حب الاستطلاع والمجازفة، او توهم بان التعاطي يدل على الاستقلالية وقوة الشخصية. (23) 5- عدم الرضا الحياتي بصورة عامة. 6- الاغتراب واللامعيارية او بصورة عامة التقاطع مع قيم المجتمع السائدة، لعدم مسايرتها للتطور الحياتي او ما قد يراه هو (الشخص المتعاطي) كذلك. ثالثا: العوامل الاجتماعية: تؤثر انماط الحياة والعوامل والقيم الاجتماعية والارتباط الدقيق بالدين تأثيرا فعالا في احتمالات ادمان المخدرات (24) والخمور. وهناك جملة عوامل اجتماعية لايمكن لأي باحث او مهتم ان يجهلها او يتجاهلها وهي: 1- دور رفقاء السوء: حيث اظهرت الكثير من الدراسات التي اهتمت بموضوع تعاطي المخدرات. ان من اهم الاسباب المؤدية الى ذلك هي تأثير رفقاء السوء سواء في الترغيب او الحث او التوريط او التقليد او تيسير فرص ذلك. وتكشف احد هذه الدراسات انه ومن خلال " الإحصاءات عن الأسباب الحقيقية لتعاطي المخدرات اذ أن (87%) منها يعود إلى رفقاء السوء و(65.8) للتفكك الأسري والإهمال و(60%) ضعف الوازع الديني و(47.7%) لضعف الرقابة الأسرية و(41.2%) لضعف التوعية الإعلامية بأخطار المخدرات و(41.6%) وقت فراغ و(30.9%) حب التجريب وتقليد الآخرين إضافة للعديد من الأسباب الأخرى". (25) 2- التفكك الاسري: ونعني به النزاعات والصراعات التي تنشب داخل الاسرة او اجواء التوتر والاختلافات الدائمة بين اطراف الاسرة وخاصة الوالد والوالدة والتي تلقي بظلالها سلبيا على الابناء الذين يفتقدون في ظل مثل هذه الظروف للاهتمام والحنان والعطف الاسري وبالتالي يبحثون عن ما يعتقدونه ملجأ لحل المشاكل. او ان الضحية من هذه الصراعات داخل الاسرة هو احد اطرافها (الام او الاب)، حيث يلجأ الى تعاطي المخدرات او الخمور هربا من واقعه كما يتصور. 3- التنشئة الاسرية الفاسدة: حيث لا يمارس الاب او الام او كلاهما دوره في تنشئة وتربية وتوجيه الابناء التوجيه الصحيح. وحيث تكون هناك تفرقة ما بين الابناء في المعاملة. مثلا تفضيل الولد على البنت او الكبير على الصغير او عكس ذلك. او عدم مساعدتهم ومكاشفتهم فيما يمس امورهم الشخصية والبيتية. وتجاهل نجاحاتهم وما يهمهم احيانا. او استخدام القسوة في المعاملة، او ان يكون العكس حيث يتم تدليل او اهمل الابناء بصورة تامة وعدم مساعدتهم في معظم امورهم او ما يبدو فعلا انحرافيا. او قد يكون احد الابوين او كلاهما منحرفا فينعكس سلوكه على الابناء. 4- المحاكاة: وهي تقليد شخص معين من قبل الشخص المنحرف الامر الذي اوصله لحاله هذا، حيث يكون غياب التوجيه وغياب القدوة الحسنة وتأثير النموذج السئ من خلال تهيئة الفرص لطرح نموذجه امر يسير يقود الى انحراف من هذا النوع، حيث يميل الفتيان عادة الى تقليد آبائهم وكذلك الفتيات في غالب الاحيان الى تقليد امهاتهن، او لتقليد نموذج آخر كأن يكون صديقا او اخا اكبر او ممثلا او مطربا او رياضيا، واتباع سلوكه قدر المستطاع خصوصا اذا ما كانت هناك ادوارا ما رسها من هذا القبيل او انها توحي بذلك. 5- تأثير الحي السكني: ما من شك ان للحي السكني دور كبير، فقد دلت دراسات كثيرة على ان طبيعة المنطقة السكنية لها تأثير سلبي كبير اذا ماكانت المنطقة موبوءة، ويكثر مثل هذا في المناطق الهامشية او الفقيرة او احياء الصفيح او المناطق العشوائية نتيجة لما تعانيه من امراض صحية ونفسية واجتماعية، وازمات اقتصادية. كما ان لشروط المسكن السئ ايضا اثر كبير في اقامة فرص الانحراف الذي نراه هنا في تعاطي المخدرات. ويجب عدم تجاهل ان فرص الانحراف في الريف اقل منها في المدن. 6- تأثير وسائل الاعلام: ولذلك دور كبير بسبب ما يعرض من نماذج سيئة من افلام او برامج يغيب فيها الوعي والصورة الصحيحة التي يجب ان تظهر بها هذه البرامج من ان تؤدي رسالتها. 7- ضعف الوازع الديني: حيث ان من يتمسك بدينه لا شك يكون بعيدا عن مواطن الزلل والخطأ. ولما نعلم ان جميع الاديان تدعوا الى السلوك الحسن ونبذ الانحرافات. والدين الاسلامي مثلا قد حث على السلوك المستقيم وتجنب الكبائر التي تؤدي الى انهيار حياة الفرد والاسرة وقيمها السامية. 8- الجو المهني: والمقصود به هنا مكان العمل وفي هذا تأثير ايضا في تهيئة فرص الانحراف او تجنبه. فمثلا صعوبات العمل واعباءه وسلبياته قد تدفع الشخص الى تعاطي المخدرات او توفر النموذج السئ في العمل قد يدفع وخاصة صغار السن من المراهقين الى مجاراتهم. 9- سوء استغلال وقت الفراغ: هو عامل مهم في البحث عن فرص لشغله وتكون النتيجة الى حد كبير هي فرصا انحرافية من نماذجها تعاطي المخدرات والخمور. 10-الجهل عامة وضعف التوعية بخطر المخدرات وما ينجم عنها: وهو ايضا سبب يجب ذكره واللوم هنا يقع على عاتق الجهات المسؤولة سواء كانت حكومية او صحية او اعلامية او اسرية او مدرسية او منظمات اهلية ونقابية ومنظمات المجتمع المدني عامة. الاضرار التي يسببها تعاطي وادمان المخدرات: هناك جملة اضرار يسببها تعاطي المخدرات او الادمان عليها بدرجات اكبر تستحق التوقف عندها واعتمادها عاملا توعويا مهما في التحذير من الوقوع في خطر التعاطي مع المخدرات وهي كالتالي: اولا: اضرار صحية ونفسية: 1- اضطرابات نفسية وعقلية بسبب تأثير المخدر على الجهاز العصبي. 2- خفض مستوى أداء الفرد (المتعاطي) الفكري والتدني في مستوى قدراته الانتاجية. 3- تيسير انتقال امراض عديدة واخطرها مرض الايدز، وذلك نتيجة لاضعاف مناعة الجسم او نتيجة لاستخدام حقن ملوثة. 4- الوفاة احيانا بسبب الانقطاع المفاجئ عن التعاطي باي سبب من الاسباب. او نتيجة لتناول جرعات مركزة من المخدر تؤدي الى توقف القلب عن النبض ووفاة المتعاطي او دخول مرحلة الخطر الشديد كما حصل اخيرا مع نجم كرة القدم الارجنتيني السابق مارادونا، حيث ادخل العناية المركزة بسبب تعاطيه جرعات زائدة. 5- أعراض مرضية تتمثل في: "الشعور الدائم بالدوار ، الإمساك وعسر الهضم، الضعف الجنسي، العشى الليلي، ضغط الدم، زيادة ظاهرة إفراز العرق وحكة في الجلد" (26)، عدم التركيز، الهزال الجسدي عامة وضعف العضلات، الانفعال، التنفس السريع، فقدان الشهية، عدم الهدوء، التقيؤ، انقباض المعدة، القشعريرة، تصبب العرق، اسهال شديد، ولادة الام المدمنة لأطفال مشوهين وغير ذلك. الأضرار النفسية: 1- اختلال وظائف التفكير والتذكر والادراك، حيث يختل ادراك المدمن نحو البطء. 2- انخفاض درجة التحكم، وارتفاع درجة الاستعانة. 3- ازدياد درجتي التردد والتسرع. 4- تتضح الرغبة بالاجتماع بالآخرين. 5- إزدياد قابلية الفرد للاندفاع في شعور الفرح. 6- انخفاض قابلية الشعور بالحزن. ثانيا: الاضرار الاجتماعية والاقتصادية: الاضرار الاجتماعية: وتتمثل هذه في: 1- فقدان الصفات الاجتماعية، حيث يصبح المدمن شخصا غير سوي مع المجتمع. 2- فقدان القدرة على تحمل المسؤولية. 3- ضعف القدرة على التحكم في مختلف المواقف، مما يعني انه يصبح خطرا على المجتمع بحكم موقعه كالسائق مثلا او العامل او الجندي او غيره. 4- ان المتعاطي يصبح نموذجا سيئا للاقتداء من قبل اسرته. 5- ان ممارسات المتعاطي داخل اسرته تتسم بالعدوانية في كثير من الاحيان، مما ينعكس سلبا داخل الاسرة. 6- كما ان سلوك المتعاطي يتسم باللامبالاة وعدم المسؤولية، حيث يتخلى عن مسؤولياته داخل اسرته ومجتمعه. الاضرار الاقتصادية: وتتمثل هذه في ما يلي: 1- انخفاض القدرة الانتاجية للشخص نفسه وبالتالي ينعكس ذلك على اسرته وعلى المجتمع عامة. 2- كما قد يعني ذلك انه يكون عرضه للطرد من عمله مما يشكل ذلك خطرا اكبر عليه وعلى اسرته ومجتمعه. 3- إهدار أموال وطاقات بشرية كبيرة في سبيل ذلك سواء لإجل التعاطي او ما تنفقه الدولة والجهات المعنية في مطاردة المتاجرين والمتعاطين وفي سبيل الإصلاح والعلاج. طرق الوقاية: يمكن اجمال طرق الوقاية بالنقاط التلية: 1- وقاية دينية – اجتماعية، تعتمد التنشئة الدينية الصحيحة والمعتدلة، وتنشئة اجتماعية متوازنة، تعتمد اللين والحزم تجاه الابناء ومتابعتهم في البيت والمدرسة والشارع. 2- عملية – صحية، تقوم على بث الوعي العلمي والصحي من خلال تقوية الاعلام الصحي عن طريق القنوات الاعلامية كافة (المسموعة والمرئية والمقروءة) ومواقع الانترنت المتخصصة، والنشرات والملصقات التي تحذر من خطر المخدرات. وفي هذا الصدد نذكر ان هناك الكثير من النشاطات والجهود التي تبذلها البلدان المهددة بهذا الخطر، مثال المؤتمرات العلمية التي تناقش موضوع المخدرات وخطرها. 3- وقاية قانونية – بوليسية: وذلك من خلال تشديد العقوبة على المتاجرين والمتعاملين والمروجين والمتسترين عليه. هذا بالاضافة الى المتعاطين له. وقد خصصت معظم البلدان المعنية اقساما بوليسية وبحثية لمكافحة المخدرات، كما تخصص دوريات وحراسات كبيرة وترصد لها الاموال الطائلة لمراقبة الحدود واحباط عمليات التهريب. مثال ذلك ما تقوم به ايران لضبط حدودها مع افغانستان. 4- حضارية – ثقافية: وذلك بتنمية الحس الحضاري وفتح آفاق النجاح وفرصه وما تجنيه، وايجاد بدائل مفيدة وشغل اوقات الفراغ بالنشاطات العلمية والثقافية والرياضية. 5- تربية وطنية تعتمد التحذير من مخاطر المخدرات وانها سلاح يستخدم ضد ابناء الوطن، يستخدمه الاعداء لغرض هدم الانسان في بلادنا والنيل من قيمنا وعاداتنا وديننا وثرواتنا. سبل العلاج: من المهم ان نشير الى انه لا يوجد علاج تام ومتخصص للمدمن، ولكن هناك وسائل من شأنها المساعدة في ذلك، حيث لا يوجد عقار يأخذه المدمن فيكف عن التعاطي او يشفي. وهناك اساليب اتبعت مع من نجوا من الادمان، وهي: (27) 1- ارادة قوية ورغبة اكيدة من المدمن في الاقلاع عن التعاطي. 2- رعاية صحية اكيدة تهتم بصحة الجسم. 3- رعاية نفسية مركزة ورعاية اجتماعية متخصصة. 4- تغيير محيط او بيئة رفقاء السوء للمدمن. 5- شغل اوقات الفراغ للمتعاطي. 6- تقوية الوازع الديني. 7- القضاء على اسباب تعاطي المخدرات. وهناك ما يسمى بطرق العلاج السلوكي ومنها طريقة بودن (Boden) والتي تعتمد على ثلاثة مقومات اساسية، (28) وهي: 1- تدريب المدمن على ملاحظة الذات. 2- تدريب المدمن على تقييم الذات. 3- برمجة تعديل السلوك بناء على المعطيات التي يتم التوصل اليها. وبعد فإن الحضارة لا تاتي بحلوها فقط، بل تأتي بمرها ايضا فتيسر وسائل النقل المتطورة مثل طائرات الهليكوبتر والسيارات الحديثة ووسائل التخزين والاخفاء والمتاجرة، والعقاقير المصنعة للعلاج من الامراض اصلا، استخدمت لإغراض التعاطي او الاتجار بالمخدرات. وتكاد البشرية ان تيأس امام مثل هذا الخطر وغيره. فهل الحل في الهروب من المشكلة؟ ام في مواجهتها بالوسائل المتاحة والبحث في أخرى اكثر جدوى؟ أزعم ان الجميع يدعي الحل الثاني او ينشده. * اكاديمي وباحث انثروبولوجي عراقي، عضو هيئة التدريس في جامعة اوربا الاسلامية - هولندا هوامش ومراجع: (1) جريدة الحياة اللندنية، ع (13720)، 4 -10-2000، ص1. (2) حبيبة السايسي، الحرب ضد الادمان لا تحتمل التأجيل، مقال منشور في جريدة العلم المغربية، 26 – 4- 2004. (3) المصدر نفسه، ص16. (4) مجلة أكتوبر، ع(1238)، 16-7-2000، ص58. (5) محمد يسري ابراهيم، الحياة الاجتماعية للمدمن، ط1، دار المطبوعات الجديدة، الاسكندرية، 1991، ص23. (6) عبد السلام الدويبي، الوعي الامني، ط1، مطبعة العدل، طرابلس- ليبيا، 1990، ص45. (7) فؤاد بسيوني، الحقيقة والخيال في ظاهرة انتشار وادمان المخدرات، المعرفة الجامعية، الاسكندرية، ص90. (8) المصدر نفسه، ص9. (9) الدويبي، مصدر سبق ذكره، ص43. (10) عمر السعيد رمضان، دروس في علم الاجرام، ص 11. (11) محمد وهبي، عالم المخدرات، ط1، دار الفكر اللبناني، بيروت، 1990، ص132. (12) محمد زيد، آفة المخدرات، ص 21. (13) ادوار غالي، عالم المخدرات، ط1، مطبعة العدل، بنغازي، 1990، ص132. (14) مصباح ابو غرارة، الوعي الامني – المخدرات، ط1، مطبعة العدل، طرابلس – ليبيا، 132. (15) وهبي، سبق ذكره، ص184. (16) المصدر نفسه، 185. (17) المصدر نفسه، ص185. (18) أكد المؤتمر العام العاشر لرؤساء أقسام مكافحة المخدرات في مصر ان " من النتائج المهمة هو انخفاض وانحسار زراعة نبات الخشخاش ... واصبح المعروض من مخدرات الافيون نادرا بالرغم من زراعته في بعض المناطق النائية في جمهورية مصر العربية".، تحقيق منشور في مجلة اكتوبر المصرية، ع(1238)، 16-7-2000. (19) مجلة اكتوبر، سبق ذكره، ص111. (20) بسيوني، سبق ذكره، ص11. (21) Maarten Vos & Jeanet Zonneveld, Draaiboek: Alkohol en Drugs, een brochure van (Nederland Instituut voor Zoregenwelzijn), Den Haag, 2000, p. 145. (باللغة الهولندية) (22) رمضان، سبق ذكره، ص111. (23) بسيوني، ص90. (24) Maarten Voos & Jeanet Zonneveld, Draaiboek, p. 144. (25) هاني عرموش، امبراطورية الشيطان، ط1، دار النفائس، بيروت، 1993، 306. (26) مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، ظاهرة ادمان المخدرات، http://www.pnic.gov.ps/arabic/social/sociala_provert7.html (27)شبح المخدرات في الدول الاسلامية، تقرير منشور في موقع شبكة النبأ المعلوماتية - الخميس 10/7/2003 http://www.annabaa.org/nbanews/24/032.htm (28) بشير القبي، الوعي الامني – المخدرات، ط4، مطبعة العدل، طرابلس – ليبيا، 1990، ص71. (29) يوسف عبد الفتاح محمد، الصورة الاكلينيكية والافكار والمعتقدات اللاعقلانية لدى مدمني الهيرويين، الموضوع الأصلي: المخدرات واضرارها على النفس والمجتمع | | الكاتب: أمـ الشوق ـير | | المصدر: شبكة بني عبس
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
ماهي اسباب تفكك الاسره والمجتمع؟ | The monsoon | منتدى الأسره والمجتمع | 7 | 12-10-2009 03:35 PM |
الجمعيه السعوديه لطب الاسرة والمجتمع | The monsoon | منتدى الأسره والمجتمع | 2 | 10-10-2009 12:16 PM |
المواقع الإباحية وأثرها على الفرد والمجتمع | ابوعبير | المنتدى الإسلامـــي | 0 | 07-09-2008 03:40 AM |
أ نواع المخدرات ــ واسباب تعاطي المخدرات | الضرغام | منتدى الحوار الهادف | 10 | 23-01-2008 01:36 AM |
قوانين منتدى الأسره والمجتمع | عبسيه كويتيه | منتدى الأسره والمجتمع | 0 | 27-08-2006 12:10 AM |