|
خيارات الموضوع |
|
لا يقتصر الترحيب بالمواسم على البشر فحسب لأنها فترات خاصة جدا للعديد من المخلوقات وخصوصا الجراثيم فالكثافات السكانية تساعد على التنقلات من ضحية إلى الأخرى بسهولة وسرعة... كلما زادت الكثافة، تيسرت آليات الانتشار... وفى الواقع فقد أثرت ظاهرة الانتشار على تاريخ البشرية تأثيرات عجيبة... وكمثال نجد وباء الإنفلوانزا العالمي الشهير «بالإنفلونزا الأسبانية» بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة... كانت آلية عمل جرثومته الأساسية في الإبادة هي الانتشار ثم الاستيطان بداخل أجساد ضحاياه ثم مزيدا من الانتشار والاستيطان وهكذا... جدير بالذكر أنها تفوقت على دمار الحرب العالمية الأولى في قتل البشر... غيرت التركيبة السكانية في أوروبا، بل في العالم حيث فتكت بأكثر من أربعين مليون إنسان خلال فترة حوالى سنتين... أي أن فيروس الإنفلونزا الصغيرة التي تستطيع أن تحشر أكثر من مائة ألف منها في التاء المربوطة في نهاية هذه الجملة تغلبت على جميع تقنيات التسليح في العالم في قتل هذه النفوس البشرية في خلال فترة زمنية تعتبر «غمضة عين» تاريخية... وفى عام 1945 وتحديدا في 16 يوليو تعرف العالم على تطبيقات إحدى قوى الدمار الجديدة والتي تتلخص في الانتشار ثم الانشطار ثم المزيد من الانتشار والانشطار وهكذا... وتلخص هذه الصورة المبسطة تقنية القنبلة الذرية التي ألقيت على «هيروشيما» ثم القنبلة الهيدروجينية التي ألقيت على «نجازاكي»... وكلتا القنبلتين اعتمدتا على تقنية جوهرها الانتشار وتحديدا نشر المواد المشعة بضرب نواة ذرات بجزيئات لتنتج جزيئات ذات طاقة عالية تنتشر وتضرب نواة ذرات أخرى... وتنتشر وتشطر نواة ذرات أخرى ملايين المرات في الثانية... وهكذا كان الحال في صباح السادس من أغسطس 1945 عندما انفجرت القنبلة الأولى فوق هيروشيما فدمرت المدينة بالكامل... وبعدها بثلاثة أيام انفجرت القنبلة الثانية فوق ناجازاكي لتدمرها وكانت الخسائر البشرية المباشرة أكثر من مائة وعشرين ألف قتيل... وبالرغم من هذه القوة العجيبة فهناك ما هو أقوى منها تأثيرا على البشرية وهي آليات نقل الشائعات التي تتميز بخصائص عجيبة في مضمونها وحركتها وأرقام انتشارها... تخيل أن هناك سراً ستبوح به اليوم لشخصين فقط لا غير وعلى سبيل المثال أن المرشح الرئاسي الأمريكي أوباما يستخدم تقنية انتخاب ستستخدم في انتخابات المجلس البلدي في جدة خلال الأشهر القادمة... وخلال أربع وعشرين ساعة سيبوح كل منهما بسرك لشخصين فقط... وهكذا كل يوم... بعد يوم واحد سيكون هناك شخصان ممن سمعوا سر أوباما وتقنيات الانتخابات... وبعد يومين: أربعة أشخاص... وبعد ثلاثة أيام سيصل العدد إلى ثمانية أشخاص... ولكن بنهاية الأسبوع سيكون سرك قد انتقل إلى 128 شخصاً... وبنهاية الأسبوع الثاني: ستة عشر ألف شخص فقط... وبنهاية الشهر الأول: حوالى مائتين وخمسين مليون إنسان يتداولون السر... يعني عدداً يعادل جميع البشر ممن يفوق سنهم الثامنة عشرة سنة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيصلهم السر الذي أعلنته لشخصين فقط... طبعا خلال هذا الانتشار الرهيب سيتعرض السر لإضافة «بهارات» شرق أوسطية إبداعية... وعند وصوله إلى الشخص رقم 250 مليون قد يسمعه بشكل مختلف تماما... ربما أن أوباما مرشح ليصبح رئيس المجلس البلدي في جدة أو أنه يريد أن ينضم إلى المجلس أو ما شابهها من إضافات إبداعية وهذا المثال يفترض أن السر يحتوى على طاقة كافية تهيئه للانتشار وإلا فستفقد إثارتها... ولكن فضلا لا تستهون بقوة انتشار الكلام.
* أمنيــــة : الشطارة أن نحول المحنة إلى منحة وأن نطوع تقنيات العالم لنشر الخير فنفس آليات نشر الغلاسة والتنغيص والشائعات هي أيضا متوفرة لنشر الخير كلمة الحق... أتمنى أن نفلح في تحقيق ذلك... وفضلا لنُبْقِ موضوع أوباما بيننا. والله من وراء القصد. ((منقووووووووول))
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
خيارات الموضوع | |
|
|