|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
الباب الأول فيما أوله همزة 43- إنَّ الْبَيْعَ مُرْتَخَصٌ وَغَالٍ قالوا: أول مَنْ قال ذلك أُحَيْحَةُ بن الجُلاَح الأوْسِيُّ سيد يثرب، وكان سبب ذلك أن قيس بن زهير العبسي أتاه - وكان صديقا له - لما وقع الشر بينه وبين بني عامر، وخرج إلى المدينة ليتجَهَّز لقتالهم حيث قتل خالدُ بن جعفر زهيرَ بن جَذِيمة، فقال قيس لأحَيْحَة: يا أبا عمرو، نُبِّئت أن عندك دِرْعا فبِعْنِيهَا أو هَبْها لي، فقال: يا أخا بني عَبْسليس مثلي يبيع السلاح ولا يفضل [ص 20] عنه، ولَولا أني أكره أن أستلئم إلى بني عامر لوهبتها لك ولحملتك على سَوَابق خيلي، ولكن اشْتَرِها بابن لَبُون فإن البيع مرتخص وغال، فأرسلها مثلا، فقال له قيس: وما تكره من استلآمك إلى بني عامر؟ قال: كيف لا أكره ذلك وخالد بن جعفر الذي يقول: إذا ما أرَدْتَ العزَّ في دار يثرب * فنادِ بصوتٍ يا أحَيْحَةُ تُمْنَعِ رأينا أبا عَمْرٍ وأحَيْحَةَ جَارُهُ * يَبيتُ قريرَ العين غيرَ مُرَوّعِ ومن يأتِهِ من خائِفٍ يَنْسَ خوفَه * ومن يأته من جائِعِ البطنِ يَشْبَعِ فضائلُ كانت للجُلاَح قديمة * وأكْرِمْ بفَخْرٍ من خصالك أربع فقال قيس: يا أبا عمرو ما بعد هذا عليك من لوم، ولهى عنه الباب السادس فيما أولهحاء 1026 - حَسْبُكَ مِنْ شَرِّ سَمَاعُهُ. أي اكْتَفِ من الشر بسماعه ولا تُعَاينه، ويجوز أن يريد يَكْفِيك سَمَاعُ الشر، وإن لم تُقْدِمْ عليه ولم تنسب إليه. قال أبو عبيد: أخبرني هشام بن الكلبي أن المثل لأم الربيع بن زياد العبسي، وذلك أن ابنها الربيع كان أَخَذَ من قيس بن زهير ابن جَذِيمة دِرْعاً، فعرض قيس لأم الربيع وهي على راحلتها في مَسِيرٍ لها، فأراد أن يذهب بها ليرتهنها بالدرع، فقالت له: أين عَزَبَ عنك عَقْلُك يا قيس؟ أترى بني زياد مُصَالحيك وقد ذهبتَ بأمهم يميناً وشمالاً، وقال الناس ما قالوا وشاءوا؟ وإن حسْبَك من شر سماعه، فذهبت كلمتها مثلا، تقول: كَفَى بالمَقَالة عاراً وإن كان باطلا. يضرب عند العار والمقالة السيئة، وما يخاف منها.وقال بعض النساء الشواعر: (هي عاتكة بنت عبد المطلب، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم (التبريزي 2/256)) سَائِلْ بنا فِي قَوْمِنَا * وَلْيَكْفِ مِنْ شَرٍّ سَمَاعُهْ وكان المفضل فيما حكى عنه يذكر هذا الحديث ويسمي أم الربيع ويقول: هي فاطمة بنت الخُرْشُب من بني أنمار بن بَغيض. [ص 195] ما جاء على أفعل من هذا الباب 1448- أَدْهَى مِنْ قَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ. هو سيد عَبْس، وذكر من دَهَائه أشياء كثيرة: منها أنه مَرَّ ببلاد غَطَفان فرأى ثروة وعديداً، فكره ذلك، فقال له الربيع ابن زياد العبسي: إنه يَسُوءك ما يسرُّ الناس فقال له: يا ابن أخي إنك لا تَدْرِي أن مع الثروة والنعمة التحاسد والتباغض والتخاذل، وأن مع القلة التعاضد والتوازر والتناصر. ومنها قوله لقومه: إياكم وصَرَعَاتِ البغي، وفضحات الغدر، وفَلَتَات المزح. وقوله: أربعة لا يُطَاقون: عبد مَلَكَ، ونذل شبع، وأمة ورثت، وقبيحة تزوجَتْ. وقوله: المنطق مَشْهرة، والصمت مَسْتترة. وقوله: ثمرة اللَّجَاجة الحيرة، وثمرة العجلة الندامة، وثمرة العُجْب البغضة، وثمرة التواني الذلة. 1555- رُبَّ عَجَلَةٍ تَهَبُ رَيْثاً. ويروى "تَهُبُّ رَيْثاً" قاله أبو زيد، ورَيْثاً: نصبٌ على الحال في هذه الرواية، أي تهبُّ رائثةً، فأقيم المصدر مقام الحال، وفي الرواية الأولى نصب على المفعول به.وأول من قال ذلك - فيما يحكي المفضل - مالكُ بن عوف بن أبي عمرو بن عوف بن مُحَلِّم الشَّيْباني، وكان سنان بن مالك بن أبي عمرو ابن عوف بن ملحم شَامَ غَيْماً، فأراد أن يرحل بامرأته خماعة بنت عوف بن أبي عمرو، فقال له مالك: أين تظعن يا أخي؟ قال: أطلب موقع هذه السحابة، قال: لا تفعل فإنه ربما خَيَّلَتْ وليس فيها قَطْر، وأنا أخاف عليك بعضَ مقانب العرب، قال: لكني لست أخاف ذلك، فمضى، وَعَرَضَ له مروان القرظ بن زِنْبَاع بن حُذَيفة العَبْسي فأعجله عنها وانطلق بها وجعلها بين بناته وأخواته ولم يكشف لها سِتْراً، فقال مالك ابن عوف لسنان: ما فعلَتْ أختي؟ قال: نفتني عنها الرماح، فقال مالك: رُبَّ عجلة تهبُ رَيْثاً، ورب فَرُوقَة يُدْعَى لَيْثاً، ورب غَيْثٍ لم يكن غَيْثاً، فأرسلها مثلا. يضرب للرجل يشتدُّ حرصه على حاجة ويخرق فيها حتى تذهب كلها. 1583- رُبَّ ساعٍ لِقاعِدٍ. ويروى معه "وآكِلٍ غير حامد" يقال: إن أول من قاله النابغة الذبياني، وكان وفَدَ إلى النعمان بن المنذر وفودٌ من العرب فيهم رجل من بني عَبْس يقال له شقيق، فمات عنده، فلما حبا النعمانُ الوفودَ بعث إلى أهل شقيق بمثل حِباء الوَفْد، [ص 300] فقال النابغة حين بلغهُ ذلك: ربَّ ساعٍ لقاعد، وقال للنعمان: أبقيْتَ للعَبْسِيِّ فَضْلاًونعْمَةً * ومَحْمَدَةً من باقيات المَحَامِدِ حباء شقيق فَوْقَ أعْظُمِ قَبْرِهِ * وكان يُحْبَى قبلَه قبرُ وافِدِ أتى أهْلَهُ منه حِبَاءٌ ونعمة * ورُبَّ امرئ يَسْعَى لآخَرَ قَاعِدِ الباب الثاني عشر : فيما أوله زاي *3* ما جاء على أفعل من هذا الباب 1870- أَسْرَعُ مِنَ حُدَاجَةَ. هو رجل من عَبْس بعثته بنو عَبْس [ص 348] حين قتلوا عمرو بن عمرو بن عدس - إلى الربيع بن زياد ومَرْوان بن زِنْبَاع ليُنْذِرَهُما قبل أن يبلغ بني تميم قتلُ صاحبهم فيغتالوهما فكان أسْرَعَ الناسِ، فضُرِبَ به المثل في السرعة الباب الثالث عشر : فيما أوله سين 3**ما جاء على أفعل من هذا الباب 2033- أشأمُ مِنْ دَاحِسٍ. وهو فرس لقَيْس بن زُهَير العَبْسِي، وهو داحس بن ذي العُقَّال، وكان ذو العُقَّال فرساً لحَوْطِ بن جابر (في القاموس "حوط بن أبي جابر") بن حُمَيْرَي بن رياح بن يَرْبُوع بن حَنْظَلة، وكانت أم داحس فرسا لِقِرْوَاش بن عَوْف بن عاصم بن عبيد بن يربوع يقال لها جَلْوَى، وإنما سمي داحسا لأن بني يربوع احتملوا سائرين في نُجْعَةٍ لهم، وكان ذو العُقَّال مع ابنتي حَوْط بن جابر (في القاموس "حوط بن أبي جابر") يَجْنُبانه، فمرَّتْ به جَلْوى، فلما رآها ذو العُقَّال وَدَى، فضحك شابٌّ منهم، فاسْتَحْيَتِ الفتاتان، فأرسَلَتَاهُ فنَزَا على جَلْوَى فوافق قبولها فأقصت ثم أخذه لهما بعض رجال القوم، فلحق بهم حوط - وكان رجلا سيء الخلق - فلما نظر إلى عين فرسه قال: واللّه لقد نزا فَرَسِي فأخْبِرَاني ما شأنه، فأخبرتاه بما كان، فنادى: يال رياح، واللّه لا أرضى حتى آخذ ماء فرسي، قال بنو ثعلبة: واللّه ما استكرهْنَا فرسَك وما كان إلا منفلتا، قال: فلم يزل الشر بينهم حتى عَظُم، فلما رأوا ذلك قالوا: ما تريدون يابني رياح؟ قالوا: فدونكم الفرس، فسطا عليها [ص 380] حَوْط وجعل يَدَه في ماء وملح ثم أدخلها في رحمها ودَحَسَ بها حتى ظن أنه فَتَحَ الرحم وأخرج الماء، واشتملت الرحم على ما فيها، فَنَتَجَها قِرْوَاش بن عوف داحساً، فسمي داحساً لذلك، والدَّحْس: إدخال اليد بين جلد الشاة ولحمها حين يسلخها، ثم رآه حَوْط فقال: هذا ابن فرسي، فكرهوا الشر، فبعثوا به إليه مع لَقُوحَيْن ورواية من لبن، فاستحيا فردَّه إليهم وهو الذي ذكره جرير حيث يقول: إن الجِيَادَ يَبِتْنِ حول قِبَابِنَا * من آل أَعْوَجَ أو لذي العُقّالِ الباب الثامن عشر : فيما أوله عين 2605- أَعَزُّ مِنْ مَرْوَانِ القَرَظِ هو مروان بن زِنْبَاع العبسي، وكان يَحْمي القرظ لعزه، ويقَال: بل سمى بذلك لأنه كان يغزو اليمن وبها منابتُ القَرَظِ، ووَصِفَ مروان للمنذر بن ماء السماء، فاستوفده عليه، فَقَال له، أنت مع ما حُبِيتَ به من العز في قومك، كيف عِلْمُكَ بهم؟ فَقَال أَبَيتَ اللعن، إني إن لم أعلمهم لم أعلم غيرهم، قَال: ما تقول في عبس؟ قَال: رمح حديد، إن لم تطعن به يطعنك، قَال: ما تقول في فَزَارة، ؟ قَال: وادي يحمى ويمنع قَالَ فما تقول في مرة قَال: لا حُرَّ بوادي عَوْف، قَال: فما تَقول في أَشْجَع؟ قَال: ليسوا بِدَاعِيكَ ولا بِمِجيبيك، قَالَ فما تقول في عبد الله بن غَطَفَان؟ قَال: صُقُور لا تصيدك: قَال: فما تقول في ثعلبة بن سعد؟ قَال: أصواتٌ ولا أنيس.[ص 45] الباب الحادي والعشرون : فيما أوله قاف 2878- قَدْ قِيلَ ذَلِكَ إنْ حَقَاً وإنْ كَذِباً قَالوا: إن أولَ من قَال ذلك النعمانُ بن المنذر اللَّخمىُّ للربيع بن زياد العبسي، وكان له صديقاً ونديماً، وإن عامراً مُلاَعِبَ الأسِنَّةِ وعَوف بن ابن الأحوص وسُهَيلَ بن مالك ولبيدَ بن رَبيعةَ وشَمَّاساً الفَزَاري وقلابة الأسَدِى قَدِمُوا على النعمان، وخَلَّفُوا لَبِيداً يرعى إبلهم، وكان أحْدَثهم سِنّاً، وجعلوا يَغْدُونَ إلى النعمان ويرحون، فأكرمَهُم وأحْسَنَ نُزُلَهم، غيرَ أن الربيع كان أعظمَ عنده قَدْراً، فبَينما هم ذاتَ يوم عند النعمان إذ رجز بهم الربيعُ وعابَهُم وذكرهم بأقبح ما قَدَرَ عليه، فلما سمع القومُ ذلك انصرفوا إلى رِحَالهم، وكل إنسانٍ [ص 103] منهم مُقْبِلٌ على بَثِّه، ورَوَّحَ لبيد الشَّوْل، فلما رأى أصحابه وما بهم من الكآبة سألهم: مالكم؟ فكتَمُوه، فقال لهم: والله لا أحفظُ لكم مَتَاعاً ولا أسْرَحُ لكم إبلاً أو ْتُخْبِرُونى بالذي كنتم فيه، وإنما كَتَمُوا عنه لأن أم لبيدٍ امرَأة من عَبْس، وكانت يتيمة في حَجْرِ الرَّبيع، فَقَالوا: خَالُكَ قد غَلَبَنَا على الملك وصَدَّ بوجهه عنا، فَقَال لبيد: هل فيكم مَنْ يكفيني وتُدْخِلُونني على النعمان معكم؟ فواللاَّتِ والْعُزَّى لأَدَعَنَّهُ لا ينظر إليه أبداً، فخلفوا في إبلهم قلابة الأسدى، وقَالوا لبيد: أوْعندك خير؟ قَال: سترون، قَالوا: نَبُلُوك في هذه البَقْلضة، لبَقْلَةٍ بين أيديهم دَقِيقَة الأغصان قليلة الأوراقَ لاصقة بالأرض تدعى التَّرَبَةُ صِفْهَا لنا واشْتُمْهاَ، فقال: هذه التربة التي لا تُذْكِى ناراً، ولا تؤهل داراً، ولا تَسُرُّ جاراً، عودها ضئيل، وفرعها كَليل، وخيرها قليل، شَرُّ البقول مَرْعى، وأقصرها فَرْعا، فَتَعْساً لها وجَدْعا، القَوابى أخا عبس، أردُه عنكم بتَعس، وأدعه من أمره في لَبْس، قَالوا: نُصْبِحُ فنرى رَأينَا، فَقَال لهم عامر: انظر هذا الغلام، فإن رأيتموه نائما فليس أمره بشَيء، وإنما يتكلم بما جاء على لسانه، ويَهْذِى بما يَهْجِس في خاطره، وإن رأيتموه ساهراً فهو صاحبكم، فرمَقُوه، فرأوه قد رَكِبَ رَحْلا حتى أصبح، فخرج القومُ وهو معهم حتى دخلوا على النعمان وهو يتغدَّى والربيعُ يأكل معه، فَقَال لبيد: أبيتَ اللَّعن! أتأذن لي في الكلام؟ فأذن له، فأنشأ يقول: يَارُبَّ هَيْجَا هيَ خَيْرٌ مِنْ دَعَهُ * أكُلَّ يَوْمٍ هامتي مُقَرَّعَهْ نَحْنُ بَنُو أمِّ البَنِينَ الأرْبَعَةْ * وَنَحْنُ خَيْرُ عامر بنِ صَعْصَعهْ المُطْعِمُونَ الجَفْنَةَ المُدَعْدَعَهْ * وَالضَّارِبُونَ الهَامَ تَحْتَ الخَيضَعَهْ يا واهبَ الخَيْرِ الكَثِيرِ مِنْ سَعَهْ * إليكَ جَاوَزْنَا بلاداً مَسْبَعَهْ نُخْبر عَنْ هذَا خَبِيراً فَاْسمَعَهْ * مَهْلاً أبيْتَ اللَّعْنَ لاَ تَأْكُلْ مَعَهْ إنَّ اسْتَهُ مِنْ بَرَصٍ مُلَمَّعَهْ * وَإنَّهُ يُدْخِلُ فِيهَا إصْبَعَهْ يُدْخِلُها حَتَّى يُوارِى أشْجَعَهْ * كأنَّهُ يَطْلُبُ شَيئاً أْطْمَعَهُ ويروى "ضَيَّعَهْ" فلما سمع النعمانُ الشعرَ أفَّفَ، ورفع يَدَه من الطعام، وقَال للربيع: أكذاك أنت؟ قَال: لا، واللاتِ لقد كَذَبَ ابنُ الفاعلة، قَال النعمان: لقد خَبُثَ علىَّ طعامي، فغضب الربيع وقام وهو يقول: [ص 104] لئن رَحَلْتُ رِكَابِى إنَّ لي سَعَةً * مَا مِثْلُها سَعَةٌ عَرْضَاً وَلا طُولاَ وَلَوْ جَمَعْتُ بنى لخمٍ بأسْرِهم * مَا وَازَنُوا رِيشةً مِنْ ريشِ سَمْوِيلاَ فَابْرقَ بأرضكَ يانعمانُ مُتَكِئاً * مَعَ النَّطَاسِىِّ طَوْرَاً وَابنِ توفيلا وقَال: لا أبرحُ أرضَكَ حتى تبعثَ إلىَّ مَنْ يفتشني فتعلم أن الغلام كاذب، فأجابه النعمان: شَرِّدْ بِرَحْلِكَ عَنِّى حَيثُ شِئت وَلاَ * تُكْثِرْ عَلَىَّ وَدَعْ عَنْكَ الأبَاطِيلاَ فَقَدْ رٌميتَ بِداءٍ لسْتَ غاسِلَهُ * مَا جَاوَزَ النِّيلَ يَوْماً أهْلُ إبليلاَ قَدْ قيلَ ذلِكَ إن حَقّاً وإنْ كَذِباً * فَمَا اعْتِذَارُكَ مِنْ شَيء إذا قيلاَ قوله "بنو أم البنين الأربعة" هم خمسة: مالك بن جعفر مُلاعب الأسنة، وطُفيل بن مالك أبو عامر بن الطفيل، وربيعة بن مالك، وعُبَيْدة بن مالك، ومُعَاوية بن مالك، وهم أشراف بنى عامر، فجعلهم أربعة لأجل القافية. و "سمويل" أحَدُ أجداد الربيع، وهو في الأصل اسم طائر. وأراد بالنطاسى روميا يُقَال له سرحون "وابن توفيل" رومى آخر كانا يُنَادمان النعمان. يتبـــــــــــــــــــع ...
الموضوع الأصلي: مجـــــــمع الأمثال ( بنــي عبـــس ) | | الكاتب: فـــديـــتـــكـ | | المصدر: شبكة بني عبس
|
-2925 قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُمْ حَرْبُ دَاحِسٍ وَالغَبْرَاءِ قَال المفضل: داحسٌ فرسُ قيسِ بن زهير ابن جَذِيمة العَبسي،والغَبْرَاء:فرسُ حُذيفة ابن بَدْر الفَزَاري، وكان يُقَال لحذيفة هذا "ربمعد" في الجاهلية، وكان من حديثهما أن رجلاً من بنيعبسيُقَال لهقِرْوَاش بن هنى كان يُبَارِي حمْلَ بن بَدْر أخا حذيفة في داحس والغبراء، فَقَالحَمَلَ: الغبراءُ أجود، وقَال قرواش: داحس أجود، فتَرَاهنا عليهما عشرا في عشر،فأتى قِرْوَاش قيسَ بن زهير فأخبره، فَقَال له قيس: راهنْ مَنْ أحببت وجَنَّبْنيبني بدر؛ فإنهم يظلمون لقدرتهم على الناس في أنفسهم، وأنا نَكِد أباء، فَقَالقِرْوَاشِ: إني قد أوجَبْتُ الرهان، فَقَال قيس: ويْلَكَ! ما أردت إلا أشأمأهل [ص 111] بيت، والله لتشعلن علينا شراً، ثم إن قيساً أتى حَمَلَ بن بدرفَقَال: إني قد أتيتك لأواضِعَكَ الرهان عن صاحبي، فَقَال: لا أواضعكَ أو تجئبالعَشْر، فإن أخذتُها أخذتُ سَبَقِي، وإن تركتها رَدَدْتُ حقا قد عرفته لي وعرفتهلنفسي، فأحْفَظَ قيساً، فَقَال: هي عشرون، قَال حَمَلَ: هي ثلاثون، فتلاجَّاوتَزايَدَا حتى بلغ به قيسٌ مائةً ووضع السبق على يدي غلاق، أو ابن غلاق أحد بنيثعلبة ابن سعد، ثم قَال قيس: وأخيرك بين ثلاث فإن بدأت فاخترت فلى منه خصلتان،قَال حمل: فابدأ، قَال قيس: فإن الغاية مائة غَلْوة وإليك المِضْمَار ومنتهىالميطان - أي حيث يوطن الخيل للسبق - قَال: فَخَرَّ لهم رجل من محارب فَقَال:وقع البأس بين ابنى بَغِيض، فضمروها أربعين ليلة، ثم استقبل الذي ذَرَعَ الغايةبينهما من ذات الإصَاد، وهي ردهة وَسَطَ هَضْب القَليب، فانتهى الذرع إلى مكان ليسله اسم، فقادوا الفرسين إلى الغاية وقد عطَّشوهماوجعلوا السابق الذي يرد ذاتَ الإصاد وهى مَلأى من الماء، ولم يكنثمَّ قصبة ولا غيرها، ووضع حمَل حَيْسا في دِلاء وجعله في شعب من شِعَابهَضْب القَلِيب على طريق الفرسين، فسمى ذلك الشعب "شعبالحَيْسِ" لهذا وكمن معه فتيانا فيهم رجل يُقَال له زهير بن عبد عمرو، وأمرهم إنجاء داحس سابقا أن يردُّوا وَجْهه عن الغاية، وأرسلوهما من منتهى الذرع، فلما طلعاقَال حَمَل: سَبَقْتُكَ يا قيس، فَقَال قيس: بعد اطِّلاع إيناسٌفذهبت مَثَلاً، ثم أجدَّا فَقَال حمل: سبقتك يا قيس، فَقَال:رويداً يَعدون الجَدد، أي يتعدينه إلى الوَعث والخَبَار، فذهب مَثَلاً، فلم دنواوقد برز داحس قَال قيس: جَرْىُ المُذْكِيات غِلاب، ويقَال "غِلاء" كما يتغالىبالنبل، فذهبت مَثَلاً، فلما دنا من الفتية وثب زهير فلَطَمَ وَجْه داحس فردَّه عنالغاية، ففي ذلك يقول قيس ابن زهير: كَمَا لاَقَيْت مِنْ حَمَلِ بْنِ بَدْرِ * وإخْوَتِهِ عَلَى ذاتِالإصَادِ هُمُ فَخَرُوا عَلَى بَغَيْرِ فَخْرٍ * وَرَدُّوا دُونَ غَايَتِهِجَوَادِى فَقَال قيس: يا حذيفة: أعْطُوني سَبقِي، قَال حذيفة خدعتك،فَقَال قيس: تَرَكَ الخِدَاعَ مَنْ أجْرَى مِن مِائِةٍ، فذهبت مَثَلاً، فَقَالالذي وضعا السَّبْقَ على يديه لحذيفة: إن قيسا قد سَبَق، وإنما أردت أن يُقَال:سَبَق حذيقة، وقد قيل، أفأدفع إليه سبقه؟ قَال نعم، فدفع إليه الثعلبي السبق، ثمإن عركى بن عميرة وابن عَمٍّ له من فَزارة نَدَّمَا [ص 112] حُذَيفة وقَالا:قد رأى الناس سبقَ جوادك، وليس كل الناس رأى أن جَوَادهم لُطم، فَدَفْعُكَ السبقَتحقيقٌ لدعواهم، فاسلُبْهُمْ السبق فإنه أقصر باعا وأكلُّ حَدَّا من أن يردك،قَال لهما: ويلكما أراجع فيهما متندما على ما فَرَطَ؟ عَجْزٌوالله، فما زالابه حتى ندم فنَهَى حميصة بن عمرو حذيفة وقَال له: إن قيساً لميسبقك إلى مَكْرُمة بنفسه، وإنما سبَقَتْ دابةٌ دابةً فما في هذا حتى تدعى في العرب ظلوما؟ قَال: أمَّا إذا تكلمت فلا بدَّ من أخذِه، ثم بعث حذيفةابنه أبا قرفة إلى قيس يطلب السبق، فلم يصادفه، فَقَالت له امرأته، هر بنت كعب:ما أحبَّ أنك صادفت قيساً، فرجع أبو قرفة إلى أبيه فأخبره بما قَالت، فَقَال:والله لتعودَنَّ إليه، ورجَع قيس فأخبرته امرأته الخبر فأخذت قَيساً زفراتٌ، فأقبلمتقلّباً ولم ينشَبْ أبو قرفة أن رجع إلى قيس فَقَال: يقول أبي: أعطِنِيسَبْقي، فتناول قيس الرمح فطعنه فدق صُلبه، ورجعت فرسه عائرة، فاجتمع الناس،فاحتملوا دية أبي قرفة مائة عُشَراء، فقبضها حًذيفة وسَكن الناس، فأنزلها علىالنفرة حتى نتجها ما في بطونها.ثم إن مالك بن زهير نزل اللقاطة - وهي قريب من الحاجر - وكان نكح منبني فَزَارَة امرَأة فأتاها فبنى بها وأخبره حذيفة بمكانه، فعدَا عليه فقتله وفيذلك يقول عنترة: لله عَيْنَا مَنْ رَأى مِثْلَ مالك * عَقِيرَةَ قَوْمٍ أن جَرَىفَرَسَانِ فَلْيَتهُمَا لم يَجْرِ يَا نِصْفَ غَلْوَةٍ * وليتهما لم يُرْسَلاَلِرِهَانِ فأتت بنو جذيمة حذيفة: فَقَالت بنو مالك بن زهير لمالك بنحذيفة: رُدُّوا علينا مالنا، فأشار سنان ابن أبي حارثة المّرىّ على حذيفةَ أن لايرد أولادها معها، وأن يرد المائة بأعيانها، فقال حذيفة: أرد الإبل بأعيانها ولاأرد النَّسلَ، فأبوا أن يقبلوا ذلك، فَقَال قيس بن زهير: يَوَدُّ سِنَان لو يُحارب قَوْمَنَا * وفي الحربِ تَفْرِيقَالجَمَاعةِ وَالأزْلُ يَدُبُّ وَلا يَخْفَى ليُفْسِدَ بَيْنَنَا * دَبِيباً كما دَبَّتْإلى جُحرِها النَّمْلُ فيا ابنَيْ بَغِيضٍ رَاجعَا السَّلْمَ تَسْلَمَا*ولا تشْمِتَاالأعداء يَفْتَرقَ الشَّمْلُ وإن سبيلَ الحربِ وَعْرُ مُضِلَّةٌ * وإن سبيل السِّلْم آمنةٌسَهْلُ قَال: والربيع بن زياد يومئذ مجاورُ بني فزَارة عند امرأته، وكانمُشَاحناً لقيس في درعه ذي النور كان الربيع لَبِسَها فَقَال: ما أجودَهَا، أناأحقَ بها منك، وغَلَبه [ص 113] عليها، فأطرَدَ قيس لَبُوناً لبني زياد، فعارضبها عبد الله بن جدعان التَّيمي بسِلاح، وفي ذلك يقول قيس بن زهير: لَمْ يأتِيك وَالأنباءُ تَنْمِي * بِمَا لاَقتْ لَبُونُ بَنِيزِيادِ وَمَحْبِسُهَا لَدَى القُرْشِيِّ تُشْرَى * بأفْراسٍ وَأسْيَافٍحِدَادِ فلما قتلوا مالك بن زهير تَوَاحَوْا بينهم، فَقَالوا: ما فعلحماركم؟ قَالوا: صدناه، قَال الربيع: ما هذا الوحى؟ إن هذا الأمر ما أدرىما هو، قَالوا: قتلنا مالك بن زهير قَال: بئسما فعلتم بقومكم، قبلتم الديةورضيتم، ثم عَدَوْتُم على ابن عمكم وصهركم وجاركم فقتلتموه وغدرتم، قَالوا: لولاأنك جارٌ لقتلناك، وكانت خفرة الجار ثلاثاً، فقالوا: لك ثلاثة أيام، فخرج،وأتبعوه فلم يدركوه حتى لحقَ بقومه، وأتاه قيس بن زهير، فصالحه ونزل معه، ثم دسَّأمةً له يُقَال لها رعية إلى الربيع تنظر ما يعمل، فدخلت بين الكفاء والقصد لتنظرأمحارب هو أم مسالم، فأتته امرأته تعرض له وهي على طُهْر فَزَجَرَها (في نسخة"فدحرها" والمعنى واحد) وقَال لجاريته: اسقِينِي، فلما شرب أنشأ يقول: مُنِعَ الرُّقَادَ فَمَا أُغَمِّضُ حَارِي * جَلَلٌ مِنَ النَّبَأِالمُهِمّ السَّارِى مَنْ كَانَ مَحْزُوْنَاً بمَقْتَلِ مَالِكٍ * فَلْيَأْتِنِسْوَتَنَا بِوَجْهِ نَهَارِ يَجِدِ النِّسَاءَ حَوَاسِراً يَنْدُبْنَهُ * يَلْطُمْنَأوجُهَهُنَّ بالأسْحَارِ أفَبَعْدَ مَقْتَلِ مَالِكِ بنِ زهير * تَرجُو النِّسَاء عَوَاقِبَالأطْهِارِ فأتت رعية قيساً فأخبرته خبر الربيع، فَقَال: أنت حرة، فأعتقها،وقَال وثقت بأبي منصور، وقَال قيس: فإنْ تَكُ حَرْبُكَمْ أمْسَتْ عَوَانَاً * فإنِّي لَمْ أكُنْمِمَّنْ جَنَاهَا وَلكنْ وُلْدُ سَوْدَةَ أرَّثُوهَا * وَحَشُّوا نَارَهَا لِمَنْاصطَلاَهَا فإنِّي غَيْرُ خَاذِلِكُمْ ولكِنْ * سَأسْعَى الآنَ إذْ بَلَغَتْمَدَاهَا ثم قاد بنيعبسوحُلفاؤهم بنيعبد الله بن غَطَفان يوم ذي المريقب إلى بني فزَارة ورئيسهم إذ ذاك حُذِيفة بنبَدْر، فالتقوا؛ فقتل أرطاة أحد بني مخزوم من بنيعبسعوف بن بدر، وقتلعنترة ضمضما ونَفَراً ممن لا يعرف اسمهم، وفي ذلك يقول: وَلَقَدْ خَشِيتُ بأنْ أمُوتَ وَلَمْ تَكُنْ * لِلحَرْبِ دَائِرَةٌعلى ابْنِي ضَمْضَمِ الشَّاتِمَى عِرْضِي وَلَمْ أشتمهما * وَالنَّاذِرَينْ إذا لَمَالقَهُمَا دَمِي [ص 114] إن يَفْعَلاَ فَلَقَدْ تَرْكْتُ أبَاهُمَا * جَزْرَ السِّبَاعِوَكُلِّ نَسْرٍ قَشْعَمِ وقَال: ولَقَدْ عَلِمْتُ إذا التَقَتْ فُرْسَانُنَا * بِلِوَى المُريقِبِأنَّ ظَنَّك أحمقُ |
يوم ذي حسى ثم إن بني ذُبيَان تجمَّعوا لما أصاب بنوعَبْسمنهم أصابُوا،فَغَزَوْا - ورئيسهم حذيفة بن بدر - بنيعبسوحلفاءهم بنى عبدالله بن غطفان ورئيسهم الربيع بن زياد، فتوافَوا بذي حسى، وهو [من] واديالهَبَاءة في أعلاه، فهزمت بنوعبس، واتبعتهم بنوذُبْيَان حتى لحقوهم بالمغيقة - ويقَال: بغيقة - فَقَال: التفاني أو تقيدونا،فأشار قيس على الربيع بن زياد أن يماكرهم، وخاف إن قاتلوهم أن لا يقوموا لهم،وقَال: إنهم ليسوا في كل حين تجمعون، وحذيفة لا يستنفر أحداً لاقتدارهوعُلُوِّه، ولكن نعطيهم رَهَائن من أبنائنا فندفع حَدَّهم عنا، فإنهم لن يقتلواالوالدان ولن يصلوا إلى ذلك منهم مع الذين نضعهم على يديهم، وإن هم قتلوا الصبيانفهو أهونُ من قتل الآباء، وكان رأى الربيع مُناجزتهم فَقَال: يا قيس أتَنْفُخُسَحْرَكْ؟ وملأ جَمْعُهم صَدْرَكْ، وقَال الربيع: أقُولُ ولم أمْلِكْ لِقَيسٍ نَصِيحَةً * أرى مَا يَرَى واللهبالغيبِ أعْلَمُ أنُبْقِي على ذُبْيَانَ مِنْ بَعد مَالِكٍ * وَقَدْ حَشَّ جَانِبيالحَرْبِ نَارَاً تَضَرَّمُ وقَال قيس: يا بني ذُبْيان خُذوا منا رهائن ما تطلبون ونرضاكم إلىأن تنظروا في هذا، فقد ادعيتم ما نعلم وما لا نعلم، ودعونا حتى نتبين دعواكم، ولاتعجلوا إلى الحرب، فليس كل كثير غالباً، وضَعوا الرهائن عند مَن ترضون به ونرضى به،فقبلوا ذلك، وتَرَاضوا أن تكون الرهائن عند سبيع بن عمرو الثعلبي، فدفعوا إليهعِدَةً من صبيانهم وتكافَّ الناسُ، فمكثوا عند سبيع حتى حضَره الموتُ فَقَال لابنهمالك: إن عندك مكرمة لن تبيد إن احتفظت بهؤلاء الأغَيْلِمَةَ وكأني بك لو قدمُتُّ أتاك خالُكَ حذيفة - وكانت أم مالك أخت حذيفة - يَعْصِرُ عينيه ويقول: هلكسيدُنا، ثم يخدعك عنهم حتى تدفعهم إليه فيقتلهم ثم لا تَشْرُف بعدها أبداً، فإن خفتذلك فاذهب بهم إلى قومهم، فلما ثقل سبيع جعل حذيفة يبكي ويقول: هلك سيدُنا، فلماهلك طاف بمالك وعَظَّمَه ثم قَال: أنا خالك وأسنُّ منك، فادفع إليَّ هؤلاءالصبيان، يكونون عندي إلى أن ننظر في أمرنا، فإنه قبيح أن تملك [ص 115] علىشيئاً، ولم يزل به حتى دفعهم إليه، فلما صاروا عنده أتى بهم اليعمرية - وهو ماءبوادٍ من بطن نخل - وأحضَرَ أهلَ الذين قتلوا، فجعل يبرز كل غلام منهم فينصبهغَرَضَاً ويقول له: نادِ أباك، فينادي أباه، فلم يزل يرميه حتى يخرقه، فإن مات منيومه ذاك وإلا تركه إلى الغد ثم يفعل به مثل ذلك حتى يموت، فلما بلغ ذلك بنيعبسأتوْهُمْ باليعمرية، فقتلت بنوعبسمن بني ذبياناثنى عشر رجلا، منهم مالك ويزيد ابنا سبيع، وعركى بن عميرة، وقَال عنترة في قتلعركى: سَائِلْ حُذَيْفةَ حِينَ أرَّشَ بَيْنَنَا * حَرْباً ذَوَائِبُهابِمَوْتٍ تَخْفِقُ (في ديوان عنترة "حين أرث بيننا") وَاُسْأَلْ عُمَيْرَةَ حِيْنَ أجْلَبَ خَيْلُهَا * رفضا غرين بأيِّحَيٍّ تَلْحَقُ يوم الهَبَاءة ثم إنهم تجمَّعوا فالتَقَوْا إلى جفر الهَبَاءة في يوم قائظ،فاقتتلوا من بُكْرة حتى انتصف النهار، وحجَزَ الحر بينهم، وكان حذيفة يحرقَ ركوبالخيل فخذيه، وكان ذا خَفْض، فلما تحاجزوا أقبل حذيقة ومَنْ كان معه إلى جَفْرالهباءة ليتبرَّدُوا فيه، فَقَال قيس لأصحابه: إن حذيفة رجل محرق الخيل نازهوإنه مستنقع الآن في جَفْر الهباءة هو وإخوته، مانْهَضُوا فاتبعوهم،فنهضوا وأتوهم، ونظر حصن بن حُذيفة إلى الخيل - ويقَال: عُيَينة بن حصن - فبَعِلَ(بعل - على مثال فرح - دهش وفرق) وانْحَدر في الجَفر، فَقَال حَمَل بن بدر:مَنْ أبغَضُ الناس إليكم أن يقف على رؤسكم؟ قَالوا: قيس والربيع، قَال: فهذاقسي قد جاءكم، فلم يَنْقَضِ كلامُه حتى وقف قيس وأصحابه على شفير الجفر، وقيسٌيقول: لبيكم لبيكم - يعني الصبية - وفي الجفر حذيفة و مالك وحَمَل بنو بدر،فَقَال حمل: نَشَدْتك الرحم يا قيس، فَقَال قيس: لبيكم لبيكم، فعرف حذيفة أنلنْ يدَعهم، فَنَهَرَ حَمَلاً وقَال: إياك والمأثور في الكلام، وقَال حذيفة:بنو مالك بمالك، وبنو حمل بذي الصبية، ونردُّ السَّبْق، قَال قيس: لبيكم لبيكم،قَال حذيفة لئن قتلتني لا تصطلح غَطفان أبدا، قَال قيس: أبعَدكَ الله! قتلُكَخيرٌ لغطفان، سيربع على قدره كل سيد ظلوم، وجاء قِرْوَاش بني هنى من خلف حذيفة،فَقَال له بعض أصحابه: احذر قرواشا - وكان قد رباه فظن أنه سيشكر ذاك له - قَال: خَلُّوا بين قرواش وظهري، فنزع له قرواش بِمِعْبَلَةٍ (المعبلة: النصلالطويل العريض) فقصم بها صُلبه، وابتدره الحارث بن زهير وعمرو بن الأسلع [ص 116] فضرباه بسيفهما حتى ذَفَّفَا عليه، وأخذ الحارث بن زهير سيفَ حذيفة ذا النون - ويقَال: إنه كان سيف مالك بن زهير، أخذه حذيفة يوم قتل مالك - ومَثُّلُوابحذيفة فقطعوا مَذَاكِيره فجعلوها في فمه وجعلوا لسانه في اسْتِهِ، ورمى جنيدب بنزيد مالك بن بدر بسهم فقتله، وكان نذر ليقتلَنَّ بابنه رجلا من بني بدر، فأحلَّ بهنذره، وقتل مالك بن الأسلع الحارث بن عوف بن بدر بابنه،واستصغَروا عُيَيْنة بن حصن فخَلَّوا سبيله، وقتَل الربيع بن زيادحملَ بن بدر، فَقَال قيس بن زهير يرثيه: تَعَلَّمْ أَنَّ خَيْرَ النَّاس طُرّاً * عَلَى جَفْر الهَبَاءةِلاَ يَرِيمُ فَلَوْلاَ ظُلْمه مَازِلْتُ أبْكِى* عَلَيْهِ الدَّهْرَ مَا طَلَعَالنُّجُومُ وَلَكِنَّ الفَتَى حَمَلَ بنَ بَدْرٍ * بَغَى، وَالبَغْيُمَرْتَعُهُ وَخِيمُ أظُنُّ الحِلْمَ دَلَّ عَلَى قَوْمِي * وَقَدْ يُسْتَجْهَلُالرَّجُلُ الحَلِيمُ ألاقِي مِنْ رِجَالٍ مُنْكَرَاتٍ * فأنْكُرُها وَمَا أنابالظَّلُومِ (هذا البيت ساقط من أكثر المراجع، وفيه الإقواء.) وَمَارَسْتُ الرجَالَ وَمَا رَسُونِي * فَمُعْوَجٌ عَلَىَّوَمُسْتَقِيمُ وقَال زبان بن زياد يذكر حذيقة وكان يحسد سؤدده: وإنَّ قَتِيلاً بالهَبَاءة في اسْتِهِ * صَحِيْفَتُهُ إنْ عَادَلِلْظُلْمِ ظَالِمُ مَتَى تَقْرَؤها تَهْدِكُمْ مِنْ ضَلاَلكُمْ * وَتُعْرَفْ إذا مافُضَّ عَنْهَا الخَوَاتِمُ فإن تسألوا عَنْهَا فَوَارِسَ دَاحِسٍ * يُنْبِئُكَ عَنْهَا مِنْرَوَاحَةَ عَالِمُ ونعى ذلك عقيل بن عُلَّقَة عَلَى عويف القوافي حين هاجاه فَقَال: ويُوقِدْ عَوْفٌ للعشيرة نارَهَا * فَهَلاَّ عَلَى جَفْرِ الهَبَاءةأوقَدَا فإنَّ عَلَى جَفْرِ الهَبَاءةِ هامَةً * تُنَادِي بَنِي بَدْرٍوَعاراً مُخَلَّدَا وإنَّ أبا وَرْدٍ حُذَيفَةَ مُثْفَر * بأيْرٍ عَلَى جَفْرِالهَبَاءَ أسْوَدَا وقَالت بنت مالك بن بدر ترثى أباها: إذا هَتَفَتْ بالرَّقْمَتَيْنِ حَمَامًةٌ * أوْالرَّسِّ فابْكِيفَارِسَ الكَتفَانَ أحلَّ بِهِ أمسَ الجنيدبُ نَذْرَهُ * وَأيُّ قَتِيلٍ كان فِيغَطَفَانِ؟ |
يوم الفَرُوق فلما أصيبت يوم الهبَاءة استعظمت غَطَفَان قتل حُذِيفة، وكبر ذلك عندها، [ص 117]فتجَّمَعُوا، وعرفت بنو عبسأن لا مقام لهم بأرض غَطَفان، فخرجت متوجهة نحو اليمامة يطلبون أخوالهم، وكانت عبلة بنت الدؤل بن خنيفة أم رَوَاحة، فأتوا قتادة بن سلمة، فنزلوا اليمامة زميناً، فمر قيس ذات يوم مع قتادة فرأى قَحِفَاً فَضَرَبَه برجله وقَال: كم من ضَيْم قد أقررتَ به مخافةَ هذا المصرع ثم لم تنشل منه، فلما سمعها قتادة كرهَهَا، وأوْجَسَ منه، فَقَال: ارتحِلوا عنا، فارتحلوا حتى نزلوا هَجَر ببني سعد زيد مَنَاة بن تميم، فمكثوا فيهم زميناً، ثم إن بني سعد أتوا الجونَ ملكَ هَجَرَ فَقَالوا له: هل لك في مُهْرة شوهاء، وناقة حمراء، وفتاة عذراء؟ قَال: نعم، قَالوا: بنو عبسغارُّونَ تُغِير عليهم مع جندك وتُسْهِم لنا من غنائمهم، فأجابهم، وفي بني عبسامرَأة من سعدِ ناكحٌ فيهم، فأتاها أهلُها ليضموها، وأخبروها الخبر، فأخبرت به زوجَهَا، فأتى قيساً فأخبره، فاجمعوا على أن يرحلوا الظعائن وما قوى من الأموال من أول الليل ويتركوا النار في الرِّثَّة (الرثة - بالكسر - السقط من المتاع والخلقان.)، فلا يستنكر ظعنهم عن منزلهم، وتقدم الفُرْسان إلى الفَرُوق، فوقفوا دون الظُّعنُ، وبين الفروق وسوق هجر نصف يوم، فإن تبعوها قاتلوهم وشَغَلوهم حتى تعجل الظُعنُ، ففعلت ذلك، وأغارت جنود الملك مع بني سعد في وَجْه الصبح، فوجَدُوا الظُّعُن قد أسْرَيْنَ ليلتهن، ووجدوا المنزل خَلاَء فاتَّبَعُوا القَوم حتى انتهوا إلى الخيل بالفَرُوق، فقاتلوهم حتى خلوا سربهم، فمضوا حتى لحقوا بالظُّعن، فساروا ثلاثة أيام ولياليهن حتى قَالت بنت قيس لقيس: يا أبتِ أتسير الأرض، فعلم أن قد جُهِدْنَ، فَقَال: أنِيخُوا، فأناخوا، ثم ارتحل، وفي ذلك يقول عنترة: ونحنُ مَنَعْنَا بالفَرُوقَ نِسَاءَنَا * نُطْرَفُ عَنْهَا مُشعلاتٍ غَوَاشِيا خَلَفْنَا لَهَا والخَيْلُ تَدْمِ نُحُورُها * نُفَارِقكُمْ حَتَى تَهُزُّوا العَوَالِيا ألم تَعْلَمُوا أنَّ الأسِنَّةَ أحْرَزَتْ * بَقِيَّتَنَا لَوْ أنَّ لِلْدَّهْرِ بَاقِيا وَنَحْفَظْ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَنَتَّقِي * عَلَيْهِنَّ أنْ يَلْقَيِنَ يَوْماً مَخَازِيا فلحقوا ببني ضبة، وزعموا أن مالك بن بكر بن سعد وعَبْسَاً أخَوَانلأم، ويقَال لهما: ابنا ضخام، فكانوا فيهم زميناً، وأغارت ضبة - وكانت تميم تأكلهم قبل أن يترببوا - فاغاروا على بني حنظلة، فاستاق رجل من بني عبسامرَأة من بني حَنْظَلة في يوم قائظ حتى بَهَرَها ولهثت، فَقَال رجل من بني ضبة: ارْفُقْ بها، فَقَال العبسي: [ص 118] إنك بها لَرَحِيم؟ فَقَال الضبي: نعم، فاهوى العبسي لعجزها بطرف السنان، فنادت: يا آل حَنْظَلة، فشدَّ الضبي على العبسي فقتله، وتنادى الحيان، ففارقتهم عبس، فمرت تريد الشأم، وبلغ بني عامر ارتفاعهم إلى الشأم، فخافوا انقطاعهم من قيس، فخرجت وفود بني عامر حتى لحقتهم، فدعتهم إلى أن ترجعوا ويحالفوهم، فَقَال قيس: يا بني عَبْس، حالِفُوا قَوْمَاً في صبابة بني عامر ليس لهم عَدَدْ فيبغُوا عليكم بعَدَدهم، فإن احتجتم أن يقوموا بنصرتكم قامت بنو عامر، فخالفوا معاوية بن شكل، فمكثوا فيهم، ثم إن شاعراً - يُقَال: إنه عبد الله ابن همام أحد بنى عبد الله بن غطفان، ويقَال: إنه النابغة الذبياني - قَال: جَزَى الله عَبْسَاً عَبْسَ آلِ بغيض * جَزَاء الكِلابِ العَاوِياتِ وَقَدْ فَعَلْ بِمَا انْتَهَكُوا مِنْ رَبِّ عدنان جَهْرَةً * وَعُوف يُناجِيهمْ وَذَلِكُمُ جَلَلْ فَأصْبَحتُم وَالله يَفْعَل ذَلكُمْ * يعزكم مَوْلَى مَوَاليكم شكل فلما بلغ قيساً قَال: ماله قاتله الله أفسد علينا حِلْفُنا؟ فخرجوا حتى أتوا بني جعفر بن كلاب، فَقَالوا: نكره أن تتسامع العرب أنا حالفناكم بعد الذي كان بيننا وبينكم، ولكنهم حلفاء بني كلاب، فكانوا فيهم حتى كان يوم جَبَلة فتَهايجوا في شأن ابن الجون، قتله رجل من بني عَبْسبعد ما كان أعتقه عوف بن الأحوص، فَقَال عوف: يا بني جعفر إن بني عبسأدنى عدوكم إليكم، إنما يجمعون كُرَاعهم، ويُحِدُّون سلاحهم، ويأسونَ قُرُوحهم، فأطيعوني وشُدُّوا عليهم قبل أن يندملوا، وقَال: وإنِّي وَقَيْسَاً كَالْمُسَمَّنِ كَلْبَهُ * فَخَدَّشَهُ أنْيابُهُ وَأظْافِرُه فلما بلغ ذلك بنى عبسأتوا ربيعة بن قُرْط أحد بني أبي بكر بن كلاب، فخالفوه، فَقَال في ذلك قيس: أحاوِلُ ما أحاوِلُ ثم آوى * إلى جَارٍ كَجَارِ أبي دُوَادِ مَنِيعٍ وَسْطَ عكرمَةَ بنِ قَيْسٍ * وَهُوبٍ لِلْطَّرِيفِ وِللْتَّلادَ كَفَاني مَا خَشِيتُ أبُو هِلاَلٍ * رَبِيعَةُ فَانْتَهَيْتُ عَنِ الأعادِى تظّلّ جِيادُهُ يَسْرينَ حَوْلِي * بذَاتِ الرمثِ كالحِدَإ العَوَادِي يوم شعواء ثم إن بني ذبيان غَزَوْا بني عامر وفيهم بنو عبسفي يوم شَعْواء، وفي يوم آخر، [ص 119] فأسر طلحةُ بن سنان قرواشَ بن هنى، فنسبه، فكنى عن نفسه، فَقَال: أنا ثور بن عاصم البكائي، فخرج به إلى أهله، فلما انتهى إلى أدنى البيوت عرفته امرَأة من أشجع أمها عبسية كانت تحت رجل من فَزَارة، فَقَالت لزوجها: إني أرى أبا شريح، قَال: وَمَنْ أبو شريح؟ قَالت: قرواش بن هنى أبو الأضياف مع طلحة بن سنان، قَال: ومن أين تعرفينه؟ قَالت: يتمت أنا وهو من أبوينا فربَّانا حذيفة في أيتام غَطَفان، فخرج زوجُها حتى أتى خزيم بن سنان فَقَال: أخبرتني امرأتي أن أسيرَ طلحة أخيك قِرْوَاش بني هنى، فأتى خزيمٌ طلحةَ فأخبره، فَقَال: لا تغرني على أسيرى لتلبسه مني قَال خزيم: لم أرد ذلك، ولكن امرَأة فلان عرفته فاسمع كلامها، فأتوها فَقَال طلحة: ما علمكَ أنه قرواش؟ قَالت: هو هو، وبه شامةٌ في موضع كذا فرجعوا إليه ففتشُوه فوجدوا الذي ذكرَت، قَال قرواش: مَنْ عَرَفَني؟ قَالوا فلانة الأشجَعِية وأمها عَبْسِية؟ قَال: ربَّ شر حملته عَبْسية، فذهبت مَثَلاً، ودفع إلى حصن فقتله، فَقَال النابغة الذبياني: صبراً بَغِيضُ بن رَيْثٍ إنَّهَا رَحم * حُبْتُم بِهَا فَأَنَاخَتكُم بِجَعْجَاجِ (حبتم بها: ارتكبتم الحوب، وهوا لإثم) فَمَا أشْطَّت سميٌّ إن هم قَتَلُوا * بَنِي أسِيد بِقَتْلَى آلِ زِنْبَاعِ كَانَتْ قُروض رِجَالٍ يَطْلبُون بِهَا * بَنِي رَوَاحَةَ كَيلَ الصَّاعِ بالصَّاعِ (أقمنا ميل هذه الأبيات عن ديوان النابغة) سمى: هو ابن مازن بن فزارة. ولم تزل عبسفي بني عامر حتى غزا غَزْيٌّ من بني عامر يوم شواحط بني ذبيان، فأسر منهم ناس أحدهم أخو حنبص الضبابي، أسَرَهُ رَجلُ من بني ذبيان، فلما نفِدَتْ أيام عكاظ استودعه يهوديَّاُ خمَّاراً من أهل تيْمَاء فوجَدَه اليهودي يخلفه في أهله، فأجبَّ مذَاكِيره، فمات، فوثب حنبص على بني عبس، فَقَال: إن غطفان قتل أخي فَدُوه، فَقَال قيس: إن يدي مع أيديكم على غطفان ومع هذا فإنما وَجَدَهُ اليهودي مع امرأته، فَقَال حنبص: والله لو قَتَلَتهُ الريح لوَدَيْتُمُوه، فَقَال قيس لقومه: دُوه وألحقُوا بقومكم، فالموت في غطفان خير من الحياة في بني عامر وقَال: لَحَا الله قَوماً أرَّثُوا الحربَ بَيْنَنا * سَقُوْنَا بِهَا مُرَّاً من الماء آجِنَا وكَايَدَ ذَا الخِصْيينِ إن كانَ ظالِماً * وإن كُنتَ مظلوماً وإن كانَ شَاطِنا فهَلاَّ بني ذبيانَ أمُّكَ هَابِلٌ * رَهَنَتْ بِفَيْفِ الرِّيح إن كُنتَ رَاهِناً [ص 120] فلما ودَّتْ عَبْسأخَا حنبص خرجَتْ حتى نزلت بالحارث بن عوف بن أبي حارثة، وهو عند حصن ابن حذيفة، جاء بعد ساعةِ من الليل، فقيل: هؤلاء أضيافك ينتظرونك، قَال: بل أنا ضيفهم، فحَيَّاهم وهشَّ إلبهم، وقَال: مَنْ القَوم؟ قَالوا: إخْوَتُك بنو عَبْسوذكروا ما قَالوا، فأقروا بالذنب، فَقَال: نَعَمْ وكرامة لكم، أكلم حِصْنَاً، فرجع إليه، فقيل لحصن: هذا أبو أسماء، قَال: ما رده إلا أمر، فدخل الحارث فَقَال: طرقْتُ في حاجة يا أبا قَيْس، قَال: أُعطِيتَهَا، قَال: بنو عَبْس، وَجَدْتُ وفُودَهم في منزلي، قَال حصن: صالِحُوا قومَكم، أما أنا فلا أدى ولا أتَّدِى، قَدْ قَتَلْتْ آبائي وعُمومتي عشرين من بني عبس، فما أدركت دماءهم، ويقَال: انطلقَ الربيعُ وقيس إلى يزيد بن سِنَان بن أبي حارثة، وكان فارسَ بني ذبيان، فَقَالا: انْعَمْ ظلاماً أبا ضمرة، قَال: نِعِمَ ظلامُكما، فَمَنْ أنتما؟ قَالا: الربيع وقيس، قَال: مرحَبَاً، قَالا: أردنا أن تأتي أباك فتعيننا عليه لعله يَلُمُّ الشَّعْثَّ ويَرْأب الصَّدْع، فانطلقَ معها، فَقَال لأبيه: هذه عبسقد عَصَبت بِكَ رجاء أن تلائم بين ابنى بغيض، قَال: مرحباً قد آن للأحلام أن تَثُوب، وللأرحام أن تنقى، إني لا أقدر على ذلك إلا بحِصْن حُذيفة وهو سيدٌ حليم، فائْتُوه، فأتوا حِصْناً فَقَال: مَنِ القوم؟ قَالوا: ركبان الموت، فعَرَفهم، قَال: بل ركبان السلم، مرحباً بكم، إن تكونوا اخْتَلَلْتُمْ إلى قومكم لقد اختلَّ قومُكم إليكم، ثم خرج معهم حتى أتوا سِنانَاً فَقَال له حصن: قُمْ بأمر عَشيْرتك وارأب بينهم فإني سأعينُكَ، فاجتمعت بنو مرة، فكان أول مَنْ سعى في الحَمَالة حَرْمَلَهُ بن الأشعر، ثم مات فَسَعى فيها ابنه هاشمُ بن حَرْمَلَه الذي يقول فيه القائل: أحْيَا أباهُ هَاشِمُ بْنْ حَرْمَلَهْ * يَوْمَ الهَبَاتَيْنِ وَيَوْمَ اليَعْمَلَهْ تَرَى المُلُوكَ حَوْلَهُ مُغَرْبَلَهْ(1) * يَقْتُلُ ذَا الذَّنْبِ وَمَنْ لا ذَنْبَ لَهْ (1) (في العقد* ترى الملوك حوله مرعبله*) |
يوم قطن ولما حمل الحاملات وتراضى أبناء بَغِيض اجتمعت عَبْسٌ وذبيان بقطن، وهو من الشربة، فخرج حُصَين بن ضَمْضَمْ يَخلى فرسهُ، وهو آخذ بمرسنها، فَقَال الربيع بن زياد: مالي عهد بحُصَين بن ضَمْضَمْ مذ عشرين سنة، وإني لأحسبه هذا، قم يا بيحَان(2) (في بعض الأصول "تيحان" وفي بعضها "تيجان") فادْنُ منه ونَاطِقْه فإن في لسانه حُبْسة، فقام يكلمه، فجعل حصين يدنو منه [ص 121] فلا يكلمه، حتى إذا أمكنه جال في متن فرسه ثم وَجَّهَهَا نحوه، فلحقه قبل أن يأتي القوم فقتله بأبيه ضَمْضَمْ، وكان عنترة قتله، وكان حصين آلى أن لا يمس رأسَه غسلٌ حتى يقتل بأبيه بيحان، فانحازت عبسوحلفاؤها، وقَالوا: لا نصالحكم ما بلَّ بحرٌ صُوفَةً، وقد غَدَرَتْ بنا بنو مرة، وتناهضَ الحيان، ونادى الربيع بن زياد: مَنْ يبارز؟ فَقَال سنان وكان يومئذ واجدا على ابنه يزيد: ادعوا لي ابني، فأتاه هرم بن سنان فَقَال: لا، فأتاه ابنه خارجة فَقَال: لا، وكان يزيد يَحْزم فرسه ويقول: إن أبا ضمرة غير غافل، ثم أتاه فبرز للربيع، وسَفَرت بينهم السفراء، فأتى خارجة بن سنان أبا بيجان بابنه فدفعه إليه، وقَال: هذا وفاء من ابنك؟ قَال اللهم نعم فكان عنده أياماً ثم حمل خارجة لأبي بيجان مائتي بعير، فأدّي مائة وحط عنه الإسلام مائة، فاصطلحوا وتعاقدوا وفي ذلك يقول خارجة بن سنان: أعتبت عن آل يربوع قتيلَهُمُ * وكُنْتُ أدْعَى إلى الخيرات أطْوَارَا أعتبتُ عَنْهُمْ أبا بيجان أرسنها * وُرْدَاً ودُهْمَاً كمثل النَّخْل أبْكَاراً وكان الذي ولى الصلح عوف ومعقل ابنا سبيع بن عمرو من بني ثعلبة، فَقَال عوف بن خارجة بن سنان: أما إذ سبقَنى هذان الشيخان إلى الحمالة فهلُمَّ إلى الظل والطَّعام والحملان، فأطعم وحمل، وكان أحد الثلاثة يومئذ، فصدَرُوا على الصلح بعد ما امتدت الحرب بينهم سنين، قَال المؤرجُ السدوسي: أربعين سنة. يضرب مَثَلاً للقوم وقَعُوا في الشر يبقى بينهم مدة. |
الباب الثاني والعشرون : فيما أوله كاف
3076- أكُلُّ شِوَائِكُمْ هَذا جُوفَانُ أصله أن رجلا من بني فزارة ورجلا من بنيعَبْسورجلا من بنيعبد الله بن غَطَفَان صادروا عَيْرَاً، فأوقدوا ناراً، وخرج الفَزَارى لحاجة،فاجتمع رأى العَبْدِى والعَبِسِي على أن يقطعاأيْرَ الحمار ثم دسَّاه بين الشِّوَاء، فلما رجَع الفَزَاري جعل العبدى يحرك الجمربالمِسْعَر ويستخرج القِطْعَة الطبية فيأكلها ويُطْعمها صاحبه، وإذا وقع في يدهشَيء من الجُوفَان - وهو ذكر الحمار - دفعه إلى الفزَاري، فجعل الفَزَاري كلمامَضَغَ منه شيئا امتدَّ في يده، وجعل ينظر فيه فيرى فيه ثقباً، فيقول: ناولْنيغَيرَها، فيناوله مثلَها فلما فعل ذلك مرارا قَال: أكُلُّ شوائكم هذا جُوفان،فأرسلها مَثَلاً. يضرب في تساوي الشَيء في الشَّرَارة. الباب الرابع والعشرون : فيما أوله ميم 4043 -مَنْ يَشْتَرِي سَيْفِي وَهَذَا أَثَرُهُ؟ قَالَ المفضل: أول من قَالَ ذلك الحارث بن ظالم المُريُّ، وذلك أنخالد بن جَعْفر بن كِلاَب لما قتل زُهير بن جَذيمة العَبْسي ضاقت بهالأَرض، وعلم أن غَطَفَان غيرُ تاركيه، فخرج حتى أتى النعمان، فاستجار به فأجاره،ومعه أخوه عُتْبة بن جعفر، ونهض قيس بن زهير، فاستعدَّ لمحاربة بني عامر، وهَجَمالشتاء، فَقَالَ الحارث بن ظالم: يا قيسُ أنتم أعلم وحربكم، وأنا راحِل إلى خالدحتى أقتله، قَالَ قيس: قد أجاره النعمان قَالَ الحارث: لأقتلنه ولو كان فيحِجْرِهِ، وكان النعمان قد ضرب على خالد وأخيه قُبَّة وأمرهما بحضور طعامهومُدَامه، فأقبل الحارث ومعه تابع له من بني محارب، فأتى بَابَ النعمان، فاستأذن،فأذن له النعمان وفرِح به، فدخل الحارث، وكان من أحسن الناس وَجْهاً وحديثاً، وأعلمالناس بأيام العرب، فأقبل النعمان عليه بوجهه وحديثه، وبين أيديهم تمر يأكلونه،فلما رأى خالد إقبال النعمان على الحارث غَاظَهُ، فَقَالَ: يا أبا ليلى ألاَتشكرني؟ قَالَ: فبماذا؟ قَالَ: قتلتُ زهيراً صرتَ بعده سيدَ غطفان، وفي يدالحارث تمراتٌ فاضطربت يده، وجعل يرعد ويقول: [ص 307]أنت قتلته؟ والتمر يسقط من يده، ونظر النعمان إلى ما به من الزَّمَع، فَنَخَس خالداً بقضيبه وقَالَ: هذا يقتلك؟ وافترق القوم، وبقي الحارث عند النعمان، وأشرج خالد قبته عليه وعلى أخيه وناما، وانصرف الحارث إلى رحله، فلماهَدَأت العيون خرج الحارث بسيفه شاهره حتى أتى قبة خالدٍ فهتكَ شرجها بسيفه ودخل،فرأي خالداً نائماً وأخوه إلى جنبه، فأيقظ خالداً، فاستوى قائماً، فَقَالَ له الحارث: يا خالد أظننتَ أن دمَ زهيرٍ كان سائغاً لك؟ وعَلاَه بسيفه حتى قتله،وانتبه عتبة فَقَالَ له الحارث: لئن نَبَسْتَ لألحقنَّكَ به، وانصرف الحارث ورَكِبَ فرسه ومضى على وجهه، وخرج عتبة صارخاً حتى أتى بابَ النعمان، فنادى: ياسوء جِوَارَاه فأجيب: لاَروع عليك، فقال دخل الحارث على خالد فقتله، وأخْفَرَالملك، فوجه النعمان فوارس في طلبه فلحقوه سَحَرا فعطَفَ عليهم فَقَتل منهم جماعة،وكثروا عليه فجعل لاَ يقصد لجماعة إلاَ فَرَّقها ولاَ لفارس إلاَ قتله، وهو يرتجزويقول: أنا أبُو لَيْلَى وسَيْفِى المعْلُوبْ * مَنْ يَشْتَرِي سَيْفِيوَهَذَا أَثَرُهْ وارتدع القوم عنه وانصرفوا إلى النعمان. يضرب في المحاذرة من شيءقد ابتلى مرة قَالَ الأغْلَبُ العِجْلي قَالَتْ لَهُ فِي بَعْضِ مَا تُسَطِّرُهْ * مَنْ يَشْتَرِي سَيْفِيوهَذَا أَثَرُهْ الباب الخامس والعشرون : فيما أوله نون *3* ما جاء على أفعل من هذا الباب 4293- أَنْجَبُ مِنْ فاطِمَة بنْتَ الخُرشًبَ الأنماريةِ أنْمَار: بَغيض بن رَيْث بن غَطَفَان، وذلك أنها ولَدَتِالكَملَةَ لِزيادٍ العبسي، [ص 350]وهم: ربيع الكامل، وقيس الحِفاظ، وعمارة الوهَّاب، وأنَسُ الفَوارس. وقيل لفاطمة: أي بَنِيكِ أفضل؟ فَقَالَت: الربيع، لاَ، بلقيس، لاَ، بل عمارة، لاَ، بل أنس، ثكِلْتُهم إن كنتُ أدْري أيهم أفضل. ولاَ يقولون "مُنْجِبِة" حتى تنجب ثلاَثة. وقَالَ أبو اليقظان: قيل لابنة الخُرْشُبِّ: أي بَنْيكِ أفضل؟فَقَالَت: وعَيْشهم ما أدري، إني ما حملت واحداً منهم تصنعاً، ولاَ ولدته نبياً،ولاَ أرضَعْتُه غيلاً، ولاَ منعته قيلاً ولاَ أنمته ثئداً ولاَ سقيتهُ هُدبداً ولاَأطعمته قبل رِثَةَ كَبدَاً، ولاَ أبتُّه على مأقة.قَالَ حمزة: قولها "ثئدا" أي مَقْرُوا، والهُدَبِد: الرئيئة(تقول: رثأ اللبن؛ إذا حلبه على حامض فخثر، وبابه كمع، وذلك اللبن هو الرثيئةوفي المثل: إن الرثيئة تفتأ الغضب (انظر المثل رقم 7) من اللبن، والمأقة: البكاء. الباب السادس والعشرون : فيما أوله واو 3* ما جاء على أفعل من هذا الباب 4433- أَوْفَى مِنْ عَوْفِ بنِ مُحَلِّمٍ (انظر المثل رقم 4438) كان من وفائه أن مَرْوَان القَرَظِ بن زنباع غزا بكر بن وائل،فَقَصُّوا أثرَ جيشِه، فأسره رجل منهم وهو لاَ يعرفه، فأتى به أمه، فلما دخل عليهاقَالَت له أمه: إنك لتَخْتَالُ بأسيرك كأنك جئت بمَرْوان القرظ فَقَالَ لهامروان: وما تَرْتَجِينَ من مروان؟ قَالَت: عظم فدائه، قَالَ: وكم ترتجين منفِدَائِه؟ قَالَت: مائة بعير، قَالَ مروان: ذاك لك على أن تؤديني إلىخَمَاعَةَ بنت عَوْف بن مُحَلَم، وكان السبب في ذلك أن لَيْثَ بن مالك المسمىبالمنزوف ضَرِطاً لما مات أخذت بنوعَبْسفرسَه وسَلَبهثم مالوا إلى خِبَائه فأخذوا أهلَه وسلَبوا امرأته خُمَاعَةَ بنت عَوْف بن مُحَلم،وكان الذي أصابها عَمْرو ابن قاربٍ وذُؤَاب بن أسماء، فسألها مروان القرظ: مَنْأنتِ؟ فَقَالَت: أنا خُمَاعة بنت عَوف بن مُحَلم فانتزعها من عمرو وذُؤَاب لأنهكان رئيسَ القوم، وقَالَ لها: غَطَّي وجْهَك، والله لاَ ينظر إليه عربي حتى أردكإلى أبيك، ووقع بينه وبين بنيعبسشر بسببها،ويُقال: إن مروان قَالَ لعمرو وذؤاب: حَكِّماني في خُماعة، قَالاَ: قدحكَّمناك يا أبا صهبان، قَالَ: فإني اشتريتها منكما بمائة من الإبل، وضمَّها إلىأهله، حتى إذا دخل الشهر الحرام أحسن كُسْوَتها وأخْدَمها وأكرمها وحَمَلَها إلىعُكاظ، فلما انتهى بها إلى منازل بني شيبان قَالَ لها: هل تعرفين منازل قومكومنزل أبيك؟ فَقَالَت: هذه منازل قومي وهذه قُبَّةُ أبي، قَالَ: فانطلقي إلىأبيك، فانطلقت فخبرت بصنيع مروان، فَقَالَ مروان فيما كان بينه وبين قومه في أمرخُمَاعة ورَدَّها إلى أبيها: [ص 376] رَدَدْتُ عَلَى عَوْفٍ خُمَاعَةَ بَعْدَ مَا * خَلاَها ذُؤَابٌغَيْرَ خَلْوَةِ خَاطِبِ وَلَوْ غَيرُها كَانَتْ سَبِيَّةَ رُمْحِهِ * لَجَاء بِهَامَقْرُونةً بِالذَّوَائِبِ وَلكِنَّهُ ألقَى عَلَيْهَا حِجَابَهُ * رَجَاء الثَّوَابِ أوْحِذَارَ العَوَاقِبِ فَدَافَعْتُ عَنْهَا نَاشِباً وَقَبِيلَهُ * وَفَارِسَ يَعْبُوبٍوَعَمْرَو بنْ قَارِبِ فَفَاديْتُها لمَّا تبَيَّنَ نصفها * بِكُومِ المتَالَي وَالعِشَارِالضَّوَارِبِ صُهَابِيَّةٍ حُمْرِ العَثَانِينِ وَالذَُرى * مَهَارِيسَ أمثالِالصُّخُورِ مصاعِبِ في أبيات مع هذه؛ مكانت هذه يدا لمروان عند خُماعة، فلهذا قال:ذاك لك على أن تؤديني إلى خماعة بنت عوف بن محلم فَقَالَت المرأة: ومَنْ لي بمائةمن الإبل؟ فأخذ عُوداً من الأَرض فَقَالَ: هذا لك بها، فمضَتْ به إلى عوف بنمُحَلم، فبعث إليه عمرو بن هند أن يأتيه به، وكان عمرو وجد على مروان في أمر، فآلىأن لا يعفُو عنه حتى يضع يَدَه في يَدَه، فَقَالَ عَوْف حين جاءه الرسول: قدأجارتهُ ابنتي، وليس إليه سبيل، فَقَالَ عمرو بن هند: قد آليت أن لاَ أعفو عنه أويضَعَ يَده في يدي، قال عوف: يضع يده في يدك على أن تكون يدي بينهما، فأجابه عمروبن هند إلى ذلك، فجاء عوف بمروان فأدخله عليه فوَضَعَ يده في يده ووضع يده بينأيديهما، فعفا عنه، وقَالَ عمرو: لاَ حُرَّ بوادي عوف، فأرسلها مثلاً، أي لاَ سيدبه يناويه، وإنما سمى مروان القَرَظِ لأنه كان يغزو اليمنَ وهي منابت القَرَظِ. المصدر/ مجمع الأمثال للميداني
آخر تعديل بواسطة فـــديـــتـــكـ ، 04-08-2008 الساعة 06:13 AM.
|
|
|
الف شكرعلى الطرح القيم
ننتظرالمزيد
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
الشعر يوصف بني رشيد (عبـــس) | آهــذريــبــك | قصائد في قبيلة بني رشيد | 4 | 29-08-2008 02:54 AM |
صوت لشاعر البادية في شبكة عبـــس | بركه الداموكي | منتدى المقناص والرحلات البرية | 18 | 25-06-2008 01:27 AM |
معانى الأمثال العربية بالانجليزي ؟.؟.؟.؟ | الداموكي2007 | منتدى التربية والتعليم | 3 | 04-06-2007 08:52 PM |
أشارككم ببعض الأمثال | الاجهر | منتدى المحــــــــــــــاوره | 1 | 07-12-2006 08:53 PM |
مكــــان قبــــــر (فــارس بنــي عبــس) | أبوحازم | المنتدى الإعلامــــي | 3 | 02-11-2006 10:25 PM |