|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أدع القراء الأفاضل مع هذه المعلومات المفيدة والطريفة عن ...الخفاش... الخفاش فأوّل ذلك أنَّ الخفّاش طائر، وهو مع أنّه طائرٌ من عَرَضِ الطير فإنّه شديد الطَّيران، كثير التكفّي في الهواء، سريع التقلُّب فيه، ولا يجوز أن يكون طُعمه إلا من البعوض، وقوتُه إلا من الفراشِ وأشباه الفراش، ثمَّ لا يصيده إلاّ في وقت طيرانه في الهواء، وفي وقت سلطانه، لأنَّ البعوض إنَّما يتسلط بالليل، ولا يجوز أن يبلغ ذلك إلاّ بسرعة اختطافٍ واختلاس، وشدّةِ طيران، ولين أعطاف وشدّة متن، وحسن تأتٍّ، ورفقٍ في الصّيد، وهو مع ذلك كلِّه ليس بذي ريش، وإنما هو لحم وجلد، فطيرانه بلا ريش عجب، وكلما كان أشدَّ كان أعجب. من أعاجيب الخفاش ومن أعاجيبه أنّه لا يطير في ضوءٍ ولا في ظلمة، وهو طائر ضعيفُ قُوَى البصرِ، قليلُ شعاعِ العين الفاصِلِ من النَّاظر، ولذلك لا يظهر في الظُّلمة، لأنّها تكون غامرة لضياء بصره، غالبةً لمقدار قوى شعاع ناظره، ولا يظهر نهاراً، لأنَّ بصره لِضعف ناظره يلتمع في شدة بياض النهار، ولأنَّ الشيء المتلألئ ضارُّ لعيونِ الموصوفين بحدَّة البصر، ولأن شعاع الشمس بمخالفة مخرج أصوله وذهابه، يكون رادعاً لشعاع ناظره، ومفرِّقاً له، فهو لا يبصر ليلاً ولا نهاراً، فلما علم ذلك واحتاج إلى الكسب والطُّعم، التمس الوقت الذي لا يكون فيه من الظلام ما يكون غامراً قاهراً، وعالياً غالباً، ولا من الضِّياء ما يكون مُعْشياً رادعاً، ومفرِّقاً قامِعاً، فالتمس ذلك في وقت غروب القُرص، وبقيّةِ الشّفق، لأنّه وقت هيْج البعوض وأشباه البعوض، وارتفاعها في الهواء، ووقت انتشارها في طلب أرزاقها، فالبعوض يخرج للطعم، وطعمه دماء الحيوان، وتخرج الخفافيش لطلب الطعم، فيقع طالبُ رزق على طالب رزق، فيصير ذلك هو رزقه، وهذا أيضاً مما جعل اللّه في الخفافيش من الأعاجيب. علاقة الأذن بنتاج الحيوان ويزعمون أن السُّك الآذان والممسوحة، من جميع الحيوان، أنها تبيضُ بيضاً، وأنّ كلَّ أشرف الآذان فهو يلد ولا يبيض، ولا ندْري لم كان الحيوان إذا كان أشرفُ الآذان ولد، وإذا كان ممسوحاً باض. ولآذان الخفافيش حجمٌ ظاهر، وشخوص بيِّن، وهي وإن كانت من الطير فإنَّ هذا لها، وهي تحبل وتلد، وتحيض، وترضع. ما يحيض من الحيوان والناس يتقزّزون من الأرانب والضِّباع، لمكان الحيض. وقد زعم صاحب المنطق أنَّ ذوات الأربع كلَّها تحيضُ، على اختلافٍ في القلَّة والكثرة، والزّمان، والحمرة والصفرة، والرقّة والغلظ، قال: ويبلغ من ضنِّ أنثى الخفافيش بولدها ومن خوفها عليه، أنها تحمله تحت جناحها، وربّما قبضت عليه بفيها، وربّما أرضعته وهي تطير، وتقوى من ذلك، ويقوى ولدُها على ما لا يقوى عليه الحمام والشَّاهْمرْك، وسباع الطير. معارف في الخفاش وقال معمرٌ أبو الأشعث: ربَّما أتأمتِ الخفافيشُ فتحمل معها الولدين جميعاً، فإنْ عظُما عاقبتْ بينهما. والخفّاش من الطير، وليس له منقار مخروط، وله فمٌ فيما بين مناسر السِّباع وأفواه البوم، وفيه أسنانٌ حداد صلاب مرصوفة من أطراف الحنك، إلى أصول الفك، إلاّ ما كان في نفس الخطم، وإذا قبضتْ على الفرخ وعضتْ عليه لتطير به، عرفت ذَرَب أسنانها، فعرفت أي نوعٍ ينبغي أن يكون ذلك العض، فتجعله أزْماً ولا تجعله عضّاً ولا تنْيِيباً ولا ضَغْماً، كما تفعل الهرَّة بولدها، فإنّها مع ذربِ أنيابها، وحدَّة أظفارِها ودِقَّتها، لا تخدش لها جلداً، إلا أنها تُمْسِكها ضرباً من الإمساك، وتأزم عليها ضرباً من الأزم قد عَرفته. ولكل شيءٍ حدٌّ به يصلح، وبمجاوزته والتقصير دُونه يفسد. وقد نرى الطَّائر يغوص في الماء نهاره، ثم يخرج منه كالشَّعرة سَلَلْتها من العيجن، غير مبتلِّ الرِّيش، ولا لثقِ الجناحين، ولو أنَّ أرفق الناس رِفقاً، راهن على أن يغمس طائراً منها في الماء غمسةً واحدة ثمّ خلَّى سِربه ليكون هو الخارج منه، لخرج وهو متعجِّن الريش، مُفْسد النظم، منقوضُ التأليف، ولكان أجود ما يكون طيراناً أن يكون كالجادفِ، فهذا أيضاً من أعاجيب الخفاش. من أعاجيب الخفافيش ومن أعاجيبها تركها ذرى الجبال وبسيط الفيافي، وأقلاب النخل، وأعالي الأغصان، ودَغل الغياض والرياض، وصُدوع الصّخر، وجزائر البحر، ومجيئها تطلب مساكن الناس وقربهم، ثم إذا صارت إلى بيوتهم وقربهم، قصدت إلى أرفع مكان وأحصنه، وإلى أبعد المواضع من مواضع الاجتياز، وأعرض الحوائج. طول عمر الخفاش ثمَّ الخفّاشُ بعد ذلك من الحيوان الموصوف بطول العمر، حتى يجوز في ذلك العُقابَ والورشان إلى النسر، ويجوز حد الفِيَلة والأُسْد وحَميرِ الوحش، إلى أعمار الحيّات. ومن أعاجيب الخفافيش أنّ أبصارها تصلح على طول العمر، ولها صبرٌ على طول فقد الطُّعم، فيقال إنّ اللواتي يظهرن في القمر من الخفافيش المسنّاتُ المعمَّرات، وإنّ أولادهن إذا بلغن لم تقو أبصارهُنَّ على ضياء القمر. ومن أعاجيبها أنها تضخم وتجسم وتقبل الشّحم على الكبر وعلى السنّ. القدرة التناسلية لدى بعض الحيوان وقد زعم صاحبُ المنطق أنَّ الكلاب السلوقيَّة كلما دخلتْ في السنِّ كان أقوى لها على المعاظلة. وهذا غريبٌ جداً، وقد علمنا أنّ الغلام أحدُّ ما يكون وأشبقُ وأنكحُ وأحرصُ، عند أوّل بلوغه، ثم لا يزالُ كذلك حتى يقطعه الكبر أو إصفاء أو تعرض له آفة. ولا تزال الجاريةُ من لدُنْ إدراكها وبلوغِها وحركة شهوتها على شبيه بمقدارٍ واحد من ضعف الإرادة، وكذلك عامَّتهنَّ، فإذا اكتهلن وبلغت المرأة حدّ النَّصَف فعند ذلك يقوى عليها سلطانُ الشَّهوةِ والحرص على الباهِ، فإنما تهيج الكهلة عند سُكون هيج الكهل وعند إدبار شهوته، وكلال حدِّه. قول النساء في أشباهن في الخفافيش وأما قول النساء وأشباه النساء في الخفافيش، فإنهم يزعمون أن الخفاش إذا عضَّ الصبي لم ينزع سنه من لحمه حتى يسمع نهيق حمار وحشيٍّ، فما أنسى فزعي من سِنِّ الخفاش، ووحشتي من قربه إيماناً بذلك القول، إلى أن بلغت. وللنساء وأشباه النساء في هذا وشبهه خرافاتٌ، عسى أن نذكر منها شيئاً إذا بلغنا إلى موضعه إن شاء اللّه. ضعف البصر لدى بعض الحيوان ومن الطير وذوات الأربع ما يكون فاقد البصر بالليل، ومنها ما يكون سيّءَ البصر، فأمّا قولهم: إنَّهَ الفأرة والسنّور وأشياء أُخر أبصرُ باللَّيل، فهذا باطل. والإنسان رديء البصر باللَّيل، والذي لا يبصر منهم باللَّيل تسمّيه الفرْس شبْكُور وتأويلُهُ أنَّهُ أعْمى ليْلٍ، وليْسَ لهُ في لُغةِ العربِ اسم أكثَرُ من أنّه يُقالُ لمنْ لا يُبْصِرُ باللَّيل بعينه: هُدَبِد، ما سمعتُ إلاّ بهذا، فأمّا الأغطش فإنّه السيِّءُ البصر بالليل والنهار جميعا. وإذا كانت المرأة مُغْرَبَةَ الْعَيْنِ فكانت رديَّة البصر، قيل لها: جَهْراء، وأنشد الأصمعيُّ في الشاء: جهراء لا تألو إذا هي أظهرتْ *** بصراً ولا مِنْ عَيْلةٍ تُغنيني وذكروا أنَّ الأجهر الذي لا يبصر في الشمس، وقوله لا تألو أي لا تستطيع، وقوله: أظهرت صارت في الظهيرة، والعَيْلة: الفقر، قال: يعني به شاة. وقال يحيى بن منصور، في هجاء بعض آل الصَّعِق: يا ليتني والمنى ليستْ بمغْنيةِ *** كيف اقتصاصك من ثأْرِ الأحابيش أتنكحون مواليهم كما فعلوا *** أمْ تغْمِضون كإغماضِ الخفافيش وقال أبو الشمقمق، وهو مروان بن محمد: أنا بالأهواز محزو *** نٌ وبالبصرة داري في بني سعدٍ وسعد *** حيث أهلي وقراري صرت كالخفاش لا أُبْ *** صِرُ في ضوء النهار وقال الأخطل التغلبيّ: وقد غبرَ العَجْلان حيناً إذا بكى *** على الزّاد ألقته الوليدة في الكسرِ فيصبح كالخُفاش يدلك عينه *** فقُبِّح من وجهٍ لئيمٍ ومن حَجْرِ وقالوا: السحاة مقصورة: اسم الخفاش، والجمع سحاً كما ترى. لغز في الخفاش وقالوا في اللُّغز، وهم يعنون الخفّاش: أبى شعراءُ النَّاس لا يُخبرونني *** وقد ذَهَبُوا في الشِّعر في كلِّ مذهبِ بجلدةِ إنسان وصُورةِ طائرٍ *** وأظْفارِ يَرْبوعٍ وأنيابِ ثعلب النهي عن قتل الضفادع والخفافيش هشامٌ الدَّسْتوائي قال: حدَّثنا قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن عبد اللّه بن عمر أنّه قال: لا تقتلوا الضَّفادِعَ فإنَّ نقيقَهُنَّ تسبيح، ولا تقتلوا الخفَّاش فإنَّه إذا خرب بيت المقْدسِ قال: يا ربِّ سلِّطني على البحر حتّى أغرقهم. حماد بن سلمة قال: حدّثنا قتادة، عن زرارة بن أوفى، قال: قال عبد اللّه بن عمر: لا تقتلوا الخفَّاش، فإنّه استأذنَ في البحر:أن يأخذ من مائه فيطفئ نار بيت المقدسِ حيث حرق، ولا تقتلوا الضَّفادع فإنَّ نقيقها تسبيح. قال: وحدثنا عثمان بن سعيد القرشي قال: سمعت الحسن يقول: نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن قتل الوَطْواطِ، وأمر بقتل الأوزاغ. قال: والخفاش يأتي الرُّمانة وهي على شجرتها، فينقب عنها، فيأكل كلَّ شيءٍ فيها حتى لا يدع إلاّ القشر وحده، وهم يحفظون الرُّمَّان من الخفافيش بكلِّ حيلة. قال: ولحوم الخفافيش موافقةٌ للشواهين والصُّقورة والبوازي، ولكثير من جوارح الطير، وهي تسمن عنها، وتصحّ أبدانُها عليها، ولها في ذلك عملٌ محمودٌ نافعٌ عظيمُ النَّفْع، بيِّنُ الأثر، واللّه سبحانه وتعالى أعلم." اهـ (كتاب الحيوان للجاحظ)
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
•.♥.•° !! ][ دعـوة لزيارة منتـداي الخـاص...بعد اذن ألإدارهـ ][ !!°•.♥.•° | ملكة الاحساس | المنتدى العــــــــــــــــام | 15 | 07-10-2008 07:15 PM |