![]() |
|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
|
بيان حول مسلسل عنترة بن شداد
بعد الاطلاع على عدد وافر من المنتديات المنتشرة على شبكة الإنترنت، شعرتُ بالاهتمام الكبير الذي تحظى به أخبار مسلسلي الثالث "عنترة بن شداد" وهذا اسم مؤقت قد يغيره القائمون على المسلسل -وهذا أمر ثانوي على أية حال-. إلى جانب ذلك الاهتمام، لحظتُ عند معظم المهتمين قدراً كبيراً من المعلومات حول المرحلة ورجالاتها الذين كانوا حول عنترة ولا سيما المشاركون في الحرب الشهيرة المعروفة باسم داحس والغبراء. وقد لاحظتُ أيضاً أن معظم هذه المعلومات مصدرها تناقل شفهي من التراث الشعبي أو من بعض الكتب التي اختصَّت بالأدب والشعر من التراث القديم أو الحديث. لعل أشهر هذه الكتب كتاب (الأغاني) للأصفهاني وكتاب (جمهرة أنساب العرب) لابن حزم الأندلسي وكتاب (أيام العرب في الجاهلية) لمحمد أحمد جاد المولى، كما تنتشر بعض أخبار هذه الحرب وأيامها في كتب التاريخ الأشمل من الكتب المذكورة مثل (مروج الذهب) للمسعودي و(الكامل في التاريخ) لابن الأثير وغيرها من كتب التاريخ والتراث الشهيرة. ولا شك أن أشهر هذه الكتب على الإطلاق هو سيرة عنترة الشعبية التي وضعها الخيال الشعبي له بعد أكثر من خمسة قرون على موته والتي يندر ما تتوفر في نسخة كاملة، ولكنْ يمكن إيجادها في نسخ مختصرة اجتهد فيها بعض الكتاب بمحاولات التصحيح و"التنظيف" إن صح التعبير. وسنعود إلى مسألة السيرة الشعبية في موضع متقدم من هذه المقالة. 1- حكاية عملي في المسلسل: طلب مني الفنان (سلُّوم حداد) قبل عدد من الأشهر أن أبدأ التحضير لمسلسل عن عنترة بن شداد، ونتيجة لتعرضي للعديد من المشاريع غير الجدية، أعترف أني لم آخذ الأمر على محمل الجد في حينه، فاقتصر تحضيري للعمل على قراءة سريعة لبداية السيرة الشعبية. ووسط عدد من الأبحاث التي كنتُ أقوم بها -بعضها لمشاريع شخصية وبعضها لأعمال ممكنة أو متوقعة-، كتبتُ حلقة أولى -على مهل- تصف الجو العام في قبيلة عبس على ما استطعتُ أن أستنتجه مما كان بين يدي من الوثائـق -والتي كانت أقل مما يكفي لعمل معقول السوية-. اتَّضح لاحقاً أن ثمة صعوبات في كتابة نص جديد لوجود نص مكتوب منذ عدة سنوات لكاتب آخر. وبعد أن تمَّ اختيار الممثل الشاب (رامي حنا) مخرجاً للعمل، والمؤرِّخ الدكتور (محمَّد محفِّل) مدققاً تاريخياً، تمَّ الاتفاق على أن أقوم بمعالجة درامية للنص السابق بحيث يتم إعداده بصيغة جديدة أكثر عمقاً. انطلقتُ في المعالجة التي ابتدأتُ بها من رغبتي بالخروج من عباءة السيرة الشعبية الممتلئة بأحداث غير منطقية ولا دقيقة، والتي -علاوةً على ذلك- لا تحمل هماً فكرياً على الإطلاق. لذلك كله، ابتدأتُ التحضير بمساعدة الدكتور محفِّل واعتمدتُ على عدد من الكتب القيِّمة، ومعظمها حديث، مثل كتاب شوقي ضيف الشهير (تاريخ الأدب الجاهلي) وكتاب حنا الفاخوري (تاريخ الأدب العربي) وكتاب الدكتور برهان الدين دلو (مساهمة في إعادة كتابة التاريخ العربي) وقبل كل تلك الكتب، الكتاب الموسوعي الهام الذي وضعه الدكتور جواد علي (المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام). أكبر مشكلة واجهتني هي أن المراجع لا تورد سوى شذرات قليلة تصف المرحلة أكثر مما تروي أحداثها. وهي -أي المراجع- عندما تروي الحدث، ترويه باختصار، وبأسماء شخصيات متضاربة، بعضها لم يعاصر بعضَها الآخر، وغير ذلك من تلك المشاكل. لعل القارئ -الذي سيكون مشاهداً للمسلسل- يشعر الآن بأنِّي أُحَمِّل الحكايات التي يعرفها ارتباكاتٍ غير موجودة في هذه الحكايات، ولكنَّ الواقع أن الأمر يختلف عندما ننتقل من روي شفهي نتبادله فيما بيننا إلى كتابة مسلسل درامي تلفزيوني. على سبيل المثال، يصبح عامل الزمن في العمل الدرامي عاملاً حاسماً، حيث إن الأحداث التي تجري بالتتابع في القصص الشعبي لا بد أن تجري في الدراما بالتوازي. ولا ننسى أيضاً تأثير الزمن على أعمار الشخصيات وبالتالي على التغيرات في مكياج الممثلين، وعلى مئات الاعتبارات التقنية الأخرى. من ناحية أخرى، يحتوي القَصص الشعبي على عدد هائل من الأشعار قد يصل أحياناً -في مجموع ما تقوله الشخصيات التي نتحدث عنها- إلى عدة مئات من الأبيات، وإذ يكون هذا مقبولاً من "الحكواتي" أو الراوي الشفهي، فهو صعب القبول في المسلسل التلفزيوني. ذلك أنَّ إلقاء الشعر يتطلب زمناً طويلاً يثقل كاهل الإيقاع الدرامي، ويقتل الحركة الدائمة المتوقعة في المشاهد المتسلسلة، لأنها تحول الشخصيات إلى متكلم ومستمع، دون تصعيد درامي أو إحياء للحدث. هذه المشكلة نفسها تواجهنا -عادةً- عند التطرق للعلماء أو الفقهاء أو الفلاسفة في الدراما، فللمهتمِّ أن يقبل الجلوس لساعات متعددة لقراءة كتاب في الفقه أو الفلسفة، على أنه من الصعب على مشاهد يبحث عن المتعة، أن يتقبل الاستماع لممثل يقرأ مقاطع من كتب لزمن درامي طويل. إنها -دون شك- من المهمات الصعبة للغاية أمام الكاتب الدرامي، وبالتالي المخرج والممثلين. على أية حال، نعود إلى حكاية عملي في المسلسل. بعد إنجازي لثمانية حلقات (320 صفحة) من العمل، اتضح أنه -لاعتبارات إنتاجية وتقنية جديدة- وجب عدم الرجوع إلى نص الكاتب الآخر، وكتابة نص جديد برؤية جديدة. مما استدعى إعادة الحلقات المكتوبة، والبدء بنص جديد كلياً. تم البدء بهذا في بدايات شهر نيسان (أبريل)، أي قبل أقل من خمسة أشهر على شهر رمضان المبارك -حيث المفروض أن يعرض المسلسل-، مما أدى إلى تورِّط فريق العمل -وأنا ضمنه- في زمن ضيق جداً، وقَلَّلَ كثيراً المساحة الزمنية الموجودة للتحضير والبحث التاريخي. وجانب البحث التاريخي في المسلسل مهم جداً، لا سيَّما مع نيتي -بل قراري- بأن يكون هذا العمل عن مرحلة تاريخية بأكملها، وبأكبر قدر ممكن من الدقة، لا عن شخصية واحدة. لا سيَّما وأن حرب داحس والغبراء يُفترض أن تستأثر بجزء مهم من زمن العمل، وهو الأمر الذي صعب تحقيقه، والذي جعل الفنان سلوم حداد يحمل على عاتقه أن ينفذ عملاً آخر جديداً ومستقلاً يتمحور كله حول الحرب بتفصيلاتها وأشعارها وشخصياتها التي امتدت على جزء كبير جداً من بادية نجد. في هذا السياق، لا بد من التأكيد على نقطتين. الأولى: هي أن المشاهد قد يُفاجأ بِقِلَّة التشابه الشديدة بين السيرة الشعبـية -التي سمعها من حكواتي المقاهي وأبيه وجدته ورفاقه- والحكاية المقدمة في العمل. وليس ذلك لاعتبار ضيق الوقت وحده، وإنما لأسباب أخرى أهمها هي رغبتي ورغبة المخرج رامي حنا ورغبة الفنان سلوم حداد بتقديم رؤية جديدة للحكاية والعصر. حيث إن السيرة الشعبية لا يمكن استخدامها كمرجع تاريخي، وإن كان في الإمكان استخدامها كمادة درامية حيث هي غنيةٌ بالأحداث والتفاصيل المشوقة. من ناحية أخرى، السيرة الشعبية مكتوبة في مئات الكتب والنسخ والطبعات، ومحفوظة لدى رواة عديدين، ويستطيع من يرغب في معرفتها والاستماع إليها أن يقرأها أو يسمعها في مختلف الأماكن، فهذه السيرة بالذات لا ينطبق عليها ما ينطبق على المخطوطات النادرة، التي تفرض نُدرتُها على من يتناولها أن يكون مخلصاً لها. على أية حال، قد حضَّرنا أنفسنا للانتقادات التي قد تظهر على الساحة إثر عرض المسلسل. النقطة الثانية التي نرغب في التأكيد عليها، هي الامتنان العميق للمجهود الكبير الذي يبذله المؤرخ الدكتور محمَّد محفِّل في إمدادنا بما نحتاج من المعلومات، وفي مراجعة الحلقات حلقة حلقة للتأكد من الدقة التاريخية قدر الإمكان، ذلك أن المصادر شـديـدة الشح -كما ذكرنا-، وهذه حالٌ عامَّة حين الرغبة في الاطلاع على تاريخ العرب في فترة ما قبل الإسلام. كما لا بد أن نشكر الدكتور محفل على استعداده لاحتمال المسؤولية فيما يتعلق بالناحية التاريخية للعمل، وعلى ملاحظاته القيِّمة وأفكاره النيِّرة التي ساعدت على بناء العمل وإنجازه بأفضل صورة ممكنة. 2- التباس مهم أثناء التصوير: لا بد -للأسف- من ذكر الحادثة المزعجة التي تعرض لها طاقم العمل أثناء التصوير، وهي انسحاب أحد الممثلين من التصوير -وهو الممثل الذي يقوم بدور الربيع بن زياد العبسي- قبل تصوير المراحل الأخيرة من العمل. مما اضطرني واضطر بقية طاقم العمل إلى التعامل مع المشكلة، باستبدال أفعال هذه الشخصية بشخصيات أخرى، لتلافي المشكلة ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه. تكمن المشكلة الحقيقية في هذا في دور هذه الشخصية (الربيع بن زياد) التاريخي الموثَّق -نسبياً- في تلك المرحلة. حيث إن هذه الشخصية كانت لها يد طولى في أحداث حرب داحس والغبراء، وكانت ذات تأثير بليغ في مسار الأحداث، لا سيما إثر خلافه مع ملك عبس الجديد قيس بن زهير. وأحسب أن هذا سيزيد الطِّين بلة بالنسبة للمشاهدين المهتمِّين بأن يروا هذا التاريخ على الشاشة، وعلى هذا أقدم عميق اعتذاري عن ذلك الخطأ، وأحتمل الجزء المتعلِّق بي من المسؤولية وهو أنِّي كتبتُ أثناء التصوير، ولم أمنح نفسي وعملي الوقت والاحترام الكافيين. إلا أنني في الوقت ذاته أجد نفسي مضطراً لأن أكون صريحاً وجريئاً فأقول إن انسحاب الممثل جاء لأسباب غير مهنية على الإطلاق، وغير احترافية، وهي إنما تدلُّ على الفهم الأعوج الذي يحمله هذا الرجل للدراما عموماً ولمهنته -مهنة التمثيل- خصوصاً. إنه لَخطبٌ جَلَل أن يكون لدى بعض الممثلين -حاملي العمل الدرامي وواجهته- هذا المنطق الملتوي للتعامل مع مهنة بهذه الأهمية والحساسية، وأن يقوموا بمحاولات لَيِّ ذراع القائمين على الأعمال بانسحاب مُوَرِّطٍ من هذا النوع. وإنَّه لَخَطْبٌ أَجَلُّ أن يُطالَب الكاتب بكتابة الأدوار والشخصيات على أساس أمزجة الممثلين ورغباتهم، لا على أساس الرؤية الفكرية، والحرفة الدرامية، وكأنه -هذا الكاتب- حائكٌ يحوك الأثواب على مقاسات الناس. على هذا، أرغب في التأكيد أنِّي سأسعى جاهداً ألا أرضخ إلا إلى ضميري المِهَني ومسؤوليتي الفكرية والجمالية أمام المشاهد. وأعود لأؤكد أنِّي مستعدٌّ لاحتمال المسؤولية الكاملة عن تقصيري في أيٍّ من جوانب عملي ككاتب -إن كان ثمة تقصير-. ليستْ هذه المقالة تبريراً، بل هي تهيِئة للمهتمين من المشاهدين، كي يعرفوا ضمن أي مناخ سيشاهدون المسلسل. الموضوع الأصلي: بيان صادر من كاتب مسلسل عنترة بن شداد | | الكاتب: فهد المويسه | | المصدر: شبكة بني عبس
|
|
3- حول السيرة الشعبية:
وعدتُ في بداية المقالة أن أتحدث عن السيرة الشعبية من حيث هي مادةٌ للكتابة الدرامية. ولعلَّنا هنا نتذكر جميعاً مقدار الاحتجاجات التي أُثيرتْ على المسلسل الجميل (الزير سالم) الذي كتبه أستاذي، الكاتب الكبير ممدوح عدوان رحمه الله، والذي إلى روحه أُهدِي كلَّ ما كتبتُ حتى الآن، بل وكل ما سأكتب فيما بعد. عرف العرب في عصور الانحطاط الثقافي والفني عدداً من السِّير الشعبية التي يشبهها البعض بالملاحم عند الشعوب الأخرى كالإلياذة والأوذيسة والمهابهاراتا والشاهنامة. لعل أبرز وأشهر هذه السِّير سيرة (الزير سالم)، وسيرة (عنترة بن شداد)، وسيرة (تغريبة بني هلال)، وسيرة (سيف بن ذي يزن)، والسيرة التي تشكل حالة خاصة بينها وهي سيرة (الظاهر بيبرس) وهي تشكل حالة خاصة لأنها السيرة الوحيدة التي تتحدث عن ما بعد الإسلام بستة قرون تقريباً، ولأنها السيرة الوحيدة التي بطلها ملك لا فارس من أوساط شعبية. ولنلاحظ أنَّه مع اكتمال المسلسل الذي نحن بصدد الحديث عنه الآن، تكون هذه السير جميعها قد تحولت إلى مسلسلات درامية، وإن كان مسلسل (الظاهر بيبرس) -الذي قمتُ بكتابته وتمَّ إجراء تغييرات كبيرة عليه- قد ابتعد عن السيرة الشعبية ابتعاداً تاماً، وذلك لتوفر عدد كبير من الوثائق حول المرحلة، ذلك أنها مرحلة حديثة بالقياس إلى المراحل التي تدور فيها أحداث السير السابقة الذكر، وللتناقضات الهائلة بين السيرة الشعبية والوثائق. إن من يقرأ هذه السِّير يلحظ عدداً وافراً من نقاط التشابه، منها مثلاً تمحورها الكامل حول بطل واحد أوحد يتصف ببطولة خارقة، وبقوة جسدية تفوق بقية البشر، وبذكاء خارق، وبتوفيق إلهيٍّ دائم ناجم عن التقوى الكبيرة -بالعنى الإسلامي تحديداً- التي تحملها هذه الشخصيات -رغم أن معظمها من زمن سبق الإسلام-. كذلك، تنقسم شخصيات هذه السير إلى نوعين لا ثالث لهما: إيجابي يكون داعماً للبطل ومحباً له حباً غير مشروط، وسلبي يكون ضد البطل دائماً ومحارباً له. يعكس ذلك كله وغيره رغبة الناس المسحوقين -وهم المؤلفون الحقيقيون لهذه السير- في الاستماع إلى سيرة بطل خارق عاش ظروفاً قد تكون مشابهة لظروفهم، ثم خرج لينصف كل مظلوم وينصر كل ضعيف. لعل هذه الرغبة نابعة من شعورهم بالقهر تحت حكم جائر وظروف فقر مدقع، مترافق مع شعورهم بالعجز عن تغيير أحوالهم. وهم عندما يستمعون إلى حكايات هذا البطل ومنجزاته، يأملون ولا شك بأنه سيخرج من بينهم يوماً من يشبهه ليقوم بما قام به بطل هذه الحكايات فيخلصهم من كل ما يعانون. إن هذا يصبح -شيئاً فشيئاً- الغرض الأول والأساسي من السيرة الشعبية، مما يجعلها تقوم بمهمة تهدئة النفوس وامتصاص الغضب العارم الذي تحمله جماهير الناس على ظروفها وأوضاعها القائمة. كذلك، تتسم هذه السير بوضع شخصٍ مرافق للبطل، غالباً ما يكون طريفاً وصاحب نكتة، ولربَّما اتصف بشيء من "الدَّروَشة" بالمعنى الشعبي لا الصوفي (طيبة القلب الزائدة الممتزجة بالسذاجة). من ناحية أخرى، نجد في كل السير أخطاءاً تاريخية ونحوية لا تكاد تنتهي، وميلاً إلى الكتابة باللهجة العامية، ولهذا نلحظ اختلافات بين النسخ الشامية والمصرية من هذه السير على سبيل المثال. وذلك طبيعي جداً، حيث إن العهد الذي ازدهرت فيه رواية هذه السير، وهو العهد العثماني، اتَّصف بانحسار التعليم انحساراً شديداً، فما كان بالإمكان لدى الرواة أو الجمهور التدقيق التاريخي والتمحيص، وما كان بالإمكان -أيضاً- التأكد من صحة الصياغات اللغوية ودقتها. عليه، تمتلئ هذه السِّيَر بخلط تاريخي، يتمثل أكثر ما يتمثل، في إدخال شخصيات -تنتمي إلى عصور قريبة من العصور التي تتناولها السير- في نسيج الحدث رغم استحالة ذلك تاريخياً. مثالاً على ذلك، ورود تُماضِر بنت الشريد في السيرة على أنها زوجة زهير بن جذيمة سيد عبس. على أن تماضر بنت الشريد هي نفسها الخنساء، الشاعرة الشهيرة. (تلافينا هذا الخطأ بتغيير اسم أبيها، وهنا أشكر الفنانة لورا أبو أسعد التي نبهتني إلى هذا الخطأ عندما قامت بالبحث عن الشخصية، وقد أكَّد الدكتور محمد محفل نتائج بحثها). من المعروف أن الخنساء قد خطبها دريد بن الصمة، ومن المعروف أيضاً أنها أدركت الإسلام وأسلمت، بل واستشهد أبناؤها الأربعة في القادسية ولها قصيدة شهيرة عن هذه الحادثة. فإذا افترضنا أن الخبر في السيرة صحيح، يكون عمر تماضر خمسة عشر عاماً -على أقل تقدير- قبل قرن من الهجرة النبوية الشريفة تقريباً، فلا بد إذن أنها عاشت ما يربو على القرن ونصف القرن حتى وصلت إلى أن تعاصر القادسية وترثي أبناءها فيها. الغريب أن ابن حزم الأندلسي يقع في الخطأ نفسه في (الجمهرة)، ولعل هذا عائد إلى بعده عن مكان الأحداث كونه من الأندلس، أو إلى أن بوادر السيرة الشعبية كانت قد بدأت تظهر على ألسنة بعض الرواة. إن هذا المثال -وهناك الكثير الكثير غيره- يثبت أنَّ السيرة الشعبية لا يمكن أن تكون مرجعاً تاريخياً موثوقاً -كما أسلفْنا-، بل إن بعضَ المراجع الموسومة بأنها تاريخية لا يمكن أن تكون موثوقة تماماً. حتى الشعر، قد يكون بعضه منحولاً من قِبَل بعض الرواة، أو مُضافاً ليلائم الظروف والأحوال التي تخيَّلوها لتلك الشخصيات. من المشروع طبعاً أن يُكتب مسلسل بناءاً على السيرة الشعبية، على أن يُعلَن أنَّ ما يقَدَّم هو ليس وثيقة تاريخية، بل هو الخيال الشعبي. ولكنَّ هذا لم يكن خيارنا في مسلسل "عنترة بن شداد". لذلك كله، ولغيره من الأسباب -التي لا نريد إرهاق القارئ بذكرها جميعاً-، وجب عليَّ أن أكتب المسلسل بناءاً على التصورات والاستنتاجات التي يمكن استقاؤها من المراجع القليلة، والتي لا تورد أكثر من إشارات أو أوصاف لشكل الحياة والعادات والأطعمة والأشربة. كما ساهمتْ في بناء تلك الرؤية المسلسل المراحل اللاحقة له زمنياً، إذ إن شيئاً في التاريخ لا يخلق من العدم، بل لا بد له من إرهاصات. 4- إشارة أخيرة لا بد منها: لا يمكنني أن أكتب كل ما كتبتُ عن المسلسل دون أن أذكر رامي حنا في تجربته الإخراجية الأولى. فهو المخرج الذي أشعرني حقاً بأنه شريكي الفني في المشروع. وقد شاهدتُ إحدى حلقات المسلسل التي اكتمل تصويرها، وأُعجِبتُ إعجاباً شديداً بمستوى ما قدمه رامي ويقدمه من رؤية بصرية جميلة، وفهم متميز وعميق للنص الدرامي. بل أزيد على ذلك وأقول إن رامي هو البطل الحقيقي للمسلسل برأيي، والحكم للجمهور في النهاية. أعود لأؤكد أن الهدف من هذه المقالة ليس التبرير لما يمكن أن يجد المشاهدون من أخطاء -وأتمنى ألا يكون هناك أي أخطاء-. أرجو ألا أكون قد أثقلتُ كاهل القارئ العزيز وأطلتُ. كتبها غسان زكريا هذا الرابط http://ghzakaria.maktoobblog.com/?post=457922
|
اعتقد ان الكاتب اراد ان يوضح باعتذاره عن اشياء قد يظن البعض انها ليست مثل الواقع التاريخي
او لان كثرة المصادر في العديد من الكتب تحير الكاتب كيفية عمل المسلسل والدراما .. ومسلسل عنتره وصلنا الى الحلقه 15 ولم نرى حرب داحس والغبرا ... او حتى اعلان شداد بن قرادل نسب عنترة له امام بني عبس. وحتى عندما اتجه مالك بن قراد طالبا من عنتره ان يساعد في تحرير عبله وامها من غزاة عليهم ويقول وقتها عنتره عندكم عمارة بن زياد .. ويقول مالك ان عمارة بن زياد جريح ولايقوى على انقاذ نفسه فكيف ينقذ امراتين ... ومن الاحداث المثيره لم نرها حاليا في المسليل . وقد يكون المسلسل يتعدى الثلاثين حلقه .. فما علينا الا الانتظار ونحكم فيما بعد. مشكور يابو عبدالله على النقل |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
بيان ثان حول مسلسل عنترة | نديم الشوق | قسم الفارس (عنترة بن شداد) | 3 | 21-12-2010 04:26 PM |
مسلسل عنترة ابن شداد مشاهدة مباشرة+وللتحميل | عبس | قسم الفارس (عنترة بن شداد) | 10 | 26-07-2010 03:15 PM |
شاهد مسلسل عنترة بن شداد | خالد العويمري | قسم الفارس (عنترة بن شداد) | 12 | 25-12-2009 02:52 AM |
مسلسل عنترة بن شداد العبسي | بدر عبدالله | المنتدى العــــــــــــــــام | 20 | 22-12-2008 09:18 PM |
صور من مسلسل عنترة بن شداد | عادل العويمري | قسم الفارس (عنترة بن شداد) | 25 | 02-12-2007 10:17 PM |