![]() |
|
خيارات الموضوع |
|
بحث في زواج المسيار
للشيخ د.سعد الخثلان بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه، واتبع سنته إلى يوم الدين. أما بعد: فكنا قد تكلمنا عن جملة من المسائل المتعلقة بالنوازل في العبادات، وأما النوازل في المعاملات فسبق أن تكلمنا عنها في الدورة الماضية، وخصصنا لها الحديث في الدورة الماضية بعنوان المسائل المالية المعاصرة، وهي موجودة ومحفوظة في موقع الجامع على الإنترنت بالصوت، وأيضا مكتوبة؛ ولذلك فإننا لن نعيد الكلام فيها، وذكرت لكم في أول الدورة أنها - إن شاء الله تعالى - ستكون في كتاب بعد مراجعتها، ربما أيضا إضافة بعض الموضوعات الجديدة لها، ولعلها في غضون بضعة أشهر يخرج هذا الكتاب إن شاء الله، ولهذا فلن نتكلم عن النوازل في المعاملات لهذا السبب. أما النوازل في النكاح، في كتاب النكاح، فهي لأن أحكام النكاح معروفة ومدونة في كتب الفقهاء، ولكن قد توجد صيغ وأنواع من النكاح، وتسمى بأسماء معينة من الفقهاء ومن ذلك ما عرض في الدورة الأخيرة، الدورة الثامنة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي: الأنكحة المستحدثة وموقف الشريعة منها، وقد شاركت في أعمال هذه الدورة تقريبا، ودرس المجمع أنواعا من العقود درس أنواعا من الأنكحة وهي نكاح المسيار، ونكاح الأصدقاء، والزواج المؤقت بإنجاب، والزواج بنية الطلاق. أما النكاح بنية الطلاق، أو الزواج بنية الطلاق، موجود من قديم، والكلام عنه في كتب أهل العلم معروف، وهكذا أيضا الزواج المؤقت بالإنجاب لا يعد كذلك من النوازل، ولهذا فإننا لن نفصل فيهما، وسوف نشير إليهما إشارة مختصرة إن شاء الله، والذي سوف نتكلم عنه في هذا الدرس، هو ما يسمى بنكاح أو زواج المسيار، وزواج الأصدقاء، فما المراد بهما، وما الحكم فيهما؟ قبل أن نبين المراد بهما، أقول: إنه بعد صدور قرار المجمع تناول بعض الكتاب في الصحافة وغيرها، تناول بعض الكتاب وغيرهم في الصحافة وغيرها من الوسائل الإعلامية، تناول هذا الموضوع بالذات من قرارات المجمع، وتكلم عنه أناس غير متخصصين في علوم الشريعة، وربما بعضهم انتقض قرار المجمع في هذا، ولكن السبب هو جهلهم بأحكام الشريعة، الأحكام الشرعية ليست مبنية على العواطف والأهواء، وإنما مبناها على الدليل والبرهان، والنظر في الأصول والقواعد الشرعية. نبدأ ببيان معنى نكاح، أو زواج المسيار: أولا: وجه كونه نازلة أن هذا النوع من النكاح غير معروف عند الفقهاء المتقدمين بصيغته الحالية وبمسماه الحالي، وإن كان الفقهاء يبحثون مسائله مفردة، وأما اجتماع صوره، وبهذا الاسم فلم يكن موجودا عند الفقهاء المتقدمين، وبهذا الاعتبار يسمى نازلة تحتاج إلى نظر، وإلى دراسة من فقهاء العصر، وله شبه بما ذكره الفقهاء من نكاح النهاريات والليليات، نكاح النهاريات والليليات موجود في كتب الفقه، ومعنى نكاح النهاريات والليليات: أن يتزوج رجل من امرأة تعمل خارج منزلها، وترجع إلى زوجها نهارا، يتزوج رجل من امرأة تعمل خارج منزلها ليلا وترجع إلى بيت زوجها نهارا، أو العكس: تعمل نهارا وترجع إلى منزل زوجها ليلا، هذا النكاح اختلف فيه الفقهاء، فمنهم من قال: إنه نكاح غير صحيح، وقد روي ذلك عن الإمام أحمد، وكذلك أيضا هو مشهور من مذهب المالكية. وقال بعضهم: إن هذا النكاح صحيح؛ لأنه مكتمل الأركان والشروط، وهو نكاح صحيح، وهذا هو الأقرب والله أعلم، لكن نكاح المسيار يختلف عن نكاح النهاريات والليليات، فالمسيار على وزن: مفعال من السير، وهو المشي، وأطلق الناس على هذا النوع من النكاح هذه التسمية؛ لأن الرجل يسير فيه إلى المرأة ما بين حين وآخر، وليست المرأة هي التي تسير إليه مرة واحدة، وتستقر في البيت، ولكن الرجل هو الذي يسير إلى المرأة من حين لآخر. وأكثر ما يستعمل هذا المصطلح عند الناس في دول الخليج، يستخدمون هذا المصطلح، ولهذا إذا ذهب إنسان إلى آخر يقال: سير عليه، يعني سار إليه وجلس عنده للزيارة، فيقولون: سير عليه، ومن هنا سمي هذا النكاح بالمسيار؛ لأن الرجل يسير إلى المرأة في أوقات من حين لآخر، يسير للمرأة من حين لآخر، وعرف المجمع الفقهي نكاح المسيار بأنه: إبرام عقد زواج تتنازل فيه المرأة عن السكن والنفقة والقسم، تتنازل فيه المرأة عن السكن والنفقة والقسم، أو بعض منها، وترضى بأن يأتي الرجل إلى دارها في أي وقت شاء من ليل أو نهار، ولاحظ هنا أن المجمع أولا لم يسم هذا العقد بنكاح المسيار، وأذكر أنه في مناقشات المجمع كان هناك توجه من بعض العلماء إلى أن يسمى باسمه، ورأى آخرون ألا يسمى باسمه حتى لا يشجع هذا النوع من النكاح، وإن قلنا بجوازه؛ لأنه ليس هو النكاح المنشود، وقرر المجمع، الأغلبية أن لا يسمى وإنما يوصف فقط فهذا إذا هو وصفه، ولاحظ هنا أنه ليس فيه شرط على المرأة، وإنما مجرد محض تنازل منها، فهي التي تتنازل عن بعض حقوقها، من السكن والنفقة والقسم. وأما ما يسمى بنكاح الأصدقاء فهو في الحقيقة هو شبيه بنكاح المسيار، لكن على الطريقة الأوروبية، كما يقال، فيقال: إن أول من ابتكر صيغته الشيخ عبد المجيد الزنداني هو أول من ابتكر صيغته، ثم شاع وانتشر، وعرفه المجمع بأنه: إبرام عقد زواج على أن تظل الفتاة في بيت أهلها، ثم يلتقيان متى رغبا في بيت أهلها، أو في أي مكان آخر، حيث لا يتوافر سكن لهما ولا نفقة، فزواج الأصدقاء شبيه بالمسيار من جهة أنه ليس هناك نفقة ولا سكنى للمرأة، ولكن المسيار المرأة تتنازل عن السكن، ولكن قد تهيئ هي لنفسها سكنا أو يهيئ لها أهلها، أو ربما يهيئ لها الزوج، ويلتقيان في هذا السكن، أو في هذه الدار، بينما في زواج الأصدقاء ليس هناك سكن أصلا، وإنما يلتقيان إما في بيت الأهل، أو في أي مكان. وما يسمى بزواج الأصدقاء هذا هو شائع في البلاد الأوروبية على وجه الخصوص، وقد ذكر لنا بعض الفقهاء الذين لهم اتصال بالمسلمين في أوروبا بأن تكاليف المعيشة عندهم باهظة، وتوجد بعض الأسر المحافظة، ويكون في بعض هذه الأسر شاب، وفي أسرة أخرى شابة، وتريد الأسرتان تزويج هذا الشاب بهذه الشابة؛ ليتحقق الإحصان والإعفاف لهما في تلك البلدان، ولكن لا يستطيع هذا الشاب والشابة توفير السكن، ولهذا يتزوجان بهذه الطريقة بأن لا سكن ولا نفقة، وإنما يلتقيان متى شاءا إما في بيت أهلها أو في أي مكان آخر يحدداه. وبهذا نعرف أن الحكم فيهما واحد، الحكم في المسيار والأصدقاء أنه واحد؛ لأنهما يجتمعان في أن الزوجة تتنازل عن حقها في القسم، والمبيت، والنفقة، والسكنى، وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في هذين النكاحين على قولين مشهورين؛ القول الأول: أن هذا النكاح جائز وصحيح، وإن كان خلاف الأولى، واستدلوا لذلك فقالوا: إن هذا النكاح مستكمل لجميع أركانه وشروطه، هو نكاح قد تم بإيجاب وقبول بشروطه المعروفة من رضا الطرفين، ووجود الولي والشهود، ووجود المهر فيه، فهو نكاح قد استكمل أركانه وشروطه وانتفت الموانع، فيكون نكاحا صحيحا. واستدلوا كذلك بما جاء في الصحيحين: أن أم المؤمنين سودة -رضي الله عنها - لما كبر سنها، وخشيت أن يطلقها النبي r وهبت ليلتها لعائشة، -رضي الله عنها - وهبت ليلتها لعائشة، وقالت: يا رسول الله، قد جعلت يومي منك لعائشة، فكان رسول الله r يقسم لعائشة يومين، يومها، ويوم سودة، ووجد دلالة أن سودة بهبتها يومها لعائشة، وقبول النبي r لذلك أن في هذا دلالة على أن من حق الزوجة: على أن الزوجة لها أن تسقط حقها، أو بعض حقها الذي جعله الشارع لها، كالمبيت، والسكن، والنفقة، ووجه الدلالة أن قصة سودة تدل على أن الزوجة لها أن تسقط حقها، أو بعض حقها الذي جعله الشارع لها من المبيت أو النفقة أو السكن ونحو ذلك. أيضا استدل أصحاب هذا القول بأن هذا النوع من النكاح فيه مصالح كثيرة، فهو يؤدي إلى إحصان وإعفاف كل من الزوجين، وهذه المرأة التي تقبل بهذا النوع من النكاح تقبله برضاها فهي ليست مجبرة عليه، وكونها تقبل بهذا النوع من النكاح فتكون زوجة خير من أن تبقى بدون نكاح؛ لأن الغالب أن المرأة التي تقبل بهذا النوع من النكاح تكون عندها ظروف معينة، بحيث تقل الرغبة فيها، ولهذا فإنها تتنازل عن بعض حقوقها حتى يرغب فيها فيكون في هذا إحصان وإعفاف لها، ولزوجها، وفي إباحة هذا النوع من النكاح إسهام في التقليل من العنوسة ومصالح أخرى، هذه هي وجهة أصحاب هذا القول. وذهب بعض العلماء المعاصرين، إلى أن هذا النوع من النكاح غير جائز، واستدلوا لذلك بما يأتي قالوا: أولا: إن هذا الزواج لا يحقق الأهداف المنشودة من النكاح الشرعي، فليس فيه سوى التمتع بين الزوجين، والزواج في الإسلام له مقاصد أوسع وأعمق من هذا، من السكن والمودة، والرحمة، والإنجاب، وغير ذلك فهذا النوع من النكاح لا يحقق المقصود الشرعي من النكاح في الإسلام. ثانيا: قالوا إن هذا النوع من النكاح ما هو إلا وسيلة لابتزاز المرأة؛ لأن المرأة التي تقبل بهذا النوع من النكاح هي في الغالب امرأة لها ظروف معينة، فيكون الزوج بهذا الزواج قد ابتز هذه المرأة، واستغل ظروفها، وهذا معنى ممنوع شرعا، أيضا قالوا: إن الغالب على هذا النوع من النكاح هو الكتمان والسرية، وهذا يتنافى مع ما هو مطلوب شرعا من إعلان النكاح، أيضا قالوا: إن هذا النوع من النكاح فيه شبه بنكاح المتعة، وزواج المحلل، وهما محرمان؛ فإن نكاح المتعة قد أجمع أهل السنة على تحريمه، وكذلك نكاح المحلل، فقد لعن النبي r المحلِل والمحلَل له، وسماه التيس المستعار، قالوا: فهذا النوع من النكاح فيه شبه بهما. أيضا قالوا: إن هذا النوع من النكاح فيه امتهان لكرامة المرأة وهو غير لائق بها، حيث يجعل الرجل هذه المرأة قنطرة لقضاء متعته وشهواته، فهو غير لائق؛ ولذلك فهو ممنوع شرعا، هذه هي وجهة أصحاب هذا القول. وبعد أن عرفنا رأي الفريقين، الذي يظهر -والله أعلم - هو أن القول الراجح هو القول الأول وهو: أن نكاح المسيار، ومثله ما يسمى بنكاح الأصدقاء أنه نكاح جائز ما دام مستوفيا لأركانه وشروطه، وإن كان خلاف الأولى، وهذا هو ما أقره مجمع الفقه الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي، حيث جاء في القرار: " هذان العقدان، والمراد بهما: المسيار والأصدقاء وأمثالهما صحيحان، إذا توافرت فيهما أركان الزواج وشروطه، وخلوه من الموانع، ولكن ذلك خلاف الأولى، فنحن الآن لدينا نكاح مكتمل الأركان والشروط وخال من الموانع، ففيه ولي، وفيه شهود، وفيه مهر، وخال من الموانع، فلا نستطيع أن نمنع هذا النوع من النكاح ما دام قد اكتملت أركانه وشروطه، وانتفت موانعه. والمرأة من حقها أن تتنازل عن بعض الحق الذي جعله الشارع لها، ولهذا سودة -رضي الله عنها - تنازلت عن ليلتها فهو حق لها تنازلت عنه، وقبل منها النبي r هذا التنازل، فغاية ما في الأمر أن هذين النوعين من النكاح قد تنازلت فيه المرأة عن بعض حقوقها، وأما ما ذكره المانعون مما سمعتم فنأتي لها: نأتي لهذه الاستدلالات واحدا واحدا. أما قولهم: إن هذا الزواج لا يحقق المقصود شرعا من النكاح والهدف من النكاح، وأن المقصود من النكاح في الإسلام ليس هو مجرد المتعة، وإنما له مقاصد من السكن والمودة إلى آخر ما ذكر، فنقول: نحن نسلم بهذا، ولكن نقول: إن هذا النوع من النكاح ليس هو الزواج المنشود، ليس هو الزواج المثالي المنشود، ولكنه الزواج الممكن، وما لا يدرك كله لا يترك كله، فتحقيق النكاح للمقاصد الشرعية، قد لا يتأتى حتى مع النكاح المشروع، يعني غير نكاح المسيار، فمن جهة أولا الإنجاب: هب أن رجلا تزوج امرأة عاقرا لا تنجب، أو أن امرأة تزوجت رجلا عقيما، لم يتحقق الإنجاب وهو من مقاصد النكاح، فهل معنى هذا أن هذا النكاح غير صحيح؟ أبدا، أيضا هب أن رجلا تزوج امرأة سيئة الخلق: نكدت عليه عيشه، ولم يجد معها المودة، والسكن، والرحمة، فلم يتحقق المقصود من هذا النكاح، فهل نقول: إن هذا النكاح إنه غير صحيح؟ فأحيانا الزواج الشرعي لا يتحقق منه مقاصد النكاح، وليس ذلك مبررا لإبطاله، فنحن نقول: إن هذا ليس هو الزواج المثالي المنشود، ولكنه الزواج الممكن. وما ذكر من أن هذا الزواج لا يحقق مقاصد النكاح لا يقتضي إبطاله؛ فإن الزواج الشرعي قد لا يحقق كثيرا من مقاصد النكاح كما مثلنا، وتجد من الناس من يتزوج امرأة وتسوء العشرة بينهما، ويبقى فقط مجرد زوج لا يعاشرها، ولا يجد معها المودة، والسكن، والرحمة، وهذا كله لا يقتضي إبطال ذلك النكاح. وأما قولهم: إن هذا النكاح هو وسيلة لابتزاز المرأة فهذا غير صحيح وغير مسلم؛ إذ أن المرأة يشترط رضاها، فإذا لم ترض بهذا النكاح أو بغيره فإن النكاح غير صحيح، ولهذا ثبت أن امرأة أتت النبي r وأخبرت بأن أباها زوجها وهي كارهة، فأراد النبي r أن يرد نكاحها فرضيت بعد ذلك به، وقالت: أردت أن أبين أن للنساء حقا؛ فرضا المرأة شرطٌ، فما دام أن المرأة قد رضيت بهذا النوع من النكاح فكيف يكون وسيلة لابتزازها، وبعض النساء التي يكون لها ظروف معينة، وقد لا يرغب فيها من كثير من الرجال، هي بين أمرين: إما أن تقبل بهذا النوع من النكاح، وإما أن تبقى بدون زواج. ويذكر أحد المشايخ أن امرأة اتصلت به، وذكرت أن لها ظروفا معينة، وأن عندها أولادا، وأنها بين هذين الأمرين: هل تقبل بهذا النوع من النكاح، أو تبقى بدون زواج؟ ولا شك أن قبولها بهذا النوع من النكاح أنه أولى من بقائها بدون زواج، فربما أن هذا الزوج الذي تزوجها بطريق المسيار أنه يرغب فيها، فتكون أما لأولاده، فإذا القول بأن هذا الزواج فيه ابتزاز للمرأة غير مسلم. وأما القول بأنه يشبه نكاح المتعة والمحلل فغير صحيح؛ إذ أن نكاح المتعة هو نكاح مؤقت لمدة معينة، ومقابل مهر أو أجر معين، وبمجرد انتهاء هذه المدة ينتهي النكاح تلقائيا، وأما نكاح المسيار، ومثله الأصدقاء فهو زواج دائم، لا يتحدد بمدة معينة، ولا ينتهي إلا بطلاق، أو فسخ، أو خلع، وهكذا أيضا بالنسبة لنكاح المحلل، فالقول بأن هذين النوعين من النكاح شبيهان به غير صحيح؛ إذ أن زواج المحلل زواج غير مقصود، ولا هدف للزوج في هذا الزواج إلا أن يحلل هذه المرأة لزوج آخر، فهو غير مقصود لذاته؛ وإنما جعل هذه المرأة قنطرة ليعبر عليها، وليحللها لرجل آخر، فنكاح المحلل نكاح مراد لتحقيق هدف رجل آخر. أما نكاح المسيار ومثله الأصدقاء فهو زواج مقصود، قد تفاهم عليه الرجل والمرأة وقصداه، وهو زواج دائم، فالقول بأن فيه شبها من نكاح المتعة أو المحلل غير صحيح، وأما ما ذكر من أن فيه كتمانا وسرية، بأن فيه كتمانا وسرية، فنقول: الكتمان والسرية، ليست من لوازم هذين النوعين من النكاح، أحيانا يكون نكاح المسيار ليس متكتما عليه، وربما يكون متكتما عليه نسبيا عن الزوجة فقط وأهلها، وإلا فإنه يكون فيه شهود، ووجود شاهدين في عقد النكاح هو الحد الأدنى للإعلان، فما دام أنه يوجد فيه شهود فلا يقال: إن فيه كتمانا، نعم لو كان بدون شهود، وبدون إعلان هذا هو نكاح السر الذي لا يصح عند كثير من أهل العلم، لكن نكاح المسيار، ومثله الأصدقاء يوجد فيه شهود، فما دام أنه قد وجد فيه شهود: شاهدان على الأقل فهذا هو الحد الأدنى لإعلان النكاح. وأما القول بأن هذا النكاح فيه امتهان لكرامة المرأة، وهذا هو الذي ركز عليه بعض كتاب الصحافة وغيرهم، قالوا: إن هذا النوع من النكاح فيه امتهان لكرامة المرأة، وأنه غير لائق اجتماعيا؛ حيث إن الرجل يجعل هذه المرأة قنطرة لقضاء متعه وشهواته، فنقول أولا: القول بأن فيه امتهانا لكرامة المرأة غير صحيح؛ إذ أن هذه المرأة يشترط رضاها، هذه المرأة يشترط رضاها بهذا النوع من النكاح، والعفة والإحصان لها قيمة كبيرة في الشريعة الإسلامية، بل إن النبي r يقول: وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته فيكون له فيها أجر؟ قال: أرأيت إن وضعها في حرام أيكون عليه وزر؟ قالوا: نعم، قال: فكذلك إذا وضعها في حلال . فالعفة والإحصان أمر مقصود في النكاح، بل هو من أعظم مقاصد النكاح، ولكن بعض الناس يخلطون بين كون الشيء غير جائز شرعا، وبين كونه غير مقبول اجتماعيا، فكونه غير مقبول اجتماعيا لا يقتضي عدم صحته، ونضرب لهذا أمثلة: زواج المرأة مثلا من سائقها؛ من سائق سيارتها، هو من الناحية الشرعية إذا اكتملت أركانه وشروطه، وخلا من الموانع زواج صحيح، لكنه اجتماعيا غير لائق فلا يخلط بين الأمرين. زواج الرجل من خادمته كذلك هو غير لائق اجتماعيا لكنه من الناحية الشرعية إذا كان بولي، واكتملت جميع أركانه، وشروطه، وخلا من الموانع هو زواج صحيح من الناحية الشرعية. زواج أيضا رجل كبير قد جاوز الستين بامرأة صغيرة، قد يكون غير مقبول اجتماعيا، لكنه من الناحية الشرعية صحيح إذا اكتملت أركانه وشروطه، أو العكس، زواج رجل شاب بامرأة كبيرة في السن، هل نقول: إن هذا الزواج غير صحيح؟ هو زواج صحيح من الناحية الشرعية؛ اكتملت أركانه، وشروطه، وخلا من الموانع، وإن كان غير لائق اجتماعيا؛ فلا يخلط بين كون الشيء غير لائق اجتماعيا، وبين كونه غير جائز من الناحية الشرعية، فبعض الناس يرى أن نكاح المسيار والأصدقاء أنه غير لائق اجتماعيا، ويبني على ذلك أنه لا يجوز من الناحية الشرعية وهذا غير صحيح؛ إذ أنه لا تلازم بينهما. أيضا أمر آخر ذكره بعض من قال بعدم صحة نكاح المسيار والأصدقاء، قال: إنه، إن الله تعالى جعل القوامة للرجل على المرأة، وفي هذين النوعين من النكاح لا تتحقق القوامة، ولكن نقول: إن الله تعالى جعل للرجال القوامة على النساء بأمرين: { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ }.سورة النساء :34 فالقوامة جعلها الله تعالى بأمرين؛ الأمر الأول: { بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ }.والمراد به ما خص الله به الرجال من القدرة على التحمل والصبر والمسئولية أكثر من المرأة، ونكاح المسيار والأصدقاء لا يسقط هذا الأمر، فتبقى المسئولية على الزوج، ويبقى التفضيل موجودا بالنسبة له. وأما الأمر الثاني وهو:{ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} . فيكفي هنا أن الزوج يدفع المهر، ويدفع الصداق، فهو قد أنفق من ماله، ولهذا فإنه يستحق القوامة بمجرد الدخول قبل بدء النفقة اليومية، وبهذا كما ترون ليس هناك في الحقيقة حجة ظاهرة لمن منع هذا النوع من النكاح، فالصواب هو: أن هذا النكاح أنه صحيح وجائز إذا اكتملت أركانه وشروطه وخلا من الموانع، وإن كان خلاف الأولى؛ لأنه ليس هو الزواج المثالي المنشود، ولكنه الزواج الممكن. وبعض الناس يرى أن، يعني أن تسمية النكاح بالأصدقاء أنها غير مناسبة، وعلى كل حال لا مشاحة في الاصطلاح، المهم معرفة حقيقة هذا النكاح وحكمه الشرعي، سواء سمي نكاح أصدقاء أو سمي بغير ذلك، وهكذا أيضا بالنسبة لنكاح المسيار، المهم معرفة حقيقته وحكمه الشرعي بغض النظر عن الأسماء والمصطلحات، هذا النوع من النكاح نحن قلنا: إن المرأة تتنازل فيه عن حقها في السكن والنفقة والمبيت، ولكن لو أن الرجل هو الذي اشترط عليها ذلك، اشترط عليها أن لا نفقة لها، أو أن لا يطأها، فعند كثير من أهل العلم النكاح صحيح والشرط باطل، النكاح صحيح والشرط باطل، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة، وهناك قول بأنه يبطل النكاح، ولكنه قول مرجوح، فإذا كان على سبيل الشرط، وليس على سبيل التنازل من المرأة فإن هذا الشرط غير صحيح والنكاح صحيح، وإنما كان الشرط غير صحيح؛ لأنه ينافي مقتضى عقد النكاح، ولكن إذا كان بمجرد تفاهم، وتتنازل فيه المرأة عن بعض حقوقها فهو نكاح المسيار الذي قصدناه، ونحن قلنا: إنه لا بأس به، بعدما عرفنا حقيقة نكاح ما يسمى بالمسيار والأصدقاء والحكم فيهما.
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
300 طبيبة ومعلمة سعودية يطلبن زواج المسيار | آلنجم | المنتدى العــــــــــــــــام | 18 | 22-02-2011 06:09 AM |
مجموعة من النساء انتحلن شخصيات مشرفات تربويات لترويج زواج المسيار بين المعلمات بحائل | يتيم الشوق | المنتدى الإعلامــــي | 6 | 24-01-2011 10:47 AM |
@@زواج المسيار@@ | فيصل الجولان | المنتدى العــــــــــــــــام | 2 | 11-05-2009 11:08 PM |
زواج المسيار حححح | الاجهر | منتدى الأسره والمجتمع | 22 | 20-01-2009 02:11 AM |
زواج المسيار !! هل يحل المشكله ؟ | الأمير | منتدى الحوار الهادف | 23 | 31-12-2007 01:51 AM |