![]() |
|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
مجريات هذه القصة حقيقية
. . . . . . . . بزغت شمس يوم السبت ذلكالصباح.... وأنا أرْقب من نافذة منزلي ،،، الهدوء قد خيّم على الشارع،، لا ترىالحركة ولا الضجيج الذي قد تعودت عليه كل يوم. المنظر جميل والجو بديع،، يا ليتالأيام كلها مثل ذلك، قلتها وأنا أعلم أن يومي هذا هو أول أيام إجازتي التي تستمرلمدة عشرة أيام... فأنا أعمل مدرساً في إحدى المدارس،، وقد أنهينا الأسبوع الماضيمع أحبابنا الطلاب آخر أيام الدراسة.. استلقيت على فراشي وأنا أفكِّر في استغلالوقت الإجازة.. ومع ذلك التفكير لم أشعر بنفسي إلا وأنا مستيقظ قبيل أذان الظهربلحظات،، ((الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور)) قعدت على فراشيوأنا أحاول استجمع قواي لكي أنهض .... نظرت عن يميني وعن شمالي فإذا بجوالي أراهأمامي ..... تناولته بيدي أنظر إلى شاشته... --مكالمة لم يرد عليها-- شخصٌ مادقّ عليّ وأنا في غطيطي.. وضعت الجوال جانباً.. دخلت إلى دورة المياه ,, فإذا صوتالحق ينادي ..الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .. توضأتُ ولبست الثوبوالشماغ توجهتُ إلى المسجد وقد نسيت جداً أمر تلك المكالمة. صليت مع إخوانيالمصلين في الجامع الذي بجوارنا.... وهاأنا الآن أعود إلى المنزل راجياً من اللهأن يتقبل صلاتي هذه. جلست على كرسيّ مكتبي... رتبت بعض الأوراق والدفاتر.. قمتُبتشغيل الكمبيوتر الذي لا أستطيع مفارقته – وكيف أستطيع فراقه وأنا مدرس للحاسب آليومشرف على موقع المدرسة الإلكتروني— قمتُ بتصفّح بريدي الإلكتروني وبعض المواقعوالمنتديات .... سبحان الله النت بحر لا ساحل له وفوائد لا يستطيع الإنسانحصرها.. بالفعل النت سيكون إما شاهدا لك أوعليك --- يارب اجعل النت شاهدا لنا --- وبينما أنا كذلك إذ برنين الجوال يتصاعد من على فراشي .. أوووووه نسيتالجوال على فراشي ...... قمت من مكتبي أمسكت الجوال أرى الرقم – فإذا الرقم غريب – • السلام عليكم • وعليكم السلام • من معي • معاك خالد بن فلان • خالد !!!!!! والله يا أخي ما أعرفك سامحني من معي • أفاعليك أبو مشاري كذا الدنيا تنسيك .. أكيد من لقي أصحابه نسي أحبابه. • --شعرتبحرج شديد، فَهِم ذلك المتصل من سكوتي وعدم ردّي له— • ياأبو مشاري الله يزوجكأنا فلان زميل دراسة لك، اتصلت عليك الصباح ولم تردّ علي. • أوووووووه فلان (تذكرت أمر تلك المكالمة التي نسيتها)......... تجاذبتُ أطراف الحديث معه فهوبالفعل كان خير صديق وأخ لي في الدراسة .. • خالد ما أبي أطول عليك وفرصة سعيدةأني سمعت صوتك ورقمك من الآن مخزّن في ذاكرة هاتفي ....... فقاطعني أخيخالد........ • يا أبو مشاري أبيك تزورني اليوم ضروري ... تكفى ترى أبيك تجينياليوم. • طيب يا خالد أنا فاضي اليوم وفرصة إني أكسب الأجر وأزورك. أغلقتسماعة الجوال... كان الموعد المناسب لي وله بعد العصر.. ((إذن الموعد بعدالعصر)) وصف لي بيته وكان يقطن في حي يعتبر من الأحياء الفقيرة جداً عندنا فيجدة ويكثر فيها الخراب والضياع تجهزت لذلك الموعد ... وليتني لم أرد على مكالمتههذه لأن القصة تبدأ عند تلك الزيارة
|
نعم فالآن الآن تبدأ قصتي.... لم أكن أتوقع أبدا أن زيارة صديق لي أحببته ولم أره منذ زمن ستؤولماآلت إليه قصتي هذه.وقفت على أعتاب هذا الحي الذي يسكن فيه زميلي. يالله ماهذهالحياة التي يعيشونها أولئك .. بيوت متهالكة وشوراع كلها أزقة.. مياه المجاري طفحتهنا وهناك.. صبية يلعبون فوق كبينة الكهرباء .. وآخرون يجلسون على الوحل.. قطعتفكيري هذا ..صوت رنين هاتفي المحمول.. والذي دلني خالد فيه على مكان منزلهالمتواضع والذي يقع داخل هذا الحي المتهالك. مررتُ من بين الأزقة فلا أرى إلاالبيوت وقد علاها الدمار، والجدران وقد آلت إلى السقوط ....... أبواب بيوت شعبيةمفتحة... وروائح كريهة منتنة. ((اللهم لك الحمد كثيرا كما تنعم وتجلّكثيرا)) وبينما أنا أسير في تلك الأزقة.. قادني القدر أن أمر على شارع بالكاديمشي فيه ثلاثة رجال... دخلت فيه وتقدمت .... رأيت من بعيد وكأن رجلا جالساً علىقارعة ذلك الشارع الصغير... اقتربتُ واقتربتُ منه.. يالله ماهذا .... إنه ليسبرجل ..... إنه فتى صغير ... شكله يوحي بذلك ... نظرت إليه .. تأملت في ملامحه ... الفتى لا يبدو عاديا عرفت ذلك من وجهه.. فوجهه قد علاه الغبار... ثيابه ممزقةوبالية.. وعيناه ذابلتان زائغتان .... كأنه لايعي من حوله .. سلمت عليه السلامعليكم ورحمة الله وبركاته. لم يرد لي جواباً..ولم يرعى لي اهتماماً.. وكأنه لايدري عمّن حوله...... تركته وشأنه .. أخيراً وصلت لبيت خالد... استقبلنيبحفاوة..... أكرمني ..... ضيفني ...... لم يقصّر معي أبدا..... تذاكرنا سويا قصةزماننا الأول .. معلمونا ... زملاؤنا ... أين هم ؟؟؟ وكيف حالهم ؟؟؟؟ بالفعل اعتبرت هذه الزيارة ناجحة ... لأني أدخلت السرور والبهجة على صديقي ............. نسيت جدا موضوع ذلك الفتى الذي قابلته عند قدومي.. ودعني خالدوداعاً وكأن لسان حاله يقول نكاد حين تناجيكم ضمائرنا *** يقضي علينا الأسىلولا تأسينا خرجت من بيته وقد شارفت الشمس على المغيب ... مشيتُ وأنا أتأملفي حالة خالد المادية ... بيته ... أثاثه .... ملبسه.. عرفتُ أن هذه الدار ليستبدار الأبرار ......... ولو كانت لهم لكانت أولى للنبي صلى الله عليه وسلم ومن ثمّأصحابه. مضيت في طريق العودة وأنا أمر من تلك الأزقة .... ياسبحان الله إنه النفس الشارع الضيّق الذي مررت به في طريق ذهابي.... فجأة توقفت لمأستطع إكمال مسيري ... الفتى الذي قابلته منذ قليل ولم يرد سلامي موجود في مكانه ... ولكنه ملقى على الأرض ... نظرت إليه .. ترددت .. هل أجازف واقترب منه ...... أمهذا سيخولني للدخول إلى طريق مغلق لا أستطيع الخروج منه .. بعد لحظات من التفكيرقررت أن أقترب منه ..... فاقتربت.... واقتربت أكثر.... أريد أن أرى أي حركة تدل علىحياة هذا الفتى ... بدأ ضوء النهار يخفت شيئاً فشيئاً............... الحمدلله .... قلتها عندما رأيت صدره يعلو ويهبط ....... اقتربت أكثر ....... وبدى لي أن أوقظه فملامح وجهه تظهر أن الفتى من أسرة محافظة .......... حركت كتفه لكي أوقظه .. هززته ... لم تطول محاولاتي فقد استيقظ الفتى بسرعة........ ارتعدت فرائسه ........ توسعت عيناه عندما رآني ... أراد أن يهرب فأمسكت به..... قلت له :. لا تخففأنا لست من الشرطة أو من رجال الهيئة ... إنما أتيت زائراً لأحد الأصدقاء هنا فقط ........ كأنه لم يصدق كلامي ... رأيت عينيه فإذا هي لم تكن كالسابق ((الزائغتان الذابلتان.. قد رجعتا)) أدركت حينها خاصة عندما انبعث من فمه رائحة كريهة أنه كان عند ملاقاتي له للمرة الأولى أنه في حالة سكر ((سكران)) وقد أفاق من سكره لتوه .. يا إلهي الفتى مازال صغيرا ويسكر .. شاربه لم يظهر بعد . وبنيته الجسمية مازالت صغيرة ........ قاطعني قائلاً وكأن الخوف قد بلغ به مابلغ: وش تبغى مني رددت عليه: أنا ماأبي منك شيء لكن رأيتك في حالة يرثى لها فأشفقت عليك .... وتراني قبل ساعة مررت من هنا وسلمت عليك فلم ترد علي السلام ((قلتها من باب المداعبة)) قاللي : والله ماكنت منتبه لك ... قلت له: ممكن أجلس بجوارك وأكلمك. رد علي: أنت لست من الشرطة ولا الهيئة قلت : والله العظيم لا بدى الغلام مرتاحا بعد كلمتي هذه ...عرفت ذلك من سكوته ومن تنهده العميق... فجلست بجواره نظرت إليه فإذاعيناه مطرقتان نحو الأرض ... لم يلتفت لي وكأنه خَجِلٌ مني ... قاطعت ذلك السكونالذي خيّم علينا فجأة....... أنا أبو مشاري ...ممكن أعرف من أنت ..... قال ليأنا محمد ... قلت له محمد ممكن أسألك........ تعجّب من سؤالي ......... فأردفت محمد ليش أنت نائم هنا... تلعثم ... تخالطت حروفه .... ياأستاذ أبومشاري أنا مطرود من البيت ...صُعقت لجوابه .... أبهذا العمر يُطرد ....... تنهّد محمد وقال ياأستاذ أبوي وأمي طردوني من البيت ....... قالهاببراءة ..... تألمت من ذلك الجواب وذُهلت....... كيف لأب وأم يطردون ابناً لهم وهوفي هذا العمر... أما يفكرون ؟؟؟؟؟ أليس في قلوبهم رحمة ؟؟؟ أما يعلمون أن شياطين الإنس قد يتربصون به في أي وقت وفي أي مكان؟؟؟؟؟ قاطعني قائلاً .. ولكني ياأستاذ أنا استاهل ... نظرت إليه فإذا عينيه قد اغرورقت بالدموع تحادرت دموعه .... بدأ يحبس صوته خوفاً من أني أسمع نجيش بكاه....... هدأت من حزنه وقلت له محمد خذ راحتك ... اعتبرني أخاك الأكبر... أريد أن أسمع قصتك ... فهل تسمح لي بذلك .... لم يلتفت لي واستطرد..
|
أستاذ أنا عمري الآن 16سنة ومطرود من المدرسة ....
ومطرود منالبيت كذلك ... هي ليست المرة الأولى التي أطرد فيها من بيتنا....... سكتقليلاً..... تردد من إكمال جملته ... عرفت ذلك من تمتمته .... بدأتُ في رحلةالمعاناة والألم معه .... ثم أردف قائلاً: نعم إنها ليست المرة الأولى التي أطردفيها.......قالها وهو مخنوق العبرات ......... وكيف أبقى في بيت .... وأنا وأنا .... لم يستطع إكمال تلك العبارة .... فتشنجات صوته بدت واضحة جداً .... تركتهحتى هدأ قليلاً ... لمحته بنظرة من عيني فإذا ملامح وجهه بدأت تتغير من تأثيرالبكاء .......... قال لي: يا أستاذ لا تزعل فلربما تسمع كلاما مني الآن وبعدهاتكرهني...... قالها .. وهو يلمحني بنظرة ... كأنه ينتظر بذلك ردّة فعلي .... محمد لن أغضب منك فأنت أخي ولو أني لا أريدك ما كنت جلست معك هنا ... ظهر الارتياح على وجه محمد ....... وتهللت نفسه وابتهجت أساريرهبعد مقولتي هذه ...... أستاذ ..... أنا استاهل......أعادها.....أنا استاهل ... قالها .. وقد تشابكت الدموع بالدموع ... قالها.... وقد أنهكه البكاء والتعب ...... حاول أن يكمل فلم يستطع ....... ربّتُّ على كتفه ... محاولة مني في تهدئته ... أريده أن يكمل .... فالشوق والحزن قد بلغ مني مبلغه .... استطرد محمد وهو لايفارق نظرته الأرض : ..... أنا استاهل ياأستاذ ..... نعم استاهل .. فلقد أسأتلسمعة أسرتي ...... أسأت لأبي ... أسأت لأمي ... حلمهم الذي كانوا ينتظرونه مني .. قد تبدد .. قد تحطّم .. لا أنسى ياأستاذ عندما كنتُ صغيرا ........ كان أبي يطمحويقول لي ... محمد حترفع رأسنا ... حتخرجنا من الهم اللي نحن فيه ... وأمي كذلككانت تقول لي ... وكلها أحلام .....وكلها آمال في ابنها الكبير ... (ولدي إن شاءالله ستصبح طبيباً .... أو طيارا ... ستحلق بي في حلم طالما انتظرته .... ) نعمكانت هذه أمنياتهم. سكت محمد قليلاً وهو يلمح إلى الأفق ... وكأنه يريد أنيستعيد شيئاً مما فاته ... نعم يا أستاذ ... كان والداي ينتظرون مني ذلك ....... ولكن ......... انتهى كل شيء .......نعم لقد انتهى كل شيء.... تهاوت أحلامهم في بحرضياعي ومحيط فسادي..... وهاأنا الآن كما تراني ..... لم أجلب لهم إلا العاروالفضيحة ... مسح الفتى بعضاً من دموعه .. التي انحدرت هناوهناك.... تعجبت من كلام هذا الفتى ... وتحيرت من تلك الكلماتالتي خرجت منه ... كيف لفتىً وبهذا العمر .. ينطق بمثل تلك العبارات وتلك الجمل ..التي لا يقولها إلا من هم في أضعاف عمره... ولكني تيقنتُ أنّ عبارات جمله ... وقوة تعبيره ... ماخرجت إلا بعد معاناة طويلة مع مأساته. أكمل يامحمد .. قلتها عندما أحسست أنه يريد أن أقول له ذلك .. أكمل ... (((((ولتعلميامحمد أنك قد شققت جرحا في قلبي ... صعبٌ على أحدٍ علاجه))))) قلتها محادثاًنفسي.. استكمل محمد قصته المؤلمة..... أصدقاء السوء هممن كانوا سبباً في ذلك يا أستاذ.... التحقت بالمرحلة المتوسطة ..... ولم يكن بينمرحلتي هذه والتي قبلها فرق.... فالكل يصفق لي ... والكل ينظر أني قدوة لبقيةزملائي .... يالها من أيام ....... وياليتها تعود... استمريت ياأستاذ أبو مشاري علىهذا النجاح وهذا التفوق .... أبي يأتي إلى مدرستي مرفوع رأسه ...يتحين الفرصة تلوالفرصة لأنه لا يسمع من معلميّ إلا عبارات الثناء والمديح ........ حتى حصل لي مالم أكن أتوقعه أنا أو أحد من أهلي...... لمحت إلى محمد وقد قبض على كفيهالصغيرين ...... وبدأت يداه في الارتعاش ..... وكأنه يريد أن يفجّر بركاناً ثائراًقد أخمده مرارة الحسرة والألم على فقد ذلك التاريخ المجيد..... استطرد محمد وهويقول .... : لقد التفّ حولي رفقة سوء ... غيّروا مجريات حياتي ..... دمروا كل شيءفيّ .... دراستي ...... أخلاقي ......... ديني ...... لم أسلم من تلك الذئاب حتى فيعرضي...... أستاذ بدأت معهم رحلة الحسرة والضياع بحبة سيجارة ..... ثم الأخرى .......ظننتُ الرجولة تكمن في ذلك ..... ثم تطور الأمر فتتبعت خطوات الشيطان خطوةخطوة ... فانحدرت إلى الحشيش ........ ثم إلى المسكر........ ثم طردت من البيت لأنشياطين الإنس ياأستاذ وتلك الخبائث...........قد اجتمعوا وقادوني بالتحرش بإخوتيالصغار جنسياً أكثر من مرة......... صمت محمد فجأة وقد خيّم علينا لحظة من الصمتوالهدوء ...... لم أتمالك نفسي ....... ولم تسعفني عباراتي ....... آثرت السكوت علىالحديث ...
|
بم أجيب ؟؟؟؟ وبم أتحدث ؟؟ هنا تقف كلماتيعاجزة عن الحديث والإكمال ..... بدأت الشمس تعلن عن نهاية هذا اليوم ..... وأنامذهول بما أسمعه وبما أراه !!! أخي محمد .... أهذا كل شيء؟؟ قلتها .... وقدحبستُ من عينيّ دموعي .... ومن فمي أنّاتي... قال محمد وكأنّهيعلن لي استسلامه ......... ليس بعد ياأستاذ .... فطردي من البيت ومكوثي فيالشارع ........ جعلني أتجرع كأساً آخراً من كؤوس الضلال والضياع ...... أستاذأبو مشاري .... حاولت أن أرجع إلى البيت ... توسلت إلى أبي ..... إلى أمي ....... ولكنهم قد تبرأوا مني ....... كأنهم لايعرفونني ....... أظلمت الدنيا في عيني بعدذلك .. أحسست باليتم .... لم أطق العيش في دنياي هذه .... حاولت أن أجد ملجأ لييحتويني .... لكي يقيني من رمضاء النهار ....... وسكون الليل .... فلم أجد ياأستاذ إلا .......... بيت الضياع ........ ومسكن الذئاب ..... ومرتع الخراب .... نعم لقد أخبرني ذلك الذئب الذي اعتبرته صديقاً لي .. الذي لم يراعي شعوري ....... ولم يرحم صباي وضعفي... بأن هناك بيت ...... سوف أجد فيه ما يسعدني ويأويني .... فصدقته ........ وطاوعته ..... على مضض ..... وعلى كره ....... فيدي مكسورة ... وقد أمسك بها ذلك الوغد ...... دخلت في ذلك الدار رأيت شبابها يكبروني عمرا ............. كانوا أشرارا .. أصحاب فساد ...... شرر عيونهم توحي بذلك ..... ونظراتهم لي تظهر نياتهم .... وحديثهم معي ... يبين ما يخبئونه في نفوسهم المجرمة ... التي لاترحم ضعيفا ولا شريدا ... تخيل يا أستاذ .... كنتأصغرهم .... كحمامة وديعة وقعت فريسة بين مخالب السباع ...... أتيت ........ لأحتميفي ذلك الدار .... وليتني لم أفعل ...... حتى عرضي لم يسلم من شررهم ...... علمتكذلك أن ذلك السكن ما هو إلا مرتع تجارة للمخدرات .... وأن أصغر من يسكن فيهايتجاوز عمره العشرون عاماً ........ جعلوني سلعة بين أيديهم ........ متى ما وضعونيفي مكان ..... لا أستطيع رفضه ....... حتى أجبروني على الإدمان ........ لا أنسى ... والله لا أنسى ما حييت .... عندما أمسكوا بي بالقوة ووخزوا إبرة الضياع في جلديالرقيق .... ثم ضاع شرفي وعرضي هناك ..... متّ قبل أن يموت المرء ... قٌتلت من غيرسكين .... وموت بطيءعند ذلك ......أدمنت المخدر ... لم أحتمل البقاء معهميا أستاذ .... فهربت من بين فكيّهم .... وصرتُ شريداً ..... هارباً ...... ضائعاً .... فلقيتني أنت ....... في هذا المكان ... كما هو حالي الآن ..... كما تراني ...... أنام في الشارع ..... غطائي السماء ....... ولحافي الأرض .... وبيتي هنا ... نعم هنا هذه هي قصة من اعتبرته أنت أخٌ لك يا أستاذ أبو مشاري .... تبعثرتحروفي ........ ذرفت دموعي........ لم أتمالك نفسي ........ تنهدتُ تنهداعميقا... سكت محمد ..... نعم سكت ذلك الصبي ..... ووجهه يحكي مأساته .... سكت محمد ...... وكأنه يعلم أني لا أستطيع فعل أي شيءتجاهه .. سكت ذلك الغلام ....... وكأنه أخرج شيئاً قليلا ... مما يحسّبه ...... جبال من المآسي والهموم ..... لم تقع منها إلا حصى صغيرة ....... نظرتُ إليه .... أردت أن أحدثه ....... فكرت ..... لمأستطع إخفاء دموعي ....... اقتربت منه ..... استجمعت عزيمتي ..... حادثته .... وعظته .... نصحته ...... ثمّ ودعته ........... نعم ودعته ....... ودعتُ شخصيةمحمد ...... ودعته ورحلت عنه ...وكأنه يقول لي حسبي حسبي إلى متى تطردني ***أعدائي دائي وكلهم يقصدني .......... توجهت من حيث أتيت ...... خرجت من ذلكالحي ........ وخلّفت وراءي الهم والحزن ..... والضيق والتعاسة ...... ومحمد وقصته ........... الله أكبر ... الله أكبر ..... أشهد أنلا إله إلا الله ...... يالله لقد انقضى ذلك اليوم ........ ولقد انقضت معه .... قصة بقيت خالدة في ذهني حتى لحظتي هذه ..... مضيت في طريق عودتي ......... وأناأردد وأقول ليتني لم أرد على جوالي
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
ليتني بنت عمك وبالزواج اغصبونا | هـمـــس | المنتدى الأدبــــــــــــي | 22 | 03-03-2012 10:42 PM |
ليتني كنت طــفل | الرساله | المنتدى العــــــــــــــــام | 7 | 09-03-2011 02:46 PM |
حوالي حوالي ماتسرك يابو ستان =دموع العيون أسراب والقلب ملتاعي 0(مشاركتي بالمسابقة) | مبارك نافع | منتدى الشـــعــــر | 16 | 26-10-2010 05:20 PM |
يا ليتني كنت صاحب الحفرة .. | سمسم | المنتدى الإسلامـــي | 2 | 30-05-2010 04:09 PM |
ليتني طفل صغ ـير(للتصميم) | ღريم الفلاღ | منتدى التصاميم والجرافكس | 18 | 28-01-2009 02:56 PM |