[يوسف العجرمي]

البيروقراطية المزعومة .. بين التهميش و "التعريش"


في عصر تراكمت فيه التعبيرات السياسية والاقتصادية المختلفة اتضح جليا ً بأن الغالب منها مجرد أقنعة وهمية تتستر على حقيقة الحركات والتوجهات السياسية والاقتصادية لبعض الدول والاحزاب حتى بعض الشعوب ، ومن بين هذه التعبيرات "البيروقراطية" والتي ينحصر تعريفها بأنها مجموعة من الأسس الإدارية التي تخرج السياسة العامة للمؤسسة إلى حيز الواقع و تضعها موضع التنفيذ الصحيح لتحقيق الأهداف كما عرفها الالماني ماكس فايبر في اواخر القرن الثامن عشر الميلادي ولكن اذا نظرنا لحال المدعين بالبيروقراطية اليوم نجدهم بعيدين كل البعد عن التطبيق الصحيح للبيروقراطية ، إذ أن بيروقراطيتهم المزعومة تمنح العروش لغير ذويها وتسهب في الاطراء بما فعله هؤلاء حتى ولو كان تصنعا ً ، في نفس الوقت تقوم هذه البيروقراطية المزعومة بتهميش العامل الحقيقي للنجاح مع انه هو الاهل للاطراء والمديح وهضم حقوق صانعي النجاح الحقيقيون ، إن من يتهترون بشعار البيروقراطية وهم ليسوا اهلاً لتطبيقها حتى في حياتهم الخاصة هم ليسوا سوى مجموعة من الفاشلين اداريا ً اوهموا الآخرين بأن البيروقراطية الصحيحة هي مايقومون به ونجدهم يميلون لتصوير البيروقراطية بصورة الهرم الاداري أي أن الجميع يعمل لمصلحة واحدة أياً كانت ولكن نقطة الخلاف هنا هي أن هذه المصلحة من المفترض بأن تكون مصلحة مشتركة للجميع غير أن هؤلاء القوم وظفوا الجميع لمصلحة فرد معين أو مجموعة معينة تعنيهم ، هنا يجب على المجتمع البيروقراطي الحقيقي الذي ينتهج البيروقراطية الصحيحة بتوعية المجتمع بماهية البيروقراطية الحقيقية وتفصيل الشرح عن كيفية تطبيق البيروقراطية في مجتماعتنا الشرقية بنجاح ، أي انه يجب توظيف الوسائل لخدمة الجميع وليس لخدمة جهة أو فرد معين ، قد يرى البعض بأن البيروقراطية نهج غربي سخيف ونظام اداري فاشل وذلك ببرهان التجارب المطروحة والتي سبق وان طرحت في مجتمعاتنا الشرقية وأن البيروقراطية لاتصلح كنظام اداري الا في المجتمعات الغربية ؛ هنا اقول بأن البيروقراطية يمكن توظيفها حسب اعراف وتقاليد المجتمع الذي توظف فيه ، والبيروقراطية نظام مرن يمكن جعله مناسبا ً لأي نوع من المجتمعات والدليل هو سهولة اعتناق هؤلاء المتقنعين بالبيروقراطية للنظام البيروقراطي وجعله مناسبا ً لميولهم الشخصية ! إذن ليس من الصعب توظيف النظام البيروقراطي اداريا ً في مجتمعاتنا الشرقية وبشكل صائب وبطريقة تؤدي الى الانتاج السليم والوصول الى القمة ، ولكن علينا أولا ً بأن نضع الوسيلة المناسبة في المكان المناسب .
انتهى .. اخوكم يوسف العجرمي .

الموضوع الأصلي: البيروقراطية المزعومة .. بين التهميش و "التعريش" | | الكاتب: يوسف العجرمي | | المصدر: شبكة بني عبس