![]() |
|
خيارات الموضوع |
|
وكذلك العقوبات والمؤاخذات كمٌّ كبيرٌ منها ينبني على ما في القلوب:
قال الله تعالى :[ولَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَت قُلُوبُكُمْ [225]] [سورة البقرة]. وها هم أصحاب الجَنَّةِ، أصحاب البستان الذين ابتلاهم الله عَزَّ وَجَلَّ عوقبوا عقوبة عاجلة في الدنيا؛ لما أضمرته قلوبهم من شر وبخل كما حكى الله سبحانه فقال :[إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحينَ * وَلا يَسْتَثْنُون *َ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبّكَ وَهُمْ نَائِمُون *َ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيم] [سورة القلم، الآيات: 17ـ 20]. وها هي طائفة من أصحاب رسولنا صلى الله عليه وسلم ـ رضي الله عنهم وعفا عنهم ـ لما خرج بعضهم يريد الدنيا يوم أُحد كانت إرادته سببًا في هزيمة إخوانه، عفا الله عن الجميع، قال الله سبحانه: [وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ في الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّنْ بَعْدِ مَا أَرَاَكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُمْ مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدَ عَفَا عَنكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [ 152]] [سورة آل عمران]. فيا سبحان الله! كيف كانت إرادة الدنيا عند فريقٍ سببًا في هزيمته وهزيمة من معه؟! وها هو رجل ـ الغالب عليه النفاق ـ لم ير المؤمنون منه نفاق، لكن الله يعلمه ويعلم ما في قلبه، ذلك الرجل كان يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان جريئًا, كان شُجاعًا, كان مغوارًا ، كان لا يدع للمشركين شاذة ولا فاذة إلا تبعها، يقتل من المشركين الجم الغفير, ويجرح فيهم ويطعن! ولكن الله يعلمه ويعلم ما في قلبه؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه:[ أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ]. فكاد المسلمون أن يرتابوا؟ كيف هو من أهل النار، وهو أشجعنا؟! سبحان الله هو من أهل النار؟! ولِم هو من أهل النار؟ الله يعلم ذلك, هو سبحانه الحكيم الخبير هو العليم بما في الصدور، هو العليم بما في قلب هذا الرجل. ها هي قصته، وها هو شأنه: أخرج البخاري ومسلم من حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَسْكَرِهِ وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ فَقَالَ مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَانٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ] فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ أَنَا صَاحِبُهُ قَالَ فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ قَالَ فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ:[ وَمَا ذَاكَ؟] قَالَ الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ فَقُلْتُ أَنَا لَكُمْ بِهِ فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ:[ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ]. فعياذًا بالله, ما أشقى هؤلاء أصحاب القلوب الخبيثة! ما أشقى هؤلاء الذين حملوا بين جثمانهم قلوب الشياطين ! ما أتعس هؤلاء الذين أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا! ما أتعس هؤلاء الذين نافقوا وخدعوا المؤمنين والمؤمنات! ما أشد عذاب هؤلاء الذين امتلأت قلوبهم بحب شيوع الفاحشة في الذين آمنوا؛ فادُّخر لهم العذاب الأليم في الآخرة فضلاً عما عُجِّل لهم منه في الدنيا! فإلى هؤلاء الذين اشتعلت قلوبهم بنار الغِلِّ وامتلأت بنار الحسد والكبرياء، هلموا يا هؤلاء إلى إخماد هذه النيران وإطفائها, من قبل أن تستعر في أجوافكم فتُمزق القلوب وتحرق الأجساد. إلى هؤلاء الذين منعهم الحقد على العباد من النوم, وجعلهم يتقلبون على الفُرُشِ طيلةَ ليلهم، هلموا إلى ما يجلب لكم النوم ويحقق لكم الراحة. إلى مَنْ حسدوا الناس على ما آتاهم الله من فضله، وأرادوا أن يتحكموا في أرزاق الله، وفي أقدار الله، وفي تدبير الله ففشلوا في ذلك ولم يستطيعوا منع رزق الله عن أحدٍ، ولا جلب ضرٍّ لأحد، فباتوا وقلوبهم مضطربة، وقلوبهم قلقلة، وقلوبهم ملوثة، وقلوبهم مدنسة ألا فأقبلوا يا هؤلاء على ما يُسكِّن القلوب ويُهدئ الفؤاد. إلى مَنْ أشركوا بالله ما لم يُنزل به سلطانًا فأُلقي في قلوبهم الرُّعب. إلى مَنْ نافقوا وخادعوا وأقبلوا على الرياء والسُّمعة, وعملوا للناس ولم يعلموا لله؛ فحبطت أعمالهم وذهب ثوابها. ألا فليعلم جميع هؤلاء: أن الله يعلم ما في قلوبهم فليحذروه. ألا فليعلم هؤلاء: أن الله عليم بذات الصدور فليصلحوها. ألا فليعلم هؤلاء: أن هناك نار تطلع على الأفئدة, كما قال تعالى:[ومَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ] [سورة الهمزة، الآيات: 5 ـ 7]. إنها نار يطلع لهيبها إلى الفؤاد فيحرقه ... إنها نار ترى النيات الخبيثة, والعقائد الخبيثة, والأمراض الخبيثة في القلوب فتحرق تلك القلوب؛ عياذًا بالله. فنداء، واستصراخ قبل أن تُحرق هذه القلوب. فجديرٌ بالعبد أن يتجه إلى إصلاح قلبه، وتنظيفه وحشوه بالخير، وملئه بالإيمان وغرس التقوى فيه. جدير بالعبد أن يكثر من ذكر الله, وأن يسأل ربَّه سبحانه وتعالى لقلبه الشفاء والثبات على الإيمان حتى الممات ... حريٌّ بالعبد أن يبحث عن سبب مرض قلبه, وأن يسأل عن علاجه. ها هي جملة أمراض تعتري القلوب، وها هو علاجها، والشفاء في كل حال من عند الله سبحانه وتعالى، لا شفاء إلا شفاؤه. فإلى أمراض القلوب، ها هو المرض، وهذا علاجه، هذا هو الداء، وهذا دواؤه. دواءٌ لا يكاد يخطئ، بل لا يخطئ أبدًا ما دام دواءً من عند الله، ما دام دواءً من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم... فعليك بالدواء ولا تفرط فيه ولا تُقَصِّرْ في تناوله ولا تتغافل عنه. هذا الداء, وهذا الدواء... هذا المرض, وفي هذا الشفاء منقول: من:'أثر سلامة القلب على سعادة المرء فى الدنيا والآخرة' للشيخ / أبى عبد الله مصطفى بن العدوى الموضوع الأصلي: أثر سلامة القلب على سعادة المرء فى الدنيا والآخرة 2 | | الكاتب: rashidhoa | | المصدر: شبكة بني عبس
|
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
سعادة القلب .. في حسن الظن ؛ | مبارك الشويلع | المنتدى الإسلامـــي | 7 | 14-12-2010 07:06 AM |
خزن رقم الجوال هذا في جوالك اذا كنت في السعودية - طع شوري وابشر بخير الدنيا والآخرة | مقدام النت | المنتدى الإسلامـــي | 9 | 16-05-2009 09:12 PM |
دعاء يسترك في الدنيا والآخرة | آدم وحواء | المنتدى الإسلامـــي | 3 | 26-07-2008 12:01 AM |
أثر سلامة القلب على سعادة المرء فى الدنيا والآخرة 1 | rashidhoa | المنتدى الإسلامـــي | 14 | 29-11-2007 02:10 PM |
البصل مضاد حيوي يحافظ على سلامة القلب. | rashidhoa | منتدى الصحه والتغذيه | 2 | 26-03-2007 05:55 PM |