عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 03-04-2019, 06:33 PM
برق الشمال
باحث بالتـاريخ ومــراقباً عاماً للبحوث التاريخية
رقم العضوية : 210
تاريخ التسجيل : 6 / 9 / 2006
عدد المشاركات : 1,076
قوة السمعة : 19

برق الشمال بدأ يبرز
غير متواجد
 
مشاركة لمحة تاريخية مُوجزة عن دور القبائل السياسي في الحقبة العثمانية
مافتئت قبائلنا الكريمة توصم بكل ناقصة وذلك ثمناً لموقفها السياسي المناوئ للإمبراطورية الهمجية العثمانية ومطاياهم أزمنة عديدة حتى أن هذه المواقف التاريخية المُشرفة الخالدة جُيّرت بخلاف حقيقتها و واقع أمرها إذ جاء
تحت عنوان “دور القبائل السياسي في الشرق الأوسط” للأستاذ محمد خليف الثنيان، مؤلف كتاب قيامة أر طغرل مقالاً قَلَب الحقائق رأسا ًعلى عَقِب، ولبس الحق بالباطل، أراد الكاتب من خلاله تمرير رسالة مفادها أن القبائل العربية المناضلة و التي كانت على عداء أزلي وعدم وفاق مع الدولة العثمانية و أعوانهم في المنطقة، كانت تقف إلى جانب الأنجليز وهي محاولة تدليس يظهر من خلالها النفس الحزبي الإخواني الممقوت الذي يقوم على محاولة لوي التاريخ وقلب الحقائق من خلال إقصاء دور القبائل الكبير في مواجهة المد العثماني المغولي النازي في أقاليم جزيرة العرب، عبر عدة قرون متفاوتة ومحاولته وصم كل مناوئ للإمبراطورية العثمانية الإجرامية بطابع العمالة للأنجليز الذين لم يكن لهم أي دور أو وجود فعلي في أقاليم جزيرة العرب حتى تتعامل معهم تلك القبائل الثائرة في نطاق أقاليمها بل لم يُسجل في أرشيف الوثائق البريطانية أو سجلات التاريخ الأخرى أي مراسلات أو وقائع أتصال بين القبائل المُناهضة للوجود العثماني و الأنجليز أو غيرهم من القوى الأخرى وكيف لمن خرج بدافع القومية العربية على الدولة العثمانية وهي التي تعتنق الإسلام أُسميّاً أن يتعامل أو يتواصل أو يتم توجيهه من قبل الإنجليز الممقوتين بطبيعة الحال لدى الحجازيين والنجديين، الذين ينظر لهم هؤلاء القبليين الأحرار نظرة عدائية بالغة الشدة يفوق عداءهم للأتراك فضلاً عن عدم تسجيل أي وجود تاريخي للأنجليز عبر التاريخ في جزيرة العرب بكافة أشكاله.وردي هذا لا يقتصر على الأستاذ محمد بن خليف الثنيان وحده بل هو رد عام على كل حزبي أو صاحب فكر أممي، يسعى لتقزيم العنصر القبلي العربي وتهميشه وتقديمه كبش فداء لتوجهه وفكره اللا منطقي والغير مقبول القائم على عكس الحقائق والواقع التاريخي رأساً على عَقِب.
نرد على مثل هؤلاء بذكر نماذج من واقع التاريخ وهو مايعكس لنا الحقيقة بجلاء التي لن يواري قلبها سوءة أحد : نستشهد بالنموذج الأشهر الرحالة البريطاني تشارلز داوتي وهو الرجل المُقرب من حكومة بريطانيا العظمى الذي جاب أقاليم الجزيرة العربية سنة1875م، ومكث فيها ثلاث سنوات، وألف كتاب بعد ذلك أسماه ” ترحال في صحراء الجزيرة العربية “مكون من أربعة أجزاء يقول مسجلاً إنطباعه عما شاهده كملخص لرحلته مدوناً مواقف ومشاهدات حية تصور لنا ماكان عليه الحال السياسي لهذه القبائل بأدق تفاصيله : ” إن القبائل التي كانت مناوئة للعثمانيين تلك التي لم تكن على وفاق معهم (ذكر قبيلة بني رشيد) عند أمر ببلادهم أتعرض لكثير من المخاوف بسبب النظرات المُريبة من قِبَل زعمائهم وذلك بسبب تخوفهم وشكوكهم من كوني جاسوس لحكومة بريطانيا العظمى ولولاء أتخاذي لأسم خليل أثناء مروري بديارهم الواسعة على أساس أنني طبيب مسلم قدم من الشام كمعالج لما أستطعت المرور عبر آراضي هذه القبائل التي لم تكن على وفاق مع الإمبراطورية العثمانية ويُضمرون العداء لي على أساس أنني من أمة نصرانية كافرة .. ” . أنتهى. فهذا دليل على أن القبائل بفطرتها لم تنقاد لأي قوى سوا الأنجليز أو غيرهم ولم تتعامل معهم وحتى لم تتقبلهم وأقصد تلك القبائل التي عُرِفت عبر التاريخ بموقفها العدائي الشديد للعثمانيين لا سيما وأن الوجود البريطاني والأجنبي بشكل عام كان معدوم وغير مسجل له حضور في أقاليم جزيرة العرب الحجاز ونجد، بخلاف العثمانيين الذين كان لهم بعض الوجود في عدد محدود من البلدات بالاضافة إلى قوافل عسكرية مُسيرة تجوب بعض الأقاليم بالأستناد على عملاء موالين لهم يهتدون بهم.
أيضاً : يقول الرحالة جيل جرفيه كورتلمون 1895م ، عن قاتلي الجاسوس وسارق الآثار شارل هوبر وهم بطبيعة الحال كما هو معروف ومُدون رجال من الرشايدة وبإيعاز مباشر من أحد شيوخ بني رشيد التاريخيين :
“هؤلاء هم قاتلوا شارل هوبر وهم الحراس الغيورون على أرضهم المصونة وهم الذين يقومون بالدفاع عن موروثهم حيث تختبئ أسرار أصول اللغة العربية”. أنتهى
فعلى أي أساس تكون هذه القبائل العربية المناضلة في صف الأنجليز طالما لم يسجل في التاريخ أي أتصال بينهم وبين الأنجليز أو حتى واقعة واحدة تدل على الوجود الإنجليزي في أقاليم هذه القبائل؟!!
فلا يمكن أن يغيب من صفحات
تاريخ النضال العربي سيرة الفارس القائد بخروش بن مسعود بن علاس الزهراني، الذي قُتِل واجتز رأسه بعد عدة وقائع على يد محمد علي باشا الوالي العثماني لمصر، وهنا نتسائل بما أن الزعيم بخروش الزهراني ، رحمه الله كان في زمانه أحد رموز النضال في جزيرة العرب،هل كان بينه وبين الإنجليز أي علاقة أو أتصال حتى نُغلب المزاعم القائلة بإن كل مناوئ للعثمانيين هو حليف للأنجليز فهاهي النماذج الأشهر عداء للعنصر التركي في جزيرة العرب قد أوردنا أمثلتها ونماذجها عبر حقب زمنية مُختلفة وذلك لكشف الصورة بجلاء من مختلف جوانبها ونستطيع القياس عليهم فلم يكن بينهم وبين الإنجليز أي شكل من أشكال التواصل أو الأتصال السياسي.