فأصبحنا لا نعرف أين الشمال من الجنوب أو إلى أين نتجه .. وتذكرنا أن الريح فيما قبل كانت تسير نحو الشمال .. والشمال الغربي .. وبعد أن جن جنون الإبرة .. اعتمدنا على الريح التي كانت متجهه شمالا بطبيعة حالها ..
وأضاف المؤرخ "ويليس جورج أمرسن" ليُعرف بهذه " الظاهرة " قائلا : لقد ذكر الكاتب " نانسن " بكتابه عن ميل الإبرة وتأرجحها ودورنها .. في المجلد الثاني من الصفحـ 18 ــ و ــ 19 ــة ما يلي : (( أن البحار جونسون قال أن في يوم " 24 / نوفمبر " أتاني أحد مساعدي في وقت العشاء .. في الساعة 6,00 .. وهوا قلقً جدا .. وقال لي : أن إبرة البوصلة تميل وتتأرجح عند نقطة " 20 و4 درجات " وكانت بدلا من أن تشير إلى الشمال .. كانت تشير إلى الشرق )) ..
وجاء بما ذكر بـ"رحلة بيري" من الصفحـ67ـة حيث قال : (( لقد لاحظت هذه الظاهرة الغريبة اللافتة للانتباه من " تأرجح وتحرك ودوران أبره البوصلة " وانحرافها نحو الغرب .. حينما وصلت " لخط عرض درجــ37ــــة " حيث شاهدت لأول مرة ظاهرة لافتة للسلطة التوجيهية لإبرة البوصلة المغناطيسية .. حيث تصبح جاذبية الإبرة ضعيفة جدا بحيث يمكن أن تتغلب عليها جاذبية السفينة .. ولا تشير إلى الشمال )) ..
(( فهذه الظاهرة من تأرجح الإبرة ودورانها قد شهدها الكثير من الناس بالقرب من : فتحة مثلث برمودا .. وفتحة مثلث التنين التي باليابان .. وبالقطب الجنوبي وقد وثقت أمتاهات الكتب ذالك )) ..
ويمكل المؤرخ " ويليس جورج أمرسن " ما جاء مما أكتشفه المكتشف " يانسن أولاف " حيث يقول :
أخذنا نبحر على نحو سلس بهدوء .. فوق الأمواج المتقطعة .. والرياح السريعة المبهجة .. ودفئ أشعة الشمس الهادئة .. وهكذا كان الوقت يمضي يوما بعد يوم .. وقد سجلنا في ملاحظاتنا أننا نبحر منذ يـ11ــوم من انتهاء عاصفة المحيط ..
وقد كنا نقتصد طعامنا بصرامة .. ونأكل جيدا إلى حدً ما .. ففي غضون هذه الأيام استنفدنا برميل كامل من مخزون الماء .. وقال والدي : أننا سوف نملئه من مياه البحر مرة أخرى .. ولأكن لسوء حظنا وخيبة أملنا .. " وجدنا مياه البحر رجعت على ملوحتها مرة ً أخرى " كما كان حالها ..؟؟ فاستلزم ذالك حذرنا للغاية لعدم استنفاد المياه التي بمخزون السفينة ..
وفي هذا الوقت وجدت نفسي راغبا في النوم كثيرا .. على أثر هذه التجربة المثيرة من الإبحار في مياه مجهولةً عنا .. أو الاسترخاء قليلا في غرفة السفينة من هذا العناء ..
(( الدخول إلى العالم الداخلي ورؤية شمس جوف الأرض ))
فاسترخيت في مخبئ السفينة ونمت نوما عميقا .. ومن ثم أفقت وأنا أنظر إلى قبة السماء الزرقاء .. وقد لاحظت " شيئا غريبا غير معتاد" .. حيث أنه حينما كانت الشمس مشرقة بعيدا على مد الأفق شرقا .. كنت دائما أرى وألحظ فوقنا في الأفق وجود " نجم كبير" .. ونجوم في الأفق كثيرة .. وهذا على مرور عدة أيام .. حيث كان هذا النجم دائما فوقنا مباشرتا .. ؟؟ فحينما بحثت عن هذه النجوم لم أجدها ..!!
وقد كنا الآن وفقا لحسابي بتاريخ " أول آب / أغسطس " ومن الغريب أن نشعر أن الشمس مرتفعة في وسط أفق السماء .. حيث كانت تبدو لنا أنها مشرقة .. لدرجة أنه لم يعد بإمكاني أن أرى النجوم .. ولا حتى النجمة التي كانت فوقنا وجذبت انتباهي لعدة أيام ..؟؟ فشمس القطب الشمالي كانت مشرقة على مد الأفق من ناحية الشرق .. وهذه الشمس تبدو لنا أنها مشرقة في وسط السماء .. ؟؟ ولم أعد أرى أية من النجوم التي كنت أراها أطلاقا ..
ومر يومً واحد على هذا الحال .. وكانت دهشتي ودهشة والدي من رؤية هذه الشمس الغريبة .. حينما أشار علي أن أنظر أمامنا في الأفق .. حيث رأيت " شمس غريبة تبدو لنا في بادئ الأمر أنها وهمية " فقال والدي هاتفا : (( لقد قرأت عن هذا .. أنه سراب وأنعكاس للشمس .. سوف ينتهي عما قريب ))..
لاكن السراب لم ينقطع ولم ينتهي .. وضوء هذه الشمس لا يزال ينير ونراه لعده ساعات .. ولم يبدو لنا أننا نرى شمس وهمية أو سراب .. بينما كنا لا نشعر بأي انبعاث لأشعة ضوء الشمس القوية من هذه الشمس ..؟؟ ومكثنا 12 ساعة من يوم كامل لنحدد مصدر هذه الشمس الغريبة التي ظنناها وهمية ..
وكانت ملبدة بالغيوم والضباب في بعض الأحيان .. وكانت لا تشابه أي كوكب أو كويكب قدر رأيناه في حياتنا ألا في شكلها الدائري .. وعندما ينقشع السحاب والضباب عن الأفق وتنكشف لنا .. كنا نراها شمسا حمراء غامضة ذات منظر برنزي" نحاسي" يحيطها وهج منير أبيض كأنه سحابة مضيئة وينبعث منها ضوءا منير .. ينير الأرض مثل شمسنا ..
وأتفقنا أنا وأبي في مناقشتنا لتفسير هذه الظاهرة لرؤيتنا لهذه الكوكب المنير الضبابي .. أنه أيا كان سبب هذه الظاهرة فلابد من أنها ليست انعكاسا لشمسنا .. فأن هذه الشمس التي نراها لابد أن تكون (( كويكب لا نعرفه من نوعً ما )) ..
وحينما رأيت هذه الشمس .. وهي متوسطة كبد السماء .. كان شعوري جيدا بدل أن أشعر بخيبة الأمل والألم .. حيث أن الشمس أذا كانت في وسط السماء هذه يعني أننا رجعنا عن المناطق الشمالية نحو أقصى الجنوب .. لأكن شعوري كان عكس ذالك مطلقا .. فمن رؤيتي لهذه الظاهرة الغريبة أيقنت أن الشمس غير الشمس .. وسررت حينما اكتشفت ذالك .. فلا يمكن أبدا أن تكون هذا الكويكب وشمسنا هما شيئا واحد ..
وحينما أطلقت بصيري على مد الأفق لأرى هذه الشمس المتوسطة كبد السماء .. كنت أرى اثنان من الخطوط التي كانت تحيط بها مثل الشرائط .. فكل شريطة فوق الأخرى .. وبين كل منها مسافة فاصلة .. وكنت أرى فيما بينها الظلام .. ؟؟ وفي أعلى ذالك كنت أرى أربع أو خمس خطوط أفقية مثل ذالك .. حيث كانت مباشرتا فوق بعضها البعض .. بخط متساوية الطول .. كما لو كان للمرء أن يتصور هذه " الشمس البرنزية " المحاطة بهذه الشرائط التي يقبع فيما بينها الظلام ..
(( ومن تحليلي الخاص لما وصفة " يانسن أولاف " من أنه رئأة .. فأنة بلاد من أنه كان تحت فتحات منافذ "عيون الأراضين الطينية " وهذه الشمس التي رائها هي " شمس عيون الأراضين " الغاربة فيها حيث قال الله سبحانه وتعالى عنها : { حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ
وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ } وتفسير وهذه الشرائط التي رائها فيما حول الشمس .. هي طباق الأراضين .. حيث قال أنه راء فيما بينها الظلام .. وشمس جوف الأرض لابد أنها تغرب من خلال فتحات منافذ الأراضين السبع كما قال الله سبحانه وذكر في محكم كتابه ..
فالنكمل ما قاله المستكشف " يانسن أولاف " من الحق .. يقول "يانسن أولاف " :
وبعد مرور يومً كاملا على ذالك من مشاهدتي لهذه الظاهرة العظيمة .. لم أعد أتحمل أكثر من ذالك من الصمود .. حيث شعرت بالنعاس الشديد .. وسقطت في نومً عميق .. وبعد ذالك : أفقت من نومي وأبي يوقظني وهوا فرِح .. ويقول لي : (( يانسن قم أفق .. هنالك أرضً على مد الأفق )) ..
فأفقت لأنظر وقد شعرت بفرحة لا توصف .. فكنت أرى هنالك على المدى البعيد .. الأراضي بدأت تبرز لأنظارنا من على مد الأفق .. وكنت أرى على يميننا السواحل الرملية البعيدة التي يمكن أن أراها بعيني بوضوح .. وقد كان على طول السواحل الرملية زبد ورغوة تلاطم أمواج البحر المترددة على الساحل .. ثم أبحرنا نحو الشواطئ إلى الأمام وقد اكتست وغطت الشواطئ بالأشجار والنباتات الكثيفة .. ولا أستطيع التعبير عن شعوري من غبطة هذا الاكتشاف .. وقفنا أنا ووالدي بلا حراك من هول هذا المنظر .. حيث صلى أبي " لأودين " صلاة الشكر والثناء ..
وحين ذالك أصدنا القليل من الأسماك المتنوعة لنوازن المخزون الغذائي خشية النفاد .. وأخذت بتثبيت البوصلة بالقارب خيشة من قدوم عاصفة أخرى .. ولفت أنتباهي أن البوصلة لم تعد تدور وتتأرجح .. وأن إبرتها تشير إلى محور واحد .. كما كان في "أستوكهولم " فتساءلت ماذا يعني هذا ..؟؟ وأحذ محور الابرة يشير الى الشمال ..؟؟ لقد كنت في حيرة ماسة من هذا .. لاكني ألان متأكدا أننا الآن متجهين جنوبا ..
فأبحرنا على خط الساحل لمدة ثلاثة أيام .. ثم وصلنا على ما يبدو لنا إلى مجرى نهر عملاق أو مضيق بحري عظيم يلج إلى اليابسة .. فأبحرنا فيه وكانت الريح تجري لصالحنا نحو الجنوب .. وقد أصدتنا بسفينتنا بعض الأسماك من هذا المجرى المائي .. وأخذنا بالتوغل والولوج فيه .. وثبت لنا بعد ذالك أنه نهر عملاق عظيم وأن مياهه عذبة .. والذي عرفنا فيما بعد أن أسمة : دجلة " Hiddekel" ..
وواصلنا المسير لمدة عشرة أيام حيث لاحظنا بعد ذالك .. أن مد وجزر مياه المحيط لم تعد تأثر على مياه النهر .. حيث أصبحت راكدة .. وأكتشفنا أن براميل مخزون المياه أوشكت على النفاد .. ولم يكن لدين وقت لتجديد مياهه الشرب حيث كانت الريح مواتيه لسفينتنا وقررنا المسير والاستمرار بالإبحار ..
ويمكن أن نشاهد وننظر الغابات التي تمتد لأميال الأميال على ضفاف هذا النهر العظيم .. حيث كانت الأشجار عملاقة ذات حجم كبير جدا جدا .. ورسونا بسفينتنا على شاطئ النهر الرملي .. حيث وجدنا بعض الفاكهة السكرية المستساغة المرضية لمشكلة الجوع .. حيث خزنا الكثير منها بقاربنا ..
وكنا في " الأول من أيلول / سبتمبر " منذ خمسة شهور من تركنا لـ"أستوكهولم" حيث فجأة : أخذنا الخوف والفزغ والترقب .. من استماعنا لصوت "عزيف وصخب" وبشر يغنون على بعد مسافة بعيدة منا ..؟؟ حيث بداء يتراءى لنا بعد ذالك " بوقت قصير جدا " : سفينة عملاقة ضخمة بالغة الحجم .. قادمة من أسفل النهر متجهه مباشرتا نحونا .. وكان هذا " الصخب والعزيف والغناء " منبعثا منها .. بدت الأصوات لنا كأنها ألف صوت .. حيث ملئت الفضاء كله مع هزة النغم .. وكنت أسمع آلات وتريه لا تختلف كثيرا عن صوت القيثارة ..
فكان الأمر عجيب وكانت السفية كبيرة جدا وشيدت بطريقة مختلفة عن تشييدنا لسفننا .. وفي ذالك الوقت كان مركبنا ساكنا وليس بعيدا عن الشاطئ حيث كان بالقرب من ضفة النهر وتغطية بعض الأشجار العملاقة .. التي امتدت على ضفتي النهر لمئات مئات الأميال ..
وأخذت سفينتهم العملاقة تقترب منا حتى توقفت على ضفة النهر .. على الفور نزلوا قارب صغير على متنه ستة رجال عمالقة جدا .. حيث كان طول الواحد منهم أكثر من 14 قدم وبعضهم أطول من ذالك بكثير .. وأخذوا يجذفون نحونا حتى رسوا على شواطئ النهر الرملية ..
((صورة حقيقية .. لبعض أثار أرجل أناس عمالقة مطبوعة من العصور والدهور القديمة .. طبعها الزمان بحجر طيني )) .. سبحان الله العظيم :
جثة رجل عملاق :
أثار هياكل وجماجم وجثث عظمية لعمالقة البشر القدامى :
فنزلوا وأخذوا يكلموننا بلغة غريبة .. فكنا نعرف من طريقة كلامهم ومحادثتهم لنا : أن كلامهم سلمي ولم ينووننا بِشر .. وأخذوا يتحدثون كثيرا فيما بينهم .. وهم مائلين بظهورهم وينظرون نحونا .. وواحد منهم أعتدل ضاحكا " كأنه أحرز اكتشافا مدهشا " .. وتجسس أحدهم بوصلتنا وبدا مهتما بها أكثر من أي جزء من أجزاء سفينتنا ..
وأومأ زعيمهم علينا نحو سفينتهم .. كما لو أنه يشير علينا أن نذهب معهم .. ونستعد لترك سفينتنا لنرافقهم .. فأخذت أتساءل ..؟؟ .. فقال أبي : " ماذا عسانا أن نفعل يا بني " .. فقلت لوالدي : " لا يمكنهم فعل أي شيء أكثر من قتلنا " ..
فقال أبي : " أنهم على ما يبدو لي .. يريدون ان يضيفوننا " .. فأجبته : " أنهم عمالقة عظام .. فأنه لابد من أنهم اختاروا ستة من فوجهم كله ليأخذونا .. ويصدعوا بخبرنا في بلادهم كلها .. ويقولون : أنظروا إلى حجمها الصغير " ..
فقال أبي : (( أننا قد نكون على ما يرام أذا سرنا على طيب خاطر وهوا أفضل من أخذنا بالقوة )) .. فقال والدي وهوا يبتسم : (( لأنهم بالتأكيد قادرين على التقاطنا وحلمنا بسهوله )) .. حينئذ تحدثت أنا وأبي معهم بلغة الإشارة أننا موافقين على الذهاب معهم ..
وركبنا معهم بالقارب وفي غضون بضع دقائق كنا على متن السفينة .. وبعد الانتظار لنصف ساعة .. تم رفع سفينة صيدنا من سطح الماء بتقنية غريبة .. ووضعت على متن طائرة غريبة .. وأُخِذت لمكان مجهول عنا ..
وأبحرنا على متن سفينتهم بعرض النهر .. حيث كان السفينة تقل على متنها مئات البشر العمالقة .. وكان أسم هذه السفينة بلغتهم : " ناز" (Naz) .. حيث تعني مما علمناه بعد ذالك من لغتهم : (( بسفينة المتعة أو سفينة متعة النزهة )) ..
إذ بدونا أنا ووالدي محط انبهار وتعجب هاؤلا العمالقة .. كما أننا انبهرنا وتعجبنا منهم مثلما تعجبوا منا .. فلم يكن هنالك رجل واحد على متن هذه السفينة طوله أقل من 14 قدم .. ؟؟ وكانوا جميعهم ملتحين ذوي لحى طويلة .. وكانوا على يبدوا يقصرون منها .. وكانت ملامح وجوههم خفيفة وجميلة متناسقة للغاية .. وكان بعضهم لون شعرهم أسود وبعضهم رملي وبعضهم أشقر ..
فوجدت بشر عمالقة جدا على متن السفينة وقد كان القطبان أطول من رفاقه بكثير .. وبلغ متوسط طول النساء على متن السفينة من 11 الى 13 قدم .. وكانت ملامحهن عادية بينما كانت بشرتهن من نوع البشرة الحساسة باديا عليها وهج صحي ..
وكان طول والدي عملاق بالنسبة لي حيث كان طوله " ستة أقدام " ولم يصل ويتجاوز رأسه بالنسبة لهم إلى أسفل خط خصرهم ..
وبدا لنا أن الرجال والنساء من أخلاقهم وطريقة تعاملهم معنا .. متربون تريبهً جيدة .. وبدا لنا أن كل واحدً منهم يتنافس ويتسابق ليلاطفنا ويجاملنا .. وأتذكر كيف كانوا يضحكون بحرارة لقصر حجمنا.. حينما كان عليهم جلب كرسي لي ولوالدي للجلوس على طاولة المقابلات ..
وقد كانت أزيائهم أزيائاً جميلة غريبة جدا .. وجذابة للغاية .. حيث كان الرجال يرتدون ثيابا مطرزة .. ذات ستر من الحرير والكتان مربوطة على الخصر .. وكانوا يرتدون جوارب ذات نسيج ناعم .. تصل إلى أسفل الركبة .. بينما يلبسون بأقدامهم صنادل أبازيم مزينة بالذهب .. وأكتشفنا أن الذهب من المعادن الأكثر شيوعا وأنتشارا عندهم حيث يستخدم على نطاق واسع في التزيين وديكور البيوت ..
فقلت لوالدي : أن تعاملهم معنا هكذا والتعاطف الذي صدر منهم على "سلامتنا كأننا رجعنا الى أصلنا ووصلنا الى بلدنا " .. فقال والدي : "هذا وفاء للتقاليد .. التي ورثناها من أبائنا وأجدادنا .. ولا تزال هذه التقاليد راسخة لأجيال عديدة من جنسنا .. والذي قد قدم من بلاد ما وراء الرياح الشمالية " ..
وبعد ذالك أوكلوا بنا رجل من رجالهم .. ليتكفل بنا ويرشدنا لتعلم وفهم لغتهم .. وهو "جول جيلديا " ((Jules Galdea)) وزوجته .. لنستطيع التخاطب معهم وفهمهم وليستطيعون التخاطب معنا وفهمنا ..
وقاد القطبان هذه السفينة الضخمة بسرعة فائقة .. حيث بدأت تقطع السفينة مسارها حول النهر .. وكانت يصدر من السفينة صوت ضوضاء قوي جدا .. وكانت تبدو لنا الأشجار والنباتات أنها تسرع .. وهذا من سرعة السفينة .. فكانت تسرع بسرعة سريعة دون أية اختلال .. ففي بعض الأحيان كانت سرعة السفينة أكبر من أي سرعة من السفن التي قد شاهدتها .. وحتى في أمريكا .. فكان شيئا رائعا ..
وفي هذا الأثناء قد فقدنا البصر مما بدى لنا أنه أشعة شمس ً أخرى قد جذبت بالفعل اهتمامنا وأنفالنا .. حيث قد بدا لنا اشراقتها من الداخل .. حيث لاحظنا انبثاق أشعة الضوء من " شمسً حمراء تضيء بشعاع أبيض ويحيطها ضباب كأنه سحابه مضيئة من حولها " .. فأنه ينبغي أن أقول أنهن قمران يكشفان ظلمة دجى ليل الظلام في هذا الكيان العظيم من العالم الداخلي ..
فقد كانت هذه الشمس تشرق لمدة " 12 ساعة ".. ومن ثم تمر وتغرب .. كما لو أنها سحابة بيضاء تمر بعيدا عن الأنظار حتى تغيب وتخسف .. وبعد" 12 ساعة " تظهر مجددا لنا مرة أخرى من مشرقها وهكذا .. وقد علمنا في وقت مبكر أن هاؤلا الناس يعبدون الشمس في وقت مغيبها من الليل .. ويقولون أنه " آله الضباب الباعث للحياة للعالم الداخلي" ..
وقد تم تجهيز كامل السفينة بكل أنواع الإضاءة التي أظن أنها كهربائية .. ولاكني لا أنا ولا والدي .. نستطيع فهم كيفيه ميكانيكيا السفينة .. ولا حتى كيف يتم تشغيلها أو كيفية الحفاظ على هذه الأضواء الناعمة الجميلة التي تنير كامل السفينة .. التي بلغنا في حاضرنا ننير بها مدننا وشوارعنا وبيوتنا وأماكن عملنا .. حيث أني أتذكر أن في "عام 1829 " لم يكن هنالك أذا جاز التعبير من هذه الكهرباء على سطح الأرض شيئا يذكر ..
ولاستأنف سردي للأحدث التي سبقت : أن السفينة أبحرت ليومين ومن ثم توقفنا وركبنا على متن طائرة .. قال والدي بسرعة : نحن تقريبا تحت " لندن " أو تحت " أستوكهولم " .. وبعد ذالك وصلنا الى مدينة أسمها " ياهو "وكانت تدل على أنها مدينة مينائيه .. فقد كانت البيوت كبيرة وضخمة جدا وجميلة في بالغ الجمال .. فكانت مرتبه موحدة المظهر .. من دون التماثل والتشابه .. ولم أرى في حياتي أبدا مثل هذه المناظر من الذهب .. فقد كان في كل مكان .. حيث طعمت وزينت أبواب القصور والبيوت به .. وكذالك الجداول كانت مكسوة بطبقات من الذهب ..وكانت قباب المباني والصروح الضخمة العامة من الذهب .. كذالك كان يستخدم هذا المعدن في تزيين وتطعيم المعابد الهائلة ..
وبدا أن الاهتمام الرئيسي لشعب هذه المدينة هوا " الزراعة " فقد كانت سفوح الجبال مغطاة بالكروم والخضار والفواكه .. في حين تم تخصيص الوديان لزراعة الحبوب .. وقد نمت النباتات في العالم الداخلي نموا عظيما .. فكانت الأشجار والثمار أكبر بكثير مما هي علية من سطح الأرض ..
فالفاكهة بجميع أنواعها كان مذاقها أفضل ومركز ومشبع بالماء والسكر .. حيث أن عنقود العنب الواحد يبلغ طوله ( من أربع إلى خمس أقدام ) .. وبينما يتراوح حجم حبة العنبة الواحدة ( من حجم البرتقال والتفاح إلى حجم رأس الإنسان ).. فيبدوا أن نموا كل الأشياء أكبر بعالم جوف الأرض الداخلي ..
وكانت الأشجار الكبيرة للغابة التي خطت مائات الأميال والأميال على مد البصر في كل الاتجاهات .. حيث أن الشجرة الواحدة أذا قارناها بحجم شجرنا فهي .. بحجم شجرة " الخشب الأحمر" العملاقة التي توجد "بكاليفورنيا " .. وبعض الأشجار التي بالعالم الداخلي أكبر منها بكثير .. وشاهدت أيضا في اليوم الأخير من سفرنا عبر النهر على سفوح الجبال قطعان كبيرة من الماشية تمتد على مد سفوح الجبال .. فكان منظرا واسعا رائعا ..
(( صور لشجرة كاليفورنيا العملاقة ))
فمكثنا في مدينة "ياهو" لمدة سنة كاملة .. لنتعلم أحكام وقواعد لغتهم .. وبحلول انتهاء العام استطعنا إتقان لغتهم جيدا .. وهذا بصبر وفضل جهود مدرسانا "جول جيلديا " ((Jules Galdea)) وزوجته .. اللذان يستحقان فعلا الثناء على هذا الصبر والجهد .. لتعلم لغتهم وفهمها .. وقد أكتشفت أن لغة "العالم الداخلي المعتمدة " تشبهه كثيرا كثيرا في مفرداتها .. باللغة "السنسكريتية " (Sanskrit) ..
: