[سعد الرشيدي]

كيف نتعامل مع الجينوم في الوقت الحاضر
المتخصص في علم السلالات حسون حسن الشيخ علي
من المؤسف أنه يتم الخلط بين علم الأنساب وعلم الحمض النووي ...سيقول قائل أن هذا العلم مرتبط بالتاريخ وهذا أيضا مرتبط فيه فلو تعاون الإثنان سنحدث تقارب وتفسير غموض هذا العلم ..الحقيقة ومما لا لبس فيها أن كلا العلمين يسعى في تحقيق السيطرة في هذا المجال فقد أخذ علم الأنساب وهو علم التدوين في معرفة التاريخ في شبة الجزيرة العربية فترة طويلة من الزمن ربما يمتد أطولها أمدا لما يقارب العصور الجاهلية القريبة من عهد الإسلام.... هل سأل أحدكم نفسه كيف كتب التاريخ والأنساب؟ لنطرح سؤالا على سبيل الإفتراض كيف يدون لشخص عمره2000 سنة ... البعض إدعى أنه يعلم الأصول إلى عهد نوح والبعض منهم إدعى أصوله إلى آدم عليهما السلام... على ماذا إستند .. نحن لا نعلم ولكن أخذناها كما هي من الكتب... إذا كان شخص قد إختلق هذه الامور فكيف بي أن أصدقه في أنساب الناس... كلنا يعلم أن القبائل العربية منذ بزوغ فجرها قائمة على الحروب وكل عائلة تتكون من قبيلة إصطدمت قبيلتها بقبيلة أخرى فخسرت هذه الحرب ومن ثم أخذت الخاسرة تتفكك وكل عشيرة منها تدخل في قبائل أخرى كدخلاء أو أحلاف حتى تقوى شوكتهم فتتكون قبائل جديدة... ليس هذا الغريب في الموضوع... ولكن الغريب حينما تتجمع الفروع مع الفروع وتنشأ قبائل جديدة بمسميات مختلفة فبماذا يبرر نفسه من يكتب النسب هل يقول إندثروا وبادوا ؟ لا وجود لمبررات .. فهل هذا يعني أن إبن عمي نسبا هو غير إبن عمي سلالة؟ ربما يطرح البعض رأيا فيقول أن الذين عاصروا تلك القبائل دونوا أنسابهم أي أن البعض منهم حفظوا أنسابهم منذ ما يقارب بداية عهد التدوين مثل بني هاشم على سبيل الإفتراض... ولكن ما المانع أن يكون هذا الجمع من الأصلاء قد حدث لهم تداخل في عصر ما قبل التدوين.... وبهذا نطرح السؤال هل تصنف القبائل على أنها جمع من سلالات متفرقة ترتبط ثقافيا بروابط مشتركة إما تكون دينية أو ثقافية أو غيرها من العادات والتقاليد أم أنه تجمعهم رابطة الدم الواحد أم أن العروبة تشترك مع القبائل في هذا التعريف من حيث المكان في أن العربي هو من سكن هو أو أحد أجداده منطقة شبة الجزيرة العربية ونطق بلغتهم وأخذ عاداتهم..... فلا بد من وجود حل علمي يحسم الموقف ألا وهو الحمض النووي تلك المسلمات التي أعتقد بصحتها السابقون ينبغي على كل فرد مطالب بالحقائق أن يتجرد ويعي أن هذا العلم حتى يتقدم ويصل إلى أعلى مراحله ينبغي إتخاذه كعلم جديد مستقل عن علم الأنساب... بإمكاننا إبعاد الحقائق عن هذه المسلمات على الأقل للوصول إلى حقائق علمية متفقة مع علم الجينات .... فلا مانع من القول أن هذا الشخص من القبيلة كذا عرفا ولكن تختلف سلالتهم عن بعض لأن الأصل في هذا هو إرتباط الشخص بأبيه وارتباطه مرتبط بجيناته ومادامت الشريعة أقرت هذه الأعراف في السابق فهي تطبق أيضاً على اللاحق نظرا لأن هذا التمازج من السلالات في القبائل العربية لايمكن تفريقها شرعا ولأن الشرع أيضا أمر بوحدة البناء للأمة الإسلامية.... وعلى هذا الأساس ينبغي معرفة أن علم الجينات لايمكن له أن يثبت الأنساب البعيدة نظرا لوجود مشكلة لأن الأنساب لم تتفق مع السلالات فالباحث الحديث لايستطيع إنتقاض أفكار ما قبله إلا إستنادا لنصوص تسابق بعضها البعض زمنيا فكان الواجب منه ترتيب هذه النصوص وحملها والمشكلة أنه في الوقت الحاضر تجد الكثير من الناس قد انصاع خلف هذه النصوص وكأنها من المقدسات ولا يمكن أن تبدل حتى لمجرد التفكير .فعلم الأنساب علم متعارف عليه وقائم إلى وقتنا الحاضر لا يمكن عزله إجتماعيا ولكن يمكن للشخص عزله ثقافيا من حيث المبدأ لأن علم الجينات هو العلم الصحيح فجاءت ثورة الحمض النووي لتحول علم الأنساب من علم ظني ترجيحي ربما يعتريه التزوير إلى علم معقول محترم يعتمد على نتائج دقيقة لا تخطئ بقدرة الله جل وعلا وحكمته وتدبيره. فأصبح الحمض النووي عنوان الحقيقة…وسجل التاريخ المحفوظ بلا تزوير. أما المحور الثاني فهو إجتماعي فقضية الإنسان العربي المهاجر عبر آلاف السنين أو بسبب الحروب خاصة فإن آخر ملوك الغساسنة وهو جبلة بن الأيهم الذي رفض الدخول في الإسلام بعد معركة اليرموك سنة 636م هاجر ومعه 30 ألفا إلى روما واستقبلهم هرقل ولذلك فأن جيناتهم تظهر هناك وقبيلة إياد العدنانية التي إختفت من التاريخ رغم محاولات الخليفة عمر بن الخطاب لدخولهم في الإسلام لكنهم رفضوا ذلك وأصروا على الهجرة إلى القسطنطينية... ناهيك عن حملة سفربرلك العثمانية والحروب العربية-الإسرائيلية....
وهناك ثلاثة أسئلة تراود الإنسان هي: من أنا ؟ من أين أنت؟ ومن أين هو؟

الموضوع الأصلي: الجينوم في الوقت الحاضر | | الكاتب: سعد الرشيدي | | المصدر: شبكة بني عبس