
13-09-2008, 01:05 AM
|
الراحل عبدالله المسيلم..رحمه الله أمير الرشايدة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني واخواتي لنا ان نفخر اذا شاهدنا في الصحف اسماء المحسنون في الشهر الفضيل فمابلك في شخص يفتخر به
كل مسلم الا وهو الامير الراحل امير قبيلة الرشايده عبدالله المسيلم فقد كانت اياديه ممدوده للقاصي والداني ومنها بناء المساجد داخل وخارج الكويت وكفالة الايتام ولم يفعل الخير ليتباها
فيه بل فعله لوجه الله رحمك الله يابو مطلق واسكنك فسيح جناته .
واليكم هذا الموضوع المنقول من جريدة الوسط الكويتيه بعنوان محسنون من بلدي. بتاريخ 11/9/2008
تميز المجتمع الكويتي منذ القدم بحبه للخير والبذل والعطاء والنجدة والفزعة، وامتد خير الكويت إلى مشارق الأرض ومغاربها، وتشهد بذلك مجاهل افريقيا وأدغال آسيا ومسلمو أوروبا.
وتاريخ أعمال البر والخير في الكويت طويل ومشهود، وسجل رواد العمل الخيري الكويتي ناصع وأياديهم البيضاء على كل بقعة من بقاع العالم وإغاثتهم المحتاجين في كل مكان مشهود لها، واستطاع هؤلاء المحسنون أن يزرعوا في كل بقعة من بقاع العالم من مشاريعهم الخيرية، ما يدفع الألسنة إلى أن تلهج شاكرة فضل الكويت وشعبها الكريم المعطاء، وكان هؤلاء المحسنون ببرهم وفضلهم خير رسل وسفراء فوق العادة لبلدهم وشعبهم.
ولم يقف عطاء الكويتيين الذين جبلوا على الخير عند حدود زمان او مكان، كما امتدت خارطة مشروعاتهم الخيرية لتغطي كل بقعة في العالم وكان نبراسهم الدائم قول الله تعالى «وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين».
وفي هذه الحلقات نسلط الضوء على صفحات ناصعة من تاريخ العمل الخيري الكويتي من خلال استعراض بعض من فصول كتاب «محسنون من بلدي» الصادر عن بيت الزكاة الكويتي، والذي يضم بين طياته سلسلة تشمل السيرة العطرة للمحسنين الكويتيين، نتوقف عند السيرة العطرة لهؤلاء المحسنين وأوجه الإحسان في حياتهم وأبرز محطات العمل الخيري في مسيرتهم داخل وخارج وطنهم الكويت وأياديهم البيضاء على العمل الخيري والإنساني ومشاريعهم الوقفية والخيرية ودعمهم اللجان الخيرية والأثر الكبير الذي تركوه.
استعرضنا في الحلقات الست السابقة بعض الصفحات الناصعة في مسيرة العمل الخيري الكويتي، عبر استعراض مسيرة ثلة من اهم رموز هذا العمل، وطالعنا من خلال هذه المسيرة كيف ان حب الخير متأصل في نفوس الشعب الكويتي الكريم، وفي هذه الحلقة نستعرض رحلة أمير الرشايدة المحسن البار عبدالله المسيلم الرشيدي.
ولد المحسن عبدالله مطلق مفرج المسيلم الذي عرف بلقب أمير الرشايدة في بيت محافظ له موقعه الاجتماعي والوطني والسياسي بمنطقة الجهراء، فهو بيت يوجه القبيلة بالكامل ويرعى شؤونها في وقت لم تكتمل فيه عناصر الادارة للدولة كما هي عليه الآن.
وكان مولده رحمه الله عام 1340هـ الموافق العام 1921م هو عام موقعة الجهراء، وبعد مولده بثلاث سنوات كانت الضربة القاصمة لظهر الامة الاسلامية بإسقاط الخلافة على يد مصطفى كمال (الملقب بأتاتورك) فاصبح المسلمون امة متفرقة لا رابط يوحد بينها، ولا قائد يقودها وتداعت عليها الايدي الاثمة كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها.
عاش المحسن عبدالله المسيلم طفولته في قصر دسمان العامر، في كنف الشيخ الراحل احمد الجابر الصباح، لارتباط سمو الأمير يرحمه الله بوالده مطلق مفرج المسيلم كونه صديقا عزيزا له لا يفارقه.
وكان له يرحمه الله كثير من اصدقاء الطفولة الذين ظل يعتز بهم وبصداقتهم طوال حياته يثني عليهم ويتذكر الايام الخوالي معهم يكرم حيهم ويترحم على ميتهم ويوقر كبيرهم ويعطف على صغيرهم ومنهم: سمو الأمير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح، وسمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، وسمو الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، وسمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وسمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وسمو الشيخ ناصر المحمد الصباح رئيس الوزراء، والشيخ مشعل الأحمد الصباح، والشيخ خالد الأحمد الصباح، والشيخ مبارك عبدالله الأحمد الصباح، والشيخ جابر عبدالله الجابر الصباح، والشيخ سالم صباح السالم الصباح، والشيخ صالح الجراح الصباح.
وتلقى عبدالله المسيلم يرحمه الله تعليمه على يد الملا في الكتاب، حيث حفظ بعض سور القرآن الكريم وتعلم القراءة والكتابة وشيئا من الحساب، ولكن ثقافته العلمية جاءت في ما بعد من حبه للعلماء ومجالسهم وحرصه على حضور حلقاتهم العلمية، وكذلك حبه لحلقات الذكر وحرص يرحمه الله على حث رجال القبيلة على الدخول الى المؤسسات التعليمية الحديثة كالمباركية والأحمدية وغيرهما.
زواجه وأسرته
نشأ المحسن عبدالله المسيلم يرحمه الله ملتزما بطبعه، محبا للاستقرار الأسري مدركا ان الزواج سكن ومودة ورحمة وسبيل شرعي لإنجاب ذرية طيبة من البنين والبنات، تسعد بعبادة الرحمن وتعمير الأوطان، قال تعالى: «ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون» (سورة الروم).
لذا ما إن لاحت له الفرصة للزواج وعثر على فتاة ذات خلق ودين حتى سارع بالتقدم اليها فتم الزواج وتعددت زيجاته يرحمه الله، حتى بلغت عشر زيجات وقد رزقه الله تعالى اثني عشر ابنا وسبع عشرة بنتا اكبرهم خلف ثم فهد وصالح وخالد وسالم وطلال وبدر وأحمد ومشعل ومطلق وثامر وناصر.
ونشأ المحسن عبدالله المسيلم يرحمه الله - كما سبق ان اشرنا - في قصر دسمان في كنف الامير الراحل الشيخ احمد الجابر الصباح، فكان طبيعيا ان يتخلق منذ نعومة اظفاره بالاخلاق الطيبة ويرتوي من المعين الطيب الذي درج بجواره ولذا تميز بصفات عدة ومناقب كثيرة ومزايا طيبة ومنها حبه الشديد للكويت ودفاعه المستميت عنها، ووضح ذلك من خلال عمله مسؤولا لهجانة المنطقة المحايدة منذ عام 1962م حتى تقاعده عام 1985م حيث لم يتوان في بذل جهوده كلها لصد اي عدوان او اختراق للاراضي الكويتية.
وهناك قصة مشهورة له يرحمه الله مع حاكم الكويت الشيخ عبدالله السالم يرحمه الله اثناء التهديدات التي أطلقها الطاغية عبدالكريم قاسم باحتلال الكويت حيث امر الشيخ عبدالله السالم، عبدالله المسيلم بحشد كبير عدد من رجاله على الحدود ومراكز الهجانة، وقد دهش الحاكم من سرعة المسيلم في حشد وتجهيز ما يقارب 25 مركزا للهجانة في غضون ساعات قليلة.
ومن المواقف المشهودة له ـ يرحمه الله ـ ان وكيل وزارة الداخلية ـ آنذاك ـ عبداللطيف الثويني ارسل المؤونة إلى رجاله في المراكز الحدودية، فأخذ المسيلم ما يلزمه ورجاله، ثم ارجع الباقي، وقد كوفئ على ذلك الموقف بكتاب شكر من وكيل الوزارة، وقد انعكست مواقفه الوطنية التي تجسد حبه للكويت على بعض ما جادت به قريحته من شعر، ففي العاشر من اكتوبر عام 1990 نظم ـ يرحمه الله ـ قصيدة عن الاحتلال الصدامي الآثم للكويت جاء فيها:
يالله يا عالم تفاسير الاحلام
يا الواحد المعبود يا موفي الدين
يا الواحد الفرد الصمد رب الاسلام
يا مبدل عسر الليالي بحرفين
يارب ما يخفاك بالسو صدام
عسى تعجلبه من السوء ضعفين
يوم الخميس الناس سحر وصيام
حرمت محرم ما احترمها في الشين
الجار ياصدام ما هو بهدام
بالجار وصى سيد الخلق جبرين
الى ان يقول في ختامها:
كانك بحزب البعث حنا بالاسلام
وكانك عصيت الحق حنا مطيعين
العلم لله عالم كل الاعلام
علمه وحلمه فوق كل الميادين
وصلاة ربي عد ما صام صيام
على النبي الهاشمي والنبيين
وتميز عبدالله المسيلم ـ يرحمه الله ـ منذ صغره بذكائه وسرعة بديهته، لذا تسلم زمام الامور في القبيلة، منذ كان في الثامنة عشرة من عمره رغم وجود والده الامير مطلق المسيلم لثقته به، وادراكه انه اهل لذلك، لما تميز به من صفات عدة على رأسها ذكاؤه وسرعة بديهته وقدرته على حسم الامور.
وبعد وفاة والده الامير مطلق المسيلم عام 1953 تسلم الامير عبدالله الامارة والزعامة حتى مماته، وعرف عنه حرصه الدائم على تماسك القبيلة وأفخاذها، وكان يطبق سياسة الباب المفتوح طوال فترة امارته وكان ـ يرحمه الله ـ يتصف بالايثار وتفضيل غيره على نفسه، وكان يرى في هذا الامر سعادة كبيرة حيث يستحضر عظم الاجر فلم يكن يخذل احدا قصد بابه سواء كان من الرشايدة او من عامة الشعب.
حبه للعلم
ومما يؤثر عن الامير عبدالله المسيلم، «رشد الرشايدة» كما يقول أحمد براك الهيفي، الحرص على العبادة والصبر عليها، فكان محافظا على الصلوات والحضور مبكرا الى المسجد، كما كان حريصا على قيام الليل وصيام التطوع واداء العمرة، محافظا على السنين وقراءة القرآن الكريم وحفظه مع ان عمره قد تجاوز الثمانين عاما.
وكان يسأل عن بعض الآيات التي يتأثر بها ويحفظها او الآيات التي تستشكل عليه، فقد قال الهيفي: و أذكر انه سأل احد الاخوة عن قوله تعالى: «يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور» في اي سورة؟ فرأيته بعد أيام يحفظها، وعندما يسمع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم يتأثر تأثرا شديدا بها، كما كان ـ يرحمه الله ـ محبا للعلماء، مقدرا لهم، ينزلهم منزلتهم، فكان دائما يستفتيهم في اموره كلها ولا يخالفهم.
وحدثنا أكثر من مرة عن حضوره دروس الشيخ عبدالله بن حميد ـ رحمه الله ـ في الحرم الملكي، وكذلك كان يحدثنا عن الشيخ بن باز رحمه الله، وكان محبا للشيخ محمد بن سليمان السنين حفظه الله، وكان يجله ويقدره تقديرا كبيرا، وكان حريصا على استفتائه، خصوصا في آخر أيام حياته، ورغم كبر سنه واشتداد مرضه كان يحرص على ان يذهب هو بنفسه الى الشيخ لسؤاله. وكان الشيخ يقول له: يا عم بو مطلق، اذا اردت اي شيء اتصل بي وأنا آتيك، فنحن حسبة عيالك، فيقول رحمه الله: أنتم العلماء لكم تقديركم ونحن في حاجة لكم، ومن حقكم علينا ان نأتيكم.
وفي رمضان كان يؤدي العمرة رغم كبر سنه، وعندما يصلي التراويح ويوتر الامام يأتي هو بركعة ثانية ثم يصلي في بيته ما شاء الله له ان يصلي في آخر الليل، وكان في صلاة القيام لا يجلس وانما يصلي واقفا، وكان يعتكف بعض الليالي في العشر الأواخر، وينقل عنه احد الاخوة انه في احدى الليالي وهو معتكف جاءه احد ابنائه فقال له ان احد المسؤولين الكبار اتصل يريد زيارته في الديوان فقال: «حياه الله في بيته واعتذر لي منه لأني معتكف في بيت الله».
والاحسان أعلى درجات الايمان، وهو في الجانب المادي، علامة على حسن صلة العبد بربه وثقته به، ودليل على رقة قلبه، وإحساسه بمعاناة الناس وحاجاتهم، وهو جواب عملي على السؤال القرآني: «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان» (سورة الرحمن)، وقد ادرك هذا كله المحسن عبدالله المسيلم رحمه الله، الذي كان يضع نصب عينيه حكمة طالما رددها: «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا». فكان له كثير من افعال الخير في مجالات شتى، ومنها ما استطعنا حصره في ما يلي:
عمارة المساجد
المساجد بيوت الله تعالى في الأرض، اليها تهوي الأفئدة المؤمنة خمس مرات في اليوم والليلة، فتتطهر من الذنوب والمعاصي، وتناجي الله الكريم الوهاب، وتغتسل من الآثام كما يُغسل الثوب فيصير نقيا طاهرا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرأيتم لو ان نهرا بباب احدكم يغتسل فيه كل يوم خمسا ما تقول ذلك يبقى من درنه؟ قالوا لا يُبقي من درنه شيئا، قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا» رواه البخاري، وقد أدرك المحسن الأمير عبدالله المسيلم يرحمه الله ذلك كله، فسارع الى بناء بيوت الله تعالى، ما استطاع الى ذلك سبيلا، في داخل الكويت وخارجها.
ففي داخل الكويت بنى ـ يرحمه الله ـ مسجدين في منطقة سعد العبدالله الصباح، هما: مسجد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأُسس على نفقة عبدالله المسيلم ـ يرحمه الله ـ عام 2003 في منطقة سعد العبدالله الصباح، ويتميز بمساحته الكبيرة، ويقال انه ثاني المساجد في الكويت، من ناحية المساحة، بعد مسجد الدولة الكبير، ويضم مصلى للنساء ومكتبة، ويتسع لأكثر من 3000 مصل، وكان يسعه ـ يرحمه الله ـ ان يطلق اسمه عليه الا انه اراد ان يخلد به اسم اول الخلفاء الراشدين رضي الله عنه وأرضاه.
>>>>>>يتبع
توقيع راعي البلها |
|
|