الحياة ليست فقط منظومة من الماديات و المتع و الترفيه النفسي ، إذ لابد أن نعطي الجانب الروحي اهتماما أكبر ، و كذلك لابد من وضع اعتبار للبعد الوجداني و الإنساني و الاجتماعي الذي تتجلى فيه إنسانية الفرد ، وتبرز ملامح رسالته الحياتية...
و حينما تعتد الفتاة بذاتها ، وتطور قدراتها ، و ترتقي بنفسها ، فهذا شيء جميل و مطلوب ، بل هو ضروري و أساسي ، لكن الأمر لايتوقف عند حد التجميل ، و الماكياج و الأزياء ، ولا أيضا ينتهي بالتأهيل العلمي ، و الكفاءة العملية ، والتدريب على معطيات عصر التقنية ، أو اكتساب المزيد من اللغات ..
صحيح أن كل هذه الأشياء تفيد بالارتقاء بواقع الفتاة على أكثر من صعيد ، وبعضها يعطي الانطباع الذي تريد أن يأخذه الآخرون عنها ، والبعض الآخر ، يعطي نتائج إيجابية على مستوى العمل و العطاء و التعامل مع بقية أفراد المجتمع ، أو حتى على صعيد العمل الإنساني ، فضلا عن النتائج التي يمكن تحقيقها على المستوى الشخصي ، والمنافع التي يمكن أن تنعكس على ذلك ..
أما الأهم من ذلك ، و الذي يعد ذروة سنام العناية بالذات و الارتقاء بها ، فهو الجانب الثقافي و الروحي و المفاهيمي ، و الذي لا يمكن اكتسابه إلا بالإطلاع و المشاهدة و الإستماع ، و الذي لا يمكن وجود منابعه الصافية النقية إلا حيث يود الحق ، والعدل ، والإنصاف ووجود الكلمة النزيهة الهادفة ذات الرسالة السامية والرؤية العميقة ، والمسؤولية الأمنية ..
و يأتي على رأس تلك المصادر القرآن الكريم ، وتفاسيره ثم السنة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة و أتم التسليم ، وكذلك أمهات كتب الحديث و السيرة و التاريخ الإسلامي ..
ثم الإطلاع في الكتب و المؤلفات ، والمواقع الإلكترونية التي يقوي بها الفرد ثقافته الإسلامية و معرفة تاريخه الإسلامي ، وقبل كل ذلك عقيدته و يدرك ببصيرة أين يقف هو مما هو مطلوب شرعا ..
الثقافة الإسلامية الواسعة المنطلقة من المعرفة بالدين هي الأساس المتين لتربية النفس .. إن لنفسك عليك حقا أيتها الفتاة .. كما أن الإلتفات إلا الذات واجب قبل الإلتفات إلى الآخر ، و ليس من الحكمة أن تلتفت الفتاة إلى ذاتها في القشور ، وتنسى عظائم الأمور .. ليس من العقل و لا الدين أن تكرس وقتها لثيابها ، وشعرها ، وكمالياتها...و...إلخ ..
و القلب متصحر ، و العقل ليس مستبصرا ، والوجدان خاو من أساسيات البعد الروحي للإنسان ، لابد لك من التفاتة جادة إلى ذاتك بوعي و تعمق و إدرك ..
لابد لك من أن تعطي روحك الشيء الكثير أضعاف أضعاف لاتعطي شكلك و مظهرك و مأكلك و مشربك لان ذاتك الحقيقية هي روحك ، وهي نفسك ، وهي أنت ، وماعدا ذلك فهو بعض من ذاتك ..
لقد ظللنا زمنا طويلا نكرس وقتنا و فكرنا و مالنا و عملنا من أجل مظهرنا ، و مكانتنا الإجتماعية و من أجل أعمالنا ، و مكاسبنا المادية ، ونسينا الروح ..
لقد آن الأوان أن نعطيها حقها ، ونشبعها من مائدة العلم و الحق و الإيمان ، لأن هذا هو زادها الفعلي و وقود رحلتها ، بل و رصيدها الذي لاينفذ ..
و عذرآ على الإطالة ...*... أختك المحبه