عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 04-08-2008, 05:32 AM
فـــديـــتـــكـ
عضو شبكة عبس
رقم العضوية : 4770
تاريخ التسجيل : 29 / 7 / 2008
عدد المشاركات : 50
قوة السمعة : 16

فـــديـــتـــكـ بدأ يبرز
غير متواجد
 
الافتراضي
يوم ذي حسى

ثم إن بني ذُبيَان تجمَّعوا لما أصاب بنوعَبْسمنهم أصابُوا،فَغَزَوْا - ورئيسهم حذيفة بن بدر - بنيعبسوحلفاءهم بنى عبدالله بن غطفان ورئيسهم الربيع بن زياد، فتوافَوا بذي حسى، وهو ‏[‏من‏]‏ واديالهَبَاءة في أعلاه، فهزمت بنوعبس، واتبعتهم بنوذُبْيَان حتى لحقوهم بالمغيقة - ويقَال‏:‏ بغيقة - فَقَال‏:‏ التفاني أو تقيدونا،فأشار قيس على الربيع بن زياد أن يماكرهم، وخاف إن قاتلوهم أن لا يقوموا لهم،وقَال‏:‏ إنهم ليسوا في كل حين تجمعون، وحذيفة لا يستنفر أحداً لاقتدارهوعُلُوِّه، ولكن نعطيهم رَهَائن من أبنائنا فندفع حَدَّهم عنا، فإنهم لن يقتلواالوالدان ولن يصلوا إلى ذلك منهم مع الذين نضعهم على يديهم، وإن هم قتلوا الصبيانفهو أهونُ من قتل الآباء، وكان رأى الربيع مُناجزتهم فَقَال‏:‏ يا قيس أتَنْفُخُسَحْرَكْ‏؟‏ وملأ جَمْعُهم صَدْرَكْ، وقَال الربيع‏:‏
أقُولُ ولم أمْلِكْ لِقَيسٍ نَصِيحَةً * أرى مَا يَرَى واللهبالغيبِ أعْلَمُ
أنُبْقِي على ذُبْيَانَ مِنْ بَعد مَالِكٍ * وَقَدْ حَشَّ جَانِبيالحَرْبِ نَارَاً تَضَرَّمُ
وقَال قيس‏:‏ يا بني ذُبْيان خُذوا منا رهائن ما تطلبون ونرضاكم إلىأن تنظروا في هذا، فقد ادعيتم ما نعلم وما لا نعلم، ودعونا حتى نتبين دعواكم، ولاتعجلوا إلى الحرب، فليس كل كثير غالباً، وضَعوا الرهائن عند مَن ترضون به ونرضى به،فقبلوا ذلك، وتَرَاضوا أن تكون الرهائن عند سبيع بن عمرو الثعلبي، فدفعوا إليهعِدَةً من صبيانهم وتكافَّ الناسُ، فمكثوا عند سبيع حتى حضَره الموتُ فَقَال لابنهمالك‏:‏ إن عندك مكرمة لن تبيد إن احتفظت بهؤلاء الأغَيْلِمَةَ وكأني بك لو قدمُتُّ أتاك خالُكَ حذيفة - وكانت أم مالك أخت حذيفة - يَعْصِرُ عينيه ويقول‏:‏ هلكسيدُنا، ثم يخدعك عنهم حتى تدفعهم إليه فيقتلهم ثم لا تَشْرُف بعدها أبداً، فإن خفتذلك فاذهب بهم إلى قومهم، فلما ثقل سبيع جعل حذيفة يبكي ويقول‏:‏ هلك سيدُنا، فلماهلك طاف بمالك وعَظَّمَه ثم قَال‏:‏ أنا خالك وأسنُّ منك، فادفع إليَّ هؤلاءالصبيان، يكونون عندي إلى أن ننظر في أمرنا، فإنه قبيح أن تملك ‏[‏ص 115‏]‏ علىشيئاً، ولم يزل به حتى دفعهم إليه، فلما صاروا عنده أتى بهم اليعمرية - وهو ماءبوادٍ من بطن نخل - وأحضَرَ أهلَ الذين قتلوا، فجعل يبرز كل غلام منهم فينصبهغَرَضَاً ويقول له‏:‏ نادِ أباك، فينادي أباه، فلم يزل يرميه حتى يخرقه، فإن مات منيومه ذاك وإلا تركه إلى الغد ثم يفعل به مثل ذلك حتى يموت، فلما بلغ ذلك بنيعبسأتوْهُمْ باليعمرية، فقتلت بنوعبسمن بني ذبياناثنى عشر رجلا، منهم مالك ويزيد ابنا سبيع، وعركى بن عميرة، وقَال عنترة في قتلعركى‏:‏
سَائِلْ حُذَيْفةَ حِينَ أرَّشَ بَيْنَنَا * حَرْباً ذَوَائِبُهابِمَوْتٍ تَخْفِقُ
‏(‏في ديوان عنترة ‏"‏حين أرث بيننا‏"‏‏)‏
وَاُسْأَلْ عُمَيْرَةَ حِيْنَ أجْلَبَ خَيْلُهَا * رفضا غرين بأيِّحَيٍّ تَلْحَقُ
يوم الهَبَاءة

ثم إنهم تجمَّعوا فالتَقَوْا إلى جفر الهَبَاءة في يوم قائظ،فاقتتلوا من بُكْرة حتى انتصف النهار، وحجَزَ الحر بينهم، وكان حذيفة يحرقَ ركوبالخيل فخذيه، وكان ذا خَفْض، فلما تحاجزوا أقبل حذيقة ومَنْ كان معه إلى جَفْرالهباءة ليتبرَّدُوا فيه، فَقَال قيس لأصحابه‏:‏ إن حذيفة رجل محرق الخيل نازهوإنه مستنقع الآن في جَفْر الهباءة هو وإخوته، مانْهَضُوا فاتبعوهم،فنهضوا وأتوهم، ونظر حصن بن حُذيفة إلى الخيل - ويقَال‏:‏ عُيَينة بن حصن - فبَعِلَ‏(‏بعل - على مثال فرح - دهش وفرق‏)‏ وانْحَدر في الجَفر، فَقَال حَمَل بن بدر‏:‏مَنْ أبغَضُ الناس إليكم أن يقف على رؤسكم‏؟‏ قَالوا‏:‏ قيس والربيع، قَال‏:‏ فهذاقسي قد جاءكم، فلم يَنْقَضِ كلامُه حتى وقف قيس وأصحابه على شفير الجفر، وقيسٌيقول‏:‏ لبيكم لبيكم - يعني الصبية - وفي الجفر حذيفة و مالك وحَمَل بنو بدر،فَقَال حمل‏:‏ نَشَدْتك الرحم يا قيس، فَقَال قيس‏:‏ لبيكم لبيكم، فعرف حذيفة أنلنْ يدَعهم، فَنَهَرَ حَمَلاً وقَال‏:‏ إياك والمأثور في الكلام، وقَال حذيفة‏:‏بنو مالك بمالك، وبنو حمل بذي الصبية، ونردُّ السَّبْق، قَال قيس‏:‏ لبيكم لبيكم،قَال حذيفة لئن قتلتني لا تصطلح غَطفان أبدا، قَال قيس‏:‏ أبعَدكَ الله‏!‏ قتلُكَخيرٌ لغطفان، سيربع على قدره كل سيد ظلوم، وجاء قِرْوَاش بني هنى من خلف حذيفة،فَقَال له بعض أصحابه‏:‏ احذر قرواشا - وكان قد رباه فظن أنه سيشكر ذاك له - قَال‏:‏ خَلُّوا بين قرواش وظهري، فنزع له قرواش بِمِعْبَلَةٍ ‏(‏المعبلة‏:‏ النصلالطويل العريض‏)‏ فقصم بها صُلبه، وابتدره الحارث بن زهير وعمرو بن الأسلع ‏[‏ص 116‏]‏ فضرباه بسيفهما حتى ذَفَّفَا عليه، وأخذ الحارث بن زهير سيفَ حذيفة ذا النون - ويقَال‏:‏ إنه كان سيف مالك بن زهير، أخذه حذيفة يوم قتل مالك - ومَثُّلُوابحذيفة فقطعوا مَذَاكِيره فجعلوها في فمه وجعلوا لسانه في اسْتِهِ، ورمى جنيدب بنزيد مالك بن بدر بسهم فقتله، وكان نذر ليقتلَنَّ بابنه رجلا من بني بدر، فأحلَّ بهنذره، وقتل مالك بن الأسلع الحارث بن عوف بن بدر بابنه،واستصغَروا عُيَيْنة بن حصن فخَلَّوا سبيله، وقتَل الربيع بن زيادحملَ بن بدر، فَقَال قيس بن زهير يرثيه‏:‏
تَعَلَّمْ أَنَّ خَيْرَ النَّاس طُرّاً * عَلَى جَفْر الهَبَاءةِلاَ يَرِيمُ
فَلَوْلاَ ظُلْمه مَازِلْتُ أبْكِى* عَلَيْهِ الدَّهْرَ مَا طَلَعَالنُّجُومُ
وَلَكِنَّ الفَتَى حَمَلَ بنَ بَدْرٍ * بَغَى، وَالبَغْيُمَرْتَعُهُ وَخِيمُ
أظُنُّ الحِلْمَ دَلَّ عَلَى قَوْمِي * وَقَدْ يُسْتَجْهَلُالرَّجُلُ الحَلِيمُ
ألاقِي مِنْ رِجَالٍ مُنْكَرَاتٍ * فأنْكُرُها وَمَا أنابالظَّلُومِ
‏(‏هذا البيت ساقط من أكثر المراجع، وفيه الإقواء‏.‏‏)‏
وَمَارَسْتُ الرجَالَ وَمَا رَسُونِي * فَمُعْوَجٌ عَلَىَّوَمُسْتَقِيمُ
وقَال زبان بن زياد يذكر حذيقة وكان يحسد سؤدده‏:‏
وإنَّ قَتِيلاً بالهَبَاءة في اسْتِهِ * صَحِيْفَتُهُ إنْ عَادَلِلْظُلْمِ ظَالِمُ
مَتَى تَقْرَؤها تَهْدِكُمْ مِنْ ضَلاَلكُمْ * وَتُعْرَفْ إذا مافُضَّ عَنْهَا الخَوَاتِمُ
فإن تسألوا عَنْهَا فَوَارِسَ دَاحِسٍ * يُنْبِئُكَ عَنْهَا مِنْرَوَاحَةَ عَالِمُ
ونعى ذلك عقيل بن عُلَّقَة عَلَى عويف القوافي حين هاجاه فَقَال‏:‏
ويُوقِدْ عَوْفٌ للعشيرة نارَهَا * فَهَلاَّ عَلَى جَفْرِ الهَبَاءةأوقَدَا
فإنَّ عَلَى جَفْرِ الهَبَاءةِ هامَةً * تُنَادِي بَنِي بَدْرٍوَعاراً مُخَلَّدَا
وإنَّ أبا وَرْدٍ حُذَيفَةَ مُثْفَر * بأيْرٍ عَلَى جَفْرِالهَبَاءَ أسْوَدَا
وقَالت بنت مالك بن بدر ترثى أباها‏:‏
إذا هَتَفَتْ بالرَّقْمَتَيْنِ حَمَامًةٌ * أوْالرَّسِّ فابْكِيفَارِسَ الكَتفَانَ
أحلَّ بِهِ أمسَ الجنيدبُ نَذْرَهُ * وَأيُّ قَتِيلٍ كان فِيغَطَفَانِ‏؟‏