عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 25-01-2013, 02:40 PM
بن سرور
عضو مبدع
الصورة الشخصية لـ بن سرور
رقم العضوية : 11072
تاريخ التسجيل : 29 / 7 / 2010
عدد المشاركات : 391
قوة السمعة : 15

بن سرور بدأ يبرز
غير متواجد
 
الافتراضي

والمُحسِن يترك فضول الظّنون بالقلب والحكم على النّاس وعلى نواياهم
وتصنيفهم حسب ما يراه من ظاهرهم إلى صالح وتقيّ وفاسق
فهذا مما لا يعنيه ولم يؤمر أن يشقّ على قلوب البشر



وكم من النّاس يحكمون على نيّات النّاس بغير دليل بناء على سوء ظنٍّ يُلقيه الشّيطان في قلوبهم !
- هي قالت كذا لتُحرجني فقط وتنقص قدري أمام النّاس !
- هي جاءت لمنزلي لتهتك ستري وتتحدث عنّي أمام أعدائي !
- وهذه لم تعطيني تلك الهدية لوجه الله بل غرضها كذا وكذا !
والمُحسن لا يغترّ بثناء النّاس عليه ؛ فيحسن ولا ينتظر الثّناء إلا من الله وحده
ولا يُزكي نفسه فهذا لا يعنيه ؛ والله أعلم بالنّفوس
وتزكيتها يعود بالوبال عليه لأنّه يُدخله في العُجب – والعياذُ بالله -
{ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى } النجم32



- كما يقول بعضهم : أنا أقوم الليل بكذا ركعة وهم لا يُصلّون
- أنا أصوم وأتصدّق وهم لا يفعلون !
- لدرجة أن بعض النّساء تحتقر زوجها المقصّر في أمور دينه
وترى نفسها أرفع منزلة عند الله منه !
وتفكّر في نفسها : هل سيكون معي في الجنة يوم القيامة ؟!
أي تزكيّة هذه ؟ وهل أخذت صكّاً مختوماً من الله بقبول أعمالها حتى تزكّي نفسها هكذا ؟
ولعلّ زوجها أعلى مكانة عند الله بانكسار قلبه وندمه على أحواله !
ونسي هؤلاء جميعاً أن الميزان هو ميزان الله وليس ميزان البشر
والحساب بيد الله وليس بأيدي البشر
وسيحاسبهم على كل شاردةٍ وواردة ؛ ولا يظلم ربّنا مثقال ذرّة
{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } النساء40




فكم ستؤخذ من هؤلاء حسنات بذلوا الجهد والوقت لجمعها ؟
وتُعطى لكلّ من اغتابوهم أو سخروا منهم أو شتموهم أو ظلموهم حتّى لو بكلمة !
فيعودون صفر اليدين لا يملكون حسنةً واحدةً تنفعهم في أخراهم






وقد ذُكرت امرأة لأحد المشايخ صائمةً قائمةً ؛ ولكنها تغتاب جيرانها !
فقال : هي امرأة سخرّها الله لغيرها لتجمع لهم الحسنات بلا عناء !



وبهذا فإن المُحسن الذّي يترك ما لا يعنيه هو من لا يرى ما يضرّه ولا يسمع ما يضرّه ولا يتكلم إلا بما ينفع
{ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } الإسراء 36
وبعض النّاس يفهمون ترك ما لا يعني خطأً
فيتركون أموراً قد دلّت عليها الشّريعة ، بدعوى أنّها تدخّل في شؤون الآخرين !!
فــ لا يقدمون النّصيحة للآخرين ، ويتركون ما أمرهم الله به من الأمر بالمعروف ، والنّهي عن المنكر ،
بحجّة احترام الخصوصيات !!
وكلّ هذا خطأٌ في الفهم ؛ ومخالفٌ للشرع ، وابتعادٌ عن هدي النبوة ؛
لأن ترك ما لا يعني هو حسب ما يقرّره الشرع ، لا لمجرد الهوى والرأي ،





فإنه صلّى الله عليه وسلّم كان تاركاً لما لا يعنيه ، ومع ذلك كان ناصحاً مرشداً ،
آمراً بالمعروف ، ناهياً عن المنكر ، عاملاً بأمر الله في كلّ أحواله



( الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ) متفق عليه
فيعبد الله مُستحضراً قُرب الله منه واطّلاعه عليه ومراقبته لأحواله
وترك كلّ ما لا يعنيه في الإسلام ، واشتغل بما يعنيه فيه
فيصل بهذا لدرجة الاستحياء من الله ويترك كلّ ما يُستحيا منه
فإذا تكلّم ، يتذكّر سمع الله له ، وإذا سكت ، يتذكّر نظره إليه
{ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} الزخرف80
وإذا حسن إسلام المرء ، ترك ما لا يعنيه من المحرّمات والمشتبهات والمكروهات ،
وفضول المباحات التّي لا يحتاج إليها ،
فهذا كلّه من الأمور التّي لا تعني المسلم إذا كمل إسلامه ، وبلغ درجة الإحسان


وكان حذراً من مغبّة التّكلّم فيما لا يعني فخطره عظيم ؛ كما جاء في الحديث


:



( قبض رجلٌ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقالوا : هنيئًا لك الجنةُ



فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : وما عِلمُكم

لعله قد تكلَّم فيما لا يعنيهِ أو منعَ ما لا ينقصُه )






إسناده صحيح





واستحضار سمع الله ونظره إليه واطّلاعه عليه يوصله للإحسان في كلّ شيء


وهي مرتبةٌ رفيعةٌ يسمو بها لرُتب المعالي

فينال جزاء الإحسان من المُحسن سُبحانه على إحسانه
{ هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } الرحمن60








ومعناها كما قال ابن عباس :


هل جزاء من قال : لا إله إلا الله وعمل بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم إلا الجنّة ؟

فلنعامل الله بهذا الخلق الكريم ليعاملنا الله المُحسن بما هو أكرم سبحانه
{ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } يونس26




نسأل الله أن يرزقنا هذه المنزلة العالية

ويعيننا أن نكون ممن يترك ما لا يعنيه
طلباً لرضا الله واحتساباً للأجر من ربّ العالمين
ويمنّ علينا بالفردوس الأعلى في الجنّة
اللهم آآمين


توقيع بن سرور