<< ..
وأبنائي لا أذكر يومآ أن يد أحدهم لامست قطعت نقود على الاطلاق وكل هذا لا أحفل به لأن وقته قد مضى
وواتت ثماره رغم مرارتها ولكنني لاأزال أذكر بمزيد من الأذى والتحسر تلك الليالي القارسة البرد الشديدة الرياح المطيرة
عندما انفتحت نافذة غرفتي لأرى طفلآ يتلوى من البرد في ركنٍ منزوِ وتحت جدارٍ خرب ..
رأيت ملامح الحرمان وذل اليتم وصور الفاقة .. رأيت دمعه يسيل على وجنتيه بغزارة..
كل شئ في تلك الليلة يبدو صامتآ كانت نظراته تنزل علي وتمس قلبي الذي تحجر ساعتها .. نظرت إليه بوجه غاضب وعيون يطير منها الشرر وأغلقت النافذة في وجهه ..
كان مظهر بيتي رغم بساطته قد أغراه بوجود الدفء والابتسامة.. تركت هذا الحدث وأسلمت نفسي للنوم ويا لشششد ماراعني ليلتها..
لقد رأيت حلمآ مخيفآ رأيت الشاب نفسه يأخذ عصى ويضربني ضربة في قلبي وأنا أطلب منه المزيد لأموت ولكنه يأبى وهذا ماحدث ..
قمت مرعوبآ أفتش عن الشاب فلم أجده وكأن الليل قد لفه بردائه الأسود وأخفاه بين ثنايا لفافاته واحتضنه في جوفه ..
عدت وفي نفسي لوعة وأسى وأقسم سلطان الكرى ألا يلامس أجفاني بقية الليل كله وكأنه رأى نظرته الضيقة
المحدودة لنفسي فأراد أن يضيقني بعضآ مما يعانيه الآخرون ... كانت صورة الطفل أمامي لا أنفك من مشاهدتها
حتى أقبل ضوء الشمس متخللآ النافذة ليمنح الكون بما فيه غرفتي نورآ ساطعآ لابخل فيه ولا تردد
وحتى في النهار الملئ بالحركة كانت الصورة تلاحقني وأنا منها وجل ..
<< يتبع