أنا بطبيعتي أنظر بعين التقدير للرواد في مختلف المجالات؛ لأنهم رجال كافحوا في زمن صعب، وقدموا خدمات كبيرة للوطن، لذلك كنت أشعر بالانزعاج من أي محاولة للتقليل من دور عبد الرحمن بن سعيد مؤسس نادي الهلال ، ولا أتعاطف مع محاولات التشكيك في كونه واحدا من أبرز رواد الحركة الرياضية في البلاد.
ولكنني أصبت بصدمة عنيفة حين قرأت حواره مع الزميل بدر الغانمي في جريدة عكاظ أمس؛ لأن عبد الرحمن بن سعيد تحدث بلغة متعصبة لا تليق به ولا بسنه ولا بتجربته، وهي لغة لا تمت للروح الرياضية بأدنى صلة، إنها لغة مرفوضة؛ حين تصدر من مشجع كروي في الخامسة عشرة من عمره؛ فما بالك حين تصدر عن رجل رائد وشيخ قدير؟!.
لقد سأل الغانمي ابن سعيد عن دور محمد إبراهيم مكي في تأسيس نادي الشباب فأجاب بالنص: (اقترح علينا محمد إبراهيم مكي تكروني سائق الأميرة العنود ومدير كراجاتها أن نجتمع في كراج قصر الأميرة العنود في حلة العبيد، لأنه أبعد عن الحركة ولفت الانتباه وكان محمد إبراهيم مكي يأتي لنا بالشاي ولم يكن له دخل بشيء، كما أننا لم نكن لنقبل أن يكون له دور رئاسي علينا فكل الموجودين من أبناء كبار الأسر ومسؤولون في الدولة).. وأنا أناشدكم أن تعيدوا قراءة هذه السطور أكثر من مرة كي تتأكدوا من اللغة العنصرية الغريبة التي يحاول من خلالها ابن سعيد التقليل من مكانة أحد زملائه، إنها لغة تتنافى مع أبسط المبادئ والقيم الرياضية.
وردا على سؤال آخر قال ابن سعيد: (والله لوعندي واحد من عيالي نصراوي لذبحته)!، وهنا أسأل جميع عشاق كرة القدم وفي طليعتهم الأخوة مشجعو الهلال عن رأيهم في رجل يقسم بالله أن يقتل ولده إذا أكتشف أنه يشجع النادي المنافس؟ ..فإذا كان هذا هو منطق الرواد فلماذا نستغرب من تحول التعصب إلى ظاهرة مرضية في بلادنا؟!.
لقد كان المانشيت الرئيسي لذلك الحوار المثير: (أكره النصر) والكراهية شعور صعب يجرد الإنسان من القدرة على التفكير المنطقي، لذلك أحزنني حال ابن سعيد فلم أجد ما يخرجني من هذا الحزن سوى ترديد بيت زهير: (وإن سفاه الشيخ لا حلم بعده .. وإن الفتى بعد السفاهة يحلم).