قبيلة بني رشيد - بطولات وملاحم سطرها التاريخ 00ويا ارض لاتهتزي

تاريخ ما أهمله التاريخ: أكثر من مئتي شهيد كويتي انفرد بهم جديد ملاحم كويتية (2 من 2)

إعداد: طلال الشمري: على وقع الاصداء الطيبة والاهتمام المتزايد والثناء والرأي من قراء (الراي) نستكمل قراءتنا ومختاراتنا من ذلك التاريخ الذي أهمله التاريخ واحتفى به صاحب الملاحم الأخ الباحث سعد العجمي في كتاب ملاحم كويتية. فنستمر في عرض بعض فوائد ما اتى به، ونوادر ما انفرد به، وما زاد من تاريخ او سطر من تصحيح وتأريخ او فصل في مواضع او اختار من مراجع.
فمن الروايات المهمة التي استقاها المؤلف من رواية احد شجعان قبيلة الرشايدة وهو صالح بن دحيان (نقلا عن كتاب قبيلة الرشايدة لرباح مبارك الرشيدي وننقلها متصرفين عنهما) وما جرى بعد العودة من هدية وان الشيخ جابر لم يدخل الكويت بل استقر في الجهراء متحفزا ليوم نصر قادم:
«قالوا: يا جابر ادخل الكويت؟
فقال: والله لا ادخل الكويت حتى ابرد على كبدي
فاستقر الصيف كله في الجهراء ولم يدخل الكويت ثم اخذ البيارق وخرج معه من القبائل الرشايدة والعوازم ومطير ومعه اناس آخرون وخرجنا حتى عصر اليوم الثاني فقال جابر المبارك: يا علي الخليفة استدع اهل الكويت فتجمعوا.
وقام جابر المبارك ومشى حتى وقف وسطهم فقال: انا يا معزبكم منقهر وتعلمون اني ما دخلت الكويت والكسيرة هذه انا لا اجعل لها علي دم إلا بفعل كلنا نراه.
فقال الحاضرون: والله يا ولد مبارك حاضرين في كل درب تضربه لنا فيه حتى لو لم يرجع منا رطب الحلق.
فقال جابر: هذا ظني.
ثم امرنا جابر بحمل قرب الماء ومشينا حتى اصبحنا ونحن قاصدين العرب وجاءنا:
- مذكر بن قوبع الرشيدي
وسالم بن محيوس الرشيدي
وشبيب بن شباك الرشيدي
والبديدي الجبلي من مطير وكانوا سبورا لنا
وقالوا لجابر: ابشر بالابل وهي مقبلة علينا ورجلك على وجهك على القطين وهروش.
فقال جابر: ابدا والله لاجعلن العجوز تجر العجوز
فقال فيصل الدويش: يا طويل العمر عسى الله يحييك حياة طويلة حنا بامرك ونمشي بامرك ولا لنا امرا غير امرك لكن هروشهم ما تنفع.
فقال جابر المبارك: يا علي الخليفة.
فقال: نعم.
فقال: اتبع اثر الجموع من جهة الغرب.
وانت يا سلمان الحمود اتبعوا اثر الابل من جهة الشمال وانت يا احمد الجابر اتبعوا اثر الابل من جهة الجنوب.
فأخذنا الابل فجرا قبل ان يردوا الماء ولم نجعل لهم شريدة ثم جاءت مطير يطلبون الشيخ جابر المبارك من الأنعام فقال لهم جابر: يا مطير لا احد يطلبني كل سعده تحت شاربه كل رزقه له» (بتصرف)
وممن قضى في هدية العام 1910م وهي قبل مزبورة وانفرد بذكره الاستاذ سعد في كتابه:
ثاعي بن رجا
وهو ثاعي بن رجا بن طاحوس، من آل خنثل احد فرعي آل رويضان والذين في فرعهم الآخر آل ثقل، امارة الزقاعين من قبيلة السهول وقد شهد ثاعي معركة هدية في جيش الملك عبدالعزيز آل سعود وقضى فيها، وكان ثاعي هذا يلقب بركبان، ومما قال شاعر من قبيلته السهول إما من المحانية أو آل منجل في ابيه رجا بن طاحوس:
عند ابو ثاعي يا علي شبه النار
وسوالف ما يفتهمها الهداني
أبشر الى من جيت بالبن وابهار
وكبش يقلط والخلايا ثواني
وقال خال لثاعي من المقطة من عتيبة:
يا ليت منهو اخو ثاعي على نوره
يا كود لطف الحشا يا زيد يهيالي
وخنثل الذي سمي عليه الرجل هو واد رحب رغيب وهو جنوب عفيف كان من منازل بني كلاب من بني عامر بن صعصعة من العدنانية، ثم ورثته عنها قبيلة السهول التي تنحدر منها، وعلى هذا الوادي سمي جد العشيرة المذكورة، ثم ارتحلت فروع من السهول شرقا حتى وصلت الى اطراف العارض بعد الدعوة الاصلاحية، ثم انساحت فروع من قبيلة قحطان شمالا قادمة من الجنوب، ثم فروع من قبيلة عتيبة نحو الشرق قادمة من الحجاز علي ما نص فيلبي في كتابه قلب الجزيرة العربية، كما افاد الاستاذ الاخ سلطان بن عبدالهادي السهلي، الذي اضاف انقطاع عقب ثاعي. وعشيرة الزقاعين الكريمة لها انتشارها وافرادها الكرام المساهمون في خدمة وطنهم الكويت الى يومنا هذا.
ومن الفرسان الذين ذكرهم في قوائم الشهداء، وفي حمض خاصة:
محمد بن جدوع
محمد بن جدوع بن نملان الاصلوت، من الاصاليت من قبيلة الرشايدة، احد من جمع الفروسية والشجاعة والوسامة وقرض القريض، استشهد بمعركة حمض العام 1920م ومن اشهر ابياته تلك المقطوعة التي قال فيها:
ونتي ونة من الهجن منتله
في سموم القيظ حفيه ومردوفه
فوقها قرم خويه رديف له
هم شريدة جمعة تو مصدوفه
وردوا عد طويل ولا دله
ويتصبر والظما محرق جوفه
وهي اطول من ذلك. وروى بعض الباحثين له ابياتا اخرى جميلة هي بداية (ردية) بينه وبين الشيخ سالم المبارك في مهمة عسكرية اواخر عهد الشيخ مبارك يقول فيها ابن جدوع:
ابطت الخيمة بوسط القيصرية
ولا حصل رخصة على طول الزماني
يالنشامى فاتكم عيد الضحية
مثل ما هو فاتكم عيد رمضاني
عيدكم ضرب الميازر كل هيّه
عند رجم الموت لاصقته غشاني
لو طويل العمر ما يشره عليه
كان ابسري في دجى ليل ضواني
لين اصبّح في ديار الغشمرية
يم دار صويحبي جالي الثماني
فرد عليه الشيخ سالم مازحا:
يا محمد ما درينا لك هويه
صاحب يرجيك لو طال الزماني
يا محمد ترى ما انتو سوية
احد رجال واحد ما يداني
يا محمد ما غزينا الا حميه
ما لنا مقصد ولا خوف حداني
وفي الكتاب نماذج اخرى واسماء شهداء تترى وتضحيات كثيرة لقبيلة الرشايدة حفل بها مؤلف الأخ العجمي، والذي اورد من أبيات الرثاء من قصيدة جليل الراجحي والذي قالها في رثاء الشهيد محمد بن رشيد المعصب والملقب بمحمد الملا يوم الرقعي:
يا هل الموتر قعد منكم فقيده
في مسيل الحسو جبلي الشقايا
طاح يوم اشتبت النار الوقيده
والمحازم من فشقهن جن خلايا
آه ويلاه يا هاك الوليده
حامي الشردان زيزوم السرايا
ويقول ايضا:
أتلى العهد في محمد في الشقايا
شرق من الرقعي بحروة مجلي
يا حيف يا شيال زمل القوايا
اللي ليا جاه ابن عمه يهلي
ومن شهداء الجهراء الذين فصّل خبرهم المؤلف:

سعد المطوطح
فقال: «سعد بن ماضي بن حشر آل عجيل المطوطح: عقيد وأحد الفرسان المعدودين في تاريخ الكويت ومعركة الجهراء. قاد ابناء عمومته الطواطحة وتصدوا بشجاعة نادرة للاخوان عندما ارادوا الالتفاف حول الجهراء. وقتل عند بوابة القصر الاحمر بعد ان رفض ترك فرسه، وقال: ما يذكرونها العربان اني تركت سابقي، اما نحيا جميع والا نموت جميع.
ومن قصائد الكتاب كانت قصيدة عبيد المطرفي العنزي والتي منها:
يا نعم يا للي بالمتاريس حاربوا
اليا من غدا ثلينهم عدام
نعم بالصليلات هم والعوازم
وعيال مدوح للعدو لطام
ونعم بسعد المطوطح فارس
خيال صفرا فارس مقدام
ونعم بجوعان الصليلي وافي
بشمال الجهرا بمترسه ما قام
حط محزمه مع مجنده قدامه
اليا ما انفذت ذخيرته تمام
والحضر والبدو هم اللي حاربوا
هذا الصحيح وصامل الكلام
واولاد مدوح: الدياحين من مطير، وقد انفرد المؤلف بأسماء شهداء لهم ترد للمرة الاولى في هذا الكتاب. وروى من قول الشاعر العامي الكبير ساكر الخمشي العنزي:
وجدي على البيحي وعبدي وفهاد
يا وي ربع من ربوع نوادي
ان قلت عبدي قلت يا رميح فهاد
وعبدالله البيحي خصيم المعادي
وغير الثلاثة بالعدد عدنا زاد
تسعة وثلاثين عليهم احدادي
صار الفشق من بينهم تقل رعاد
جو هم طلوع الشمس مثل الجرادي
جوهم يبون القصر سكان الاجواد
بالجوهرة تيما ملم البوادي
تيما: الجهراء، وهي الجوهرة. البيحي: عبدالله بن سعد البيحي الصليلي.
عبدي: ابن شعبان الصليلي. فهاد: الحبشي الصليلي. والصليلات من الدهامشة من عنزة، وعددهم كما ذكر الخمشي.
وتاريخ البذل وصفحات العطاء لأسر وقبائل الكويت تاريخ يستحق التدوين وما بذله الأخ سعد العجمي خطوة مهمة في هذا المسار المبارك، فلو رأينا مثلا اسرة الحجرف الكريمة، لوجدناها تقدم في الصريف شلاش الحجرف، وفي جول لبن بدر بن فلاح بن هيف، وفي حمض والده فلاح بن هيف وقحموم بن حجرف، ويوم الجهراء: فهيد بن قحموم، وفي أم الرويسات مبارك بن هيف وبدّاح بن حسن.
ومن ضمن قصائد الرثاء لشهداء الرقعي التي وردت في الكتاب، قصيدة الشاعر ابن بوبان السبيعي في رثاء بداح بن حسن الحجرف وخاله مبارك بن هيف الحجرف وهي تنشر للمرة الاولى:
لا والله إلا خربوا تالي الكيف
الله يخرب كيفهم بالدماري
على شيوخ جزفوهم تجازيف
عند المحارم رخصوا بالعماري
وكان جد هذه الاسرة الكريمة حجرف بن فرج قد ورد ذكره ضمن حديث مؤرخ نجد ونسابتها الشيخ ابراهيم بن عيسى عن كبار قبيلة العجمان وتفريعاتهم. وقد انفرد المؤلف بذكر روايتين جديدتين عن معركة الجهراء واحداثها لمحمد السودان العنزي وناصر بن طفلان العجمي الذي كان من روايته:
«بعد ان دخلنا القصر وجدنا الشيوخ واهل الجهراء والكويت كلهم فيه مع النسوان والاطفال فقال الشيخ سالم المبارك يا (رياجيل) (يا رجال) نبي الشور ونبي الرأي قال احد المحيطين بالشيخ سالم وهو رشيدي لا يحضرني اسمه يا طويل العمر نظهر عليهم بالليل ونحصدهم حصد قال الشيخ سالم غير هالرأي فأشاروا عليه بآراء عدة فقال صوتوا (نادوا) لناصر بن طفلان (اسم وفال) ويقول ابن طفلان يوم جيت قال الشيخ ويش الرأي يا بو شبيب قال عسى الله يخليك لنا يا ولد مبارك ابشرك حنا بخير لا صرت بخير الخير واجد والفشق واجد وان كنت تبي الرأي وانا بو شبيب الرأي (نزرف للقصر) نحفر فيه فتحات لإطلاق النار ومن جانا جاه الموت يا طويل العمر قال هذا هو الشور وانا اخو مريم زرفوا للقصر ويقول بن طفلان عقب القصر اهجموا علينا وقمت ارميهم انا وربعي اللي موجودين في القصر وكنت انخي ربعي العجمان وكان عددهم 65 لحية (رجل) واقول تكفون (يا الاد المرزوق) لا تخلون ديرتكم وشيخكم وكنت ارمي بالبندق لين تميع وتتعطل وما تصلح للرمي واقطعها واخد بندق غيرها لين فكنا الله. وفيه يذكر الموضوع الشاعر النبطي عبدالله بن حمران هذه الوقفة البطولية والدور المتميز لناصر بن طفلان في قصيدته التي يمدح بها حفيده بجاش بن عبدالله بن ناصر بن طفلان العجمي حيث يقول:
المدح في شرواك عزه وتشريف
يا بن الرجال اللي صدوق وعدها
اخذت من قطم الحرار التواصيف
فروخ الحرار اللي ينومس هددها
حاضرك ما يخفي الرجال العواريف
وماضيك حروب القصر الاحمر شهدها
جدك ثنى يوم المنايا حواتيف
بفتايل يرهب ويرعب رعدها
عزوة راع الحجبا من الغرب للسيف
يدوي صداها والغضب في بردها
ناصر بن طفلان ريف المناكيف
لا ركز نهب الصحاري عهدها
ومما روى ابن سودان ولكن هذه المرة عن (حمض) هذا الموقف عن شجاعة بعض اهل الكويت خصوصا الطواطحة:
«الاخوان بساقة الطواطحة، وبنت محمد بن مجلاد ركبت جملها وانطحت المغيرة وهي تنخى عيال عمها الطواطحة وذبحوا ستين رجال، وفكوا المرة وجملها وكان ذلك في الصيف». (بتصرف)
وممن شهد معركة الجهراء وافاد المؤلف من روايته عن مصدرها: رواية سعود بن شلاش آل حجرف، وابوه الفارس شلاش احد ابطال الكويت على مدار حياته، وكان الأمير محمد بن رشيد قد أثنى عليه في احدى المعارك التي جرت بالاحساء قبل العام 1314 هـ.
قلت: ان قوائم الشهداء وسجلات الابطال التي حواها كتاب الاخ سعد، والتي اجتمعت بها دماء اهل الكويت حاضُرها والبادي، والاسر والقبائل الكويتية الكريمة كالعوازم والعجمان والرشايدة ومطير والظفير وغيرهم كثير دليل متجدد يؤكد ان كل فئات الشعب الكويتي في وحدة واحدة تزيدها الايام قوة ولمعانا.