قراءات تاريخية في أحداث قبيلة بني رشيد وبلدة الحائط بين عامي 1325-1326هـ
 

احداث قبيلة بني رشيد وبلدة الحائط بين عامي 1325-1326هج مع بعض الأضافات والاستنتاجات :

بعد موت عبدالعزيز المتعب الرشيد عام 1324هج استلم ابنه متعب الحكم إلا أنه قتل هو واخوته على يد أخواله سلطان وسعود وفيصل الحمود العبيد الرشيد ، الذين انتزعوا الحكم من ابناء عمومتهم آل عبدالله بن رشيد في ذلك الوقت ، لكن لم يقتلوا الطفل سعود العبدالعزيز المتعب الرشيد بسبب ان اخواله السبهان قالوا لآل عبيد لا تقتلوا الصبي واذا اردتم الصبي فهو عندنا ثم قام السبهان بتهريب ابن اختهم سعود العبدالعزيز الرشيد إلى المدينة المنورة [ النجم اللأمع للنوادر جامع ص105 ، البدو لأوبنهايم ج3 ص81 ]. وكان من جملة مرافقي السبهان الشيخ دريميح ابن مشعل الرشيدي وبتال الرشيدي [ مخطوطة ابراهيم العتيق ].
ويبدو لي أن حمود وزامل السبهان وجدوا في المدينة المنورة مايحقق لهم الأنتقام من آل عبيد حيث كانت لهم علاقة قوية بوالي المدينة المنورة التركي ، فكانوا يحاولون زعزعة حكم آل عبيد.
فقد قامت قبيلة بني رشيد بالغارات حتى اسوار مدينة حائل ونهبت اغنام أهالي حائل [ رواية غانم فهد الغانم بمناسبة قصيدة الدامغة ] ، فقام سلطان الحمود العبيد بتجهيز حملة كبيرة وغزى على قبيلة بني رشيد عام 1325هج وهم في جهات النقرة ، فكسروه ونهبوا حملته [ النجم اللامع للنوادر جامع ص252]. والغالب أنهم اوعزوا إلى سكان الحايط بأن يشتكوا عند والي المدينة المنورة من ظلم آل عبيد بن رشيد ومن المراسلات فيما يخص استنجاد أهالي الحايط بوالي المدينة في ذاك الوقت :
1- رسالة بشأن دخالة أربعة شيوخ من حايط من ظلم ابن رشيد .
2- رسالة مؤرخة في 20 سبتمبر 1325هج بشأن الاضطربات في حايط .
3- رسالة مؤرخة في 22 نوفمبر 1325 بشأن المصالحة بين اهالي حائل وابن رشيد .
4- رسالة مؤرخة في 30 نوفمبر 1325هج بشأن عدم التحقق في مسألة حايط لتأثيرها على ابن رشيد.
5- رسالة مؤرخة في 17 مايو 1326هج بشأن توفير الحماية لسكان الحائط .
6- رسالة مؤرخة في 17 مايو 1326هج وافقت الحكومة التركية على منح الحويط الحماية وقبول زكاتها . [الوثائق العثمانية في تاريخ الجزيرة العربية لعبدالعزيز عبدالغني ابراهيم ].
وكان ممن يوصل صوت سكان الحايط عند والي المدينة المنورة شخص عربي متنفذ في الدولة العثمانية واسمه ذياب بن ناصر ويلقب بأسم باب العرب. [رسالة وكيل ابن رشيد في المدينة المنورة المدعو عبدالعزيز العباس وكان قد بعثها إلى الصدارة العظمى في اسطنبول وهي وثيقة محفوظة في الأرشيف العثماني برقم boa, dh,mui 117/ 16 ].
وكان ممن ذهب من آل رشيد إلى المدينة المنورة الأمير حمود العبيد الرشيد والد القتلة وكان غير راضي عن فعل ابنائه الذين اغتصبوا الحكم من آل عبدالله بن رشيد بالاضافة ان ابناءه قاموا بقتل ابناء بنته [مقال بعنوان قراءة في كتاب
السياسة في واحة عربية: إمارة آل رشيد
تأليف : الدكتورة مضاوي الرشيد(6)لعبدالله الصالح العثيمين في صحيفة الجزيرة في تاريخ 27 صفر 1422 عدد 10462 ].
وحمود العبيد عندما لجأ إلى المدينة بعد قتل عبد العزيز المتعب ،ومقتل ابناء بنته متعب واخوته، نزل في ضيافة السيد عمران حبوبي المشهدي، وكان حمود العبيد صديقاً لذياب ناصر الملقب بباب العرب السالف الذكر .[ الاثنينية لمحمد زيدان ].
وكذلك ذياب بن ناصر هذا كان على علاقة وطيدة مع أسرة السبهان [الاثنينية لمحمد زيدان ].
وكان والي المدينة المنورة قد أمر ابن رشيد بعدم استخدام العنف ضد اهالي الحايط [ العثمانيون في شمال الجزيرة العربية لمطلق البلوي ص153 ].

أما عن غزوة ابن رشيد على الحايط ، فلم تكن غزوة بمعناها المعروف ، وانما ارسل مأموريه لجمع زكاة وثمار املاكهم في الحائط فقتل من مأموريه 7 اشخاص والباقيين فروا ، ونهب ما كان معهم ، وهرب بعض الجناة إلى المدينة المنورة عند ذياب بن ناصر باب العرب [ رسالة وكيل ابن رشيد في المدينة المنورة المدعو عبدالعزيز العباس وكان قد بعثها إلى الصدارة العظمى في اسطنبول وهي وثيقة محفوظة في الأرشيف العثماني برقم boa, dh,mui 117/ 16].
وما جاء في هذه الرسالة يتوافق مع رواية الشيخ راشد بن شرمة امير قرية ابو سهيلات عندما ذكر ان بني رشيد صدت جلود ابن رشيد ، ولم يقل انها حملة كبيرة بقيادة ابن رشيد او غزوة تحمل بيرقه.
وقد ذكر اوبنهايم هذه الحادثة في تفاصيل اكثر حيث يقول ان حمود السبهان هو من هاجم موظفي الضرائب لدى سعود الحمود العبيد وقدم تمور الحائط والحويط لقبيلة بني رشيد [ البدو ج3 ص82 ].
فالنص يفيد ان حمود السبهان انتزع ملك آل عبيد بن رشيد في الحايط واعطاه بني رشيد .
وهذا الملك كان عبارة عن نصف ثمار نخيل الحايط بالأضافة إلى زكاة النصف الأخر الخاص بالملآك الأخرين في الحائط [ ترحال في صحراء الجزيرة العربية لداوتي ج2 م1 ص48 ]
وكان ذلك نظير مساعدة قبيلة بني رشيد الفعالة في عزل سعود الحمود العبيد الرشيد وتنصيب سعود العبدالعزيز المتعب الرشيد [ سيرة الملك عبدالعزيز في الوثائق الأجنبية القسم الخاص بالوثائق الفرنسية ص28].
وكانت قبيلة بني رشيد في تلك الحادثة تحت قيادة شيخ شملها دليم ابن براك [ راوية الباحث سبهان السبهان ].
ولا شك ان لقبيلة بني رشيد بعض النخيل في الحايط قبل هذه الأحداث ، ولكن بعد هذه الحادثة اصبح لكل فروع بني رشيد في السهل والاطراف الشرقية للحرة سهم في نخيل الحايط.
ويقول المؤرخ المخضرم محمد العبيد الذي عاش في زمان آل رشيد وتوحيد المملكة في كتابه النجم اللامع للنوادر جامع ص 252 عن قبائل بني رشيد :
( ففيهم شجاعه وفيهم كرم وفيهم حماية للجار والذمار ومحافظه على رفيقهم بالسفر وعلى كل من يسير في خفارتهم فلن تجد من قبائلهم من تحدثه نفسه بأذيته فكنا نسير في خفارة احدهم ولوكان صبيا او رجلا او امرأة فلا يتعرض لنا احد منهم وكانت قبئلهم متفرقه بالجزيرة العربيه فقسم منهم ينزلون بالكويت وقسم اخر منازلهم بين حائل والمدينه ولهم اوديه فيها نخيل منها مايسمى ضرغط ومنها مايسمى الحائط و الحويط وهي التي تسمى فدك في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها الحليفة وكانت هذه النخيل مشتركة بينهم وبين عنزة وكل منهم يعرف مايخصه منها ).

والصحيح أن نخيل الحايط والحويط من املاك قبائل بني رشيد ويشاركهم فيها الحوايطة حاضرة البلدتين ، اما الحليفة فهي قرية لحاضرة من عنزة واقعه في ديار بني رشيد وكانت تدفع لبني رشيد ضريبة اخاوة وكذلك بلدةضرغط لبني تميم والتي يدفع اهلها اخاوة لقبائل عنزة وبني رشيد .
أما بادية عنزة فلها واحة خيبر . ويقول الجغرافي عاتق غيث البلادي الحربي في كتابه رحلات في بلاد العرب ص23 تحت عنوان سكان خيبر :
( كأي بلدة عريقة لها ضواحي كثيرة سكانها مزيجاً بين الحضر والبدو ، فالسكان الذين لهم الشهرة والأسم هما قبيلتا عنزة وبني رشيد فالأولى تملك جل نخيل خيبر وتمتد ديارها من جنوب خيبر إلى الجناب فتيماء ثم مشرقة إلى قرب حائل ، والثانية تمتد ديارها من شمال المدينة شاملة جل الحرار حيث لها الصلصلة والبحرة مارة شرقي نخيل خيبر إلى جبل جرس ثم شمالاً شرقياً إلى حرة ضرغط مائلة شرقاً على فروع واد الرمة ولها هناك الحائط والحويط... ).
ويقول أيضاً في معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية :
( فدك هي بلدة عامرة صالح أهلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر ولها قصص في التاريخ الاسلامي .
وهي قرية من شرقي خيبر على واد يذهب سيلة مشرقا إلى وادي الرمة ، تعرف اليوم بالحائط وجل ملاكها قبيلة بني رشيد ).
ويقول في معجم معالم الحجاز :
أ- يديع : بعد الدال ياء اخرى وعين مهملة .
ناحية بين فدك وخيبر بها مياه وعيون لبني فزارة وبني مرة ، بعد ذلك وادي اخثال وقيل ماء همج وقيل هو بالباء وهو تصحيف . قلت وملآكة اليوم بنو رشيد .
ب- الحويط : ... وقد ذكره البكري باسم ((يديع)) أوله موحدة ، انظره ونبهنا عليه هناك ، وهو اليوم لبني رشيد ، واد زراعي يقرن مع الحائط ، فيقال الحائط والحويط وكلاهما لبني رشيد ) .

وقبيلة بني رشيد بطبيعتها قبيلة بدوية كانت لا تنزل الحايط والحويط إلا في فصل الصيف اثناء صرام التمر ويسمون ذلك حضير وهي 3 اشهر ولهم هناك مرابد لتجفيف وتيبيس التمر ، اما توبير النخل وسقايته فكانوا يوكلونها لبعض سكان الحايط والحويط . وجاء في كتاب صحيح الاخبار عما في بلاد العرب من الاثار ص131 لمحمد بن بليهد - وهو مؤرخ مخضرم عاش في زمن امارة ابن رشيد وتوحيد المملكة - اثناء سياق كلامه عن الحائط :
(... وباديتهم بني رشيد ، وهو واقع في القطعة التي يتجولون فيها ويقيضون فيه ايام صرام التمر، وهي بين المدينة وحائل ) .

وبلدتي الحائط والحويط واقعة تحت نفود قبيلة بني رشيد ومن المصادر التي ربطتها سياسيا في قبيلة بني رشيد مايلي :
1- مذكرات ضابط عثماني للبكباشي حسين حسني 1323هج جاء فيه :
(عشيرة بني رشيد تتجول في منطقة الحائط والحويط إلى تيماء وعدد افرادها عشرون الف نسمة ولهم خمسمائة خيال) .

2- الرحلة الحجازية الأرتسامات اللطاف لأمير البيان شكيب ارسلان ص374:
( ومن خيبر إلى الحائط والحويط إلى الحرة قبيلة بني رشيد وهي كثيرة العدد تصادم شمر وتصادم حرب وتصادم أية قبيلة كبيرة) .


كتبه/ عبدالرحمن خلف الشويلعي