قبيلة بني رشيد

قبيلة بني رشيد (http://ban3abs.com/aa/index.php)
-   المنتدى الإسلامـــي (http://ban3abs.com/aa/forumdisplay.php?f=3)
-   -   فتاوى التكفير وسفك الدماء تغذي الطاعة العمياء لشخصيات مجهولة (http://ban3abs.com/aa/showthread.php?t=13580)

سلطان العايضي 08-06-2007 11:46 AM

فتاوى التكفير وسفك الدماء تغذي الطاعة العمياء لشخصيات مجهولة
 
الوسيلة السحرية لتضليل الشباب.. بيعة الجماعات.. وأمراء الظلام
فتاوى التكفير وسفك الدماء تغذي الطاعة العمياء لشخصيات مجهولة

سعد البريك
الرياض: الوطن

طاعة عمياء لأمراء مجهولين يعيشون في السراديب، وأوامر تصدر لتنفذ، بالقتل وسفك الدماء، والتفجير والتكفير، وعمل يتم من خلال خلايا عنقودية، يقود كلاً منها أمير، والجميع ملزم بطاعته، وهو ينفذ أوامر غيره، وتحركات تتم كلها في الظلام وإلى الظلام، لتقلب حال بعض الشباب الذي ضل طريقه إلى سراديب جماعات العمل السري، وتحوله إلى قنابل ومتفجرات، لا ندري متى تنفجر ولا في أي مكان.
كل ذلك يتم من خلال مقتضى ما يسمى بـ "البيعة" التي تضمن لجميع أعضاء الجماعة الطاعة العمياء للأمير المجهول، وتنفيذ ما يريده، وقد كشفت الضربات الأمنية الناجحة، التي أطاحت مؤخراً بأكثر من 172 عنصراً من الفئة الضالة، كانوا ينتظمون في خلايا عنقودية إجرامية، عن تحول في مفهوم "البيعة" لتتم داخل الحرم الشريف لضمان الولاء، ولرفع المعنويات المنهارة للعناصر الضالة، التي تشتت تحت وابل الضربات الأمنية.
وتطرح قضية "البيعة" داخل الجماعات الإسلامية العديد من الإشكالات الفقهية والشرعية، حول ماهية البيعة، ولمن، وما مدى مشروعية الشخص الذي يحصل على البيعة، وولاء هؤلاء الأشخاص للدولة التي يعيشون فيها أم للشخص الذي نصب نفسه أميراً؟.
"الوطن" طرحت هذه القضية الشائكة على عدد من المهتمين بهذه الجماعات لمعرفة خطورة الأمر شرعياً وإسلامياً وعلى تماسك المجتمع.
ووضعت "الوطن" ثلاثة محاور رئيسية حول هذا الموضوع وهي:
أولاً: كيف تتم البيعة من الجماعة لفرد بعينه ومدى تنازع إمارة الفرد مع سلطات ولي الأمر.
ثانياً: انعكاس هذه المبايعة على مفهوم المواطنة حيث تولي بيعة الجماعة لأميرها كافة الصلاحيات له ويفتقد الأشخاص ولاءهم للوطن إلى الجماعة وأميرها.
ثالثاً: هل البيعة عقد سياسي ديني لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر؟، أم إنه إجراء تنظيمي لدى الحركات الإسلامية لا يصل إلى مستوى البيعة العظمى للإمام؟. فكيف ينظر المهتمون بالقضية للإشكالات الثلاثة؟.

إثارة للفتنة وبوابة للعمل السري
في البداية تحدث الشيخ سعد البريك قائلاً: البيعة هي إعطاء العهد من المبايع على السمع والطاعة للإمام في غير معصية، في المنشط والمكره والعسر واليسر وعدم منازعته الأمر وتفويض الأمور إليه.
والبيعة لا تكون إلا لولي أمر المسلمين الذي اجتمعت عليه الأمة وعلى رأسهم أهل الحل والعقد من العلماء والوجهاء وأهل الرأي. أما تعدد البيعات فهو ابتداع في الدين وخروج عن جماعة المسلمين وشق لصفوف المؤمنين. قال تعالى "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"، وقال تعالى "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم". وعن أسامه بن شريك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يد الله مع الجماعة".
وقد وضع الفقهاء شروطاً لصحة عقد البيعة لا يتوفر في هؤلاء المزعومين الذين ينازعون ولي الأمر واحداً منها، وهي:
1- أن يكون المتولي لعقد البيعة من أهل الحل والعقد، قبل البيعة العامة؛ فلا عبرة لبيعة العامة إن لم يبايع أهل الحل والعقد، فمَن مِن الأمراء المزعومين بايعه أهل الحل والعقد أو حتى البعض منهم؟.
2- أن تكون البيعة على كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قولاً، وعملاً، وعلى أن تكون الطاعة ما دامت في غير معصية؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وهذه البيعات المبتدعة مخالفة للكتاب والسنة، فأساسها منتقض بنص المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي قال كما في صحيح مسلم: "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما"؛ أي التالي المنازع لمن تمت له البيعة، لأن في هذا شقًّا لصف الجماعة وإثارة للفتنة وفتحاً لباب العمل السري والخلايا السرية وتهديد أمن الدولة واستقرار الناس والقتل واستباحة الدماء والأموال والأعراض.
وبعض أهل العلم اشترط الإشهاد على المبايعة لكي لا يدعي أحد أن الإمامة عقدت له سراً، فيؤدي ذلك إلى الشقاق والفتنة، وهذا ما يحدث من المبايعات التي تقوم بها بعض الجماعات لأمراء السر. وإذا كان بعض العلماء قد قالوا: إنه لا يجب الإشهاد لأنه لا دليل على ذلك، نقول: إن هذا في ظل الواقع الحديث أصبح متحتماً في ظل ما نشهده من المبايعات المبتدعة وما جرته على الأمة من وبال ونكال.
لقد فرضت الشريعة على المسلم الوفاء بالعهد، سواء كان ذلك بين المسلمين بعضهم وبعض، أو مع غير المسلمين من أهل الكتاب وغيرهم، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ"، "وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً". ومن هنا يتبين أن هذه المبايعات السرية شر محض وخروج عن الجماعة ووبال على صاحبها في الدنيا والآخرة لأن فيها نقضاً للعهد وخروجاً عن الطاعة الواجبة. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نزع يده من طاعة لم يكن له يوم القيامة حجة". رواه أحمد وابن أبي عاصم.
وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر". رواه مسلم.
فلا يمكن لجماعة ما أن تقوم ببيعة خاصة إلا بعد أن تنقض البيعة العامة لولي الأمر، وتنكث العهد وتجعل ولاءها للأمير تأتمر بأمره وتنتهي بنهيه، دون اعتبار لما سيجره ذلك على الوطن والمواطنين، وهم يوظفون النصوص التي ذكرت شيئاً منها لتحقيق ذلك، فأمر الأمير مقدم على المصالح العليا للوطن ومقدم على أمر ولي الأمر، بل لا يلتفت لأمر ولي الأمر ولو كان في الطاعة لأنهم يرون أن الحق هو في مخالفة ولي الأمر الذي خرجوا عليه لينازعوه السلطة بحجة الإصلاح، ولو أدى إلى مفارقة الجماعة وخلع اليد من الطاعة، والوقوع فيما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "ثلاثة لا تسأل عنهم رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصياً، وعبد أبق فمات، وامرأة غاب عنها زوجها يكفيها المؤونة فتبرجت من بعده ". رواه ابن أبي عاصم وابن حبان والحاكم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خرج عن الجماعة ومات فميتته جاهلية". رواه مسلم.
وعندئذ تصبح مجموعة خارجة عن الولاء والطاعة متنكرة لأبسط مقتضيات المواطنة وإن ادعت أنها تعمل لمصلحة الوطن كما يفعل بعض المأجورين الذين يقيمون في بعض العواصم الغربية ويؤلبون الناس على ولاة أمرهم ويحثونهم على نقض البيعة ونكث العهد بحجة الإصلاح والحرص على مصلحة الوطن والمواطنين. لأن مصلحة الوطن هي في الألفة ووحدة الصف واجتماع الناس على إمام واحد يقوم على مصالحهم وشؤونهم.
وبعض الناس يخدعهم التدين الظاهر والزهد المصطنع فينجرفون خلف الإمام المزعوم مبهورين بما يبدو لهم من استقامة ظاهرة، وهذا لا ينبغي ولا يجوز، بل إنه يجمع التهور والعجلة إلى الخروج ونقض العهد مع الإمام، ولو كان تدين هؤلاء الأمراء المزعومين مبنياً على علم وفقه لما خرجوا وطلبوا البيعة لأنفسهم أو طلبوها لغيرهم. قال الإمام الآجري في الشريعة (28): "فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي قد خرج على إمام عدلاً كان أو جائراً فخرج وجمع جماعة وسل سيفه واستحل قتال المسلمين فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن ولا بطول قيامه في الصلاة ولا بدوام صيامه وبحسن ألفاظه في العلم إذا كان مذهبه مذهب الخوارج".
فالجماعة لا تستقيم إلا بإمام تجتمع عليه الكلمة والإمام لا يستقيم له الأمر إلا بالطاعة، ولأجل ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطاعة فقال: "اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقاموا فيكم كتاب الله". (رواه البخاري). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني". متفق عليه.
البيعة والاجتهادات الفقهية المرتبكة
وحول مسألة البيعة يقول الكاتب عبدالعزيز الخضر: يتأثر الوعي في بعض المفاهيم الدينية مع حدوث تحولات جوهرية في واقعنا يتغير بسببها الفقه بكثير من القضايا ومنها المتصلة بالشأن السياسي. فمسألة البيعة لها تاريخ فقهي تقليدي عريق في تراثنا وفقه السلف، لكن مع نشوء الدولة المعاصرة، وما أفرزته من مفاهيم سياسية جديدة ظهرت ثغرات وإشكاليات متعددة عطلت الوعي بهذا الفقه. فمع ظهور الحركات الإسلامية المختلفة في ظروف نشأتها خلال القرن الماضي نشأ فقه آخر كمحاولة لبناء مفاهيم فقهية حول هذه المتغيرات ومنها مسألة البيعة. لكن القراءة في خطاب بعض هذه الحركات يكشف العديد من الثغرات والقراءات الخاطئة في بناء مفهوم فقهي متماسك حول هذه القضية يحصن المجتمعات الإسلامية من الاجتهادات العشوائية والفردية التي تؤثر على استقرار هذه المجتمعات وتعيق نشاط هذه الجماعات في بلدانها.
ونظرا لأن الفقه الجديد لبعض الحركات الإسلامية نشأ بعيدا عن الآراء الرسمية قريبا من ذهنية المعارضة فسيكون اتجاه بناء هذا المفهوم والتعامل مع النص الديني واقعا تحت تأثير هذا البعد، كما أن الذهنية الرسمية تقع هي الأخرى في تأثير مقابل يؤثر على مصداقية خطاباتها عند البعض. ولهذا نجد الخطاب الفقهي الحالي حول هذه القضية يقع تحت تأثير هذه العوامل لهذا المفهوم البالغ الحساسية، وما يحدثه من انقسامات وتشرذم داخل هذه التيارات.
وفي نظري ليست الإشكالية حول مفهوم البيعة كجدل نخبوي خاص بقيادات العمل الإسلامي وطلبة العلم في العالم الإسلامي، وما يصاحبه من ارتباك بين أكثر من رؤية فقهية يمكن الوعي بأسبابها التاريخية، لكن المشكلة تكمن حين يستعمل النص الديني في الضغط وإرهاب العامة والشباب وإدخالهم في مسائل جدلية لها طبيعة علمية وواقعية خاصة تثقل ضمير الفرد البسيط في مداركه وتدخله حالات من تأنيب الضمير والشعور بالمسؤولية في قضايا كبرى.
ومع وجود فوضى سياسية واحتلال في بعض الدول كما في العراق وغيرها تجد مثل هذه القضايا بيئة خصبة تتوسع بسببها الاجتهادات العشوائية والفردية وتفسر كثرة التيارات والأحزاب والانشقاقات الداخلية، فيتم استغلال مسألة البيعة في تضليل بعض الشباب لوجوب الاستجابة لبعض القيادات الحزبية. إن تداول حديث "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" دون معالجات فقهية سليمة يؤثر سلباً على بعض الشباب، وهو لا يختلف عن إشكالية تناول بعض الوعاظ والخطباء حديث "من مات ولم يغزُ ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق" دون وعي فقهي وعقلاني في تناول هذه النصوص حتى لا تربك بعض الذهنيات المتدينة وتشكل ضغطاً نفسياً عليها خاصة في مرحلة الشباب.
ومع إشكالية هذا المفهوم وحساسيته والآثار السلبية لأي خلل في الوعي به، فإن قراءات المختصين والباحثين في هذه المسائل من المهم ألا تخضع لتأثير ما يحدث من انحرافات تاريخية ومعاصرة فتبالغ في قراءات تخوينية لجميع الحركات الإسلامية في عالم اليوم وتسيء الفهم في تأمل تطورات الوعي التاريخي حول هذا المفهوم الفقهي الذي لا يهدف عند بعضها إلى الانشقاق السياسي. فكل تعهد للانتظام في حزب أو جماعة أو نشاط ديني مسموح به في بعض البلدان والدول الإسلامية، ولا يحمل في مضمونه الانشقاق السياسي والخروج على أنظمة هذه الدول، هو كأي نشاط لأحزاب وتيارات سياسية متنوعة الاتجاهات موجودة في تلك الدول. إن تداول هذا المصطلح في أدبيات الخطاب الحركي الإسلامي ليس دائما يأتي بمعنى البيعة العامة، فبعض هذه الحركات جاء نتيجة تأثرها بالمنهج الصوفي والبيعة الصوفية.
البيعة بين السياسي والديني
أما الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية مروان شحادة فيقول: لا يخفى على أحد من المشتغلين بالحركات الإسلامية عموماً، والجهادية منها على وجه الخصوص أهمية البيعة في الفكر الإسلامي الحركي، قديماً وحديثاً فقد شكلت مباحث البيعة أحد الأركان الأساسية للفقه السياسي الإسلامي والفرق والمذاهب الإسلامية، وتعتبر البيعة في الوقت الحاضر إحدى المسائل التي هيمنت على حركات الإصلاح منذ سقوط الخلافة العثمانية عام 1924، الأمر الذي أدى إلى انفراط عقد الدولة الإسلامية التي هيمنت على مجمل العالم العربي والإسلامي لعدة قرون، ولا خلاف من حيث التأسيس لدى المذاهب الإسلامية والفرق المختلفة على اعتبار البيعة أهم العقود التي تؤسس للسلطة في التاريخ الإسلامي. إذ يعتبر جميع الفقهاء البيعة "عقد مراضاة لا يدخله إجبار ولا إكراه"، ينشأ في الجماعة المسلمة بين الأمة من جهة والحاكم أو الخليفة من جهة أخرى، وهناك شروط وأركان مفصلة في أبواب الفقه، ومع انهيار الخلافة وتشكل جماعات وحركات إسلامية متعددة، أثناء الحقبة الاستعمارية التي سيطرت على معظم البلدان العربية في المشرق والمغرب، عملت القوى الاستعمارية على تأسيس نظم سياسية تابعة سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وشهدت مرحلة ما بعد الاستعمار نشوء دول تقوم على أسس ونظم سياسية استعارت مفاهيم غربية بدءاً من مفهوم الدولة الأمة، والدولة القومية، والدستور، والبرلمان، وغيرها من المفاهيم، إلا أنه سرعان ما سيطرت الأنظمة الانقلابية العسكرية على كثير من الأقطار في العالم العربي، بحيث أصبحت المنطقة خاضعة لعمليات استقطاب دولي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبروز المنظومة الغربية الرأسمالية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، والمنظومة الشرقية الاشتراكية بزعامة الاتحاد السوفيتي، ومع تأسيس منظمة عدم الانحياز التي فضلت عدم الميل إلى أحد القطبين إلا أن واقع الأمر أفرز نظماً تابعة تقوم على أساس من الدولة القومية الحديثة ذات مضامين أيديولوجية، إما رأسمالية أو اشتراكية، وفي هذه الحقبة التي امتدت حتى بداية التسعينات برزت حركات إسلامية سياسية كالإخوان المسلمين في مصر وفروعها المختلفة في العالمين العربي والإسلامي، وحزب التحرير والسلفية الوطنية في المغرب، ثم السلفية الجهادية التي بدأت في مصر مع بداية سبعينات القرن الماضي، ثم انتشرت في أقطار عربية مختلفة وساعد الاحتلال السوفييتي لأفغانستان عام 1979 على نمو الظاهرة السلفية الجهادية، والتي توجت بتأسيس تنظيم القاعدة عام 1998 ونشوء فروع تابعة لها في أقاليم مختلفة كجزيرة العرب، وبلاد الرافدين والمغرب الإسلامي، وكانت البيعة إحدى المسائل المطروحة بقوة في التأسيس النظري لجميع هذه الحركات، فقد جرى نقاش حاد وعنيف منذ خمسينيات القرن العشرين بين الجماعات الإسلامية إذ اعتبرت كل هذه الجماعات نفسها هي الجماعة الأم التي يجب على الأمة مبايعتها، وبقي هذا النقاش محتدماً وازداد حدة مع بروز السلفية الجهادية.
أما عن مفهوم البيعة لدى الحركات السلفية الجهادية وفي مقدمتها تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، فمن المعروف أن القاعدة تشكلت من فصيلين أساسيين من فصائل السلفية الجهادية العالمية، وهما تنظيم الجهاد المصري، والسلفية الجهادية السعودية، وبسبب وجود خبرة طويلة لدى تنظيم الجهاد المصري الذي يتوافر على خبرة من العمل داخل مصر، فقد شكلت أدبياته مرجعاً أساسياً لتنظيم القاعدة، وتأتي كتابات الشيخ عبدالقادر عبدالعزيز (السيد فضل إمام) والشهير بالدكتور فضل، كإحدى أهم وأعمق الكتابات التي تصدت للشأن الجهادي الحركي والتأسيس السياسي، فقد كان أميراً لتنظيم الجهاد قبل أن ينسحب تاركاً الإمارة للدكتور أيمن الظواهري بسبب خلافات منهجية، وفي مقدمتها مسألة عولمة الجهاد، عن طريق تأسيس "الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين والأمريكان"، ولا تزال كتابات عبدالقادر عبدالعزيز تتمتع بأهمية استثنائية وخصوصاً كتابيه "العمدة في إعداد العدة" و"الجامع في طلب العلم الشريف"، حيث يذهب فيهما إلى أن العالم اليوم يشهد غياب الحكم الإسلامي والخلافة، ومن المعلوم أن هذا القول تأسس في نظر السلفية الجهادية على يد سيد قطب وأبو الأعلى المودودي، فنظريتا الحاكمية والجاهلية كنظريتين تعملان في الحقل السياسي الاجتماعي السلفي المعاصر، تنزعان إلى القول بأن الأنظمة المعاصرة تفتقر إلى الشرعية بسبب حاكميتها وتحاكمها إلى الأنظمة الرأسمالية والاشتراكية والقوانين الوضعية، ولذلك فإنه لا وجود لبيعة شرعية للأنظمة والحكام الموجودين الآن، بل يجب على الجماعات الجهادية أن تعمل على خلع هؤلاء الحكام، والإتيان بخليفة شرعي تتوافر فيه الشروط الشرعية، وقد تطورت هذه النظرة لدى التيارات السلفية الجهادية تاريخياً، فقد كانت هذه الحركات ترى أن بعض الحكام تتوافر فيهم بعض شروط الشرعية الناقصة.
فالجماعات السلفية لا تعترف بوجود ولي للأمر في العالم الإسلامي اليوم، ومن ثم فلا وجود لبيعة شرعية في أعماق الأمة، سواء كانوا من أهل الحل والعقد، أو من عامة المسلمين، وهي رؤية أسفرت عن القول أن العالم الإسلامي لا تتوافر فيه شروط "دار الإسلام" المذكورة في كتب الفقهاء، إذ تحولت -بحسب هذه الجماعات- إلى "دار كفر"، وبناء على ما تقدم فإن الحركات السلفية الجهادية لا ترى أن هناك إماماً شرعياً تجب طاعته في هذا الزمان، والواجب على الأمة أن توجد الجماعة التي تعمل على قتال هذه الأنظمة، وهذه الجماعة هي التي يجب بيعتها وطاعتها لا غير.
وتعتبر مسألة المواطنة كأحد المفاهيم المؤسسة للدولة الحديثة غائبة تماماً عن فكر السلفية الجهادية، فالرابطة المعتبرة في الإسلام هي الأخوة الإسلامية وليس المواطنة كمفهوم سياسي قانوني ينشأ على أساس العقد الاجتماعي والسياسي بين الشعب والحكام، فالمواطنة مرفوضة بشكل قطعي في النظام الفكري السلفي الجهادي باعتبارها مناقضة للمفاهيم الإسلامية.
وبخصوص البيعة وارتباطها السياسي والديني فمن المعروف أن الفكر السلفي الجهادي لا يفرق بين ما هو سياسي وديني، فالسياسة من الدين والدين من السياسة، بل إن السلفية الجهادية تعتبر مسألة الحكم أحد المفاهيم المؤسسة لعلاقة الديني بالسياسي، فالحكم والحاكمية لله، ولذلك فإن الجماعات السلفية الجهادية تعتبر هذه المسألة من المسائل الخطيرة التي اجتاحت العالم الإسلامي وأسست للأنظمة "العلمانية" التي تقوم على أساس الفصل بين السياسي والديني، فمنصب الخليفة أو الإمام هو منصب ديني سياسي بامتياز، ولا فرق بين الأمرين على الإطلاق.
ويمكن القول: إن الفكر السياسي للحركات السلفية الجهادية لا يفصل بين السياسي والديني ويرى كفر الأنظمة القائمة حالياً وخلوها من حاكم يعمل على تطبيق الشريعة، ولا وجود لبيعة صحيحة في عنق الأمة، ولذلك فإن هذه الجماعات تعمل على إيجاد أمير تتوافر فيه شروط الخلافة والإمارة، إلا أن هذه الجماعات تفصل بين الخلافة الكبرى، وإمارة الجماعات والمعسكرات المختلفة، حيث يتم تعيين أمير للمجموعة أو الجماعة بعد أن يكون قد أثبت ولاءه وصدقه للتنظيم، ولأهدافه ولمقاصده ولغاياته، وتكون بيعة المعسكرات بيعة من باب العهد وليس من قبيل الإمامة الكبرى استناداً إلى وجوب الإمارة في أي جماعة من المسلمين مهما صغرت، استناداً إلى قوله صلى الله عليه وسلم "إذا كنتم ثلاثة في سفر فأمروا أحدكم"، ويعتبر هذا الحديث أساساً لقيام معظم الجماعات والتنظيمات الصغرى المنتشرة في العالم الإسلامي.

الوافي 08-06-2007 12:10 PM

رد : فتاوى التكفير وسفك الدماء تغذي الطاعة العمياء لشخصيات مجهولة
 
مشكور الله يعطيك العافيه على ما تبذله من جهد

نواري 08-06-2007 08:18 PM

رد : فتاوى التكفير وسفك الدماء تغذي الطاعة العمياء لشخصيات مجهولة
 
جزاك الله ألف خير والله يهدي الجميع ولا يحرمنا من جديدك n200678
23232bani-3abs

فهد المويسه 11-06-2007 03:01 AM

رد : فتاوى التكفير وسفك الدماء تغذي الطاعة العمياء لشخصيات مجهولة
 
جزاك الله خير وبارك الله فيك

مبارك الشويلع 22-06-2007 03:03 PM

رد : فتاوى التكفير وسفك الدماء تغذي الطاعة العمياء لشخصيات مجهولة
 
أخي الفاضل

سلطان العايضي

جزاك الله خير الجزاء


على هذا الموضوع القيّم والمفيد

جعله الله في ميزان حسناتك


ننتظر جديدك الجزل المفيد ...

4774bani-3abs

وتقبل فااااااااااااائق احترامي


الساعة الآن +4: 02:40 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
هذا المنتدى يعمل على نسخة في بي بلص